«صناعة الكذب» عنوان فيلم تسجيلي أنتجته إحدى الشركات لصالح قناة الجزيرة القطرية عام 2011 تنتقد فيه أداء الاعلام الرسمي المصري في ال 18 يوما التالية لقيام ثورة 25 يناير ولست هنا لتناول موقف التليفزيون المصري سواء دفاعا أو نقدا ولكني أحاول إلقاء الضوء على القناة التي وصفته بالكذاب لانه سلط كاميراته على الكباري والشوارع الخالية من الأحداث. هذه القناة اضحت اليوم هي رائدة صناعة الكذب في العالم العربي وأعتقد انه اذا كانت هناك «جائزة» لصناعة الكذب اليوم فيجب ان تمنح لقناة الجزيرة نفسها، خاصة بعد ان سقط القناع وأصبحت هذه القناة بوقا دعائيا للنظام الإخواني المعزول بشكل سافر ونسوق أسباب منحها الجائزة في السطور القادمة. كم ينادى خبراء الاعلام بضرورة التمسك بالقيم الاخبارية التى تعد معايير للحكم على أي أداء مهني ومنها الحيادية والموضوعية والشفافية والدقة والمحاسبة والمصلحة العامة، ولكن يبدو ان الجزيرة ضربت بعرض الحائط هذه القيم فلم تعد حيادية وألف باء الإعلام انه عند تناول حدث خارجي يتعين على المحرر أو الصحفي ان يتناوله من منطلق محايد طالما ان قيمة المصلحة العامة أو الوطنية ليست واردة في حال قناة الجزيرة على اعتبار انها قناة غير مصرية إلا إذا كانت هذه القناة تعمل لصالح طرف ضد طرف آخر في تناول الشأن المصري لتؤكد ان مصلحة دولة قطر عكس صالح الدولة المصرية وهذا ما تؤكده السياسة التحريرية التي تعمل بها قناة الجزيرة. الموضوعية والشفافية في الأخبار أمر مهم لضمان نقل الحقيقة وهذه العبارة تحديدا يجب ان يضعها نصب عينيه دائما القائم بالرسالة الاعلامية، لكن فيما يبدو ان قناة الجزيرة قد غضت الطرف عن هذه القيمة أيضا وطوعت ادواتها لبث مواد اعلامية غير موضوعية ومنحازة بسفور مثل تعمد عرض الكادرات المقفولة لأعداد قليلة من المتظاهرين يظهرهم وكأنهم حشود كبيرة بالإضافة إلى تعمد إذاعة فيديوهات مسجلة على انها صور حية. يساعد عدم الدقة على الفبركة، معتمدين على ان المتلقي غير متخصص مثال ذلك عرض صور أطفال قتلى في أحداث سوريا على انها لأطفال في أحداث رابعة وتناسوا ان اليوتيوب سجل آلافاً بل ملايين الأحداث موثقة باليوم والتاريخ ومكان حدوثها . الإعلاميون الاحترافيون يلتزمون دائماً بميثاق شرف نابع من داخلهم اسمه الامانة المهنية ويمنعهم هذا الالتزام من الخروج علي قيم ومعايير المهنة ويسمى بالمحاسبة، ولكن قناة الجزيرة اسقطت من حسابها اي التزام بمواثيق الشرف الاعلامي عندما انتهجت صناعة الكذب طريقا وعرضت صورا غير حقيقية مقرونة بأخبار كاذبة لتضرب مثلا غير مسبوق في التضليل الإعلامي. لهذا يجب أن تمنح قناة الجزيرة جائزة صناعة الكذب وبجدارة وللأسف يأتي ذلك بعد أن كانت قناة الجزيرة حتى وقت قريب مدرسة مهنية في فنون الاتصال والإعلام الخبري، وكنت دائما أنصح أي زميل من التليفزيون المصري يود العمل فى مكان آخر خارج ماسبيرو بأن يختار القناة التي تضيف له وليست القناة التي يضيف لها ومن القنوات التي كنت انصح بها قناة الجزيرة، أما الآن فقد أصبح الأمر مختلفاً لأنها فقدت مهنيتها وسقطت ورقة التوت وانكشفت عورتها وعندما حكم الإخوان اعتمدت سياسة تحريرية قائمة على التهليل والتطبيل للباطل وكان طبيعياً أن يستقيل من الجزيرة عدد كبير من الإعلاميين المصريين العاملين بها اعتراضاً علي هذه السياسة المنحازة البعيدة عن الحيادية والموضوعية والشفافية والتوازن بعد أن كفرت الجزيرة بكل المعايير المهنية والقيم التحريرية التى علمتها لجيل كامل من الإعلاميين في الخمس عشرة سنة الأخيرة.