هموم مصرية

أخطاء «الأهرام» التاريخية!

هذا المقال أقدمه للزملاء في الزميلة العزيزة «الاهرام» من الاستاذ عبد الناصر سلامة رئيس التحرير إلي كل محرر في هذه الصحيفة التي تعود جذورها إلي ديسمبر 1875 وعددها الأول في اغسطس 1876 وهي بذلك أعرق صحيفة في الشرق كله.
كما أقدمه لكل من يتصدي للكتابة التاريخية.. لأنني أري أن الصحافة هي من أهم مصادر المعلومات الآن، وللمستقبل.. ويكفي أنها توصف بأنها ديوان الحياة ولذلك فإن ما تنشره هذه الصحف يترسخ في عقل القارئ.. ويكفي أن يقال إن الاهرام نشرت هذا الكلام.. وبالتالي وبعد أن عرفنا أن الصحف من أهم مصادر المعرفة فإن المطلوب ممن يتصدي للكتابة التاريخية ان يتأكد من صحة ما يكتب.. حتي لا تفقد الصحيفة مصداقيتها..
ومناسبة هذا المقال ما نشرته «الاهرام» في عددها أول أمس الخميس وجاء به العديد من الاخطاء التي لا تغتفر..
مثلاً تحت عنوان «من ينقذ الرفاعي» في موضوع حديث الصور جاء فيه أن مسجد الرفاعي الذي شيدته خوشيار هانم «جدة» الخديو اسماعيل وبجوار هذه الكلمة «1869» فهل هذا هو تاريخ ميلاد أو وفاة خوشيار هانم أو انشاء هذا المسجد المواجه لمدرسة ومسجد السلطان حسن بالقلعة..
والخطأ هنا مركب!! لأن خوشيار هانم هي أم الخديو اسماعيل الذي ولدته يوم 31 ديسمبر 1830 في قصر المسافر خانة بالجمالية وليست جدته!! كما جاء فيما نشرته الاهرام.. وهذا المسجد بدأته الام عام 1869 ليكون مسجداً ومدفناً لها ولأسرتها، وباشر تنفيذه خليل أغا ثم توقف بعد وفاتها عام 1885 إلي أن جاء ابن حفيدها عباس حلمي الثاني عام 1905 وأمر باتمامه فانتهي العمل به وافتتح بصلاة الجمعة عام 1912، ودفنت فيه خوشيار ثم ابنها الخديو اسماعيل 1895 و حفيدها حسين كامل 1917 والملك فؤاد 1936 ثم الملك فاروق.. كما دفن فيه زوجات الخديو اسماعيل: شهرت فذا هانم 1895 أو جشم آفت هانم 1907 وجنانيان هانم 1912..
وفي الصفحة المقابلة وتحت عنوان «هل تعرف» جاءت فقرة عن ألفريد نوبل الذي جعلته الكاتبة مواطناً سويسرياً.. بينما هو سويدي الاصل ولد في ستوكلهم يوم 21 اكتوبر 1833 وتعلم في روسيا ثم الهندسة في امريكا واخترع الديناميت عام 1867 ليصبح واحدا من أغني أغنياء العالم وهو صاحب الجائزة الدولية التي تحمل اسمه في كل العلوم والفنون.. فهل نزعت عنه الكاتبة جنسيته السويدية.. وأرجو ألا يتعلل أحد بأنها مجرد خطأ مطبعي!!
وأمام هذه المعلومات وتحت فقرة شخصيات جاءت عدة أخطاء عن الزعيم المصري العظيم مصطفي النحاس..
أول هذه الأخطاء أن النحاس طلب من أعضاء مجلس النواب عام 1951 في اثناء رئاسته له إلغاء المعاهدة المصرية البريطانية.. وهنا الخطأ صحيح أن النحاس تولي مرة رئاسة مجلس النواب.. ولكنه عندما طلب إلغاء معاهدة 1936 كان رئيسا لمجلس الوزراء.. وليس رئيساً لمجلس النواب، وكان ذلك في اكتوبر 1951.. وكان طلبه من مجلسي البرلمان اي مجلس النواب ومجلس الشيوخ.. ويمضي ما نشرته الاهرام هكذا «وقد أدي سعيه لإلغاء الاتفاقية - بينما هي معاهدة - إلي غضب الانجليز مما تسبب في اضطرابات أدت إلي حل وزارته عام 1952» وهنا عدة أخطاء، فالنحاس لم يتوقف عند مجرد السعي بل قام بالفعل بإلغاء هذه المعاهدة.. وما حدث ليس اضطرابات كما جاء في الاهرام.. بل ثورة شعبية ضد قوات الاحتلال ولكنها لم تؤد إلي «حل وزارته» بل قام الملك فاروق بإقالة الحكومة فجر يوم 27 يناير 1952 بعد إحراق القاهرة بساعات!!
ويجيء خطأ آخر إذ تقول الاهرام إنه بعد ثورة 1952 تم سجن النحاس هو وزوجته زينب الوكيل لمدة عام.. خرج بعدها ليعتزل العمل السياسي.. والحقيقة ان النحاس باشا لم يتم سجنه - إكراماً - لتاريخه الوطني.. وإن حددت إقامته في بيته بجاردن سيتي وتحول بيت حرمه زينب هانم في ضاحية المرج إلي منفي للرئيس محمد نجيب..
والنبي.. يا سادة يا كرام.. يا من تتصدون للكتابة التاريخية نرجوكم التأكد من صحة ما تكتبون، لان الصحافة اصبحت فعلاً من أهم مصادر المعلومات للقارئ.. خصوصاً بعد أن هبط عدد من يقرأون الكتب..
والرجاء ليس فقط في الزميلة الاهرام.. ولكن في كل الصحف، أيه رأيك يا عزيزي الاستاذ عبد الناصر سلامة رئيس تحرير الأهرام..