تعرضت الأسبوع الماضي فى مقال عن سيناء إلى مصادر تمويل العمليات الإرهابية، وقلت بالحرف: «والأمر المدهش إنفاق الملايين في سيناء على الأعمال الإرهابية، من أين تأتى هذه الأموال؟، وما هو مصدرها؟، وكيف تنقل إلى سيناء؟، ومن الذي يقوم بتوزيعها على الإرهابيين؟، هذه الأسئلة تحتاج لإجابة واضحة، وقد تحتاج الإجابة تعاوناً بين الداخلية والأجهزة المخابراتية وبين البنك المركزي، وذلك للكشف عن آلية انتقال هذه المبالغ من وإلى سيناء، هل تنقل وتسلم باليد أم أنهم يقومون بتحويلها عبر البنوك؟، هل تنقل من داخل مصر أم عبر الأنفاق من الأراضي الفلسطينية؟، خاصة أن هذه الأموال هي الشريان الرئيسي لتنفيذ العمليات الإرهابية في سيناء». مقاومة الإرهاب والقضاء عليه وتصفية من يقومون به لن يكون بالعمليات العسكرية أو الشرطية وحدها، بل إن تجفيفنا لمنابع التمويل المادي هى التي ستمكننا من القضاء عليه بشكل كامل، لأن الأموال هي شريان الحياة الذي يغذى المتطرفين ويقويهم ويشجعهم على التخطيط والتجنيد والتنفيذ، لهذا من الضروري تشكيل فريق من الأجهزة الأمنية المعلوماتية ومن قيادات البنوك أو الخبراء في المصارف، بحيث يضم الفريق أفراداً من أمن الدولة والمخابرات العامة والحربية والتحريات والرقابة الإدارية والأمن الاقتصادي والأموال العامة والخبراء في المصارف، تكون مهمة هذا الفريق أولا: تتبع مصادر الأموال التي ينفق منها الإرهابيون على عملياتهم، ثانيا: الكشف عن آلية وصول الأموال إلى الإرهابيين. وحديثنا عن الإرهاب لا نقصد به العمليات العسكرية فى سيناء وبعض المدن، بل نعنى به كل أشكال العنف، فالمظاهرات التى ترفع فيها رايات التكفير هى إرهابية، والتى ترفع فيها رايات جماعات وتنظيمات هى إرهابية، والمظاهرات التى يحمل فيها المتظاهرون الشوم والحجارة والمولوتوف والخرطوش هى ارهابية، والمظاهرات التى يقوم فيها المتظاهرون بالاعتداء على رجال الشرطة او الجيش او على المواطنين هى ارهابية، والمظاهرات التى يحاول فيه المتظاهرون اقتحام المنشآت العسكرية والحكومية والخاصة هى مظاهرات إرهابية. وقد سبق وسألنى ابن أحد الأصدقاء عن الاعتداء على بعض المتظاهرين السلميين فى مظاهرات يحمل فيها البعض الخرطوش، قلت له: موافقتك على السير فى مظاهرة يحمل فيها البعض الأسلحة النارية أو البيضاء أو يحملون فيها الحجارة والشوم أو المولوتوف أو بنية اقتحام مؤسسات او منشآت يعنى بالضرورة أنك توافق على ما يقوم به المسلحون، وقلت له: من حق الشرطة أن تتعامل معك وأنت لا تحمل السلاح او الحجارة معاملة من يحملها ويستخدمها، لماذا؟، لأنك شاهدت من يحمل السلاح ويستخدم العنف وقبلت أن تستمر معه فى المسيرة أو المظاهرة، واستمرارك فى المسيرة يعنى موافقتك على العنف، وهنا عليك ان تتحمل تبعات هذا العنف. وقد أعطيته مثالاً على هذا بمن قاموا باعتراض فتاة فى الطريق العام واصطحبوها عنوة فى سيارة وهو كان معهم واغتصبوها، العقاب هنا يقع على الجميع، حتى لو لم تشارك فى الخطف او فى الاغتصاب، لأنك لم تمنعهم ولم تتركهم ولم تقم بالإبلاغ عنهم، وركوبك معهم السيارة إلى المكان الذى اغتصبوا فيها الفتاة هو موافقة ضمنية على عملية الخطف والاغتصاب، وتعامل هنا معاملة الخاطف والمغتصب. وفى ظنى أن العنف المستخدم فى المظاهرات يتساوى تماما مع العنف المستخدم فى العمليات العسكرية، فى كليهما تتوفر القصدية أو النية فى الإزاء وفى استخدام العنف الذى قد يؤدى إلى عجز او وفاة من يستخدم ضده. وعلى أية حال هذا العنف، سواء كان فى مظاهرة أو فى عملية مسلحة، هو عمل ارهابى، وهذا العمل يخطط له ويتم تمويله، بشراء الأسلحة المستخدمة، كانت بيضاء أو شوماً أو كانت نارية، وهذا التمويل يجب أن نقف على مصادره، هل يأتى من الخارج ام من الداخل؟، وكيف يصل إلى الإرهابيين أو المنفذين والمخططين لأعمال العنف؟ إذا كانت مصادره خارجية، فكيف يدخل البلاد؟، تتم تهريب الأموال عبر الحدود أم فى قيمة بضائع وسلع يتم استيرادها من الخارج وبيعها هنا لحساب الأعمال الإرهابية أم أنهم يقومون بإدخالها عبر البنوك؟، وبعد دخولها كيف تصل للمنفذين للأعمال الإرهابية؟، ما آلية تسليمها للمجموعات العسكرية؟، وإذا كانت مصادر التمويل داخلية فيجب أن نعرف مصادرها، هل هى قيمة بضائع تتداول فى السوق أم أنها ودائع فى حسابات الممولين؟، وهنا أيضا يجب أن نتعرف على كيفية وصولها من الممول إلى المنفذ للعمليات؟، كيف تنتقل من محافظة إلى أخرى؟، ومن الذى يقوم بنقلها؟، وهل يسلمها لآخر يقوم بتوزيعها على المنفذين ام الذى ينقلها يسلمها لقائد مجموعة المنفذين؟. هذه الأموال سواء كان مصدرها الخارج او الداخل، وسواء كانت سائلة أو فى سلع، نحن مطالبون بأقصى سرعة كشف مصادرها وتتبع آلية انتقالها من المصدر إلى المنفذين، وعندما نكتشف هذه المصادر نستطيع أن نخنق ونقضى على العمليات الإرهابية القذرة، كانت فى مسيرات أو فى عمليات عسكرية.