لا شك أن الإدارة الأمريكية تضع العلاقات المصرية الأمريكية في إطار منظومة الأمن القومي الأمريكي؛ ومن ثم لا ينبغي التعويل كثيراً علي تصريحات «صغيرة» تخرج بين الحين والآخر من بعض الساسة الأمريكيين، يصح اعتمادها ضمن أدوات الجيل الرابع من الحروب، بغرض إفشال الثورة المصرية، بعد أن صححت مسارها في الثلاثين من يونيو، وخفض مستويات الدعم الشعبي لها، خاصة عندما تتعرض تلك التصريحات للدعم الاقتصادي والعسكري المقدم من الولاياتالمتحدة إلي مصر، وهو الدعم الذي «لن تسمح» الإدارة الأمريكية لمصر بالاستغناء عنه. غير أن مساعي «البعض»، من الخاسرين جراء ثورة الخامس والعشرين من يناير، إسناد ثورتنا المجيدة إلي مفهوم الجيل الرابع من الحروب، باعتبارها صنيعة الأجهزة المخابراتية الأمريكية، لا شك تستند إلي حقيقة تثير كثيرا من اللبس، مفادها أن التصحيح الثوري في الثلاثين من يونيو طال فريق طالما تلقي العالم تحذيرات تفيد باحتلاله المشهد السياسي في مصر حال زوال نظام مبارك؛ وبالتالي، من وجهة نظر «البعض»، فإن زوال هذا الفريق، بعد الثلاثين من يونيو، يشير إلي إمكانية عودة نظام مبارك، بشكل أو بآخر.! والواقع أن المنطق السابق يتفق تماماً مع منطق نظام مبارك، الذي لم يكن يري في مصر سوى جماعة الإخوان بديلاً عنه في حكم مصر، وهو أمر يُشير إلي انعدام الرؤية السياسية التي حجبت عن نظام مبارك كثيرا من تجارب الثورات الشعبية، التي نهضت تحقق طموحات الشعوب دون أدني علاقة لها بالأجهزة المخابراتية الأمريكية، رغم تواجد المصالح الأمريكية في هذه المجتمعات. من جهة أخرى، لا ينبغي السماح بتمرير ادعاءات مُغرضة، تسحب ثورة الخامس والعشرين من يناير من رصيد الشعب المصري، وإلحاقها بالولاياتالمتحدةالأمريكية، صاحبة الوضعية المتردية لدى الرأي العام علي مدى عقود عدة، وهي الآن في حدها الأدنى، بعد انكشاف حقيقة الدور الأمريكي فيما آلت إليه الأمور بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، الأمر الذي يدفع بالثورة في مواجهة «أصحابها»، بكثير من الشكوك في دوافعها وأهدافها، ما يعمق من الأزمة السياسية، ويحولها إلي أزمة مجتمعية، لا يمكن تجاوزها دون تكلفة كبيرة تدفعها الأجيال القادمة. غير أن محاولة «أمركة» ثورة الخامس والعشرين من يناير، إن هي نجحت، لا شك تنال من الروح المعنوية للشعب، وهي من أهم مقومات القوة الشاملة للدولة المصرية في المرحلة الراهنة. «الوفد»