كل قطرة دم مصرية سيعلق ذنب إراقتها في رقابنا جميعاً.. لا يُستثنى من ذلك أحد. ولا أدري كيف يغمض الحكماء وأولو الأمر اعينهم، وهم يرون «كرة الثلج» تكبر، وتتحول جبلا امام اعينهم، تتقاذفها كل الأيدي، ومع كل دفعة تزداد خطورة وتدميراً. وبين من يعد العدة لحرب يبني لها الحواجز ويحفر الأنفاق، ومن يدعو لمعركة «عسكرية» تفض الاعتصامين أيا كانت الخسائر.. بين هذا وذاك انقسم المصريون واتسع الشق بينهم على الراتق، كلٌّ متمسك برأيه، و«العقلاء» يتفرجون، وكأن قدر مصر ان تسقط في هاوية العنف والدماء. حتى القضاة، الذين يفترض بهم الابتعاد عن السياسة، انقسموا فسطاطين، ولم يعد في مصر «كبير» يأمر فيستمع الجميع، ويتحدث فينصت الكل لحديثه..، أما شيوخ ديننا الافاضل فتتشتت رياحهم من اقصى اليسار الى اقصى اليمين. فمن بقي للمصريين البسطاء العاديين الذين يبحثون عن رأي سديد يتبعونه، او عقل راجح يتشبثون به، او صاحب بصيرة يتبعون خطاه. استمعوا معي لكلمات «صفوة الصفوة»، ورموز قادة الفكر والرأي لتعرفوا حجم «البلبلة» والتشتت الفكري الذي اصبح فيه عامة الشعب. «أبو الدساتير» الفقيه الدستوري الدكتور ابراهيم درويش الذي نُجلّه ونقدره ونوقره يقول لصحيفة الاخبار عن لجنة وضع الدستور: «لجنة العشرة لتعديل الدستور لجنة موظفين، ولا تبشر بدستور يليق بمصر!!».. فيا فقيهنا الدستوري الذي نفتخر به هل هذا وقت «تصغير» حجم لجنة الدستور والتشكيك فيما سيخرجونه لمصر؟ فضيلة الشيخ الجليل يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هل تستطيع أن تصف رئيس الدولة الاخرى التي تحمل جنسيتها او وزير دفاعه بأي من الاوصاف التي وصفت بها رئيس مصر ووزير دفاعه؟.. وهل تستطيع ان تتهم أصغر مسؤول ديني في «دولتك» التي تحمل جنسيتها «بالتواطؤ» وبقية الالفاظ التي وصفت بها فضيلة الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الجامع الأزهر؟.. وهل قناة الجزيرة هي المنبر المناسب لتعلن منه آراءك في مسؤولي بلدك السابق مصر؟ أم أنك ما زلت تحمل الجنسية المصرية بالمخالفة لقانون بلدك الحالي، الذي يمنع ازدواج الجنسية؟ .. وبين هذا وذاك، ووسط اختلاف الآراء، وتباين «الاجندات» ضاعت «بوصلة» المواطن المصري الذي فاجأته الاحداث وبحجم دماء لم يعرفها او يعتد عليها، الا في الحروب على رمال سيناء، وليس في قلب قاهرة المعز وعلى بعد أمتار من الأزهر والحسين والألف مئذنة، ولم يبق لنا سوى الدعاء، وأنقل بعض ما أبكى به الشيخ مشاري العفاسي جموع المصريين المشاركين في صلاة القيام بالكويت: يارب مصر التي أرسلت لها يوسف ليحفظها من السنوات العجاف. يارب مصر التي جعلت منها مارية القبطية زوجة لحبيبك العدنان. يارب مصر التي ارسلت فيها عيسى بإنجيلك عليه السلام. يارب مصر التي ذكرتها في قرآنك ووصفتها بالامن والامان. اللهم بحق كل نبي وضع عليها قدمه، وذكر فيها اسمك، وتلي فيها كتابك، واثنى عليه خيراً، كما اثنى عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ان تحفظ مصر من كل سوء وشر يا ارحم الراحمين. يارب من اراد بأهلها كيدا فعليك به يارب العالمين. يارب لقد عجزت ايدينا عن وجود الحل، ولم تعجز ألسنتنا عن سؤال من بيده النجاة وفيه الرجاء والأمل. يارب لقد عجزت عقولنا عن التفكير، ولم تعجز افئدتنا عن مناجاة من بيده التدبير، يارب، يارب. يارب احفظ مصر، يارب العالمين، وأهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين، واحفظ أهلها وشبابها المسلمين، بحفظك وكنفك يا قدير. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66