«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراقي ‮:‬نحتاج لقرنين من الزمان لاستعادة دورنا
نشر في الوفد يوم 08 - 06 - 2011

ليس فقط أحد أكبر أساتذة الفلسفة الإسلامية في مصر والعالم العربي لكنه بحق أحد رهبان الفكر الذين ضحوا بحياتهم الشخصية فرفض الزواج والاستقرار طوال حياته التي تخطت حاجز السادسة والسبعين،‮ ليكون خادماً‮ أميناً‮ للفلسفة،‮ قدم للمكتبة العربية عشرات الكتب النقدية الرائعة،‮ قضيته الإنسان وحقه في التعبير عن رأيه بحرية كاملة،‮ وذنبه‮ - إن صح التعبير‮ - الصراحة المطلقة التي لم تبق له صديقاً‮.. سألناه عن مستقبل مصر بعد ثورة‮ 25‮ يناير ومشروع النهضة الحلم الذي راود العرب ولا يزال،‮ وهل يمكن تحقيق مرحلة ثالثة من النهضة،‮ وما أسباب فشل مشروعات النهضة في عهدي محمد علي وعبدالناصر،‮ وعن علاقته وعشقه للزعيم الخالد مصطفي النحاس الذي وصفه بأنه أعظم رئيس وزراء في تاريخ مصر الحديثة،‮ قدم لها العديد من المشروعات العظيمة وحافظ علي اقتصادها،‮ ورعي أبناءها،‮ وطالب بضرورة إدراج أعماله في كتب التاريخ في المراحل التعليمية المختلفة‮.. وإلي نص الحوار‮:‬
‮ ماذا يعني مصطلح النهضة؟
‮- يختلف تعريفها من بلدة إلي أخري،‮ بمعني قد نجد نهضة في دولة أوروبية تبدأ باقتلاع كل مظاهر العصر القديم بحيث تقيم جديداً،‮ ولكن في العالم العربي،‮ ومصر خاصة كقائدة في حضارتها وثقافتها وفنونها وعلومها لا يمكن للنهضة أن تقتلع القديم تماماً،‮ خاصة أنه قد توجد مظاهر في العهد القديم أفضل من عهد جديد من جميع مظاهر الحضارة،‮ فقارن في الفنون مثلاً‮ كقامات أسمهان وأم كلثوم وفريد الأطرش وبين النماذج الموجودة الآن،‮ وكما قال طه حسين إن من يقف عند التراث فقط فهو نصف إنسان ومن يقف عند النهضة المعاصرة فقط فهو نصف إنسان،‮ ولا أحد يرتضي لنفسه أن يكون نصف إنسان،‮ وقال هذا أيضاً‮ زكي نجيب محمود وتوفيق الحكيم،‮ والمقترح أن نحتفظ من القديم بالجوانب الإيجابية،‮ لأن القديم ليس بالضرورة أن يكون جميعه فاسداً،‮ فهل نجد الآن شاعراً‮ يكاد يقترب من ابن الرومي وأبونواس والمتنبي وأبوعلاء المصري وعمر الخيام،‮ ثم نضيف إلي القديم الجوانب الحديثة في كل مجال،‮ خاصة الجوانب العلمية،‮ هنا تكون النهضة قائمة علي جناحين،‮ ولكن بشرط أن يستبعد من القديم كل الجوانب السلبية،‮ خاصة المخترعات العلمية،‮ لأن النظرية العلمية الآن تختلف تماماً‮ عن النظريات الحديثة،‮ المهم عدم التضحية بالماضي،‮ لأن الشعب الذي ليس له ماض،‮ ليس له حاضر ولا مستقبل‮.‬
‮ هل لدينا مشروعات للنهضة؟
‮- الآن للأسف الشديد لا يوجد مشروع متكامل للنهضة،‮ لأننا كما قال توفيق الحكيم في مقاله له بصحيفة الأهرام وهو يحتفل بمولد زكي نجيب محمود‮: »‬نحن الآن في عالم الصراصير ولسنا في عالم النمل والنحل،‮ والصراصير تعبير عن التنازع والتقاتل،‮ أما النمل والنحل فرمز للتعاون والتآلف،‮ ومصر الآن إذا كنا لا نجد فيها مشروعاً‮ فكرياً،‮ فإن ذلك يرجع إلي أننا نجد أن المسيطرين علي الثقافة هم من أشباه المثقفين والأقزام فلم يفعلوا شيئاً‮«‬،‮ وكما قال زكي نجيب محمود في آخر صفحات كتابه الأخير‮ »‬حصاد السنين‮«‬،‮ وحينما تحدث عن ظاهرة سماها‮ »‬عملقة الأقزام‮« أي كيف نصنع من القزم عملاقاً‮ وأرجع ذلك إلي شيئين هما السياسة والإعلام،‮ وأذكر للتاريخ أنني حينما كنت بمنزله في أيامه الأخيرة اقترحت عليه أن يضيف سبباً‮ ثالثاً‮ وهو ادعاء المرض،‮ فوافقني علي ذلك ولكنه كان سلم الكتاب للمطبعة‮.‬
‮ حدثنا عن إنجازات النهضة؟
‮- بدأت النهضة في مصر منذ قيام رفاعة الطهطاوي لأنه كان قد أرسله محمد علي باشا كواعظ مع أول بعثة أرسلها حتي لا ينجرف الطلاب المصريين أمام مظاهر الحضارة الفرنسية،‮ وكان الطهطاوي طموحاً،‮ فتعلم اللغة الفرنسية وأتقنها،‮ بل قام بترجمة بعض الكتب من اللغة الفرنسية إلي اللغة العربية،‮ وبعده وجدنا مفكرين كبارا في مختلف دول العالم العربي،‮ مثل عبدالرحمن الكواكبي في سوريا،‮ ومالك بن نبي في الجزائر،‮ ولكن النصيب الأكبر كان لمصر،‮ إذ وجدنا بعد الطهطاوي،‮ محمد عبده وطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وزكي نجيب محمود،‮ وانتهي عصر الرواد بوفاة الدكتور فؤاد زكريا،‮ وإنجازات النهضة لا حصر لها،‮ في مجال التأليف والترجمة،‮ ونشير هنا إلي لجنة التأليف والترجمة والنشر التي أنشأها وأسهم فيها أحمد أمين وزكي نجيب محمود وغيرهما،‮ وكانت تعني بضرورة قيام النهضة علي أساس أنها تعتمد علي ترجمة أفكار الآخرين،‮ وتحقيق تراث الأقدمين،‮ ومن هذه العملية المزدوجة يأتي التأليف يضاف إلي ذلك نشر الفكر العلمي لأنه لا توجد نهضة إلا بالانفتاح علي التيارات العلمية،‮ وجناح رئيسي للنهضة لابد أن يقوم علي التنوير لأن النور يعني التقدم إلي الأمام،‮ والظلام يعني الرجوع إلي الخلف وكان ابن سينا يقول في مناجاته لله تعالي‮ »‬فالق ظلمة العدم بنور الوجود‮«.‬

وماذا عن تجربة النهضة في عهد عبدالناصر؟
‮- عاصرت حقبة ما قبل حركة الجيش أيام جمال عبدالناصر،‮ ثم حركة الجيش التي بدأت بمحمد نجيب ثم عبدالناصر ثم السادات ثم مبارك،‮ وأؤكد أن مصر في الحركة التنويرية والفكرية التي بدأت برفاعة الطهطاوي كان مقدراً‮ لها أن تصبح قطعة من أوروبا في آدابها وعلومها وفنونها،‮ ولكن حدثت حركة الجيش التي أدت بمصر بالخراب والانهيار وإذا وجدنا بقية من المفكرين بعد حركة الجيش منهم نتاج الماضي،‮ فعهد عبدالناصر كان يمثل رجوعاً‮ إلي الخلف وصعوداً‮ إلي الهاوية لم نكن نجد في الفترة السابقة له إلا المفكرين التنويريين ولكن بعد الحركة بدأت مصر تنمي علاقاتها بدول بترولية،‮ وتهمل دولة أفريقية فقيرة،‮ والبترول حتي الآن أصبح أداة للتخلف الفكري بمعني أنه رسخ لفكرة جديدة أسميها‮ »‬البتروفكر‮« وهو الذي أدي بمصر إلي فقدانها الريادة الفكرية وهبط بحركة التنوير إلي القاع‮.‬
‮ لماذا فشل مشروع النهضة العربية؟
‮- فشل مشروع النهضة العربية لأسباب عديدة من بينها أولاً‮ انتشار الفكر البترولي،‮ ثانياً‮ أن أكثر أساتذة الجامعات ذهبوا في إعارات إلي دول متخلفة فكرياً‮ ويشربون الفكر البترولي ويطلب منهم بعد الرجوع التمسك بهذا الفكر والدعوة له ليخرجوا أجيالاً‮ جديدة تتسم بالضعف والخمول الفكري،‮ ثالثاً‮ نحن الآن نعيش في عصر أشباه المثقفين وليس في عصر المثقفين وتسلط الأضواء علي أشباه المثقفين وتتاح لهم كل الفرص وهذا قد أدي إلي انهيار ثقافي،‮ فمصر في الماضي كانت توجد فيها إدارة الترجمة ملحقة بوزارة المعارف العمومية والكتب التي ترجمتها مازالت من أعظم الكتب المترجمة حتي الآن،‮ لأنها كانت تشترط لاختيار المترجم أن يكون مثقفاً‮ للغة التي يترجم عنها واللغة التي يترجم إليها،‮ بالإضافة إلي أن يكون المترجم مدركاً‮ لأبعاد الموضوع الذي يترجم منه‮.‬
‮ هل ساعدت القوي الأجنبية علي إفشال مشروع عبدالناصر؟
‮- الانهيار الذي حدث ابتداء من أيام عبدالناصر لا صلة له بالقوات الأجنبية،‮ ولكن للأسف الشديد نحن تعودنا عند الحديث عن الانهيار في أي مجال أن ننسبه إلي جهات أجنبية كما نتحدث عن مرض خطير فنقول‮ »‬بره وبعيد‮« فمثلاً‮ أيام عبدالناصر كان يمكن أن تكون مصر في استمرارية عهدها القديم ما عدا الخلاف بين النظامين الملكي والجمهوري،‮ أما بقية الجوانب فسبب الانهيار نظام الحكم نفسه،‮ فمثلاً‮ تم إنشاء هيئة التحرير ثم تحولت إلي الاتحاد القومي ثم إلي الاتحاد الاشتراكي بالإضافة إلي أن عبدالناصر لم يكن يسمح إطلاقاً‮ بأي صوت يتحاور معه فحدثت نكبة السد العالي وعبدالناصر مسئول أمام الله والوطن عن ملايين المصابين الذين ماتوا بالكلي أو الكبد بسبب السد العالي‮.‬
‮ هل يمكن وجود نهضة ثالثة في العصر الحالي؟
‮- لا أمل في وجود نهضة حالياً‮ نظراً‮ لأن ما حدث منذ‮ 40‮ عاماً‮ حتي الآن من شأنه أن يقضي علي كل أمل في أي حركة نهضوية أو تنويرية،‮ ومصر لكي تستعيد مكانتها يلزمها قرناً‮ أو قرنين من الزمان،‮ لأن الموجودين الآن علي الساحة كلهم أشباه مثقفين،‮ بالإضافة إلي أن مجلات قديمة كالرسالة والثقافة كان معيار النشر هو جودة النشر،‮ أما جميع المجلات بعد حركة الجيش فقل لي اسم رئيس التحرير وأنا سأذكر لك من سيكتب فيها لأن العبرة الآن بالشللية‮.‬
‮ وما العمل لتحقيق النهضة؟
‮- ولكي نحقق هذه النهضة لابد من استبعاد كل من شارك في أي نوع من أنواع الفساد الثقافي قبل حركة الشباب في‮ 25‮ يناير،‮ وكذلك إلغاء نظام الكتاب الصحفيين المعنيين في الصحف لأن الصحف الإنجليزية تلجأ إلي نظام نشر أفضل المقالات التي يتم تلقيها،‮ أيضاً‮ لابد من إلغاء وزارة الثقافة وعدة وزارات أخري تتصل بها وأن يكون معيار اختيار المترجمين ومراجعي الترجمة في المقام الأول من إتقان اللغتين‮.‬
‮ تمر علينا ذكري مصطفي النحاس‮.. ماذا تقول عنه؟
‮- لا يمكن إطلاقاً‮ إغفال الدور العظيم والرائد الذي قام به أعظم رئيس وزراء في تاريخ مصر الحديثة منذ أيام محمد علي حتي اليوم،‮ فمصطفي النحاس باشا له بصمات مؤثرة في تاريخ مصر والمصريين ولا يصح أن نكون كالقطة التي تأكل أبناءها بل يجب أن نكون كالقطة التي ترعي أبناءها وتدافع عنهم‮.. الزعيم مصطفي النحاس،‮ رجل أقدره بغير حدود،‮ لقد جعل حاضرنا أفضل من ماضينا،‮ وسعي إلي أن يكون مستقبلنا أكثر إشراقاً،‮ وأذكر أنه كان من أكثر رؤساء الوزارات في مصر عطفاً‮ علي الفقراء ومتوسطي الحال،‮ وكان يوم انتخابه عيداً‮ لكل المصريين،‮ وكان يبدأ حياته السياسية بكل وزارة يتولاها بمنح مكافأة أو منحة للجميع،‮ وكانت تمثل البهجة والفرحة للطبقات الفقيرة والمتوسطة أيضاً،‮ والمتأمل في المشروعات التي تحققت في أيام مصطفي النحاس يلاحظ قوة الاقتصاد في عهده،‮ وأذكر أن جريدة المصري قبيل حركة الجيش قد جاء عنوانها الرئيسي يتحدث عن ميزانية مصر ووصفها بأنها أكبر ميزانية في تاريخ البلاد،‮ وقد رأيت النحاس بنفسه أكثر من مرة حين كنت صغيراً‮ وقرأت واستمعت إلي خطاباته ومنها الخطاب التاريخي الذي ألقاه بمجلس النواب الذي جاء فيه‮ »‬باسم مصر وقعت معاهدة‮ 36‮ وباسم مصر الآن أطالبكم بإلغائها‮« خطاب كله حكمة ورؤية مستقبلية‮.‬
والنحاس بالإضافة إلي كونه أنزه رجال مصر،‮ قدم العديد من المقترحات وقام بالكثير من المشروعات العظيمة ومن بينها الدعوة لتقوية مصر أولاً‮ حتي تسعي الدول العربية للاستفادة منها وليس العكس كما هو حادث الآن،‮ وهو صاحب فكرة الضريبة التصاعدية التي تعتبر الحل الاقتصادي الأمثل إذا أرادت مصر أن تبني اقتصادها،‮ فلا مانع‮ - في رأيه‮ - أن ينشأ الأغنياء المشروعات الكبري ولكن لابد من فرض ضريبة عليها ترتبط بالأرباح حتي يشعر بقية المصريين أن مصر ترعاهم،‮ وهذا أفضل من الورطة التي وضعت فيها مصر حينما لجأ عبدالناصر إلي‮ »‬مهزلة‮« القطاع العام،‮ وكم حدثت فيه سرقات بالملايين فأتاح‮ »‬النحاس‮« لرأس المال أن يعمل،‮ فظهر طلعت حرب وعبود باشا الذي قيل عن شركاته إن سعيد الحظ من يحصل علي سهم فيها،‮ لأنه سيضمن ارتفاع قيمة هذا السهم سنوياً،‮ وكان يقال أيضاً‮ هناك شخصان يشعران بالسعادة في مصر،‮ من يحصل علي سهم في شركات عبود،‮ ومن يحصل علي تذكرة لحضور حفلة أم كلثوم،‮ قارن هذا بما حدث عند إعلان بيع أسهم مشروع الحديد والصلب بمبلغ‮ »‬2‮ جنيه‮« للسهم الواحد وهبطت قيمة السهم إلي‮ »‬140‮ قرشاً‮« في العام التالي فأصيب المساهمون بخيبة أمل‮.‬
‮ وماذا عن الانتخابات في عهده؟
‮- يضاف إلي الإصلاح الاقتصادي نزاهة الانتخابات التي علي أساسها تم اختيار مصطفي النحاس وحصوله علي أكثر من‮ 75٪‮ وكانت هذه الانتخابات‮ غاية في الديمقراطية والحياد والشفافية،‮ ولم تظهر فيها أبداً‮ ال‮ 99.‬9٪‮ التي سيطرت علي الانتخابات في العهد البائد‮.‬
‮ لماذا رفض النحاس باشا مشروع السد العالي؟
‮- رفض النحاس باشا مشروع السد العالي مع عثمان محرم أعظم وزير أشغال في تاريخ مصر لأنه مشروع فاشل أقامه عبدالناصر لأسباب سياسية وليست اقتصادية،‮ وهو الذي أدي لإصابة الملايين من المصريين بأمراض الكبد والكلي بسبب استخدام المبيدات والكيماويات السامة في الزراعة لتعويض الأرض من الطمي‮.‬
‮ وما موقفه من السودان؟
‮- للنحاس باشا جملة شهيرة مأثورة تقول‮ »‬تقطع يدي ولا تنفصل مصر عن السودان‮«‬،‮ ولكن عبدالناصر بخبرته المحدودة أقام وحدة مع سوريا،‮ ونتيجة هذه الوحدة كانت مصيرها الفشل المتوقع لأن كبار مفكري مصر حذروا منها واستنكر العقاد الوحدة بين دولتين أفريقية وآسيوية مختلفتين في النشاط الاقتصادي فالأولي زراعية والثانية تجارية وكذلك اختلافهما في نظام المرتبات وحدثت الفرقة سريعاً‮.‬
‮ وماذا عن محاكمته؟
‮- العجيب والغريب في نفس الوقت،‮ أن النحاس باشا وقف أمام‮ »‬محاكم الغدر‮« بتهمة شراء‮ »‬بالطو فرو‮« لزوجته زينب الوكيل ونسي عسكر الحركة ثراء عائلة الوكيل حتي أن بعض قادة الحركة استولوا علي قصرها بالمرج الذي أقام به محمد نجيب حتي وفاته،‮ فهل تعجز زينب الوكيل عن شراء بالطو من الفرو،‮ وكذلك تم إلقاء القبض علي جميع من شاركوا في جنازته بميدان التحرير في عهد عبدالناصر‮.‬
‮ كلمة أخيرة عن النحاس؟
‮- أطالب وزارتي التعليم والتعليم العالي بإدراج فصل كامل في كتب التاريخ الجامعية وقبل الجامعية عن النحاس باشا،‮ وأن يكون اسمه علي كل لسان،‮ فهو خالد بأعماله،‮ ولا يستطيع أي إنسان أي يشكك في ذمته المالية،‮ وقد عرفت الكثير عن حياته الشخصية بعد انقلاب‮ 1952‮ حين كنت التقي بالعظيم الإنسان فؤاد سراج الدين باشا ولذلك كنت حريصاً‮ علي إهداء أكبر وأضخم كتبي‮ »‬ثورة النقد في عالم الأدب والفلسفة السياسية‮« لروح الزعيم مصطفي النحاس الذي أحب مصر حباً‮ جماً‮ ويجب أن تبادله حباً‮ بحب،‮ وعطاء بعطاء،‮ كما أن في الطريق إلي الصدور كتاباً‮ مهدي إلي روح الزعيم فؤاد سراج الدين وزكي نجيب محمود وذكرياتي معهما‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.