أعتقد أن مهمة المحافظين الآن لا تقل عن مهمة الوزراء.. بل أرى أن بعض المحافظين تفوق واجباتهم عمل وواجب كثير من الوزراء. بل أرى أن المحافظ الآن هو الأكثر قربا لخدمة الناس من بعض الوزراء خصوصًا فى المحافظات كثيرة المشاكل.. كثيفة السكان.. ومن هنا فإن المحافظ هو ممثل السلطة.. بل هو كل السلطة فى محافظته وهو رمزها ونجاحه هو نجاح للسلطة كلها فى المحافظة كلها.. وبالذات فى محافظات الصوت العالى!! ونعترف أن السلطة تكاد تكون غائبة عن كثير من الأمور.. ويكاد البعض يحصر هذه السلطة فى قضية الأمن والشرطة.. ومع ذلك اعترف أن قضايا المحليات لا تقل أهمية عن ذلك.. وأن تواجد السلطة فى هذه الأمور أمر حيوى، بل ومطلوب بالدرجة الأولى. وكل محافظة باتت تشكو من نقص تواجد السلطة فى شوارعها، فقد انتشر الباعة الجائلون وتحولوا من جائلين إلى مستديمين.. بعد أن نزلوا من فوق الأرصفة إلى نهر الشارع نفسه، يعرضون بضاعتهم الظاهرة، والمختفية أحيانا.. وباتت سلطتهم فوق أى سلطة وأخذت سطوتهم تفرض وجودهم على الشوارع، التى تحولت إلى أسواق دائمة العشوائية.. لا يستطيع أصحاب المحلات أن يعترضوا عليها.. وإلا فالضرب والتهديد بالإحراق موجود دائمًا. وهناك ظاهرة تفرض نفسها فى كل المحافظات، وكل الأحياء راقية كانت أم شعبية.. أقصد بها ظاهرة مقاهى الرصيف. وفى هذا المجال قرر الدكتور جلال مصطفى سعيد محافظ القاهرة رفع اشغالات أى مقهى على الأرصفة.. ومنها ما نزل إلى عرض الشوارع، حتى احتلت بعض المقاهى الجزر الوسطى والحدائق الصغيرة فى أحياء ومناطق مدينة نصر وعين شمس والمطرية.. ويكفى أن تكون هناك مباراة لكرة القدم لكى تنصب أى مقهى شاشة كبيرة وتربطها بأى قناة تنقل هذه المباريات وهات يا مشاريب.. والشباب هم الأغلبية الآن وتنتشر رائحة دخان الشيشة فى جو المكان.. بل كثير من هذه المقاهى تعمد إلى سرقة خط من خلال كابل لنقل المباريات مباشرة.. وكله مكسب!! وأصدر محافظ القاهرة تعليمات لرؤساء الأحياء بغلق أى مقهى يستخدم نهر الطريق، بشكل فورى. بل وطلب المحافظ من الأهالى ابلاغ الأحياء فورًا عن المقاهى المخالفة حتى يسهل إزالة المخالفات. ولكننى أدل المحافظ على مخالفات واضحة لمثل هذه المقاهى.. إذ على طول كورنيش العاصمة من ساحل روض الفرج وقرب المعادى تنتشر ظاهرة باعة حمص الشام أو الحلبسة» وبالذات فوق كل كبارى القاهرة.. ويعمد أصحاب هذه العربات إلى سرقة التيار الكهربى من أعمدة الإنارة وحولوا كل هذه الكبارى إلى كباريهات علنية لتقديم الجلسة والكوب بالشىء الفلانى.. وربما بجوارها أيضا انتشرت جلسات شرب الشيشة.. وما خفى كان أعظم.. وتمتد هذه العمليات من قبل غروب الشمس.. وتتجاوز ساعات حظر التجوال.. وياللعجب!! ولا ينقصها إلا رقاصة بلدى وشوية هز وسط حتى أخذ العرسان الجدد يحجزون حفلات عرسهم بين عربات الحلبسة وهناك تجرى طقوس الزفة المشهورة.. بالذمة ده كلام. وسمعت عن مدى سعادة أصحاب هذه العربات التى باتت أهم معالم الكبارى أنهم أسعد الناس بحكاية تقليص مدة ساعات حظر التجول.. لكى تطول سهراتهم على الكبارى وعلى طول الكورنيش!! ويبدو أن هناك عصابات تنظم لهم هذه الأماكن، بل وتحميهم من أى سلطة. ولم يتوقف الدكتور مصطفى سعيد محافظ القاهرة عند المقاهى فقط، بل يقوم الآن بدور أمنى محمود.. إذ أمر برفع السيارات المهجورة والمتروكة بالشوارع فى مدة أقصاها أسبوع.. حتى لا يستخدمها أى إرهابى فى وضع أى متفجرات فيها لإرهاب الناس واستنزاف جهود السلطة. وكم أتمنى أن يتعاون كل المحافظين فى إعادة السلطة إلى شوارعنا.. وأن تستمر هذه الحملات بالمصادرة حتى لا تعود المقاهى وغيرها إلى نفس الجريمة بمجرد أن تغادر الموقع قوات الأحياء.. ونكون شاكرين للمحافظ أن تتواصل هذه الأعمال.. وبسرعة.. حتى يحس المواطن بعودة السلطة الفعلية إلى كل مكان.