على مدى حوالي أسبوع شهد المسرح المصري أحداثاً غريبة.. أطرافها مصريون.. وغير مصريين أجانب وعرب، ولابد من وقفة صريحة مع هذه الأحداث والأقوال والزيارات المتتالية.. وفى هذا التوقيت بالذات. ولكن قبل أن نتوصل إلى حقيقة الدائر من أحداث لابد لي أن أقول كلمتين: الكلمة الأولى أقولها للواء محمد إبراهيم – وزير الداخلية والرجل الذي ساهم في عودة الحب بين الشرطة وشعب مصر.. أقول له: كيف تكاثر المعتصمون في رابعة والنهضة بهذه الأعداد وهذه النوعيات؟.. كيف كانت القوات تسمح بالدخول إلى الاعتصامين بسيارات نقل وسيارات ركاب.. ونحن نعلم تماماً أنها كانت تحمل كل أنواع الأسلحة وغيرها من معدات التخريب؟.. كيف أمكن للمعتصمين الخروج لبناء متاريس عجيبة التشكيل في الأوتوستراد؟.. كيف يسمح لمن يخرجون أن يعودوا ومعهم ما معهم؟.. مجرد تساؤلات أرجو أن نجد لها إجابات مقنعة حتى تتم معاقبة المسئول.. أليس كذلك؟! والكلمة الثانية أقولها للرجل الذي أحبته مصر كلها - وأقول مصر فقط - وأعنى «أحمس مصر الحديثة».. أريد أن أذكرك ببعض الأقوال والأحداث: لقد توليت دورك كأحمس.. ليس طواعية وإنما استجابة للجمعية العمومية لشعب مصر التي ضمت أكثر من 30 مليون مصري ومصرية. لقد أوضحت من البداية أن الحكم في مصر تولته مؤسسات مدنية خالصة وكان ذلك أبلغ رد للذين حاولوا أن يشوهوا الصورة. عندما وضح أنه لابد من ممارسة سلطة الدولة المصرية في مواجهة «مهرجانات الاعتصامات الدموية» طلبت من الشعب النزول مرة أخرى ليصدر لك «تفويضاً» و«أمراً» بالتصدي للعنف والإرهاب المجتمعي.. وتم ذلك في حشد فاق 30 يونية.. ولكن مضت أيام كثيرة والأمر يتفاقم.. فإلى متى؟! أذكرك بمقولة رئيس وزراء بريطانيا عندما عوتب على استخدام القوة المفرطة (القبض على أكثر من 5000) في مواجهة المشاغبين وقطاع الطرق.. كان رده أن «أمن بريطانيا» يجُب أية أمور أخرى. أضيف كلمة – ما كنت أود أن آتى بها – وهى تتعلق بمستشارك القانوني الذي يفاخر بالمنصب بينما هو مسئول أولاً وأخيراً عن انحراف مسار الثورة في بدايتها، وأنه أسهم في تسليم البلاد للجماعة!.. أنت وحدك يا «أحمس الحبيب» الذي تستطيع أن تقدر المواقف وكلنا – نعم كلنا – ثقة فيك. فإذا انتقلنا إلى تحليل ما يدور من أحداث بكل أبعادها سنتوصل إلى الحقائق الآتية: في البداية تعددت المحاولات الخائبة من الخارج والداخل لإقناع الرأي العام العالمي بأن ما حدث في مصر هو «انقلاب عسكري» وفشلت تلك المحاولات وأجبر الشعب المصري بخروجه كل الأطراف المعنية على الاعتراف بشرعية «الثورة المصرية» والإشادة بخريطة الطريق التي رسمت بوفاق وطني غير مسبوق. ومع فشل المحاولات السابقة بدأت سلسلة أخرى من «المحاولات الخائبة» كلها تدور في فلك اسماه البعض «المصالحة الوطنية» أو «الحفاظ على الدماء المصرية» أو «الابتعاد عن استخدام القوة لفض الاعتصامات الإرهابية» أو «الخروج الآمن لمن سفكوا دماء المصريين» ولمن أوصلوا مصر إلى الهوة التي وصلنا إليها والتي نحاول حالياً الخروج منها بكل ما نملك من كفاءات وقدرات وإمكانيات.. ولكن كيف يسمحون لمصر بالخروج من الأزمة.. إنهم مصممون على الاعتصام الإرهابى على سفك الدماء يومياً وعلى التهديد والوعيد!.. أليس لديكم يا أولو الأمر من التسجيلات ما يكفى لتقديم هؤلاء «الزعماء» إلى المحاكمة بتهمة «الإرهاب» أو «القتل العمد» أو «الخيانة العظمى»؟.. وعقوبة كل من هذه التهم هو الإعدام.. أو الإعدام. والغريب في الأمر بأن كل ما يدور حالياً في الساحة لا يستند إلى أسس «مصرية» نعم أقول «مصرية» لأن الموقف الراهن يتعلق بمصير مصر دون حساب لأي «جماعة» أو «أيديولوجية» أو «قضية» أو علاقات خارجية!.. وأقول هنا لأولى الأمر والمسئولين ابتداء من المستشار الرئيس المؤقت ثم نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية.. ثم أحمس المسئول عن الأمن المصري ثم وزارة الببلاوى بكل أعضائها.. أقول لكم: إن الطرف المعاند.. لا يؤمن بالوطن مصر.. ومن هنا فهو لا يحسب كثيراً أو قليلاً للدم المصري الذي يسفك! حسب قول أم كلثوم – رحمها الله – «للصبر.. حدود» وقد تخطينا كل الحدود. في مسيرة الثورات الشعبية، العامل الوحيد الذي يؤخذ في الحسبان هو «مصلحة الوطن» و«مصلحة الشعب» وليس الدم الذي يسيل في إطار من المعاندة والمكابرة والخيانة. بمناسبة تصريحات كيري ودوجلاس.. أقول لأمريكا: أنت تهدمين أهم أسس النظام العالمي.. وأقول للاثنين: لا تنسيا أن العالم به قوى أخرى!.. يا أبناء مصر.. يا أحمس الحبيب وقواته المنتصرة.. ويا أبناء مصر من الشرطة الوفية.. يا مؤسساتنا المدنية: من رئاسة إلى وزارات إلى إعلام إلى خارجية إلى اقتصاد.. لقد دقت الأجراس وجاء وقت الحسم، وأقول لكم من لا يرد أن يسير في الطابور المصري فعليه أن يتنحى أو يهاجر إلى «الدويلة المحتلة» نحن لا نطالب بسفك الدماء.. وإنما الطرف الآخر الذي أثبت أنه لا ينتمي لمصر هو الذي يلح في الطلب.. ومع كل سنصيح في وجه الجميع ونقول «مصر فوق الجميع.. وتحيا مصر.. ولسوف تحيا».