ربما.. وعندما تقرأ مقالي هذا صباح الجمعة - تكون أمريكا وحلف الناتو قد بدآ عدوانهما علي سوريا الحبيبة. سوريا العروبة والصمود في وجه الصهيونية لسنوات عديدة طويلة. ولست هنا في مجال الدفاع عن النظام السوري.. فهو نظام قد حكم سوريا ومنذ أيام الأسد الأب بالحديد والنار.. وكان بينه وبين الإخوان المسلمين تار بايت بعد مذبحة ارتكبها الأسد الأب.. وها هم الإخوان في سوريا.. بل وتنظيم الإخوان العالمي بأكمله يأخذ بثأره من الأسد الأب في صورة الابن، حتي لو كان الثمن هو دمار سوريا بالكامل واستجلاب قوات أجنبية لتغزو سوريا.. أو تدمرها بالصواريخ علي أضعف الإيمان، كما حدث في بغداد. وكنت اتمني ان يجنب الأسد الابن سوريا ويلات ذلك العدوان.. وعشرات الآلاف من القتلي من أبناء شعبه، لو انه رضخ لحل سياسي وترك الحكم لقوي وطنية لتنجو سوريا من الحرب الأهلية والدمار.. ولكن غباء النظام دفعه للعناد والتشبث بالحكم، علي طريقة أنا ومن بعدي الطوفان. ولكن اللافت في الأمر في العدوان الأمريكي المرتقب - ان لم يكن قد بدأ- في انه قد جاء بعد أن حقق نظام الأسد تفوقاً - علي الأرض واستعاد الكثير من المناطق التي احتلتها المعارضة.. وان كان لفظ المعارضة الصحيح لا ينطبق إلا علي القادة من أبناء سوريا ممن هبوا لمواجهة النظام- أما غالبية من يحملون السلاح في سوريا ضد النظام، فهم من التفكيريين ومن جاءوا من أفغانستان وغيروا ليمارسوا إرهابا أشد من إرهاب النظام، وليقوموا أيضا بمذابح يدفع ثمنها الأبرياء.. ويغض العالم النظر عن وحشيتهم ودمويتهم. أقول إن العدوان علي سوريا في هذا الوقت بالذات له أسباب عديدة.. أهمها ما حققه النظام السوري من انتصارات.. بدعم من حزب الله وإيران.. وكذلك الفشل الأمريكي والغرب في فرض حصار اقتصادي وعسكري علي مصر ومحاولة قلب الحقائق وقلب ثورته في 30 يونية إلي انقلاب.. وعجز الإدارة الأمريكية عن استكمال تخطيطها في مصر بإعادة الإخوان للحكم - وتنفيذ مؤامرة الخلافة الإسلامية في مصر والشرق الأوسط بزعامة تركيا.. مما جعل أوباما يبدو عاجزاً أمام الرأي العام.. خاصة بالنسبة لمصر التي لم تخضع لتهديداته بعد أن انفق المليارات علي مخططه الفاشل. ولهذا راح أوباما والغرب يبحثون عن نصر سريع أمام شعوبهم.. فلم يجدوا غير العدوان علي سوريا. والحجة المعلنة في هذا العدوان هو استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية ضد شعبه.. وبالرغم من عدم ثبوت هذا الأمر يقيناً.. فلا أحد يهتم بذلك - وحتي الجامعة العربية أدانت سوريا علي نفس الشيء.. دون التحقق والتأكد. ولم تكن سوريا هي الضحية لهذا الأمر وحدها.. فقد سبقتها العراق التي اتهمتها أمريكا بامتلاك أسلحة نووية.. وقامت بقصف بغداد واحتلال العراق .. وبعدها ثبت خلو العراق من السلاح النووي! وبالرغم من اتهام سابق لسوريا باستخدام السلاح الكيماوي من قبل.. ولكنها لم تبادر بالعدوان علي سوريا وقتها.. لانه لم تكن هناك حاجة لذلك.. وقت ان كانت المعارضة السورية تحقق انتصارات علي الأرض. وهكذا يبدو العدوان علي سوريا سياسياً - له أسباب أخري غير الأسباب المعلنة.. وفي ظني ان كلمة السر في ذلك العدوان هو إسرائيل.. فأمريكا التي دمرت الجيش العراقي وحلفه وسرحت جنوده ليسقط العراق في حرب أهلية وإرهابية دامية لاتزال مستمرة حتي الآن فخرج بذلك بلد عربي قوي هو العراق من معادلة الصراع في الشرق الأوسط.. وها هو الأمر يتكرر بالنسبة لسوريا.. فقط للتخلص من الجيش السوري.. ومن قوة عربية كانت بالمرصاد لإسرائيل ولأمريكا. وحتي تخلو المنطقة من قوة حقيقية باستثناء مصر وإسرائيل.. وإذا كان الحال هكذا.. وتكاد سوريا تخرج من القوة المؤثرة في المنطقة فلم يعد باقياً من قوة إقليمية فاعلة ومؤثرة يمكن ان تهدد إسرائيل سوي مصر وما جري في سوريا.. لست أشك في أن مثله يجري التخطيط له بالنسبة كمصر.. وان كان الأمر يبدو معقداً بشدة. فمصر لم تستخدم جيشها ضد أبناء وطنها أبداً.. بل كان جيشها هو الحامي لشعبها.. وهو الجيش الذي رفض الخضوع لأمريكا أو ان يكون مخلب قط لها في المنطقة.. وفي مصر يستحيل ان تقوم حرب أهلية لاعتبارات كثيرة .. كما انه ليس في مصلحة ولا حتي إسرائيل إضعاف الجيش المصري بشدة.. وهو الذي يقود حرباً ضد الإرهاب في سيناء.. ذلك الإرهاب الذي يهدد إسرائيل كما يهدد مصر.. ولكن من يدري أي حسابات تضعها الإدارة الأمريكية في تعاملها مع مصر وجيشها.. فقد تتغير الحسابات سريعاً.. ويدفع الغضب الأعمي لأمريكا للانتقام من الجيش المصري.. ولذا علينا الانتباه بشدة لذلك الآن.. وأن تسعي مصر للتحالف مع قوي عالمية أخري.. لتكون هي من يؤسس لشرق أوسط جديد.. وليس أمريكا.