كم كنت أتمنى أن أقول لكل المصريين - كما تعودنا منذ مئات السنين - عيد سعيد.. أو كما يقول أهل السعودية والخليج الكرام: عساكم من عواده.. أى نتمنى أن يعود العيد عليكم بكل خير.. ولكن ماذا نفعل ومصر فيها من فقد عزيزًا عليه: زوج استشهد غدرًا فى سيناء. أو ضحية للمظاهرات، أو لغسيل المخ والعقول فليس هناك نقاش أو حوار.. بل هناك السمع والطاعة.. ولو على ضلال!! كم كنت أتمنى أن أمد يدى لإخوتى المصريين - من كل الاتجاهات قائلاً لهم من كل قلبى: ربنا يعيده علينا جميعا بالخير واليمن والبركات.. كما تعودنا كل عام.. ولكن مصر الآن: فسطاطان. أى معسكران مع الفارق فى حجم وعدد كل فسطاط، ولكن مصر لم تكن أبدًا كذلك منذ دخل الإسلام هذه الأرض المباركة. كان المصرى يدق باب جاره والبسمة تملأ وجهه ويمد يده بطبق كعك العيد لجاره، مسلمًا كان أو مسيحيًا.. فالعيد - كالوطن - للجميع.. والدين للواحد القهار.. ولكن جاء العيد - هذا العام - والناس، كل الناس لا تعرف ماذا سيحدث غدًا.. بل الكل متهيب مما سيقع غدًا.. طال هذا الغد أو قصر. لأنه مهما تمسك كل طرف بطبيعة الأمة المصرية التى تدعو للتسامح، وهذه هى عظمة المصريين.كنا نتمنى للكل ربنا يعيده عليكم بكل بخير، الكل قلق، بل فى قلق شديد، وهو ينتظر أن تقع الواقعة.. لأن الضحايا سيكون عددهم - للأسف - كبيرًا ومن الطرفين: قتلى وجرحى.. من الرجال والنساء والأطفال. وهم فى النهاية مصريون منا وعلينا ولن نتبرأ منهم ابدًا. ومازال الأمل معقودًا على أن تتمسك كل الأطراف بالعقل.. وأن يتركوا جانبا أحلام السلطة ومقاعد السلطان. وكم من جماعات مرت بهذا الوطن وتركوا أثرًا طيبًا فى تاريخ الوطن. لأنهم قدموا أكثر مما طلبوا. فقد كنا فى عصور العطاء.. لا فى عصر الحصاد. وللأسف فإن الإخوان يعيشون فى عصر يرون أنهم الأحق فى أن يحصدوا.. حتى ولو على جثث الآخرين. وكنت اتمنى أن أدق أبواب أصدقائى من «الإخوان» أحمل لهم تحية العيد فى يد.. وكعك العيد فى يد أخرى. ولى منهم أصدقاء أعزاء ما تحدثنا يوما ما عن هذا إخوانى.. وهذا علمانى.. أو ليبرالى.. كنا نختلف أحيانا ولكننا كنا نتوحد عند الوطن. لأننا نؤمن بأن الوطن فوق الجميع. فما الذى تغير فينا. هل هى كراسى السلطة والحكم والسلطان.. وأقولها بكل ثقة: لتذهب كل أبهة السلطة إلى الجحيم.. ولتبق وحدة الأمة المصرية.. حتى السجون المصرية، لم تفرق بين إخوانى وشيوعى.. بين مسلم ومسيحى كان الكل واحدًا.. حتى فى أحلك الظروف.. والآن نجد للأسف مصريا يرفع السلاح فى وجه اخيه المصرى، بل ويدفع المصرى المسلم.. مصريا مسلمًا من فوق السطح ليلقى حتفه.. وأصبح المسيحى ينظر للمسلم بتوجس.. وريبة. فماذا جرى يا ناس.. هل فقدنا الانتماء للوطن.. تلك هى الكارثة الكبرى التى خرجنا بها من بوتقة الثورة. وأقسم بالله لم أحس بطعم كعك العيد.. الذى كانت له طقوس بداية من تنقية القمح إلى طحنه إلى غربلته.. ثم تجهيزه.. ونحمل الصاجات سوداء اللون إلى الفرن فوق رؤوسنا لنعود بها وقد أصبحت حلوى كنا نشتاق إليها، من العام للعام.. وهذا العام لم أعرف طعم الكعك.. ولم نسعد به.. لأن هناك من يعانى بسبب الأحداث الحالية. والأمل كله أن نعود جميعًا إلى العقل. إنقاذًا لما يمكن انقاذه قبل أن ينفرط عقد الوطن.. فنجلس والحسرة تمزقنا.. ويلعننا الأحفاد كل صباح ومساء. ادعوا معنا أن تنتهى الأزمة.. حتى لا نتباكى على ماض عظيم ونقول كما قال شاعرنا القديم.. عدت.. فبأى حال عدت يا عيد.. وحمى الله مصرنا العزيزة.. حتى نعبر الخندق الرهيب الذى يدفعنا إليه من يحلمون بمقاعد السلطة. ترى.. هل نعيش لنرى عيدًا جديدًا قادما تتجمع فيه الأمة المصرية كما كانت تتجمع أيام زمان.. وهل نرى هذا العيد قادمًا. هذا هو الحلم الكبير لكل المصريين الآن.