"بيت الأمة"، قصر التف حوله آلاف المصريين منذ انطلقت ثورة "1919" الداعية لخروج البريطانيين من مصر، ليحفروا على جدرانه صفحات من التاريخ المصري، وما زالت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، بين حين وآخر، تحتشد أمامه حاليا لأسباب مختلفة، مما لفت الأنظار نحوه وأدى لتزايد زواره. يعتبر هذا البيت تجسيدا لروح الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في مصر لما يستحضره في أذهان زوّاره من مشهد خروج الثوار رافعين أعلاما تحتضن رمزي الهلال مع الصليب ضد الاستعمار البريطاني، وزادت أهمية الرمز الذي يمثله بعد أحداث الفتنة الطائفية التي كان آخرها تفجيرا أمام كنيسة القديسين في الإسكندرية مطلع العام الجديد. سُمي "بيت الأمة" بهذا الاسم لأنه كان مسكن "زعيم الأمة" سعد زغلول، الذي شيّده على الطراز الفرنسي، وتحوّل "بيت الأمة" إلى متحف عام 1946 بعد وفاة صفية زغلول، زوجة سعد، الشهيرة بلقب "أم المصريين". ثم جرى تجديد المتحف وأعيد فتحه أمام الجمهور يوم 16 يناير عام 2003، ليضم مقتنيات الزعيم الراحل وزوجته. بمجرد زيارتك للمتحف ستكتشف أن كل ما فيه يعكس حياة سعد زغلول ويجسّد وفاء زوجته، ففي شارع الفلكي، بوسط القاهرة، يقع ضريح الزعيم الراحل ليكون مواجها لشرفة منزله حتى تطل عليه زوجته كل صباح، وهو ما يخلّد أسمى معاني الحب. ويتكوّن المنزل من ثلاثة طوابق، وتبلغ مساحته 3080 مترا مربعا، وتحيط به حديقة، وقد تحوّل البدروم الخاص به إلى مركز ثقافي تقام فيه نشاطات متنوعة. وكان المنزل قد حوّل إلى متحف بعد عملية ترميم تكلفت 3 ملايين و270 ألف جنيه مصري، ويضم المتحف أثاثا فرنسيا من طراز لويس الخامس عشر، وأثاثا عربيا مطعما بالعاج، ومقتنيات فنية من بينها 12 لوحة زيتية لكبار الفنانين التشكيليين ومنهم: يوسف كامل، ومحمود حسين، فضلا عن مقتنيات شخصية للزعيم الوطني الراحل، والتحف النادرة التي كان يعشقها. وكغيره من الآثار المصرية التي تعاني من الإهمال يعاني بيت الأمة من تلال القمامة التي يلقيها البعض بجواره وأيضا داخل أسواره الحديدية دون مراعاة لقيمة المكان التاريخية والأثرية . داخل الأسوار تتجول الكلاب الضاله حرة طليقة وتتخذ من حديقة بيت الأمة مأوي لها دون أي تحرك من أي جهة سواء وزارة السياحة أو وزارة الثقافة أو الآثار أو أي جهة أخري معنية بحماية هذا الاثروالمحافظة علي التراث المصري . وأكثر من ذلك الشارع الموازي لبيت الأمة تحول إلي سوق يتزاحم فيه الباعة الجائلين وباعة الخضر والفاكهة ممن يسبب الضيق الشديد لزائريه . منذ تاريخ تشييده عام 1931 لم يتعرض لمثل هذا الإهمال والتجاهل فماذا ننتظر ؟إلي متي يستمر مسلسل إهمال الآثار المصرية ؟ومن يتحمل مسئولية تلال المخلفات الملقاة أمام وبداخل بيت الأمة ؟ سؤال يبحث عن إجابة عاجلة تمكن لدي المسئولين!!