محافظ الفيوم ورئيسة وفد الاتحاد الأوروبي يتفقدان مشروع إحلال وتجديد محطة معالجة الصرف الصحي بقرية أبو جنشو    الهند.. انتشال 204 جثث بعد تحطم طائرة ركاب    مواعيد جديدة للبرامج الرياضية بمناسبة مونديال الأندية    محافظ الغربية: لا تهاون مع أي إهمال خلال امتحانات الثانوية العامة.. وتأمين شامل للجان    "الزرقاني" يتفقد سير العمل بوحدة كفر عشما ويتابع معدات الحملة الميكانيكية    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    رسميًا.. جالطة سراي يفتح باب المفاوضات مع ليروي ساني    مبادرة "بداية" تطلق تطبيق "5Seconds" الأول من نوعه في مصر لتقديم تجربة تربوية تفاعلية للأطفال    أكثر من 3 ملايين مستفيد من خدمات "الشؤون الإسلامية" خلال موسم حج 1446ه    قصور الثقافة تُقيم معرض ملتقى مراسم بني حسن للرسم والتصوير بالهناجر.. الخميس المقبل    فى زمن الانقلاب ..عامل يقتل 3 من أبنائه ويشنق نفسه في سوهاج    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    عالم أكثر إنصافًا.. بيان عربي مشترك في يوم مكافحة عمل الأطفال 2025    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    ضمن المسرح التوعوي.. قصور الثقافة تختتم عرض «أرض الأمل» بسوهاج    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    ضبط كيانات مخالفة لإنتاج الأدوية البيطرية مجهولة المصدر بالمنوفية    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    أسرار بناء أقدم عجائب الدنيا |رحلة عبر الزمن لفهم تاريخ ونظريات ومراحل بناء الأهرامات    ماجد الكدواني يكشف تفاصيل اتفاقه مع كريم عبد العزيز منذ 24 عام    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    اكتملت كتيبة الأحمر.. وسام أبو علي ينضم لمعسكر الأهلي في ميامي    "كانوا بيلعبوا ب40 ألف بالضرائب".. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بصورة الجيل الذهبي    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    تفاصيل لقاء "حقوق النواب" بوفد الحوار المصري الألماني    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    أول تعليق من ابنة أحمد الدجوى بعد حفظ قضية سرقة الأموال    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    الكشف عن برنامج خبيث ينتحل هوية تطبيق الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    محافظ الغربية يكرم الأمهات المثاليات، ويؤكد: المرأة المصرية ركيزة لبناء الوطن    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    بعد تعرضها لأزمة صحية.. ملك زاهر تطلب من جمهورها الدعاء    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    فريق جراحي بالزهراء الجامعي يُنقذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي    وزير الصحة يبحث مع مدير "جنرال إليكتريك" التوطين المحلي لأجهزة السونار    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    5 فواكه تُعزز عملية إزالة السموم من الكبد    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروت الخرباوي يكتب: فلتة السنعوسي
نشر في الوفد يوم 23 - 00 - 2013

سمعت عن رواية ساق البامبو، ولكنني عزفت عن قراءتها، الا ان عنوانها أثار فضولي «ساق البامبو» ماذا يقصد كاتب الرواية بهذا الاسم؟! أمسكت بالكتاب وأنا على الفراش قبل النوم عسى ان أعرف الموضوع من الصفحات الأولى، وللغرابة لم أشعر بنفسي الا بعد ان انتهيت من ثلث الرواية، وفي اليوم التالي اعتذرت عن كل ارتباطاتي وعشت مع الكاتب الكويتي الشاب سعود السنعوسي في روايته «الفلتة» طول اليوم الى ان انتهيت منها، ولكن يبدو ان هذه الرواية لم تنته مني فمازلت أحملها في ضميري منفعلا ومتفاعلا مع كل أحداثها.
اجتاحتني الحيرة وأنا أتصفح الصفحات الأولى حتى أنني كنت أعود للغلاف بين الحين والآخر متسائلا: من الذي كتب هذه الرواية؟ هل هو سعود السنعوسي؟ أم عيسى بطل الرواية؟ وهل الرواية مكتوبة باللغة الفلبينية وترجمها المترجم ابراهيم سلام للعربية؟ أم ان السنعوسي لجأ لحيلة روائية بحيث يجعل الراوي بطل الرواية يقص أحداثها علينا وكأنه هو المؤلف؟ ولكنه نجح في أكثر من ذلك حيث جعل القارئ يعيش مع الرواية كأنه أحد شخوصها.
عشت مع عيسى المغترب بطل الرواية قبل ان يولد من خلال أبيه راشد الكويتي الحالم المجدد الذي يحب وطنه حتى النخاع ويكره له حالة الجمود التي تركن للتقاليد وتأنف من التجديد، عشت معه من خلال أمه الفلبينية التي ارتفع خيال طموحها فأرادت ان تكون شيئا له قيمته في وطنها، وعندما ضاق بها السبيل بسبب وضع أسرتها الاجتماعي وذلك الفقر الذي أحنى ظهرها، فتركت طموحها وحبها للقراءة وشغفها بالروايات العالمية وحكمة الأولين الى حيث العمل كخادمة لدى أسرة كويتية عريقة، حتى العمل كخادمة لم يكن ميسرا لها بل كان دونه خرط القتاد، وعشت مع عيسى وهو بعد وليد، قطعة لحم صفراء، يحمل الوجه الفلبيني ذلك الوجه الذي أضناه والنسب الكويتي، ذلك النسب الذي رفضه، ما أحكم عيسى الذي هو هوشيه، وخوسيه، وجوزيه، صاحب الوطن الضائع والأسماء العديدة التي تشي بأنه كساق البامبو لا وطن له، ما أحكمه وهو يحاكم أمه وأباه، يحاكم أمه وبينه وبينها آلاف الأميال، ويحاكم أباه وبينه وبينه برزخ يقطع الطريق بينهما الا من خلال أمنيات وأحلام عيسى، يخاطبهما: هل كل دوركما ان تأتيا بي الى الدنيا من غير ان تفكرا في مصيري! أنا في الفلبين مرفوض وفي الكويت مرفوض، أنا لا وطن لي، أنا المغترب حتى في وطنه، يالها من قسوة حين أخذني الشرطي الى الحجز على ظن منه أنني فلبيني ليست لي اقامة، وأنا كويتي مهما قال وجهي غير ذلك، أنا المهان في وطنه، نعم أحببت قلوب أهل الكويت وطلاقة وجوههم وجنون شبابهم اللذيذ، ولكن الكويت لم تحبني، لم يحبني منها الا أختي خولة التي رفضت في البداية ان تخلع حجابها أمامي وقالت: انها لم تشعر بعد أنني أخوها، ولكن حين شعرت في لحظة فارقة من أحداث حياتي احتضنتني وقلب الأخت يهتف لي: لا تغادر، ان الكويت وطنك وأنا أختك، أهلك، أحبني أيضا غسان صديق أبي ذلك الصديق الذي ظلمه وطنه وظلمته جدتي ثم ظلمته أنا، أحبني الأصدقاء المجانين، ولكن الحب لم يعطني جواز المرور لوطني، كنت أتمنى ان أجهش بالبكاء في مواقف كثيرة ولكنني كنت أبكي في داخلي، واذا فاضت بي مشاعري تغرورق عيني بالدموع، ومع ذلك فانني كنت أحب الجميع، جدي الفلبيني الذي ما فتئ يشتمني كلما رآني وكان يكلفني بما لا أطيق من الأعمال، وأحببت أمي وخالتي وأخي من أمي الذي تسببت دون ان أقصد في اضاعة عقله، وأحببت ابنة خالتي التي تكبرني وتمنيتها، وضاعت مني سنوات طويلة الى ان..الى ان قدر الله ما أراد، أحببت جدتي غنيمة أم أبي التي كانت تكرهني وتشمئز مني، الا أنني كنت واثقا من ان خلف جبل الجليد الذي يتراكم في قلبها مشاعر متأججة، كانت تحبني، نعم كانت ولكن الجليد حينما يتحول الى ماء يطفئ نار الحب، وأحببت السلحفاة التي اشتريتها وكانت شريكتي في حجرتي، وأحببت عماتي كلهن، من وقفت ضدي ومن تحفظت معي ومن لم تبذل الجهد الحقيقي للانتصار لي، أحببت كل الناس في الكويت، وكل الناس في الفلبين، حتى الأديان، أحببت كل من يتجه الى الله بطريقته وأدركت ان طريق الله هو الحب، فكنت كاثوليكيا وبوذيا ومسلما، من ليس له وطن لا يجوز ان يستقر على دين، كل الأديان دينه، ويالها من لحظة دخلت فيها الى المسجد بالكويت أصلي وأنا أحمل الصليب، كانت لي صلاتي الخاصة بي، المهم ان تحب الله، وأن تستسلم له هو دون غيره، أنت حينئذ حبيب الله.
سعود السنعوسي أعتذر لك فأنت روائي متفرد، وأظنك ستبلغ العالمية قريبا وستكون روائي العرب الأكبر، الا أنني أشفق عليك، فأنت بدأت من القمة فحافظ عليها في أعمالك القادمة، فهناك جوائز أكبر تنتظرك، أما الجائزة الكبرى فقد حصلت عليها فعلا وهي حبنا لك.
نقلا عن صحيفة الوطن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.