يراه سياسيون «ضربة معلم»، بينما يراه اقتصاديون «خراب مستعجل».. عن الحد الأدني للأجور أتحدث.. خبير سياسي كبير أكد ل«الوفد» أن رفع الحد الأدني للأجور قرار صائب ومهم وضروري.. وعلي العكس أكد خبير اقتصادي كبير أن القرار كارثي. قال السياسي القرار لن يكلف ميزانية الدولة كثيرا، بينما قال الاقتصادي إنه سيكلف ميزانية الدولة 200 مليار جنيه.. وقال السياسي إن الدولة يمكنها توفير المبالغ اللازمة لرفع الحد الأدني للأجور من خلال تقليل النفقات الحكومية، بينما قال الاقتصادي إن الحكومة ستكون مجبرة علي طبع البنكنوت. وقال السياسي: القرار سيحسن أحوال المصريين، بينما أكد الاقتصادي أن الأسعار ستلتهم الزيادة وفي ذات الوقت سيطفش المستثمرون وتغلق أغلب شركات القطاع الخاص وسيحقق 90٪ من شركات قطاع الأعمال خسائر كبيرة. وبين هذا الاختلاف في الرؤي.. وقف المصريون جميعا في انتظار الزيادة.. الحلم الذي ينتظرونه منذ سنين. الدكتور حسن شكري مدير مركز التحليل السياسي وخبير إدارة الأزمات أكد أن قرار الحكومة برفع الحد الأدني للأجور الي 1200 جنيه قرار جيد جدا وقال: القرار يلبي رغبات ملايين المصريين والحكومة صارت ملتزمة بتنفيذه. وأضاف: المبالغ التي ستتحملها ميزانية الدولة للوفاء بالحد الأدني للأجور يمكن تدبيرها من خلال تقليل الإنفاق الحكومي، وأكد الدكتور «شكري» أن الحكومة لن تسمح بأي تلاعب في الأسعار لكي تؤتي هذه الزيادة ثمارها، وتحقق حياة أفضل للمصريين وقال: وزير التموين هدد قبل أيام بفرض التسعيرة الجبرية وهي إشارة واضحة الي أن الحكومة لن تسمح بأى تلاعب في الأسعار في أعقاب زيادة الحد الأدني للأجور. وأضاف: في الدول الرأسمالية لا يزيد هامش الربح علي 30٪ ولكن بعض المستغلين في مصر يتربحون حتي 300٪، وهذا استغلال يجب التصدي له. وشدد الدكتور حسن شكري علي ضرورة أن يتزامن مع زيادة الأجور زيادة كبيرة في الإنتاج وقال: يجب أن تدار منظومة العمل بفكر اقتصادي حقيقي بمعني أن يمارس الجميع عملا حقيقيا ويحققون إنتاجية عالية. وأضاف: في الدول المتقدمة غير مسموح للعامل بفتح موبايله طوال ساعات العمل ولا يمكن أبدا لعمال أن يقطعوا طرقا أو يوقفوا العمل بدعوي التظاهر والاعتصام. وواصل: آن الأوان أن تشهد مصر عملا حقيقيا منتجا وأن يواجه الجشع والاحتكار بكل حسم، وعندما يتحقق ذلك سينطلق الاقتصاد المصري الي أعلي وسنتحسن أحوال المصريين بشكل كبير. وفي المقابل وصف الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ورئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية قرار الحكومة بزيادة الحد الأدني للأجور الي 1200 جنيه ب«الكارثي» وقال: ستكون آثاره مفزعة علي الاستثمار وعلي شركات قطاع الأعمال وموازنة الدولة وعلي كل المصريين. وأضاف: القرار سيورط البلد في كارثة ومن أصدروه لا يعرفون شيئا عن الاقتصاد ولا يشعرون بالمصريين وهدفهم الضحك علي المصريين. وأكد الدكتور رشاد عبده أن قرار رفع الحد الأدني للأجور صدر دون دراسة وقال: الحكومة أحالت الأمر الي المجلس القومي للأجور الذي اجتمع مع ممثلي القطاع الخاص بحضور وزير القوي العاملة وبعد 6 ساعات من المناقشات لم يتم الاتفاق علي شيء، وفي النهاية قال أشرف العربي وزير التخطيط بصفته رئيس المجلس القومي للأجور سنحتاج الي أسبوع آخر من المناقشات.. حدث ذلك يوم الثلاثاء الماضي وفي صباح اليوم التالي أعلن حازم الببلاوي رئيس الوزراء رفع الحد الأدني للأجور الي 1200 جنيه هكذا دون إجراء دراسات ولا يحزنون. وأضاف: قبل يوم واحد من إعلان الدكتور الببلاوي لتطبيق الحد الأدني للأجور قال الدكتور حسام عيسي نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي إن كل 50 جنيها زيادة في الأجور تكلف الدولة 7 مليارات جنيه والحد الأدني للأجور حاليا في المتوسط يبلغ 700 جنيه وهذا معناه أنه سيرتفع بمقدار 500 جنيه في المتوسط لكل فرد وهذه الزيادة بحسبة الدكتور حسام عيسي ستكلف ميزانية الدولة 70 مليار جنيه. وواصل الدكتور رشاد عبده دليلا آخر علي أن الحكومة لم تجر دراسات قبل إقرار هذه الزيادة هو أن المعينين بالحكومة منذ 10 سنوات رواتبهم حاليا تصل الي 812 جنيها فكيف ستتم تسوية هؤلاء؟ المفروض زيادة رواتبهم الي 1200 جنيه بالإضافة الي علاوة سنوية وهذا الأمر لم تستعد له الحكومة ولم تفكر فيه كما انها لم تفكر أيضا في زيادة المعاشات. وأكد الدكتور رشاد عبده أن زيادة الحد الأدني الي 1200 جنيه مع تسوية مرتبات العاملين المعينين في الحكومة من قبل ولم يحصلوا علي 1200 جنيه إضافة الي زيادة المعاشات.. كل هذا سيكلف ميزانية الدولة أكثر من 200 مليار جنيه. وأشار دكتور عبده الي أن تطبيق الحد الأدني علي القطاع الخاص سيؤدي الي خراب هذا القطاع كله، وقال: رئيس اتحاد الصناعات اجتمع مع كمال أبوعيطة وزير القوي العاملة قبل أيام واقترح الوزير رفع الحد الأدني للأجور في القطاع الخاص الي 700 جنيه فقال محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات إذا أردتم التزام القطاع الخاص بهذا المبلغ فعليكم تخفيض قيمة التأمينات الاجتماعية والمفاجأة أن الحكومة لم ترفع الحد الأدني الي 700 جنيه وإنما الي 1200 جنيه! وأضاف: إذا استجاب القطاع الخاص ورفع الحد الأدني للأجور الي 1200 جنيه فهذه الزيادة بدورها ستؤدي الي ارتفاع أسعار منتجات القطاع الخاص وهو ما سيجعل مثيلاتها المستوردة أرخص منها بمبالغ كبيرة وما سيؤدي بدوره الي تعثر أغلب شركات القطاع الخاص التي ستعجز عن بيع منتجاتها في مصر ولا حتي تصديرها لأن أسعارها ستكون أقل وهذا المناخ يطرد الاستثمار ويجعل أي مستثمر يفكر في الاستثمار في مصر يراجع نفسه ويفر الي الخارج. وأكد رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية أن الحد الأدني للأجور سيؤدي الي خراب أغلب شركات قطاع الأعمال وقال: قبل 25 يناير 2011 كان 30٪ من شركات قطاع الأعمال العام خاسرة وفي 30 يونية 2013 ارتفعت النسبة الي 52٪ من الشركات، وأغلب الشركات التي تحقق أرباحا لا تتجاوز أرباحها مليون جنيه وتطبيق الحد الأدني للأجور بمبلغ 1200 جنيه سيحمل موازنة كل شركة ما بين 4 الي 5 ملايين جنيه وعندها ستسقط 90٪ من شركات قطاع الأعمال في الخسارة. وأضاف الدكتور رشاد عبده: إذا كان تطبيق الحد الأدني بمبلغ 1200 جنيه سيكلف ميزانية الدولة 200 مليار جنيه فليس أمام الحكومة لتدبير هذا المبلغ سوي طبع بنكنوت مما سيزيد من التضخم ليقفز الي ما بين 20 الي 30٪ (التضخم حاليا طبقا لأرقام الحكومة 12٪)، كما سيزيد من عجز الموازنة الي الضعف (العجز الحالي حوالي 240 مليار جنيه). كما سيؤدي أيضا الي ارتفاع الأسعار بشكل يلتهم الزيادة في الأجور، وفي النهاية سيجد المواطن نفسه مطحونا أكثر وأكثر في الفقر والغلاء والتضخم. وشدد الدكتور رشاد عبده علي أن عمال مصر وموظفيها لا يحتاجون الي زيادة رواتبهم وقال: الناس عايزين يعيشوا حياة كريمة.. عايزين عدالة اجتماعية، وهذا كله يمكن تحقيقه دون زيادة الرواتب، فالأهم هو تخفيض معدل التضخم ومواجهة الغلاء وبمنافسة شركات القطاع العام للقطاع الخاص وبتولي الحكومة بنفسها استيراد النسبة الأكبر من السلع وعدم ترك هذا المجال للقطاع الخاص وحده وبدون ذلك سيظل حال المصريين كما هو دون تحسن لأن أي زيادة في الأجور سيقابلها ارتفاع في الأسعار، وستعجز الحكومة عن مواجهة هذا الارتفاع. وأضاف: قرار الحد الأدني للأجور قرار عنتري أرادت به الحكومة كسب بعض الشعبية بعدما زاد الهجوم عليها واتهامها بأنها حكومة لا تعمل، والغريب أنها أصدرت القرار ثم صدرت تنفيذه الي الحكومة التالية لها لأنه في يناير القادم لن يكون لحكومة الببلاوي وجود وسيتم تشكيل حكومة جديدة وفقا لما ستسفر عنه الانتخابات البرلمانية القادمة.