الأزمات التى ستواجه لجنة الخمسين ليست كثيرة، لكن يمكن القول بأنها معظمها صعب وبعضها شديد الصعوبة، تنحصر هذه الأزمات فى عدة مواد على رأسها مادة المرجعية الدينية للأحزاب، حيث سيتمسك حزب النور وممثلو جماعة الإخوان وتوابعها فى اللجنة بالمادة والصياغة التى جاءت عليها فى دستور جماعة الإخوان (دستور 2012)، حزب النور سوف يصعد بالأزمة حتى تهديده بالانسحاب من اللجنة، وسيتضامن معه بقوة ممثلو الجماعة ليس حباً فى حزب النور وقياداته بل بهدف زرع الانقسام والخلاف بين الخمسين، وفى ظنى أزمة المرجعية الدينية سوف توضح حجم وقوة التيارات السياسية فى اللجنة، ولا أظن أن الرافضين للمرجعية الدينية سوف يتمسكون برفضهم لأنه لا يجب تأسيس أحزاب ذات مرجعية دينية، بل لأنهم يعلمون جيدا أن أغلبية الشعب المصرى لن تقبل بحال من الأحوال إعادة المهزلة التى شهدتها البلاد خلال السنتين الماضيتين، وأنها سترفض وبشدة عودة الأحزاب ذات المرجعية الدينية بجميع مساوئها مرة أخرى، لهذا ننصح لجنة الخمسين بأن تضع نفس الحظر فى تأسيس الجمعيات الأهلية، حيث يجب ألا تشكل على مرجعية دينية أو سياسية، ونقترح أن تمنح الجمعيات العمومية فى الاتحادات والنقابات والجمعيات والأحزاب حرية عزل مجالسها وهيئاتها العليا، فكما جاءوا بإرادة الأعضاء فى تصويت حر يرحلون بنفس الإرادة فى تصويت حر طارئ، مثلما فعل الشعب المصرى مع الرئيس محمد مرسى وعشيرته، ولاه بإرادة حرة فى انتخابات نزيهة وعزله قبل أن يستكمل مدته بإرادته الحرة وأغلبيته، فما هى الجدوى من أن أبقى على جماعة اخترتها مدتها القانونية مادمت قد اكتشفت أنها خلال فترة سوف تفسد فى المكان وأنها تعمل بعيدا عن مصالح وأهداف الأغلبية، فاللجوء إلى القضاء لحل الجمعية او الاتحاد أو الحزب غير ذى صفة فى حالة توافق الأغلبية على الحل، بل يكون حكما عندما تتساوى القوى المتصارعة فى الجمعية العمومية. القضية الثانية التى قد تشغل الخمسين، ويمكن ان تدخلهم فى خلاف هى محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، لماذا يحاكم مدنى أمام قضاء عسكرى وهو ليس من ضمن أعضاء القوات المسلحة؟، لماذا يقف المهندس أو الموظف أو الطبيب أو الصحفى أو التاجر أو المدرس أو المذيع أمام قاض عسكرى؟، لماذا لا يقف أمام القضاء الطبيعى؟، وما هى فائدة القضاء الطبيعى إذا كان المواطن المدنى يحاكم امام القضاء العسكرى؟. الدستور الدائم الذى كان يعمل به فى ظل حكم الرئيس مبارك دستور 1971، لم يتضمن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، والمادة 183 منه جاء نصها كالتالى: ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الواردة بالدستور». وكان المدنيون يحالون فى ظل هذا الدستور إلى القضاء العسكرى بحكم مواد قانون الأحكام العسكرية (القانون رقم 25لسنة 1966)، والذى سمحت مواده بمحاكمة المدنيين، كما سمحت لرئيس الجمهورية بإحالة مدنيين إلى القضاء العسكرى. لكن عندما تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من مجلسى الشعب والشورى شكلت لجنة لوضع دستور 2012، فوجئنا جميعاً بوضع الجماعة محاكمة المدنيين فى الدستور، حيث جاءت الفقرة الاباحة فى المادة 198 تقول: إلا فى الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة ويحدد القانون تلك الجرائم»، وهنا أصبحت محاكمة المدنيين أمام المحاكم بنص دستور، وليس بنص قانون كما كان متبعاً خلال حكم عبدالناصر والسادات ومبارك. لجنة العشرة اعتمدت اباحة جماعة الإخوان فى المسودة المطروحة أمام لجنة الخمسين، لكنها أدخلت بعض التعديلات فى الصياغة، وجاءت فى المادة 174 على النحو التالى: ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداء مباشراً على القوات المسلحة». وهنا يصبح السؤال مشروعا: هل يحاكم المعتدى على المنشآت الأفراد والمعدات العسكرية أمام القضاء الطبيعى أم العسكرى؟، الشخص الذى يقوم بضرب دبابة أو عربة مجنزرة أو يضع قنبلة فى أحد المعسكرات أو يقوم بقتل بعض أفراد أو ضباط القوات المسلحة، هذا الشخص نقدمه للقضاء الطبيعى أم القضاء العسكرى؟، هذا السؤال لجنة الخمسين مطالبة بأن تجيب عنه وأن تصيغ جوابها فى فقرة صغيرة، ولا اخفى عليكم أنني مع محاكمة من يعتدي على المنشآت والمعدات والأفراد التابعة للقوات المسلحة أو الشرطة إلى القضاء العسكرى، لماذا؟، لأنه عضو فى تشكيل إرهابى عسكري يهدف إلى هدم القوات المسلحة.