أكد وزير المالية في حكومة الظل الوفدية الدكتور فخري الفقي، المستشار السابق لصندوق النقد الدولي أن الاقتصاد المصري يقع تحت ضغوط شديدة تتمثل في قلة الاستثمارات وتفاقم معدلات التضخم، ما أدي الي انخفاض الاحتياطي الأجنبي من 36 مليار دولار الي 16 مليارا بسبب تراجع عائدات السياحة وتراجع الاستثمارات وضعف التصنيف الائتمانى. وقال في حواره مع «الوفد» إن الدين المحلي والخارجي وصل الي 1.6 تريليون جنيه مصري في نهاية عهد الإخوان أي ما يعادل 92٪ من إجمالي الناتج المحلي. وأشار الفقي الي أن مصر تحتاج الي برنامج طوارئ وإنقاذ للخروج من الأزمة الحالية.. وإلى نص الحوار: كيف تري الوضع الاقتصادي في مصر الآن؟ - مازال الاقتصاد المصري يقع تحت ضغوط شديدة تتمثل في ضعف الاستثمارات بصفة عامة بسب قلة المدخرات المحلية الناتجة عن تفاقم عجز الموازنة والانخفاض الملحوظ والكبير في الاستثمارات العربية والأجنبية المباشرة، فبعد أن كان متوسطها السنوي قبل ثورة 25 يناير 8.5 مليار أصبح لا يتعدي نصف مليار سنويا، وهذا أول تحد يواجه الاقتصاد المصري، فالاستثمارات لا تتعدي 14٪ من إجمالي الإنتاج المحلي ولكي ينهض الاقتصاد وينمو لابد أن يصعد من 3٪ الي 4٪ ونحتاج الي استثمارات لا تقل عن 20٪ من إجمالي الإنتاج المحلي والاستثمارات الحالية تحقق نموا في حدود 2.2٪، والتحدي الثاني أمام الاقتصاد أنه يتعرض الي تفاقم معدلات التضخم الذي أدي الي الارتفاع في الأسعار، وانخفاض دخول الأفراد وهو ما أدي الي انخفاض مستوي المعيشة، وهناك مشكلة أخري وهي انخفاض حصيلة النقد الأجنبي المتاحة فالاحتياطي من النقد الأجنبي شهد انخفاضا كبيرا جدا خلال سنتين ونصف السنة وانخفض من 36 مليارا بعد ثورة 25 يناير الي 14.9 مليار دولار أيام مرسي وأصبحت هناك ندرة في النقد الأجنبي لأسباب كثيرة أهمها سببان أساسيين هما تراجع عائدات السياحة من متوسط سنوي 14 مليار جنيه قبل الثورة الي متوسط سنوي 8 مليارات جنيه بالإضافة الي تراجع الاستثمارات المباشرة في مصر وهو السبب الرئيسي في أن الاحتياطي من النقد الأجنبي انخفض وانعكس ذلك علي ارتفاع سعر الدولار ما أدي الي انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخري ووصل سعر الدولار في السوق السوداء الي 7.6 قرش وهذا له آثاره حيث إنه يشكل مزيدا من الضغوط علي تكلفة الواردات ونعني بذلك تكلفة الواردات من السلع والمواد التموينية فنحن نستورد 40٪ من السلع والمواد الغذائية و70٪ من مستلزمات إنتاج المصانع وعندما ترتفع قيمة الدولار يعني ذلك ارتفاع تكلفة الواردات وهذا يؤدي الي مزيد من ارتفاع معدلات التضخم ومزيد من معاناة المواطن وانخفاض مستوي المعيشة خاصة لدي محدودي الدخل في مصر وهم الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة والفئات التي تعيش عند ودون خط الفقر والذين يشكلون 40٪ من سكان مصر. ومن الضغوط الاقتصادية أيضا أن الاقتصاد المصري واقع تحت ضعف التصنيف الائتمانى الذي انخفض منذ قيام ثورة 25 يناير 8 مرات منها 4 مرات في السنة الأخيرة والرصيد الائتماني في مصر تدهور ودخل في بداية مرحلة التعثر في الوفاء بالتزاماتها ولو استمر الوضع علي ذلك لمدة سنة لا يستطيع الاقتصاد أن يتحمل هذا الضغط. وما حجم الدين الخارجي وتجاوزه؟ - من الضغوط التي يتعرض لها أيضا الاقتصاد الدين العام للحكومة المصرية المحلي والأجنبي هو متفاقم لدرجة أنه وصل الي 95٪ من إجمالي الناتج المحلي والنسب الآمنة دوليا لا تزيد علي 60٪ وسبب ذلك أنه انعكاس لتزايد العجز في الموازنة العامة للدولة الذي تفاقم منذ سنوات، خاصة بعد الثورة حيث كان العجز له مربوط في السنة المالية لا يتعدي 135 مليار جنيه، ومنذ بداية السنة المالية الحساب الختامي الفعلي يشير الي أن العجز بلغ 185 مليارا بفارق 50 مليارا والحكومة خلال السنة الماضية لم تستطع أن تربط العجز في حدود الربط المالي ولا يوجد انضباط مالي، ما أدي الي أن الحكومة تقترض النقد المحلي والأجنبي، وبالتالي أدي ذلك الي زيادة الدين الحكومي المحلي والخارجي والدين المحلي وصل الي 1.3 تريليون جنيه والدين الخارجي ارتفع من 33.5 مليار دولار الي حوالي 44 مليار دولار أي أن إجمالي الدين الحكومي المحلي والخارجي 1.6 تريليون جنيه وهذا يشكل نسبة 92٪ من إجمالي الناتج المحلي. ما الموقف بالنسبة لقرض صندوق النقد الدولي؟ - كان لدينا برنامج إصلاح اقتصادي من صندوق النقد الدولي ولابد الآن من أن نعيد صياغة هذا البرنامج وفقا لتغير المعطيات بعد ثورة 30 يونية، حيث أصبح هناك نظام جديد وكانت هناك جولات من الصندوق الدولي، ولكن لم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تصل الي اتفاق مع الصندوق وهذا يتطلب برنامج إصلاح اقتصاديا يتضمن تعافي الاقتصاد المصري وإعادة النمو ولا يضر بمحدودي الدخل وعلي الحكومة الجديدة إعادة صياغة البرنامج وأن تطلب إرسال بعثة فنية لمراجعته وهذه مهمة الصندوق فهو يعتبر بيت خبرة عالميا ولابد أن نستفيد منه ماليا وفنيا فمصر واحدة من 33 دولة شاركت في إنشائه ولنا حصة مالية في الصندوق تصل الي 1.6 مليار دولار، هذه الحصة غير مستغلة ونحن غير مدينين للصندوق، ويحق لنا أن نستفيد منه حين نمر بأزمة مالية ونقترض من الصندوق مثل الحصة حتي 6 أضعاف حصتنا ونحن طلبنا ثلاثة أضعاف حصتنا فقط أي ما يعادل 4.8 مليار دولار وعندنا مشكلة في الفجوة التمويلية والاقتصاد ينزف ومدخراتنا ضعيفة ولا نستطيع تمويل الاستثمارات ويقصد بالفجوة التمويلية الفارق بين الاستثمارات المتوقعة ومدخراتنا الضعيفة والفجوة التمويلية الآن أكثر من 20 مليارا، الآن أصبحت 25 مليارا علي مدار سنتين بواقع 12.5 مليار في السنة، وقد كنا نستطيع تعويضها من قرض الصندوق وهو 4.8 مليار دولار والباقي من الدول الصديقة. ولكن بعد 30 يونية هناك توتر في العلاقات مع بعض الدول الغربية خاصة الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي قد يؤثر علي مجلس إدارة الصندوق، وإذا لم نصل الي اتفاق ليس أمامنا إلا أن نعتمد علي مواردنا الذاتية ونعمل ليل نهار ونحقق الاستقرار السياسي والأمني ونقلل من العجز ويمكن ذلك من خلال الاستفادة من تحويلات المصريين التي كان متوسطها 12 مليار دولار قبل الثورة، ثم ارتفعت الي 18 مليار دولار السنة الماضية في مشاريع استثمارية وكذلك تخفيض الدعم علي مدار خمس سنوات فالدعم في السنة الحالية وصل الي 205.5 مليار جنيه وتحويله من دعم عيني الي دعم نقدي من خلال الزيادة في دخول العاملين في الحكومة وعددهم 6.2 مليون موظف ونحتاج هنا الي 15 مليارا خاصة أدني السلم الوظيفي بزيادة 60٪ وهذا سينعكس علي الناتج المحلي ويحقق للموظف الاستقرار الأسرى والعدالة الاجتماعية وكذلك المتقاعدون وعددهم 9 ملايين مواطن، ورفع معاشاتهم خلال خمس سنوات ونحتاج من 5 الي 6 مليارات في السنة الواحدة وأصحاب المعاشات وعددهم مليون ونصف المليون بزيادة عددهم الي 2 مليون خلال خمس سنوات ويحتاجون الي 6 مليارات ويتبقي 13 مليارا تصرف إعانة بطالة لمدة سنة بواقع 500 جنيه للعاطلين الذين يبلغ عددهم 3.6 مليون ويمثلون 14٪ من إجمالي قوة العمل حتي يكون لديهم حافز علي التدريب والبحث عن عمل. وما الحل لخروج من الأزمة الحالية؟ - نحتاج الي تنفيذ برنامج طوارئ لإنقاذ الاقتصاد المصري من المخاطر في الفترة القادمة ونحتاج الي عدة متطلبات حتي يستطيع الاقتصاد أن يتعافي ويعاود نموه ويولد فرص عمل ويوفر لقمة العيش ويحقق العدالة الاجتماعية ولابد للحكومة الجديدة أن يكون لديها رؤية في المستقبل وأن نحقق طموحات الشعب المصري.