عامان على ذكرى أحداث ماسبيرو التى أهتزت لها أركان الدولة .. رآها البعض محاولة لإحداث فتنة طائفية لشعب مل محاولات التقسيم.. ورآها آخرون محاولات لقمع شعب الثورة بقطع أصابع المعارضة .. في كل الحالتين فقد سقط شهداء لهم علىنا حق القصاص، و بعد أن مر عامين وبضعة شهور على ثورة يناير التى عصفت بنظامين، بقي التساؤل " هل أدينا حق هؤلاء الشهداء؟" عُرفت أعلامياً باسم الأحد الدامى أو مذبحة ماسبيرو التى وقعت منذ عامين أثناء الفترة الانتقالية التى حكمها المجلس العسكرى، وكانت عبارة عن تظاهرة نظمها أقباط انطلقت من شبرا باتجاه ماسبيرو (مبني الإذاعة والتليفزيون) ضمن فعاليات يوم الغضب القبطي، وجاءت للرد على الأحداث الطائفية التى شهدتها تلك الفترة بدءاً من اقتحام كنيسة العمرانية بالجيزة إلى هدم كنيسة مارجرجس بالماريناب بمحافظة أسوان والاعتراض على تصريحات محافظ أسوان، التى اعتبرها المتظاهرون مسيئة بحق الأقباط، فانتهت بمقتل 25 قتيلًا معظمهم من الأقباط. بعد أحداث كنيسة مارجرجس التى هدمها سكان أسوان لكونها غير مرخصة (على حد قولهم) ، انطلقت الدعوات من بعض القساوسة للاعتصام والتنديد بالأحداث المذكورة ، وبالفعل أعلن الآلاف من الأقباط اعتصامهم مساء الرابع من أكتوبر أمام مبني ماسبيرو، وحاولت قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزى فض اعتصامهم بالقوة، نتيجة لذلك قامت جموع الأقباط بالتجمع في مسيرة حاشدة يوم الأحد 9 أكتوبر الذي عرف إعلامياً باسم يوم الغضب القبطي حيث تظاهر آلاف الأقباط بست مظاهرات في محافظات مصر أهمها تلك التى انطلقت إلى مبني ماسبيرو. وقد شهدت أحداث تلك التظاهرة العديد من الأهوال، فلدى مرور المسيرة بمنطقة كوبري السبتية في القاهرة، قام مجهولون برشقهم بالحجارة والزجاجات الفارغة في محاولة لتفريقهم، ولكن المسيرة نجحت في الوصول إلى غايتها أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون حيث تم إحراق صورة لمحافظ أسوان مصطفى السيد، احتجاجًا على تصريحاته بشأن أحداث قرية المريناب، وقتها قام الجيش بإطلاق النار في الهواء بهدف تفريق التظاهرة ما أدى إلى انتشار حالة من الفوضى ، إذ أقدم المتظاهرون على إحراق أربع سيارات بينها سيارة للشرطة وحافلتان صغيرتان وسيارة خاصة، كما خلعوا الأعمدة الحديدية على جانبي الجسر بهدف استخدامها كدروع في مواجهة الجيش، وبثت بعض القنوات الإعلامية أخبار عن وجود بلطجية ومندسين وفلول الحزب الوطني بهدف إشعال المكان وتأجيج العنف، فضلاً عن إطلاق نار مجهول المصدر، ولكن الجيش نجح في فرض طوق أمني حول مبنى ماسبيرو، وتراجع المتظاهرون إلى كورنيش النيل أمام المبنى، ثم ظهر مجهولون يستقلون دراجات بخارية ودخلوا في حماية الشرطة العسكرية واعتدوا على المتظاهرين بالجنازير وذلك حسب روايات بعض الشهود. في الوقت نفسه، توجه العشرات من الشباب المسلمين والمسيحيين إلى ميدان التحرير هاتفين بسقوط الحكم العسكري، ومنددين بالتعامل العنيف للأمن، ولم يفلحوا في الوصول إلى ماسبيرو لكشف الحقيقة ، وسرعان ما تمكنت قوات الأمن من السيطرة على الوضع داخل ميدان التحرير، وتم إلقاء القبض على العشرات، وتقهقر بقيتهم إلى خارج الميدان. كما وصل بعد ذلك عدد من السلفيين إلى منطقة ماسبيرو مرددين هتافات "إسلامية إسلامية" وقاموا بإشعال النيران في سيارتين، ومنعوا رجال الدفاع المدنى من إطفائهما، وانتقلت الاشتباكات أيضا إلى شارع رمسيس، ما دفع إلى إعلان حظر التجول في وسط القاهرة من الثانية فجرًا وحتى السابعة صباحًا . انتهت أحداث تلك التظاهرات بسقوط أكثر من 25 شهيدًا أشهرهم "مينا دنيال" أو شهيد الأقباط الذي سقط في التاسع من أكتوبر ، وتباينت الروايات بين مجهولين قاموا بالتعدى على الشرطة العسكرية ومن وسط الاعتصام ورد الشرطة العسكرية والأمن المركزى علىهم ، وبين قتل الشرطة العسكرية للمتظاهرين ودهسهم تحت عجلات المدرعات، ولكن الرواية الثانية كانت أقرب إلى الأذهان بعد ما رصدته الفيديوهات من تعرض المتظاهرين للسحل الذي أودى إلى القتل على أيدى الشرطة العسكرية. وقد أدت تلك الأحداث إلى اشعال الغضب المصرى ضد المجلس العسكرى وحكومته ، فقام عصام شرف ( رئيس الوزراء) بدعوة مجموعة من الوزراء للاجتماع ودعا إلى ضبط النفس، وقال " إن المستفيد الوحيد هم أعداء الثورة وأعداء الشعب المصري من مسلميه ومسيحييه وما يحدث الآن ليس مواجهات بين مسلمين ومسيحيين، بل هو محاولات لإحداث فوضى وإشعال الفتنة بما لا يليق بأبناء الوطن الذين كانوا وسيظلون يداً واحدة ضد قوى التخريب والشطط والتطرف " ومن جانبه قام المجلس العسكرى بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لفتح التحقيقات في تلك القضيه. بين التقرير الذي توصلت إليه اللجنة إدانة ثلاثة ضباط فقط من قائدى المدرعات التى دهست المتظاهرين ، الأمر الذي أدانه الأقباط بالتنويه عن الزيارة الأخيرة من قبل زوجة الرئيس المخلوع مبارك الي سجن طرة قبل الحادث بيومين ، والإشارة إلى تورط المجلس العسكرى مع الفلول في التدبير لتلك الواقعة ، ولكن محاولات التنديد بالمجلس الحاكم في تلك الفترة بائت بالفشل ، بعد أن تم حفظ التحقيقات من قبل محكمة جنايات القاهرة ليضيع حق مينا دينال وأخوانه كحال الآلآف من شهداء مصر الضائع حقوقهم في دولة لا تحفل بالملايين القاطنين على أرضها.