مازالت الحكومة تدور فى حلقة فارغة داخل دوامة حسابات أموال التأمينات الاجتماعية وحجم المديونية التى تتحملها وزارة المالية لصالح أصحاب المعاشات، ولم تنجح محاولات الحكومات المتعاقبة بعد الثورة فى فض هذا الاشتباك رغم صدور قرار فصل تبعية هيئة التأمينات الاجتماعية لوزارة المالية. وكشف الاجتماع الأخير لوزراء المالية والتضامن والتخطيط عن خلافات جديدة بين وزارتى المالية والتضامن وتخبط فى حساب حجم المديونية والمستحقات المطلوبة من وزارة المالية لصرف المعاشات. ويتضح هذا الخلاف من خلال وجود فارق يصل إلى نحو 20 مليار جنيه بين حسابات وزارة المالية والتضامن بشأن حجم المديونية المقررة نهاية العام المالى السابق 2012-2013، حيث أعلن الدكتور أحمد جلال وزير المالية أن ترتفع حجم المديونية فى نهاية 30 يونية الماضى إلى حوالى 155 مليار جنيه، فى حين توقع الدكتور أحمد البرعى وزير التضامن الاجتماعى أن تصل المديونية إلى 175 مليار جنيه!!، الأمر الذى ينتظر الحسم لهذا الخلاف من خلال تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات المنتظر صدوره خلال أيام. يأتى ذلك فى الوقت الذى يشن فيه الدكتور البرعى هجوماً حاداً على وزارة المالية اعتراضا على الأرقام المعلنة من جانبها بشأن القيمة المستحقة لأموال التأمينات وحجم المديونية شاملة الفوائد، حيث حدد «البرعى» قيمة المديونيات حتى الآن بمقدار 436 ملياراً بالفوائد،، رافضاً ما أعلنت عنه وزارة المالية من أن قيمة أموال التأمينات تصل إلى نحو 142 مليار جنيه، مستندة على ذلك بما توصلت إليه اللجنة الخاصة باستكمال تدقيق مديونيات المعاشات لدى وزارة المالية، والتى صادقت منذ فترة على مديونية جديدة للتأمينات بقيمة 142 مليار جنيه حتى 30 يونية 2011، حيث تم الاتفاق على سدادها على أقساط على عشر سنوات وبعائد 9% سنويا، وتم بالفعل تحرير أول صك بقيمة 14.2 مليار جنيه للقسط الأول فى 30 يونية الماضى. وتسبب هذا الخلاف فى لجوء وزراء المالية والتضامن مع الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط إلى تشكيل لجنة فنية لفض التشابكات القائمة فيه بين المعاشات والمالية وبنك الاستثمار القومى، تضم اللجنة ممثلين للوزارات الثلاث وخبراء اكتواريين لوضع إطار عام لإصلاح نظام المعاشات القائم، واقتراح التغييرات التشريعية والإجرائية والمؤسسية اللازمة لبناء أسس نظام تأمينى له ركائز ثابتة وقادرة على الاستدامة وتقديم معاشات كريمة للمواطنين، بالإضافة إلى استمرار عمل اللجنة الخاصة باستكمال تدقيق مديونيات المعاشات لدى وزارة المالية. من جانبه حسم الدكتور أحمد جلال وزير المالية موقف الوزارة بشأن هذه الأزمة ملتزمة، وأكد «جلال» التزام الوزارة بكافة المستحقات والأقساط الخاصة بصرف مستحقات أصحاب المعاشات والمقررة قبل توليه الوزارة خلال الفترة الماضية، ويأتى ذلك فى الوقت الذى كشفت فيه الوزارة من خلال بيان رسمى لها عن وجود ارتفاع كبير فى حجم الفجوة بين الاشتراكات وبين المعاشات والتى تبلغ 40 مليار جنيه هذا العام، وتحمل الخزانة العامة اعباء زيادات المعاشات المقررة بقوانين إلى جانب أعباء المعاشات غير الممولة، فى مقابل ضعف قيمة المعاشات فى ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. الأمر الذى لقى اعتراضاً كبيراً بين وزراء المالية والتضامن والتخطيط واعتبروه أمرا لا يمكن قبوله أو استمراره، فى حين اكتشف الوزراء الثلاث أن الحل الجذرى لتلك الأمور قد يستغرق 20 عاما!!، وذلك فى حال إذا ما تم البدء فى إيجاد حل وتنفيذه من الآن، بحيث يتم اتباع خطوات محسوبة تقود فى النهاية الى بناء نظام تأمينى قوى ومتوازن وواضح الموارد والالتزامات. يذكر أن وزارة المالية قد أعلنت عن حجم أموال التأمينات الاجتماعية التى تضمنها خزانة الدولة وبنك الاستثمار فى أعقاب صدور قرار بفصل هيئة التأمينات الاجتماعية عنها، وحددت الوزارة حجم تلك الأموال بقيمة 303.5 مليار جنيه منها 24.9 مليار طرف وزارة المالية و62.6 مليار جنيه لدى بنك الاستثمار القومى، وأنها فى مجملها حقوق لصناديق التأمينات موثقة وتمت مراجعتها من الجهاز المركزى للمحاسبات، بينما يتبقى بعض المستحقات الأخرى لصناديق التأمينات ما زالت محل مراجعة وتدقيق.