أشفقت على الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بعد المرافعة الهزيلة التي تصدى لها الأستاذ فريد الديب والتي تبني فيها نظرية «انتصر لموكلك بتشويه خصومه» وعليه انهال الاستاذ الديب على تاريخ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وعلى التاريخ الصحفي والسياسي للأستاذ محمد حسنين هيكل وذلك في برنامج القاهرة 360 الذي يقدمه الاعلامي الأستاذ أسامة كمال وذلك مساء 28 سبتمبر الماضي.. يعني يوم الذكرى الثالثة والأربعين لرحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر. وقبل لقاء الديب العاصف استضاف نفس البرنامج الدكتورة هدى عبد الناصر.. وهنا تبدو المفارقة المريبة لقناة القاهرة والناس حيث كل اسباب التعمد واضحة في استضافتها لمحامي مبارك ومساعدته من خلال حوار مكشوف على إهانة زعيم تاريخي مثل عبد الناصر في ذكرى وفاته عقب لقاء تكريمي مع ابنته وعلى التهجم غير المبرر على كاتب ومفكر وشخصية دولية بوزن الأستاذ محمد حسنين هيكل الذي دفع ثمن مواقفه التاريخية دفاعا عن التنوير وحرية واستقلال مصر بحرق تتار الإخوان والسلفيين لمنزله ومكتبته. وأنا لا أضع أحدا فوق مستوى النقد والتفكير والشك لأننا أحيانا نختلف مع الخالق – بل ونعصاه – ولكن حين يتحول البرنامج الى وصلة ردح وكلام مصاطب على شاكلة أن هيكل يكره مبارك لأن مبارك لم يقربه منه مثلما كانت العلاقة بين ناصر وهيكل، والحقيقة أن هذا الكلام قد لا يكون غريبا أن يصدر عن السيد فريد الديب ولكن ما كان يجب أبدا على قناة فضائية اعتقدنا بعد تردد أنها تصحح سياستها الاعلامية أن تتبنى هذا النهج لتؤكد ارتباطها من جديد بإعلام البيزنس ولوبي المصالح وجماعات الضغط من أهل الساسة والمال دون فهم أو تقدير أو حتى مواءمة لحساسية المناسبة والتوقيت والظرف الوطني. وأعتقد أن السيد فريد الديب لم يكن موفقا أبدا فيما صدر عنه واذا كان قد قال ما قال كمحام شهير يتولي الدفاع عن الرئيس الأسبق بغرض دعم موقف موكله والذي ربما تعاطف معه كثير من المصريين ليس لنزاهة رجل ظلمه شعبه ولكن التعاطف جاء تحت وطأة العام الأسود من حكم الإخوان فإن المحامي الشهير قد أضر بمبارك وأفقده الكثير من التعاطف لأنه ليس من الموضوعية ولا الشهامة أن أعزز موقف موكلي بالاساءة والتجريح لرموز وطنية شامخة قد يختلف معها الأستاذ فريد الديب لسبب أو لآخر ولكن هناك فارقاً ياسيادة المحامي بين اختلاف بعض الناس مع رموز تاريخية بوزن ناصر وهيكل وبين انقسام الناس حول حاكم ظل بالسلطة ثلاثين عاما تقدمت خلالها اصغر وأضعف الدول التي انعم الله عليها بالحكم الرشيد وبالحكام المخلصين غير المصابين بمرض عضال اسمه «عبادة السلطة» في حين تاهت مصر وشعبها تحت وطأة الفقر والجهل وانعدام الرؤية السياسية وتمكين الإخوان من مفاصل هذا البلد الكبير خلال سنين مبارك وهذا ما ندفع ثمنه الآن من أمننا واقتصادنا ومن أعصاب الوطن ومستقبله. وهذا معناه يا سيادة المحامي الذي يدافع عن مبارك أن موكلك قد أهاننا وهو حاكم وأهاننا وهو سجين، وصدقني لو قلت لك أنني رغم ايماني بما حدث في 25 يناير و 30 يونيو ومشاركتي في الحدثين إلا أنني لم يتملكني أي شعور بكراهية الرئيس مبارك وأتمني أن يقضي ما يقدر الله له من عمر معززا مكرما، وليتك ياسيدي وبكل خبراتك في الحياة أن تجعل خلافك واختلافك مع الآخرين خلاف عقول لا تعب صدور وهنا أتذكر قول امير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته - قل للرجال: «في الرأْي تَضْطَغِنُ العقولُ وليس تَضْطَغِنُ الصدورْ قل لي بعيشِك: أَين أَنت? وأَين صاحبُك الكبيرْ؟» ويؤلمني أن أقول لك إنك نعم محامي مبارك ولكنك أيضا من تجهز عليه بإصرارك على لى عنق التاريخ لصالحه ومن الأفضل أن تظل في حدود عملك المحامي الشهير فريد الديب الذي يملك جرأة الدفاع عن الرؤساء والجواسيس.