وزير التعليم: 87% من طلاب مصر يتعلمون فى التعليم الرسمى العام و13% فى الخاص    رئيس الوزراء يتابع مع وزير قطاع الأعمال العام عددا من ملفات العمل    الصحة العالمية تكشف عن 2.1 مليون شخص فى غزة يواجهون الجوع القاتل بخلاف القنابل    غياب محمد عواد عن مران الزمالك اليوم بسبب آلام الظهر    برشلونة يضم ماركوس راشفورد على سبيل الإعارة حتى 2026    ضبط واقعة التعدي على طليقته ونجلهما حال تواجدهم بأحد الأندية لتنفيذ حكم رؤية بالإسماعيلية    المفرج عنهم يشكرون الرئيس السيسي على لمّ الشمل    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تذبح أهل غزة وعلى العلم التحرك فورا لمنع فظائعها    رئيس "إسكان النواب": تصريحات الرئيس السيسي بشأن الإيجار القديم تؤكد أنه سيصدق على القانون    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    الصين تدعم بقوة عمل اليونسكو    وسط ارتفاع وفيات المجاعة في غزة.. حماس ترد على مقترح وقف إطلاق النار    بالفيديو.. حمزة نمرة يطرح 3 أغنيات من ألبومه الجديد "قرار شخصي"    الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    أحمد سعد يتصدر تريند يوتيوب في مصر والدول العربية بأغاني "بيستهبل"    مدرب خيتافي: كنت أراهن على نجاح إبراهيم عادل في الدوري الإسباني    اقتصادي: الجيش حمى الدولة من الانهيار وبنى أسس التنمية    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    الكنيست يوافق على قرار لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة وغور الأردن    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    على شاطئ البحر.. أحدث ظهور للفنانة بشرى والجمهور يعلق    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 30 متهما في قضايا سرقات بالقاهرة    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"قطر" أشد من القتل
نشر في الوفد يوم 15 - 07 - 2013

فأر مغرور بماله، مستقوياً ب«شلة» ضباع وذئاب، وأسد مريض جريح ينزف دماً من رأسه حتى قدميه، الفأر يريد أن يمتطى ظهر الأسد، ويتحكم فيه وينزع عنه تاج الملك لكى يضعه على رأسه عساه يصبح أى الفأر هو ملك الغابة.
هذا المشهد ليس جزءاً من مسلسل كرتون، ولا مسلسل رمضانى ولا هو فيلم عربى أو هندى وإنما صراع دموى حقيقى تشهده المنطقة العربية حالياً وتحديداً بين مصر وقطر.
أتى على قطر حين من الدهر لم تكن شيئاً مذكوراً.. قبائل رعوية متفرقة تجوب الصحارى بحثاً عن عشب تأكله أغنام هى كل ثروتها ومصدر رزقهم الوحيد، فإذا منعت السماء عنها المطر، أكلوا أغنامهم، وفروا إلى الخليج أملاً أن يجود عليهم الماء المالح ببعض سمكات تحول بينهم وبين الموت جوعاً.
طوال تاريخهم، وحتى 40 عاماً مضت، لم يكن لقطر دور مؤثر أو حتى شبه مؤثر فى أحداث المسرح العربى، ولهذا لم تكن مطمعاً لأحد، ولكن الغزاة الذين أرادوا السيطرة على الخليج العربى، استولوا على المنطقة من أجل بسط النفوذ على طول ساح الخليج العربى وليس من أجل أى شىء آخر.
وعلى مدى تاريخها لم تقاوم قطر محتلاً، ولم ترد لامساً ولا هامساً ولا غازياً، وعندما سقطت فى يد الاحتلال الإنجليزى، لم يفكر أهلها فى الاستقلال حتى أعلنت بريطانيا رسمياً عام 1968 عن نيتها فى الانسحاب من الخليج العربى، وساعتها تاهت قطر ولم يدر القطريون ماذا يفعلون!
ولأنهم كانوا على يقين بأنهم عاجزون عن إقامة دولة بالمعنى الحقيقى، استنجدوا بالجارتين، الإمارات والبحرين، لتشكيل اتحاد بينهم، وبعد 3 أعوام من الاتحاد تجرأت قطر على إعلان استقلالها فى سبتمبر 1971 لتصبح لأول مرة فى التاريخ دولة ذات سيادة.
إذن قطر كدولة عمرها 42 عاماً أى أنها فى عمر الفنان المصرى أحمد السقا، والفنان أحمد عز، والمطربة الشعبية أمينة.
ومعنى هذا أيضاً أن الإعلامى أحمد المسلمانى، المتحدث باسم رئاسة مصر حالياً، عمره يزيد على عمر دولة قطر بعام كامل مواليد 1970 ويكبر قطر بعام أيضاً الفنانات منال سلامة، وداليا البحيرى وهند عاكف والمخرجة الشابة ساندرا نشأت.
ويكبر قطر بعامين كاملين الفنان الكوميدى أحمد حلمى ونجم الأهلى السابق هانى رمزى، بينما يكبرها بثلاث سنوات الفنانات شيرين رضا ووفاء عامر ونشوى مصطفى وعبير الشرقاوى.
محدثو نعمة
فى سنوات الأولى كانت قطر واحدة من أفقر دول العالم، ولكن حدثاً هائلاً شهدته مصر كان سبباً مباشراً فى نقل قطر من أوحال الفقر وذل الحاجة إلى عالم الثراء الخيالى، ولم يكن هذا الحدث سوى انتصار أكتوبر 1973، وهو النصر الذى قفز بأسعار البترول إلى مستويات غير مسبوقة ومن هنا عرفت قطر طريق الثراء.
والآن صارت قطر على قمة الثراء العالمى بفضل ما تمتلكه من بترول فلديها احتياطى يبلغ 25 مليار برميل ولديها أكبر احتياطيات غاز طبيعى.
وبفضل البترول والغاز الطبيعى حققت قطر نمواً اقتصادياً متميزاً، ووصل الناتج المحلى القطرى 155 مليار دولار عام 2010 وارتفع إلى 177٫8 مليار دولار عام 2011 وإلى 189 مليار دولار عام 2012.
كما قفز نصيب كل قطرى فى الناتج المحلى من 88 ألف دولار عام 2010 إلى 102٫9 ألف دولار عام 2011 حوالى 720 ألف جنيه أى أن متوسط دخل كل قطرى شهرياً يبلغ 60 ألف جنيه.
معدلات النمو فى قطر أيضاً تكاد تكون الأولى على مستوى العالم فوصلت إلى 6٫3٪ عام 2012 بينما كانت 14٫6 عام 2011 و16٫7٪ عام 2010.
هذه الثروات الخيالية يتمتع بها مليون و700 ألف قطرى هم كل شعب دولة قطر التى تبلغ مساحتها 11 ألفاً و521 كيلومتراً مربعاً فقط، وهى مساحة تقل عن نصف مساحة محافظة أسيوط فى مصر فى حين أن محافظة مطروح تعادل مساحة قطر 20 مرة أما الوداى الجديد فتعادل مساحة قطر 35 مرة.
ومن حيث السكان، فإن سكان محافظة دمياط وحدها يعادلون سكان قطر كلها، بينما يزيد عدد سكان قنا على ضعف سكان قطر أما سكان الدقهلية فيعادلون 4 أمثال الشعب القطرى وفى القاهرة يعيش مصريون أعدادهم تزيد على 7 أمثال الشعب القطرى.
علاقات حميمة
أغرب ما فى السيرة القطرية، إذا جاز التعبير، هو تقاربها الغريب مع أمريكا وعلاقتها الحميمة المريبة مع إسرائيل، فحسب الكاتب الأمريكى وليم أركن تستضيف قطر أهم بنية تحتية عسكرية أمريكية فى الشرق الأوسط، وفيها المقر الميدانى للقيادة العسكرية المركزية للمنطقة الوسطى من العالم الممتدة من آسيا الوسطى وحتى القرن الأفريقى.
وانتقلت القيادة الجوية للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية من السعودية إلى قطر ما بين عامى 2002/2003، ومقرها قاعدة العديد وأنفقت قطر ما يزيد على 400 مليون دولار لتحديث القاعدة الأمريكية مقابل الحماية العسكرية الأمريكية.
وفى قطر أيضاً، مجمع يضم 27 مبنى لتخزين الآليات والمعدات والأسلحة الأمريكية.
وفى السيلية بقطر، يوجد المقر الميدانى للقوات الخاصة التابعة للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية، وهناك أيضاً نقطة تخزين ذخيرة أمريكية فى قاعدة فالكون بمنطقة «صلبة» القطرية، ومحطة أمريكية للدعم اللوجستى فى منطقة أم سعيد القطرية، فضلاً عن وجود عسكرى أمريكى ضخم فى مطار الدوحة الدولى.
ولم تكتف قطر بأن تتحول إلى أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، بل ألقت بنفسها فى أحضان إسرائيل، ففى عام 1996 أنشأت علاقات تجارية مع تل أبيب واستقبل قادتها مسئولين إسرائيليين كبار فى مقدمتهم شيمون بيريز، رئيس إسرائيل الحالى، وتسيبى ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة.
فعلت قطر كل هذا مع إسرائيل رغم أنه لا يوجد حدود جوار معها، ولا توجد حروب سابقة بينهما!
ووصل الأمر لدرجة أن قطر عرضت على إسرائيل عام 2010 إعادة البعثة الإسرائيلية فى الدوحة مقابل أن تصدر إسرائيل بياناً تعبر فيه عن تقديرها لدور قطر والاعتراف بمكانتها فى الشرق الأوسط، والمفاجأة أن إسرائيل رفضت.
والغريب أن يحدث التقارب القطرى الإسرائيلى، رغم أن قطر سبق أن أدانت مصر وأوقفت التعامل معها بعد أن وقع السادات على معاهدة السلام!
علاقات المد والجزر
ظلت العلاقات متجمدة بين القاهرة والدوحة حتى عام 1987 عندما استأنفت مصر وقطر العلاقات الدبلوماسية، وطوال سنوات حكم الشيخ خليفة آل ثان كانت العلاقات بين الدولتين دافئة واستمرت على حالها بعد ما أطاح الشيخ حمد بوالده الشيخ خليفة وتولى الإمارة بدلاً منه، وتم توقيع العديد من اتفاقيات التبادل التجارى والاقتصادى بين الدولتين، واتسمت العلاقة بين الدوحة والقاهرة بالنمو والازدهار فى جميع المجالات حتى فى المجال السياسى.
ومع مطلع عام 2001 دخلت العلاقات المصرية القطرية زمن الخريف وبدأت تتوتر ووصلت درجة تجميد العلاقات والزيارات بين البلدين، وكانت البداية عقب الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث دعم أمير قطر حركة حماس التى كانت على علاقة متوترة مع نظام مبارك.
وفتحت الدوحة أبوابها لمعارضى نظام مبارك وعلى رأسهم الدكتور سعد الدين إبراهيم والشيخ يوسف القرضاوى وفتحت قطر قناة الجزيرة لكل معارضى مبارك لكى يصبوا هجومهم على مبارك وأسرته وسياساته.
وركزت قطر جهودها لكى تلعب دوراً فى قضايا إقليمية ترعاها القاهرة خاصة ملفى السودان وفلسطين، كما كثفت الدوحة نشاطها للتقارب مع النظام الإيرانى الذى كان يحمل عداء تاريخياً لنظام حكم مبارك.
وكشفت إحدى وثائق ويكيليكس الصادرة من السفارة الأمريكية فى الدوحة عام 2010 أن نظام مبارك تعهد على لسان وزير خارجية أحمد أبوالغيط بإفشال أى بادرة سياسية يقوم بها القطريون حتى ولو كانت تصب فى خدمة مصالح مصر.
ونقلت الوثيقة أن أدهم نجيب نائب السفير المصرى فى الدوحة أبلغ رئيس مكتب الشئون السياسية والاقتصادية بأن مصر عازمة على إحباط كل مبادرة فردية تتقدم بها قطر خلال فترة رئاستها لجامعة الدول العربية.
وروى نجيب أن وزير الخارجية المصرى استدعاه عندما كان فى زيارة للقاهرة وتوجه «نجيب» إلى مكتب وزير الخارجية آنذاك كما تقول الوثائق، وجده الوزير يمارس التمرينات على دراجته الرياضية وطلب وزير الخارجية من نجيب أن يعرض تقييمه للعلاقات الثنائية مع قطر فقال إنها فظيعة واقترح البحث عن سبل يمكن من خلالها لمصر وقطر أن يحسنا علاقتهما.
وتقول الوثائق: دون أن يوقف أبوالغيط جلسته الرياضية تحدث أبوالغيط بنبرة أعلى، وأشار إلى القطريين بقولهم «أمهاتهم وأباؤهم وأمهات أمهاتهم وآباء آبائهم»، وواصل: من أجل كرامة مصر ورفعة مكانتها، فإن حكومتها لن تتخذ أى إجراء لتصحيح العلاقة مع قطر. على العكس من ذلك فإن وزير الخارجية المصرى قال ثائراً إن القاهرة ستعمل على إحباط أى مبادرة فردية تحاول الدوحة طرحها على الجامعة العربية.
وأضاف: الرئيس مبارك سيصدر ملاحظات صارمة خلال خطاب للجمهور سيشير فيه إلى الدولة الصغيرة حديثة النعمة (يقصد قطر) التى تدعى أنها ستأخذ مكانة مصر العظيمة والنبيلة.
ولم يقتصرالعداء بين مصر وقطر على المستوى الرسمى بل امتد إلى أسرتى حاكمى البلدين، فكان العداء بين سوزان مبارك والشيخة موزة زوجة أمير قطر السابق، حديث كل الأوساط ويبدو أن «موزة» نجحت فى استفزاز سوزان بشكل كبير لدرجة أنها لم تعد تطيق سماع اسمها وتردد أنها كلما كانت تسمع اسم الشيخة موزة تعلق قائلة: بلا موزة بلا برتقالة.
وردت الشيخة موزة على سوزان مبارك باستقطاب عدد غير قليل من المثقفين المصريين ونشطاء حقوق الإنسان وأغدقت عليهم بالهدايا والمنح المالية لاستمالتهم إليها وهو ما حدث بالفعل.
وفى المقابل، كشفت وثائق نشرها موقع ويكليكس أن لقاء جمع بين الشيخ حمد بن جاسم، وزير الخارجية القطرى، ومسئول إسرائيلى وكشف فيه الشيخ جاسم أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف وأن الجزيرة ستلعب الدور المحورى لتنفيذ هذه الخطة.
وقال موقع ويكيليكس إن لديه 7 وثائق عن قطر نشر منها 5 وثائق وتستر على وثيقتين بعد تفاوض قطر مع إدارة الموقع عارضة مبالغ ضخمة حتى لا يتم نشر الوثيقتين لما تحتويه من معلومات خطيرة عن لقاءات مع مسئولين إسرائيليين وأمريكان وأن هذه اللقاءات كلها للتحريض ضد مصر.
وقالت إحدى الوثائق إن الشيخ حمد بن جاسم وصف مصر بالطبيب الذى لديه مريض واحد ويجب أن يستمر مرضه، وقال إن المريض هذا هو القضية الفلسطينية فى إشارة منه إلى أن مصر تريد إطالة أمد القضية الفلسطينية دون حل.
وكان طبيعياً والحال هكذا أن تفتح قناة الجزيرة شاشتها لكل من يعارض مبارك فى الداخل والخارج، وعندما اندلعت ثورة 25 يناير خصصت القناة شاشتها لمتابعة فعاليات الثورة لفضح أى اعتداء يتعرض له الثوار.
تقارب حكومى ونفور شعبى
وبمجرد سقوط نظام مبارك، سارع أمير قطر بزيارة مصر فى مايو 2011 والتقى بالمشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة آنذاك وأعلن عن سحب قطر لمرشحها لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية حتى تحتفظ مصر بهذا المنصب.
ولكن التطور الحقيقى فى العلاقات الرسمية القطرية مع مصر بدأ مع تولى د. محمد مرسى رئاسة مصر فى يونيو 2012، فعقب شهر من تولى مرسى الحكم زار الأمير القطرى مصر وعقد مع مرسى قمة ثنائية لبحث تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادى، وتكررت لقاءات القمة بين البلدين 3 مرات فى عام واحد ومنحت الدوحة مصر 5 مليارات دولار منها 4 مليارات دولار وديعة فى البنك المركزى ووعدت قطر باستثمارات قيمتها 18 مليار دولار حتى عام 2017.
والغريب أنه رغم التقارب الحكومى بين مصر وقطر إلا أن غالبية الشعب كان يحمل نفوراً وغضباً من قطر خاصة بعدما تسربت معلومات تؤكد أن قطر تريد استئجار مناطق أثرية فى مصر لمدة 100 عام على رأسها منطقة الأهرامات، كما أكدت تسريبات أخرى أن قطر تريد الاستيلاء على منطقة قناة السويس وأن «مرسى» يرحب بهذا الاستيلاء مقابل بضع مليارات من الدولارات تسددها قطر للحكومة المصرية.
وكشف استطلاع أجراه مركز «ابن خلدون» قبل شهور قليلة من عزل محمد مرسى أن أغلب المصريين لديهم قناعات كاملة بأن قطر تعبث فى الشأن المصرى، قال 65٪ ممن شملهم الاستطلاع إن قطر تتدخل بشكل سافر فى الشأن المصرى، بينما أكد 76٪ أن الحكومة القطرية تنحاز لفريق سياسى فى مصر دون غيره «الإخوان» وقال 74٪ أن تدخلات قطر فى مصر خطر على الأمن القومى.
وبعد عزل د. محمد مرسى بقرار شعبى مصرى دخلت العلاقة بين مصر وقطر مرحلة جديدة خاصة أن قطر ذاتها شهدت تغييراً كبيراً بتنازل الشيخ حمد بن خليفة عن إمارة قطر لنجله الشيخ تميم والمفاجأة أن خبراء فى الشئون الدولية أكدوا ل«الوفد» أن قطر ستواصل نفس العبث فى الشأن المصرى رغم سقوط «مرسى» فى مصر، ورغم انتقال الإمارة فى قطر من حمد إلى تميم.
ويعتبر الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن التغيير الذى شهدته قطر مؤخراً لم يكن سوى تنفيذ لقرار أمريكى، ويقول: أمريكا أرادت أن تبعث برسالة إلى حكام الخليج العربى بضرورة حدوث تغيير فى القيادات الحاكمة ومن أجل إرسال هذه الرسالة طلبت من حمد أن يتنازل عن الإمارة لابنه تميم.
ويضيف: التنازل عن الإمارة فى قطر يعنى أن أمريكا بدأت تتبنى سياسة جديدة فى الشرق الأوسط ولهذا لم تساند د. محمد مرسى فى مصر، لأنها اعتبرت «مرسى» والإخوان مرحلة وانتهت وفى المرحلة الجديدة تهدف واشنطن إلى إعادة تركيع مصر، فالفريق أول عبدالفتاح السيسى انحاز للشعب الذى خرج بالملايين طالباً رحيل محمد مرسى وهذا الانحياز تم من منطلق مصرى ووطنى وهو ما أغضب الإدارة الأمريكية التى كانت تريد أن يستشيرها السيسى أولاً قبل أن يتخذ قراره، والآن أمريكا تخشى أن تخرج مصر من عباءتها وتكسر الطوق الأمريكى الذى يلف معصمها منذ سنوات طويلة ولهذا تحاول واشنطن استعادة مصر إلى حظيرتها، وهذه الاستعادة يلزمها حسب واشنطن إجهاض الثورة المصرية وعملية الإجهاض هذه أوكلتها أمريكا لقطر، والسلاح الأكبر فى يد الدوحة لكى تحقق هذا الأمر هو قناة الجزيرة التى تسعى إلى إثارة الفزع وتلفيق الاتهامات الكاذبة للثورة المصرية وللثوار الشرفاء تنفيذاً لتعليمات واشنطن.
وفى الاتجاه ذاته، يؤكد المستشار حسن عمر، خبير الشئون الدولية، أن المؤشرات الأولية وإن كانت توحى بأن السياسة القطرية فى عهد تميم ستختلف عما كانت عليه فى عهد حمد ولكن التغيير لن يكون كبيراً، وقال: قطر فى عهد «تميم» ستختلف عن قطر فى عهد حمد، بدليل أن أول قرارات «تميم» استبعاد الشيخ يوسف القرضاوى من قطر وهو الشيخ الذى كان يحظى برعاية وعناية «حمد» لسنوات طويلة إذن هناك تغيير سيحدث فى الشأن القطرى ذاته.
وأضاف: ولكن هذا التغيير لن يغير من حجر الزاوية فى السياسة القطرية وهو أن قطر تأتمر بأوامر واشنطن وأنها تحت السيطرة والهيمنة الأمريكية الكاملة وبالتالى ستظل قطر تنفذ أوامر أمريكا فيما يتعلق بمصر، وأمريكا الأم يهمها فى المقام الأول أن تقنع حكام مصر الجدد أن بقاءهم فى مناصبهم أو عزلهم رهن بإشارة أمريكية، وهذا الأمر اقتنع به تماماً د.محمد مرسى ولهذا راح ينفذ لأمريكا كل طلباتها فارتكب خطأ كبيراً حينما استغنى بأمريكا عن رضا الشعب المصرى فكان جزاؤه العزل.
وواصل: والآن تريد واشنطن أن تقنع من يتولون مصر حالياً أن الحكم سيظل مرتعشاً ومذبذباً حتى ترضى عنهم أمريكا وعندها سيستقر لهم الحال، وهذا بالضبط ما تسعى قطر لتحقيقه من خلال قناة الجزيرة والأموال القطرية.
ويشير د. السيد عوض عثمان، خبير الشئون العربية إلى أن قطر تهدف إلى التأثير فى صانع القرار المصرى لصالح أمريكا والكيان الصهيونى.
ويقول: رغم التغييرات التى شهدتها مصر وقطر مؤخراً إلا أن قطر ستستمر فى خدمة أمريكا وإسرائيل وربما ستغير جزئياً وسياستها فتوقف من العداء السافر والمكشوف لإرادة شعب مصر وتخفف من دفاعها عن الإخوان ولكنها فى الوقت ذاته ستواصل تنفيذ الأجندة الأمريكية من خلال 3 وسائل أولها قناة الجزيرة ثم الدعم المالى لجماعات وتيارات سياسية فى مصر وأخيراً العمل المخابراتى لاختراق كيانات وتيارات سياسية ودينية.
الواقع يقول إن التنسيق الأمريكى القطرى بشأن مصر لم يعد سراً بدليل أن الإدارة الأمريكية نفسها أعلنت يوم الأربعاء الماضى أن أوباما رئيس أمريكا اتصل بتميم أمير قطر وأكدا أن قطر والولايات المتحدة ستستمران فى المشاركة فى نشاط جميع الأطراف فى مصر وأن أمريكا تتطلع للعمل مع قطر بشكل وثيق.
أما ما يكشف عما يمكن أن تدفعه قطر لمنفذى سياستها فى مصر فيكفى الإشارة إلى وثيقة تم العثور عليها داخل مقر جماعة الإخوان بالمقطم، وحملت عنوان كشوف العطايا والهبات المقدمة من الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى، رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق، وحسب الوثيقة التى لم ينفها أحد حتى كتابة هذه السطور فإن رئيس وزراء قطر منح سياسيين كبار فى مصر مئات الآلاف من الدولارات.. لماذا؟.. الله أعلم، ومن بين الأسماء التى تضمنها الوثيقة د. عبدالرحمن البر، مفتى جماعة الإخوان، وحصل على 750 ألف دولار وإلى جانب المبلغ وقع توقيع باسم الدكتور البر، الحال نفسه تكرر مع الدكتور عصام العريان، القيادى الإخوانى المعروف، حصل طبقاً للوثيقة على 850 ألف دولار وحصل د. محمد البلتاجى على مبلغ مساوٍ، أما أسامة ياسين، وزير الشباب، فى حكومة «قنديل» فحصل على 600 ألف دولار وحصل صبحى صالح، القيادى الإخوانى المعروف، على مبلغ مساوٍ بينما حصلت عزة الجرف «أم أيمن» على 250 ألف دولار ويحيى حامد، وزير الاستثمار، فى حكومة «قنديل» حصل على 600 ألف دولار حسبما جاء فى الوثيقة وحصل صلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام، على المبلغ ذاته.
والكارثة أن الكشف مكتوب أعلاه عطايا مارس 2013، فمن يا ترى حصل على عطايا «حمد» فى فبراير ويناير وكل شهور العام الماضى؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.