أوصت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية تركيا بأن تحسم ترددها بين الشعب السوري ونظام بشار الأسد؛ محذرة من أنها يمكن أن تخسر الجانبين إن لم تصل إلى قرار صحيح وتضع رهاناتها في الموضع المناسب، في إشارة إلى أن الأتراك يستعدون الآن لإجراء انتخابات عامة في 12 يونيو، في فترة تشهد تعديل السياسة الخارجية التركية بما يتناسب مع التغييرات الجديدة بالمنطقة بتأثير الانتفاضات العربية. وأوضحت المجلة أن تركيا حائرة، إذ تضع عيناً على الشعب وأخرى على النظام خاصة وأن لها مصلحةً كبيرةً مع النظام السوري الذي يحمي تركيا من التمرد الكردي في شماله. فقد دعت أنقرة الأسد للإصلاح وليس للتخلي عن السلطة رغم قتله أكثر من ألف ومائتين من مواطنيه طبقاً لمنظمات حقوق الإنسان. وقد قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في مقابلة معه في 7 يونيو: "إننا ننظر إلى سوريا باعتبارها نظاما شرعيا، ولا توجد خطط للاتصال بأية جهات من المعارضة السورية." كما قدمت تركيا مساعدات كثيرة سياسية واقتصادية لسوريا دعما للنظام السوري في عزلته خلال الفترة الماضية، بل وجذبت استثمارات أجنبية لصالحه؛ وهو ما بلغ الذروة بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى تركيا في يناير 2004 لتوقيع شراكة استراتيجية بين الدولتين لاحقا في ذلك العام. وقد شملت تلك الشراكة خمسين اتفاقية ثنائية، وتم رفع الحواجز التجارية والقيود على التأشيرات بين الدولتين. وفي أبريل 2009 عقدت الدولتان مناورات عسكرية غير مسبوقة لثلاثة أيام، ووقعتا معاهدة تعاون في مجال الدفاع. وأضافت المجلة أن سوريا ردت الجميل لتركيا بجعلها وسيطا بينها وبين إسرائيل في مفاوضاتها غير المباشرة معها في 2008 وهو الدور الذي طمعت فيه فرنسا وغيرها. ولم تمنع سوريا دورا تركيا أكبر في الشؤون اللبنانية والفلسطينية. واستدركت فورين بوليسي إلى أن تركيا غيرت مسارها شيئاً فشيئاً، وآثرت التقرب من الشعب السوري فسمحت للمعارضة السورية بإقامة مؤتمر صحفي في أبريل في اسطنبول أدان فيه الإخوان المسلمون السوريون نظام الأسد. ثم في 1 يونيو عقدت المعارضة السورية مؤتمراً في مدينة أنطاليا جنوب تركيا، وكان هناك تجمع من 300 من المنشقين السوريين من كافة الأطياف في محاولة لتشكيل بديل لنظام الأسد الذي ظل في السلطة أربعين عاما حتى الآن. واستطردت المجلة ان هذا النهج المتوازن والهادئ في التعامل مع المشكلات الإقليمية ليس جديداً على تركيا في ظل الحكومة الحالية؛ فمنذ مجيئه إلى السلطة في 2002 تبنى حزب العدالة والتنمية التركي سياسة "تصفير المشكلات" مع جيران تركيا. وتعني هذه السياسة اختيار التعاون بدلاً من المواجهة، والقضاء على النزاعات طويلة الأمد، وهو ما بدأ في شكل تقارب مع سوريا ودول عربية أخرى فتحسنت العلاقات التركية السورية بشكل مفاجيء في 2003. وكان غرض الحزب كما تقول المجلة هو أنه بتوثيق تركيا علاقاتها مع الدول المسلمة فإنها تبني بذلك قوتها الناعمة لكن المشكلة أن تركيا لم تكن تمد علاقاتها مع الشعوب في الدول غير الديمقراطية مثل سوريا وليبيا وإنما مع قادة وحشيين وقمعيين مثل بشار الأسد ومعمر القذافي.