هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم رسول الله، وزوج ابنته فاطمة الزهراء، ووالد سبطيه الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، له في الإسلام السابقة العظيمة، والمآثر الجليلة، فهو أول من أسلم من الصبيان، ونام بفدائية في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة. وقد اختص علي رضي الله عنه بقول: كرم الله وجهه، لأنه ما سجد إلى صنم قط.وهو من المبشرين بالجنة فعن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله إلى نخيل امرأة من الأنصار، فقال: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فطلع أبو بكر، فبشرناه، ثم قال: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فطلع عمر، فبشرناه، ثم قال: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وجعل ينظر من النخل، ويقول: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا. فطلع عليّ، وفي رواية أخرى: فدخل عليّ، فهنأناه. وقد شهد له رسول الله، بأنه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فعن سهل بن سعد أن رسول الله قال يوم خيبر: لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها. قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجون أن يعطاها، فقال: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ. فأتي به، فبصق رسول الله في عينيه، ودعا له فبرئ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال عليّ: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِي اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْر النَّعَمِ. بل جعل النبي محبة سيدنا عليٍّ من علامات الإيمان، وبغضه من علامات النفاق، فقد قال عليّ رضي الله عنه: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إليّ: لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق. وقد أعلى رسول الله مكانته، وقربه منه، حتى قال له لما استخلفه على المدينة في غزوة تبوك: أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيُّ بَعْدِي. وجعل إيذاء عليٍّ إيذاءً له شخصيًا، فعن عمرو بن شاس الأسلمي، قال: خرجت مع عليٍّ إلى اليمن، فجفاني في سفري ذلك حتى وجدت في نفسي عليه، فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ ذلك صلى الله عليه وسلم، فدخلت المسجد ذات غدوة، ورسول الله في ناس من أصحابه، فلما رآني أمدّني عينيه - يقول: حدّد إليَّ النظر- حتى إذا جلست قال: يَا عَمْرُو، وَاللَّه لَقَدْ آذَيْتَنِي. قلت: أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله. قال: بَلَى مَن آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي. ولم تكن المكانة لعليّ عند رسول الله غريبة، فإن السبب منزلته عند الله عز وجل، فعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «إِنَّ اللَّه أَمَرَنيِ بِحُبِّ أَرَبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ». قيل: يا رسول الله، سمهم لنا. قال: «عَلِيٌّ مِنْهُمْ- يقول ذلك ثلاثًا- وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ، أَمَرَنِي بِحُبِّهِمْ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ». ومن هنا صار عليّ حبيب الله، وحبيب رسول الله ، لذا فقد آخى رسول الله بين نفسه وعليٍّ، فيروي سعيد بن المسيب أن رسول الله آخى بين أصحابه فبقي رسول الله ، وأبو بكر، وعمر، وعليّ، فآخى بين أبي بكر وعمر، وقال لعليٍّ: «أَنْتَ أَخِي وَأَنَا أَخُوكَ». دخل عليُّ على رسول الله يريد أن يخطب فاطمة، فقعد بين يديه، لكنه لم يستطع الكلام لهيبته، فقال: مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلَكَ حَاجَةٌ؟ فسكت. فقال عليه الصلاة والسلام: لَعَلَّكَ جِئْتَ تَخْطِبُ فَاطِمَةَ. فقال: نعم. قال: وَهَلْ عِنْدَكَ مَنْ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ؟ فقال: لا والله يا رسول الله. فقال: مَا فَعَلْتَ بِالدِّرْعِ الَّتِي سَلَّحْتكَهَا؟ فقال: عندي، والذي نفس عليٍّ بيده إنها لحطيمة ما ثمنها أربعمائة درهم. قال: قَدْ زَوَّجْتُكَ فَابْعَثْ بِهَا. فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله. وفي ليلة العرس قال رسول الله لعليٍّ: لاَ تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَلْقَانِي. فدعا رسول الله بماء فتوضأ منه، ثم أفرغه على عليٍّ وقال: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِمَا، وَبَارِكْ عَلَيْهِمَا، وَبَارِكْ لَهُمَا فِي نَسْلِهِمَا.. ولما قتل عثمان، بويع علي بن أبي طالب للخلافة بالمدينةالمنورة في اليوم التالي لقتل عثمان (يوم الجمعة 25 ذي الحجة، 35 ه) فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابة والتابعين والثوار. وكان علي يؤم المسلمين في صلاة الفجر في مسجد الكوفة، وفي أثناء الصلاة ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، فقال علي جملته الشهيرة: «فزت ورب الكعبة»، وتقول بعض الروايات إن علي بن أبي طالب كان في الطريق إلى المسجد حين قتله بن ملجم ثم حمل على الأكتاف إلى بيته وقال: «أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، النفس بالنفس، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي» ونهى عن تكبيله بالأصفاد وتعذيبه. وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته، وظل السم يسري بجسده إلى أن توفي بعدها بثلاثة أيام، تحديداً ليلة 21 رمضان سنة 40 ه عن عمر يناهز 64 حسب بعض الأقوال. وبعد مماته تولى عبد الله بن جعفر والحسن والحسين غسل علي بن أبي طالب وتجهيزه ودفنه، ثم اقتصوا من بن ملجم بقتله، وكان أحد الخوارج كان قد نقع سيفه بسم زعاف لتلك المهمة. ولقب الشيعة علي بن أبي طالب بعدها بشهيد المحراب.