تحت هذا العنوان نشرت جريدة واشنطن بوست لكاتبها مارك تيسن مقالاً يفضح فيه سياسة الرئيس الأمريكي أوباما الانتهازية، التي يحاول من خلالها مساندة عملائه في مصر من الإخوان المسلمين، وتدعيم السلطة لهم، ليقوموا بدورهم بخدمة كل أهدافه الاستعمارية وتنفيذ مخططه الشرير بإعادة رسم حدود الشرق الأوسط وتقطيع أوصال دوله إلي دويلات يسهل حكمها أكثر في حراسة الشرطي الإسرائيلي، ويتضمن المخطط الشرير بالنسبة لمصر اقتطاع الجزء الشمالي الشرقي من سيناء لضمه إلي قطاع غزة لإمكان إقامة إمارة إسلامية بها تكون ظهيراً لحكم الإخوان المسلمين، وبذلك تستطيع أمريكا إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي إلي الأبد علي حساب أرض سيناء المقدسة، وقد أبدت حكومة الرئيس المخلوع مرسي ومكتب إرشاده الذي يحركه كالدمية، سراً كل الاستعداد للتعاون مع أمريكا في تنفيذ هذه الجريمة مقابل مساندتها لحكمهم في مصر، ولم يعد سراً أن عصابات الإرهاب التي تسللت إلي سيناء التي يسحقها جيشنا الباسل قريباً إن شاء الله، هذ العصابات تسللت بتواطؤ كامل مع حكومة مرسي وأذنابها في حماس، ولولا يقظة الشعب ومساندة جيشه الوطني الباسل له لتمت الجريمة في جنح الظلام، ولذلك هب الشعب العظيم في 30 يونية في ثورته الثانية وأسقط حكومة العملاء التي اختطفت ثورة الشعب الأولي في يناير 2011. وكانت صدمة سقوط حكومة العملاء، وحجم الحشد الشعبي الهائل الذي أسقطها الذي فاق العشرين مليوناً من المتظاهرين في أوج الثورة، وهو الحشد الذي اعترف الأعداء قبل الأصدقاء أنه غير مسبوق في تاريخ العالم كله، كان لسقوط حكومة العملاء وحجم الحشد الذي أسقطها دوي شديد أفقد أوباما وعصابة المجتمع العسكري الصناعي التي تحكم أمريكا صوابهم، وهدم إلي الأبد مخططهم الشرير وأسقطه وهو قاب قوسين أو أدني من النجاح، وراح أوباما يتخبط ويتهم الثورة الشعبية المجيدة بأنها انقلاب عسكري غير مشروع، ويهدد بإيقاف المعونة الأمريكية عن مصر، وغير ذلك من الهلاوس السياسية التي تصيب القادة عند الفشل أحياناً، ولما وجد أن حجم الثورة الشعبية التي يحميها جيشها الوطني من الصلابة والرسوخ الذي يراه حتي الأعمي، وأن معظم الإعلام العالمي عاملها كثورة شعبية حقيقية، عاد أوباما يتراجع عن وصفها بأنها انقلاب عسكري، ويتردد فيما يفعل لحماية عملائه في الحكومة الساقطة علي أمل إعادتهم للسلطة من الباب الخلفي. ونترك لمارك تيسن عرض ما يراه في سياسة أوباما الملتوية، يقول تيسن: إن الثورة الشعبية التي قامت في مصر ضد حكم الإخوان المسلمين تمثل أحد أكبر التطورات السياسية الباعثة علي الأمل والواعدة في الشرق الأوسط منذ بدأ الربيع العربي، وعندما يخرج ملايين المصريين إلي الشوارع ليعلنوا أنهم يرفضون استبدال ديكتاتورية علمانية بديكتاتورية إسلامية، فإن هذا الأمر يجب أن تنظر إليه أمريكا علي أنه أمر إيجابي، ولكن إدارة أوباما وجدت نفسها في الجانب الخطأ من الصراع في مصر للمرة الثانية. فخلال الثورة المصرية منذ عامين أثارت إدارة أوباما غضب المصريين بوقوفها إلي جانب حسني مبارك حتي أصبح واضحاً أنه انتهي لا محالة، أعلن نائب الرئيس بيدن أن مبارك ليس ديكتاتوراً، وأرسلت أمريكا مبعوثها فرانك وايزتر الذي أعلن أن مبارك يجب أن يبقي في منصبه حتي يشرف علي التحول الديمقراطي، وباركت هيلاري كلينتون فكرة مرحلة انتقالية تسمح ببقاء مبارك في السلطة لشهور عديدة، ولكن متظاهري ميدان التحرير كانوا يرفضون علناً الخطة الأمريكية ويلعنون أمريكا لتأييدها لمبارك، وحمل المتظاهرون لافتات مكتوباً عليها «العار عليك يا أوباما» وصورت لافتات أخري أوباما بسخرية مع عبارة «لا لن تستطيع» وعندما سقط مبارك في النهاية، ووصل محمد مرسي للسلطة، تركت إدارة أوباما بسرعة فراش الديكتاتور الساقط، ودخلت في فراش فرعون آخر. وتجاهل أوباما تصرفات مرسي غير المشروعة عندما نحي مرسي السلطة القضائية جانباً، واستولي علي سلطات مطلقة، ووقف في جانب إيران وحماس، وصلي علناً وهو يدعو علي إسرائيل بالدمار، وطبق الشريعة الإسلامية اعتسافاً. ولكن المصريين لم يغفلوا مراقبة تصرفات مرسي غير المشروعة، فقد كانوا يريدون من رئيسهم المنتخب أن يركز علي رفع مستوي الاقتصاد المصري الذي كان يتهاوي وعلي خلق فرص عمل بدلاً من تطبيق الشريعة الإسلامية اعتسافاً، ونتيجة لذلك كما يقول مايكل روبين التابع لمعهد إنتربرايز الأمريكي: «حقق مرسي في سنة واحدة فقط من حكمه ما استغرق ثلاثين عاماً من حكم مبارك لتحقيقه، وهو اكتساب عداء كل المجتمع المصري، وقد أظهر استفتاء تم مؤخراً أن 73٪ من المصريين يرون أن مرسي لم يتخذ قراراً واحداً جيداً طوال سنة حكمه علي الإطلاق. ولكن عندما هب المصريون في النهاية ينادون بإسقاط مرسي، وكان عدد المتظاهرين يفوق العدد الذي أسقطت تظاهراته حكم مبارك، أعطت السفيرة الأمريكية في مصر «آن باترسون» حديثاً علنياً يوم 18 يونية تعارض فيه ما اسمته «العمل في الشارع» وعملت علي تحريض مجموعات عديدة علي عدم الاشتراك في المظاهرات، ومرة ثانية اعتقد المصريون أن أمريكا تساند رجلها في مصر، ومرة ثانية امتلأ ميدان التحرير باللافتات المعادية لأمريكا، وكانت إحدي اللافتات تقرأ «أوباما وباترسون يؤيدان الإرهاب»، وقالت لافتة أخري: «استيقظي يا أمريكا فأوباما يساند نظاماً فاشستياً في مصر»، وأظهر لافتة أخري صورة «باترسون» وهي تصافح مرشد الإخوان المسلمين وتحت الصورة كتبت العبارة التالية: «إننا نعرف ما فعلتما الصيف الماضي»، وبمعني آخر فقد أفسد أوباما سياسة أمريكا مرة ثانية. وبينما كانت السفيرة باترسون مشغولة باكتساب عداء المصريين مرة ثانية، أين كان رئيسها وزير خارجية أمريكا «جون كيري»؟.. كان مشغولاً في رحلته الخامسة لمحاولة إعادة مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، وبينما كانت القاهرة تحترق كان كيري مشغولاً بنشاط دبلوماسي ثانوي، وقد أطلقت عليه جريدة واشنطن بوست عبارة أنه رجل يستحوذ عليه أمل السلام في الشرق الأوسط، ونشرت التعليق في مقال علي صدر صفحتها الأولي الشهر الماضي، ربما كان الأجدر بكيري أن يستحوذ عليه وقع الأحداث في مصر. والآن هناك ثورة شعبية في مصر نجحت مرة أخري في إسقاط حاكم مكروه، ومرة أخري يري المصريون أوباما مؤيداً للحاكم المكروه، لقد نجحت إدارة أوباما في اكتساب سخط كل من في مصر تقريباً.. فالإسلاميون الذين سقطوا من السلطة يكرهوننا لأننا كفار ولأنهم يظنون أننا نحن الذين خططنا لإسقاطهم. إن هناك درساً في كل هذا لإدارة أوباما عليها أن تستوعبه، عندما يخرج أربعة عشر مليون مصري إلي الشوارع محتجين ضد الإخوان المسلمين، ويسألوننا في أي جانب تقف أمريكا، فلا يجب أن يكون الجواب أنها تقف في جانب الإخوان فإن ثورة شعبية ضد حكم الإسلاميين في مصر يجب أن ينظر إليها كعنصر حاسم في الصراع الأيديولوجي ضد التطرف الإسلامي، ومع ذلك نجح أوباما في إفساد هذا النصر، بوقوفه إلي جانب الفرعون بدلاً من وقوفه إلي جانب الشعب. وإلي هنا ينتهي هذا المقال الذي فضح فيه الكاتب سياسة أوباما الانتهازية الشريرة، وضررها علي بلده أمريكا وعلي سمعتها ونفوذها العالمي، سيري أوباما عصابات الإرهاب التي تعيث فساداً حالياً في شوارع مصر ودروب سيناء وهي تنسحق كالحشرات تحت أقدام شعب مصر الصامد وجيشها الوطني، وستسود الديمقراطية والحرية في مصر وسيزدهر شعبها رغم أنف أوباما ومن نحا نحوه من قوي الاستعمار الشرير في الغرب. نائب رئيس حزب الوفد