التضامن تقرر مد فترة معرض "ديارنا" للحرف اليدوية بديوان الوزارة    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم الجمعة    انتهاء مهلة إصدار محفظة الكاش مجانا في بنك القاهرة اليوم    محافظ أسيوط يتفقد محطة مياه البورة ويوجه بتحليل عينات لمتابعة الجودة    شهيدان في قصف إسرائيلي على حي الزيتون    موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وفاركو في الدوري الممتاز    بعد الفوز على الإسماعيلي، بيراميدز يستعد للجولة الثالثة بالدوري بودية دايموند    موعد مباراة الأهلي ضد فاركو والقناة الناقلة    هشام حنفي يقدم نصيحة خاصة ل ريبيرو قبل مواجهة فاركو    النيابة تحقق مع سائق اصطدم بسيارات وحاول الهرب أعلى كوبري أكتوبر    بسبب شاحن موبايل.. حريق يلتهم شقة سكنية بطهطا في سوهاج    تفاصيل الطقس والظواهر الجوية المرتقبة.. شديد الحرارة رطب نهارا حار ليلا    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    إعلام إسرائيلي: الجيش تلقى تعليمات للاستعداد لإجراء مناورات جديدة في قطاع غزة    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 15-8-2025 بالصاغة (آخر تحديث رسمي)    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    قرارات من النيابة في حادث مطاردة "فتيات أكتوبر" على طريق الواحات    أشرف زكي يفرض الصمت الإعلامي حول أزمة بدرية طلبة لحين انتهاء التحقيق"    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    20 صورة لعائلة زوجة ميدو احتفالا بهذه المناسبة    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    أمل جديد للنساء، فحص دم مبكر يرصد سرطان المبيض بدقة في مراحله المبكرة    بريطانيا تدين خطة إسرائيلية لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية    اليوم، الإدارية العليا تبدأ في نظر طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    حكام مالي العسكريون يعتقلون جنرالين وآخرين في مؤامرة انقلاب مزعومة    الشرطة الفرنسية تضبط 1.3 طن من الكوكايين بمساعدة الشرطة الإسبانية    مصرع طالب في تصادم سيارة ودراجة بخارية بقنا    بعد ظهور سحب رعدية.. محافظ أسوان يكلف برفع درجة الاستعداد بالمراكز والمدن    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    خالد البلشي يستقبل الصحفي التلفزيوني عادل العبساوي في مكتبه    محمد عباس يدير مباراة الزمالك والمقاولون بالدوري    هشام عباس يحيي حفلًا كبيرًا في مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء 18 أغسطس    تامر حسني: «نفسي أعمل حفلات في الصعيد والأقصر وأسوان والشرقية» (فيديو)    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    ليلة رعب بالقليوبية.. معركة بالأسلحة البيضاء تنتهي بسقوط المتهمين بالخصوص    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    أول ظهور للفنانة ليلى علوي بعد تعرضها لحادث سير بالساحل الشمالي (فيديو)    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    لافروف ودارتشييف يصلان إلى ألاسكا حيث ستعقد القمة الروسية الأمريكية    طريقة عمل سلطة التبولة بمذاق مميز ولا يقاوم    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    «اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم».. دعاء يوم الجمعة ردده الآن لطلب الرحمة والمغفرة    الفصائل الفلسطينية: نثمن جهود الرئيس السيسي الكبيرة.. ونحذر من المخطط التهويدي الصهيوني في الضفة    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    «كنت مستنياه على الغدا».. ريهام عبدالغفور تتحدث عن معاناتها نفسيا بعد مصرع والدها    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    وزير البترول يكلف عبير الشربيني بمهام المتحدث الرسمي للوزارة    القانون يحدد ضوابط استخدام أجهزة تشفير الاتصالات.. تعرف عليها    بالصور| نهضة العذراء مريم بكنيسة العذراء بالدقي    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحيي الجمل‮.."‬آخر خيول الحكومة‮"‬

وراء كل حكومة إنقاذ شابة تتبني أحلام الثورة في التغيير‮.. يقف رجل عجوز يمتد مثل"وتد‮" في أرض الأوضاع الخراب التي انقلب عليها الثوار،‮ تكون مهمته السرية دائما وأد تلك الثورة،‮ وهكذا وصف يحيي الجمل نفسه‮.‬
رجل في العقد التاسع من سنوات قضي أغلبها في المنطقة شبه الحدودية مع السلطة‮..‬يفضل العيش داخل دائرة مغلقة من أرائه هو‮..‬يعشق التناقض ويهوي السير عكس الاتجاه‮.. بشرط ان يقوده هذا الاختلاف إلي الصدارة وليس النسيان‮.‬
فالجمل واحد من عواجيز فرح نظام مبارك‮..‬الذين تصوروا بسقوطه أن الدنيا طابت وتزينت لهم‮.. فصاروا يفرضون أنفسهم وبإلحاح علي المشهد في فضائية هنا وصحيفة هناك‮.. بإسهال من الأفكار والمقترحات والمبادرات ليبدوا وحدهم مصارعي النظام السابق،‮ الجديرين برسم مستقبل نظام قادم لا محالة‮.
وبين هذا وذاك‮..‬لم تكف تصريحات الجمل عن الانطلاق محملة بقذائف قوية ضد الجميع حكاما ومحكومين وسابقين ولاحقين‮..‬إلي أن انتهي به الأمر بالأمس إلي حد اتهام شباب الثورة ب‮ "‬الغرور‮" فقط لأنه شعر بأنهم سحبوا البساط من تحت قدميه،‮ قائلا‮: "‬نحن الذين قمنا بالثورة وعليكم سماع ما نقوله لتقوموا بتنفيذه‮".‬
تناسي الجمل أن الشباب هم الذين أشعلوا فتيل الثورة وهم الذين حطموا أصنام النظام السابق وحبسوا كل قياداته في الوقت الذي كان فيه الجمل يتفاوض معهم علي إنهاء اعتصام ميدان التحرير لصالح مبارك‮.‬
لا يألو الجمل جهدا في إثبات أنه صناعة النظام السابق‮.. فهو يتعامل بعقلية الحزب الوطني المخلوع الذي حاول دائما تصدير فكرة الجهل للشعب وهي نفس النظرية التي يدعو إليها الجمل وتناسي أنه لولا الشباب لما وصل الي منصبه الوزاري ولولا وعيهم وحسهم السياسي لما اصروا علي تنفيذ مطالبهم بخلع مبارك ومحاكمة كل قياداته‮.‬
الجمل المتناقض سبق وأطلق تصريحات عقب جلوسه علي مقعده الوزاري بهدف كسب قلوب شباب الثورة من نوعية احترامه لدور الشباب ووصفه لهم بأنهم وقود الثوره‮..‬وعندما فشل في الحصول علي جواز المرور إلي قلوبهم انقلب عليهم وأطلق قذائفه المضادة متصورا أن هجومه سيكتب له الاستمرار في منصبه‮.
عندما وقعت الثورة كان الجمل يجلس في منزله يشاهد الثوره من الشباك وشاشات التليفزيون حتي أنه قبل تعيينه وزيرا لم يبد رأيا ولم يهاجم مسئولا ظنا منه أن النظام الذي كان أحد من يمارسون أدوارا لخدمته أقوي من شباب الثورة الذين هاجمهم بعد أن قدموا له ما كان يحلم به طوال عمره وهو دخول الوزارة مرة أخري‮.‬
لذا راح الجمل يتصرف كمسئول يصعب خلعه رغم خلع مبارك نفسه،‮ إلي حد التصريح بهذا الظن علنا حين قال إنه لا يقال من منصبه لأنه وتد راسخ‮ "‬والوتد لا يطاح به من السلطة‮" بعد حديثه‮ غير اللائق عن الذات الإلهية،‮ وقوله‮ "‬ان الله لو خاض الانتخابات لن يحصل علي‮ 70٪‮ من عدد الأصوات‮"..‬ضمن شوقه المحموم للبقاء تحت الضوء ولو بالتصريحات الصادمة‮.‬
هل هو الغرور المتأخر الذي أصاب الرجل لطول انتظاره وشوقه لمنصب كبير وجده فجأة علي مقربة من نهاية العمر‮..‬لقد سيطر هذا الشعور علي قراراته وأرائه التي أثارت‮ غضب الرأي العام بأكثر مما عبرت عنه ومنها مثلا قوله‮" إن المايوه أكثر حشمة من الحجاب‮".
لكن الأخطر من ذلك هو أن الجمل بتناقضاته وضع مصر بأكملها داخل مأزق دستوري خطير فهو صاحب فكرة إجراء الانتخابات البرلمانية أولا ثم تعديل الدستور بصفته وزير الشئون القانونية والتشريعية،‮ وهو الذي أوعز الي المجلس العسكري بقبول فكرة إجراء الانتخابات أولا وظل يدافع عن تلك الفكرة حتي واجه هجوما مضادا وعنيفا من أبناء الثورة الذين هتفوا في الجمعة الأخيرة‮ "‬الدستور أولا‮"..‬ولم يجد الجمل حلا لمواجهة الهجوم سوي السير مع القافلة وأعلن مؤخرا ان رأيه الشخصي هو تعديل الدستور أولا ثم اجراء الانتخابات رغم انه من الذين قالوا‮ "‬نعم‮" في الاستفتاء الأخير،‮ وبعد ان ورط مصر كلها في مأزق دستوري كبير‮.‬
حسب البلاغ‮ الذي قدمه محمود العسقلاني منسق حركة‮ "‬لا لبيع مصر‮" برقم‮ 8634‮ لسنة‮ 2011 فإن الجمل كان يعمل مستشارًا بشركة رجل الأعمال إبراهيم كامل القيادي البارز بالحزب الوطني المخلوع والمحبوس علي حاليا بتهمة التورط في الاعتداء علي المتظاهرين فيما عرف بموقعة الجمل‮.
لذا لا يبدو مستغربا إذن أن يعكف الجمل علي صياغة مرسوم قانون يتيح لرجال الأعمال التصالح في القضايا المنظورة بعد دفع مبالغ‮ معينة تقدرها النيابة ولكنه تحت ضغط الرأي العام تراجع وأطلق تصريحات من نوعية‮ "‬لا تصالح مع الفاسدين ولا تستر عليهم"رغم انه كان يبحث عن مخرج قانوني ليهربوا من السجن ومن الملاحقات القضائية‮.‬
المواطن احمد عيسي تقدم ببلاغ‮ مماثل إلي نيابة الأموال العامة يؤكد ان الجمل كان يعمل مستشارا قانونيا لإحدي الشركات التي حصلت علي‮ 28‮ مليون متر مربع بمنطقة سهل حشيش بالغردقة تابعة لابراهيم كامل بالأمر المباشر من هيئة التنمية السياحية بسعر دولار وربع للمتر الواحد‮.‬
الجمل منذ تولي منصبه الوزاري تراجع فجأة عن كل أرائه التي كان يؤمن بها من أجل أن يحافظ علي سلطته‮..‬وقد رصد الباحث في العلوم السياسية الهيثم زعفان بعضا من هذا التناقض بدراسة لتحليل محتوي‮ 130‮ مقالة للرجل تتضمن خلاصه أرائه وأفكاره‮..‬
في موقفه من المادة الثانية من الدستور كتب الجمل في‮ 2 اغسطس الماضي إن‮ "‬المادة الثانية بوضعها الحالي هي التي جعلت الدكتور جابر عصفور وكثيرين‮ غيره يتساءلون‮: هل نحن حقاً‮ دولة مدنية في ظل هذه المادة؟ وهذه المادة أيضاً‮ هي التي جعلت كثيراً‮ من الإخوة المسيحيين يتساءلون‮: هل لا تفتح هذه المادة الباب واسعاً‮ أمام الدولة الدينية؟‮..‬إن قصر المصدر علي الشريعة الإسلامية‮ هو الذي يفتح الباب للحديث عن الدولة الدينية وهو الذي يثير خشية الدكتور جابر وخشية الكثيرين من هذا التعديل الذي لم يكن له سبب إلا أنه نوع من النفاق الديني‮..‬ومع ذلك فأنا شخصياً‮ وبغير تردد أعترض علي صياغة المادة الثانية المعدلة،‮ وأنضم للقائلين بأنها تفتح الباب لشبهة الدولة الدينية‮.
وبعدها بأربعة عشر يوما‮ فقط قال‮" تقدمت باقتراح لتعديل بعض مواد الدستور مكتوبة للأخ الدكتور زكريا عزمي بصفته أميناً‮ عاماً‮ لرئاسة الجمهورية ليتكرم برفعها إلي مقام الرئيس محمد حسني مبارك شفاه الله وعافاه وهناك مادتان علي التحديد قد تثيران بعض الجدل ولا تحظيان بالإجماع الذي تحظي به سائر المواد الأخري‮.. أولي هاتين المادتين هي المادة الثانية التي كانت في البداية تنص علي أن الشريعة الإسلامية‮ "‬مصدر‮" من مصادر التشريع،‮ ثم عدلت لتصبح‮ "‬المصدر الأساسي للتشريع‮".‬
وأثارت هذه المادة كثيراً‮ من الاعتراضات الفقهية والقضائية،‮ بل وأثارت كثيراً‮ من الفتن والاحتقانات الطائفية،‮ وهذا أخطر ما تصاب به مصر‮.‬
الآن‮.. الجمل يرفض تعديل المادة الثانية من الدستور حسب أرائه التي اطلقها بعد أن تولي منصبه الوزاري أو الاقتراب منها وقال إنها منصفة للكل‮.‬
والغريب أن الجمل‮ غازل الإخوان في بداية تولي الوزارة،‮ وقال إن المادة الثانية من الدستور لا تكرس للدولة الدينية ورغم أرائه الصريحة في الدولة الدينية والتي قال عنها مؤخرا أنها أسوأ من الدولة البوليسية إلا أنه لا يجد مانعا في وصول الإخوان للحكم‮.‬
يقف الجمل مواقف مذبذبة كثيرة‮ "‬لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء‮".. وخاصة في قضية الدولة والحكم الديني‮..‬فقد كان أحد أعضاء هيئة الدفاع عن الدكتور نصر حامد أبو زيد وسعي لإلغاء لائحة المحاكم الشرعية،‮ وقال"بدأت مع قضية الأستاذ الدكتور نصر حامد أبو زيد في مرحلة الاستئناف حيث كان يدافع عن نصر حامد أبو زيد أستاذنا الدكتور عبد المنعم الشرقاوي والأستاذ علي الشلقاني والعبد الفقير لله العلي القدير الذي هو أنا،‮ ورغم كل ما أبديناه من دفوع ودفاع،‮ فقد اتجهت الدائرة الاستئنافية ذات الاتجاه وأيدت الحكم الصادر من أول درجة باعتبار نصر مرتداً‮ عن الإسلام والتفرقة بينه وبين زوجته‮.‬
ومضي يقول‮: "‬بعد أن أودعت صحيفة الطعن بالنقض وتم تحديد جلسة لنظره اقترحت علي أستاذي الدكتور عبد المنعم وعلي المرحوم الأستاذ علي الشلقاني أن أعد دفعاً‮ بعدم دستورية لائحة المحاكم الشرعية التي كانت مطبقة آنذاك وعرضت عليهما الأسباب التي تدعوني إلي هذا الدفع فاقتنعا بها اقتناعاً‮ كاملاً،‮ فضلاً‮ عن اقتناعي باعتباري متخصصاً‮ في القانون الدستوري بسلامة هذا الدفع‮..‬وانتظرنا وكلنا يقين أن محكمتنا العليا ستقبل الدفع‮.. وكم كانت خيبة أملنا كبيرة عندما قضت محكمة النقض برفض الدفع وتأييد الحكم المستأنف‮".
أما موقفه من مظاهر التدين في المجتمع المصري فتقول الدراسة ان الجمل قال‮: لاحظ وأنت تسير في شوارع القاهرة،‮ سواء كنت راجلاً‮ أو راكباً‮ الأصوات المنبعثة من مذياع السيارات التي تمر إلي جوارك أغلبها يذيع القرآن بصوت مرتفع لا يكتفي بأن يصل إلي راكبي السيارة وإنما يملأ الدنيا حولها‮.. لماذا؟ فهل هذا نوع من التقرب إلي الله أم هو في الحقيقة نوع من الضوضاء التي تنفر الإنسان المتدين حقيقة من هذه الأصوات العالية التي تبدو أحياناً‮ كثيرة منكرة‮..‬وتبدو هذه الأصوات منفرة،‮ بل ومنكرة‮. هذه واحدة تبدو بسيطة،‮ ولكنها في أجواء الاحتقان،‮ قد تكون ذات دلالة‮. تلك المآذن التي تشرع الميكروفونات،‮ وتوجهها إلي كل مظان الأرض،‮ وبعضها‮ "‬يصرخ‮" بالأذان،‮ وقد يكون ذلك في هدأة الليل عند الفجر،‮ حيث ينتظر الإنسان صوتاً‮ خاشعاً‮ خفيضاً‮ مؤثراً،‮ ولا ينتظر ذلك الصياح الذي يشق عنان السماء ويصك الآذان‮.‬
هل يتصور أحد أن هناك أكثر من فضائية،‮ تبث علي الناس،‮ ولا يظهر فيها إلا وجوه عليها‮ غضب‮ - والعياذ بالله‮ - ولا تعرف إلا النذير والشر المستطير وعذاب القبر والثعبان الأقرع‮ " وقال الجمل ذلك في يونيه عام ‮8002.‬
لكنه عاد في ‮81 يناير ‮0102 ليؤكد نفس المعني بقوله أنا أتصور أن النخب المصرية تخوض معركة تحرير حقيقية هل يختلف أحد من أفراد هذه النخب علي أن التخلف العقلي والسلفية الدينية هما صنوان يهددان كل منجزات الجغرافيا والتاريخ وكل المعاني السامية للأديان وأن مواجهة هذا التخلف هو فريضة علينا جميعا‮.‬
ولكن الجمل عاد ليرفض مهاجمة السلفية ويعتبرها فصيلا في المجتمع يتوجب احترامه،‮ مؤكدا أنه يحترم مشاعر التدين في المجتمع وبعد الهجوم العنيف عليه من السلفيين عاد ليصرح انهم هاجموه لموقفه من الدولة الدينية‮.‬
ما قاله الجمل يرسم لنا بمنتهي الموضوعية صورة شديدة الوضوح لشخصية وقناعات نائب رئيس وزراء مصر‮ ،‮ وملامح القرارات المصيرية التي يمكن أن يدفع باتجاهها،‮ ولم يكن‮ غريبا ان تستمر حاله الهجوم عليه والتي تزيد يوما بعد يوم،‮ فالجمل لم يعد مناسبا لموقعه،‮ وإقالته أصبحت مطلبا ثوريا عاجلا‮.‬
7 أخطاء تعجل برحيل‮ "‬الجمل‮"
يرتدي قناع‮ "‬سرور‮".. ينفرد بالقرار‮.. يحتقر الجميع‮.. يرأس ترزية القوانين‮.. يعمل كمهدئ للمعارضة‮.. يسعي لإرضاء المجلس العسكري‮.. ويحاول البقاء بأي ثمن
سبعة أخطاء تهدد مخطط يحيي الجمل في القفز علي رئاسة مجلس الشعب أو الشوري القادمين‮.. وتجعل طموح الرجل الذي أدمن التلون السياسي والسير علي الحبال للبقاء لأطول فترة ممكنة في المشهد السياسي في مأزق كبير‮.‬
المدقق في سلوك الجمل يدرك دون عناء أن الرجل قريب الشبه برئيس مجلس الشعب المحبوس أحمد فتحي سرور،‮ فما يظهره يختلف جملة وتفصيلا عما يخفيه‮.. الأمر الذي تجلي واضحا في جلسات الوفاق القومي التي يترأسها الجمل،‮ حين صرح بجموح أن فشل الحوار يعود إلي الصحفيين،‮ وهو خطؤه الأول،‮ متجاهلا المشكلة التي يواجهها‮ "‬الوفاق‮" بمحاولة عدد من الأحزاب الصغيرة التي أنشئت بموافقات أمنية في العهد السابق،‮ القفز علي المشهد لإثبات شرعيتها،‮ في الوقت الذي خلت فيه صفوف الجلسات من تواجد الأحزاب الكبري‮.. وهو ما أسعد الجمل كثيرا وجعل مهمته سهلة في تمرير عدد من التعديلات علي القوانين السياسية قبل التوافق عليها وهو الخطأ الثاني الذي ارتكبه عن قصد‮.‬
دلالة ذلك ما حدث الأحد الماضي حينما طرح شكل النظام الانتخابي الأمثل في إحدي مناقشات لجان الوفاق‮.. وقبل مرور‮ 24 ساعة صدر مرسوم المجلس العسكري بتعديل قانون مجلسي الشعب والشوري‮.. وهو نفس ما حدث في تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية‮.‬
تبعات هذا يتحملها‮ "‬الجمل‮" في المقام الأول‮.. فهو يخطط دائما لكسب ود المجلس العسكري في محاولة لاعتلاء منصة أحد مجلسي البرلمان‮.. خاصة أن التعديلات المطروحة علي قانون مجلس الشعب مازالت تحتفظ بحق التعيين لعدد من الأعضاء‮.. ومع إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر القادم وقبل انتخابات الرئاسة،‮ سيكون قرار التعيين في يد المجلس العسكري‮.‬
علي الجانب الآخر فإن ادعاء الجمل بأن أحزاب المعارضة الكبري أرسلت ممثلين ليسوا في مستوي المناقشات التي تتم بالمؤتمر أضعف من تأثير الجلسات التي تعقد الآن داخل مجلس الشعب،‮ كما أنه لو صح لوجب علي الجمل إخطار هذه الأحزاب لاستبدال الوجوه التي وصفها بالضعف‮.. ولكنه اكتفي بمصمصة الشفاة أمام عدد من شباب ائتلاف الثورة لامتصاص‮ غضبهم من محاولات الأحزاب الصغيرة إفساد المناقشات‮.‬
إنه نفس الدور الذي ظل يلعبه فتحي سرور سنوات طويلة‮.. تهدئة المعارضة بحيل محبوكة لنصرة الحزب الوطني،‮ فتغاضيه عن إشراك بعض الشخصيات المهمة في إدارة جلسات لجان الوفاق القومي سببها الانفراد باتخاذ القرارات التي يجري علي أساسها إصدار مسودات لبعض مشروعات القوانين السياسية المطروحة علي الساحة،‮ وهو الخطأ الثالث الذي تبعه أخطاء عديدة كان من أبرزها انقلاب جماعة الإخوان المسلمين علي الجمل واعتراضهم علي طريقته سواء في إدارة جلسات الحوار وتشكيل اللجان المختصة بوضع دستور جديد للبلاد،‮ لدرجة أن أحد قيادات الاخوان وصف الجمل‮ "‬بالمتلون سياسيا‮".. وهو الخطأ الرابع للرجل الذي قال في أولي جلسات الحوار الوطني للحضور من السياسيين‮ "‬إن كلامهم‮ غير ملزم بالمرة في اتخاذ القرارات‮" ما أثار استياء الجميع خاصة عقب قوله لهم قبل انطلاق الجلسات إن الهدف الأساسي هو الوصول إلي بلورة رؤية اجتماعية للمرحلة المقبلة،‮ لتعبر عن طموحات وآمال كل فئات المجتمع،‮ ما اضطر عصام شرف إلي إسناد إدارة الحوار الوطني إلي الدكتور عبد العزيز حجازي‮.‬
حالة السخط الإخواني علي أسلوب الجمل انتقلت تبعاتها إلي عدد من الشباب المشارك من ائتلاف الثورة في هذه الجلسات التي وصفوها‮ "‬بالنفاق القومي‮".
الأخطاء الثلاثة المتبقية للدكتور يحيي الجمل تتمثل في سيطرته علي مجلسي الشعب والشوري من خلال إشرافه علي البرلمان بعد قرار حله،‮ ما أعطاه فرصة نقل جلسات الوفاق القومي إلي مقر مجلس الشعب،‮ وجعل الموظفين يتبادلون القفشات فأحدهم قال‮ "‬عايز يعمل ريس والسلام‮".. بينما اقترح بعضهم نقل الحوار إلي تحت القبة وتسجيل كلمات الحضور في مضبطة تشبه مضبطة المجلس‮.‬
يحيي الجمل الذي يبلغ‮ من العمر‮ 82 عاماً‮ الآن،‮ في طريقه للحاق بآخرين رحلوا من مقاعدهم بسبب تمسكهم بهذه المقاعد دون النظر إلي مطالب الشعب وحقوقه‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.