برنامج تدريبي لتأهيل وكلاء الكليات ورؤساء الأقسام العلمية ب جامعة كفر الشيخ    خلال لقائه البابا تواضروس.. الرئيس اللبناني: مصر بكل ما فيها قريبة من قلب شعبنا    محافظ قنا ومساعد وزير التنمية المحلية ووفد البنك الدولي يتفقدون تكتل النباتات الطبية والعطرية بقفط    «قطرة في محيط»: الأمم المتحدة عن دخول 9 شاحنات مساعدات إلى غزة    وزير الخارجية الباكستاني يزور الصين بدعوة من الحزب الشيوعي    الرئيس الفلسطيني يزور لبنان الأربعاء ويلتقي نظيره جوزيف عون    جدول ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة ليفربول وبرايتون اليوم.. مركز محمد صلاح    أزمة بين عبدالله السعيد وعضو مجلس الزمالك.. وتدخل من الجنايني (خاص)    بعد واقعة «سرقة أموال الميراث».. تعرف على شجرة عائلة الدكتورة نوال الدجوي    إزالة 230 حالة إشغال وتعدٍ ب السوق التجارية في إدفو ب أسوان    «شعر أبيض وملابس منزلية».. هل احتفل الزعيم عادل إمام بعيد ميلاده ال85؟    وزير الشئون النيابية: «سلماوي» لديه قدرة كبيرة من التوفيق بين الآراء المتعارضة    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها العذر الشرعي أثناء أداء مناسك الحج؟.. الإفتاء ترد    وزير الصحة يؤكد التزام دول إقليم شرق المتوسط بالمشاركة الفعالة نحو عالم أكثر أمانًا صحيًا    أول صورة لجو بايدن مع زوجته بعد إعلان إصابته بالسرطان    الرئيس اللبنانى يغادر القاهرة عقب لقاء السيسي والطيب وتواضروس    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    ب"طعنة في القلب".. إعدام قهوجي قتل شابًا أمام مقهى بالجيزة    أسما أبو اليزيد ل الفجر الفني:" شخصيتي في مملكة الحرير مختلفة وكريم محمود عبدالعزيز طاقة إيجابيه"    حقيقة انتشار فيروس خطير في مزارع الدواجن.. فيديو    شعبة مستحضرات التجميل تدعو لاجتماع لمناقشة تحديات المصانع غير المرخصة    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    خالد الجندي: الحجاب فرض على المرأة بنص القرآن الكريم والسنة النبوية    عرض الوصل يضيء خشبة مسرح قصر ثقافة الزعيم بأسيوط حتى الخميس المقبل    "منتصف النهار" يسلط الضوء على هدنة ال60 يوما بغزة وقمة مصر ولبنان بالقاهرة    ب 157.1 مليون جنيه.. مصر على قمة شباك تذاكر السينما في السعودية (تفاصيل)    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    العثور على 5 جثث أثناء تنقيبهم عن الذهب في منطقة العلاقي الجبلية بأسوان    إصابة صاحب فرن بطعنة نافذة في مشاجرة على الخبز    رسوم ترامب الجمركية تلقي بظلال سلبية على توقعات نمو الاقتصاد الأوروبي    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يطلق خطة تحويل «القاهرة» إلى مدينة خضراء    الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين    على نفقته الخاصة.. الملك سلمان يوجه باستضافة 1000 حاج وحاجة من الفلسطينيين    وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطوير خطوط الإنتاج العسكرية والمدنية    الكاتب الصحفي كامل كامل: تقسيم الدوائر الانتخابية يضمن العدالة السياسية للناخب والمرشح    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    الإسراع بتعظيم الإنتاجية.. وزارة البترول تكشف معدلات إنتاج حقول بدر الدين    قتلى وجرحى بانفجار في جنوب غرب باكستان    وزارة الصحة تدعم مستشفى إدكو المركزي بمنظار للجهاز الهضمي    السعودية: إطلاق المعرض التفاعلي للتوعية بالأمن السيبراني لضيوف الرحمن    «لا نقاب في الحرم المكي».. عضو مركز الأزهر توضح ضوابط لبس المرأة في الحج    مانشستر يونايتد يقترب من الإعلان عن أولى صفقاته الصيفية    روسيا تحظر منظمة العفو الدولية وتصنفها" منظمة غير مرغوب فيها"    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    تعرف على طقس مطروح اليوم الاثنين 19 مايو 2025    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    ضبط 60 ألف لتر سولار وبنزين قبل بيعها فى السوق السوداء بالبحيرة    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    شيرينجهام: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوفد" تنفرد بأول حوار مع صفوت العالم وزير الإعلام الجديد
الإعلام ضحية ضعف القرار السياسى
نشر في الوفد يوم 14 - 07 - 2013

فى وقت عاش فيه الصحفيون والإعلاميون والمثقفون يحلمون بنسيم الحرية فى الرأى والتعبير كانت ممارسات الأنظمة السياسية الحاكمة ظالمة قاسية ضد تلك الحريات، وعندما تنسم الإعلام هذه الحرية فى أواخر عهد المخلوع مبارك كانت حرية منقوصة تتعامل بمبدأ:
قولوا ما تشاءون وسنفعل ما نريد ولم يكن بالتالى للإعلام أى تأثير، وبعد ثورة 25 يناير دخل الإعلام فى نفق السياسة المظلم وأصبح بسبب السياسة فى مأزق لم يستطع حتى الآن الخروج منه وأصبح متهماً بتأجيج الأحداث فى البلاد والعمالة والحصول على تمويل خارجى ونشر الفتن وقلب نظام الحكم وأصبح الإعلام هو الوجه الآخر للسياسة.
وزير الإعلام الجديد الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بإعلام القاهرة ورئيس لجنة تقييم الأداء الإعلامى فى مصر هو نموذج متميز لأستاذ الإعلام الذى غالباً ما يمشى على الأشواك فى أوقات يتباين فيها المشهد الإعلامى ويرتبك ولكنه قادر دائماً على تقييم هذا الأداء ووضع الحلول والسبل للخروج من هذا المأزق الذى أصبح يعيشه الإعلاميون.. فى حواره مع «الوفد».
كشف وزير الإعلام الجديد عن أن الإعلام هو ضحية ضعف القرار السياسى وتأخره وارتباكه بعد ثورة يناير وضحية للخطاب الإعلامى الرئاسى المرتجل الذى لا يتناسب وهيبة وهيئة الرئاسة.. آراء وأطروحات وحلول فى حوار «العالم» مع «الوفد»..
فى البداية ما رؤيتكم للمشهد السياسى فى مصر بعد ثورة 30 يوليو؟
- لا شك أننا نعيش مرحلة تحول، هذه المرحلة تتسم بالدقة، ومن الضرورى أن نتكاتف لنمر بها مروراً سليماً، وحتى يمكن أن نتجاوزها أعتقد أننا بحاجة لأن نتعلم من دروس الماضى القريب ونستفيد من أخطائنا وألا نقصى أى طرف أو فصيل أو اتجاه سياسى من المشهد، لأن الوطن ملك للجميع وحقوق المواطن يجب أن تكون مكفولة لكل اتجاه سياسى أو كل فصيل، وما كنا نشكو منه بالأمس القريب يجب ألا نمارسه اليوم، وبالتالى لابد من الاستفادة من كل الكفاءات والخبرات المتنوعة التى ينعم بها هذا الوطن من كوادر متخصصة فى جميع مجالات الحياة المتخصصة.
وما تأثير هذا على المشهد الإعلامى الآن؟
- المشهد يتسم بالارتباك ويعانى بعض حالات الشطط فى الحرية تأثراً للتغيرات المتلاحقة للنظام السياسى، ويبتعد فى كثير من الأحيان عن الممارسات المهنية، وبالتالى أنا أرى أن القضية الأهم التى يمكن أن ترتبط بالمشهد الإعلامى ولابد من حسمها، هى ضرورة تحديد العلاقة بين النظام السياسى ومؤسسات الإعلام فى مصر، لأنه فى كثير من الأحيان يرتبط الإعلام بالنظام السياسى، وبالتالى يعكس اهتماماته ويبرز أولوياته، وينفصل الإعلام بوسائله وأساليبه عن حقوق التثقيف والتنوير والوعى التى يجب أن يمارسها فى علاقته بالرأى العام، وبالتالى تحديد هذه العلاقة يعتبر نقطة فاصلة فى تحديد مدى الاستفادة من الإعلام ومدى إمكانية تطوير الأداء الإعلامى فى المرحلة المقبلة.
الخطاب الإعلامى متهم منذ ثورة 25 يناير بأنه بسبب الأزمات التى تمر بها مصر.. فما ردكم؟
- لكى نوضح كيف وصل الخطاب الإعلامى إلى هذه المرحلة لابد أن نعلم أن الأداء الإعلامى فى فترة فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك كانت هناك حريات وآليات عديدة للنقد، ومحاولة تعديل كثير من القرارات والسياسات، وكان النظام السياسى يستفيد من الحريات الظاهرية التى كان يعطيها للإعلام والإعلاميين والصحفيين ويستخدمها كأحد الأدلة والشواهد، التى تؤكد أن مصر تعيش عصراً يتسم بالحرية والديمقراطية، وفى هذا السياق كانت هناك مقولة شهيرة يمكن أن تقال بين السياسيين والإعلاميين وقولوا ما تشاءون فقد أعطيناكم الحق فى حرية الرأى والتعبير ولكننا نحن كسياسيين سنفعل ما نريد!!
خلاصة القول: إنه لم يكن هناك أى تأثير للإعلام فى تغيير القرارات أو تحديد السياسات التى يستهدفها النظام فى كثير من الممارسات السياسية والاقتصادية.
معنى ذلك أن الثورة هى التى أعطت للإعلام هذا التأثير فى السياسة؟
- بعد ثورة يناير التى أطاحت بمبارك ارتبك الأداء الإعلامى ارتباكاً شديداً فى المراحل الأولى للنظام وحدت هناك حالة من الشطط والانفلات فى حرية الإعلام نتيجة إعادة تغيير أولويات المصالح والاهتمام لدى النظام السياسى وأيضاً كانت هناك بعض الممارسات من الإعلاميين كانت تحتاج إلى تقنين للأداء خاصة وأن هذه الفترة صاحبتها 3 انتخابات متتالية واتسمت فى كثير من الأحيان الممارسات الإعلامية بعدم المهنية والمبالغة، وأيضاً، ونتيجة لغياب القرار السياسى فى الفترة التى حكم فيها المجلس العسكرى أو تأخره، لم يجد الناس بديلاً لحل الأزمات إلا ما يمكن أن يكتب فى الصحف أو يبث ويذاع ويقرأ حول هذه الأزمات من وسائل الإعلام ومن هنا ظهر ما يسميه بعض السياسيين بالانفلات الإعلامى ولكنه لم يكن انفلاتاً بقدر ما كان كاشفاً لغياب السياسيين أو بالأحرى المجلس العسكرى عن اتخاذ القرارات وبالتالى أصبح الإعلام هو الآلية الوحيدة لنقل وكشف التظاهرات والفعاليات والأنشطة السياسية وأصبح لدينا نوع من لو صح التعبير «أعلمة السياسة» فلم تكن هناك سياسة حقيقية ولكن هناك وسائل إعلام أو قرارات جادة فى مراحل بناء الوطن ولكن هناك إعلام يبرز النشاط السياسى ولطالما أن الجمهور شاهد السياسيين يتخذون قرارات ويجتمعون فى هذه الاجتماعات فصار وكأنهم يمارسون العمل السياسى فى هذا الوطن.
ونتيجة غياب الإعلاميين عن معالجة الأزمات والاضطرابات اتهم الجميع الإعلام والإعلاميين بأنهم يستفيدون من الوضع القائم ولا يساعدون فى حل الأزمات.
وماذا عن فترة الرئيس المعزول مرسى إلى أين وصل فيها الخطاب الإعلامى؟
- فى المرحلة الأولى من فترة مرسى كان هناك استبشار من الجميع بأننا سنعيش فترة سياسية مختلفة نتيجة تجربة الانتخابات التى مررنا بها وبعد فترة وجيزة من حكمه وبغض النظر عن نوعية الخطاب السياسى للرئيس، اتخذ الرئيس خطوة أعتقد أنها كانت فارقة فى طبيعة العلاقة بين الإعلام والعمل السياسى فى مصر وهى خطوة الإسراع فى إطلاق الإعلان الدستورى والإسراع فى اعتماد الدستور وطرحه للاستفتاء العام قبل أن يتم التوافق عليه، وكانت هذه الخطوة بداية لانقسام المجتمع إلى مؤيدين للدستور من أجل أن تدور عجلة الوطن وهم من الإسلاميين الذين يؤيدون ما يسمى بالمشروع الإسلامى، وقطاع آخر كبير من المعارضين لهذا الأسلوب فى عرض الدستور، فضلاً عن مواد الدستور وانعكس هذا الانقسام بشكل حاد فى وسائل الإعلام وانعكس أكثر فى درجة وحدة التأييد أو المعارضة لقرارات وسياسات الرئيس وانعكس أكثر نتيجة طبيعة وحدود الخطاب السياسى للرئيس الذى يتسم بالارتجال والافتقار والانتقاد إلى ما يسمى بهيئة وهيبة الرئاسة وتعاظم هذا الانقسام مع وجود العديد من الممارسات من أهمها:
- توجيه الاتهامات لوسائل الإعلام والإعلاميين بأنهم يتلقون أموالاً مشبوهة.
- تعرض العديد من الإعلاميين والصحفيين للمساءلات القضائية وتحقيقات النيابة رغم التراجع بعد ذلك، وإذا كنا نتراجع فلماذا فعلنا ذلك من الأساس؟!
- برور حدة الانتقادات للإعلام فى الخطاب الإعلامى الخاص للرئيس وفى خطابات وزير الإعلام وهى أمور حتى الآن لم يتم تقديم الدليل عليها.
- أيضاً ظهور العديد من الظواهر الإعلامية التى استفادت من الواقع السياسى المعاش، فأصبح لدينا المذيع «الناشط السياسى» و«الضيف المنفلت» و«المداخلات التليفونية المصنوعة»، مقدمات البرامج الدعائية توظيف الرسائل sms والمكالمات التليفونية فى الحصول على تأييد ظاهرى من الجماهير وتعاظمت حدة الخطاب السياسى فى القنوات الدينية فوجدنا مثلاً من قسّم المجتمع إلى مسلمين ومسيحيين من أجل نجاح المشروع الإسلامى ومن يصف مذيعاً فى قناة أخرى بأنه مسيحى أشر، وبعض أشكال من الخطاب الدينى الذى مثله «عبدالله بدر» و«محمود شعبان» فى إطار ثقافة «هاتوا لى راجل» وتوجيه الانتقادات غير الملائمة للفن والفنانين والأطر الثقافية التى قام على أساسها المجتمع المصرى واستمرت حدة الصراع بين الطرفين فى وسائل الإعلام وظهرت الكثير من الأزمات التى عكست ممارسات غير مهنية فى وسائل الإعلام نتيجة أخطاء فى القرار السياسى مثلاً أزمة النائب العام نتيجة الخطأ أو العناد فى القرار السياسى تظهر جلية فى وسائل الإعلام بعد الحكم الذى صدر للنائب عبدالمجيد محمود بأن هذا الحكم حكماً قضائياً باتاً ومستشار آخر يقول: إن هذا الحكم ليس بات ويمكن الطعن عليه ويتصل مستشار ثالث فيقول: إنه يجب على النائب العام الحالى أن يتحمل مسئولية الأحكام التى يصدرها فى هذه القضايا وتشتت الجمهور واتهم الإعلام بأنه سبب لهذه المفارقات ولكن السبب الحقيقى كان فى العناد المصاحب للقرارات السياسية وعدم تنفيذ الأحكام القضائية، مثال آخر هو تشكيل حكومة قنديل التى لم تقدم أى برنامج أو رؤية فى حل مشكلاتنا الاقتصادية وحل أزمات الكهرباء والسولار وارتفاع الأسعار وغيرها ورغم ذلك إذا تناولها الإعلام يتهم بأنه يؤجج الجماهير ضد القيادة والحكومة وإذا تجاهلها سيصبح فاقداً لدوره ومهامه أمام الرأى العام فماذا كان المطلوب أمام هذه الحكومة الضعيفة؟! إذن فكثير من الأخطاء التى اتهم فيها الإعلام كانت فى الأساس أخطاء فى الممارسة السياسية وغياب وتأخر القرار السياسى.
وهل غيرت 30 يونيو هذا المشهد الإعلامى؟
- للأسف المشهد الآن يعانى العديد من الأزمات الخطيرة:
- الأزمة الأولى تتمثل فى صورة مصر فى كثير من المجتمعات الخارجية وهى صورة وصلت للخارج بشكل معوج يتمثل فى أن ما حدث هو انقلاب عسكرى وزادت حدة هذه الصورة مع أحداث الحرس الجمهورى وافتقاد الرأى العام الخارجى الصورة الدقيقة لما حدث.
- الأزمة الثانية هى إغلاق العديد من القنوات التى ترتبط بالاتجاه الدينى أو الإسلامى وأعتقد أن هذا إجراء احترازى ليس إلا وأتمنى أن تعود هذه القنوات بعد أسابيع قليلة تدعيماً لحرية الرأى والتعبير وحق الجميع فى الإعلام الحر الذى يعبر عن جميع الاتجاهات السياسية.
- الأزمة الثالثة وأعتقد أنها أخطر مشكلة أننى ألمح العديد من الممارسات التى تعظم من حدة الانتقادات إلى صورة السياسى المسلم بهيئته الشكلية وممارساته اللفظية سواء فى الأعمال الإعلامية والبرامجية والفنية، ومثل هذه الممارسات ستزيدالحدة والانقسام داخل المجتمع وستساهم فى تعميق الفجوة بين فئات المجتمع وهو أمر لا يتلائم مع الأدوار والوظائف التى يجب أن يسعى إليها الإعلام.
تحدثت عن الخطاب الرئاسى فى كلماتك السابقة.. فهل لهذا الخطاب تأثير على المشهد؟
- الحقيقة كانت هناك العديد من الملاحظات على الخطاب الإعلامى الرئاسى الذى يشبه إلى حد كبير معظم الخطاب الإعلامى للمنتمين للتيار الإسلامى، ولكن الفارق هنا أن هذا خطاب رئاسى كان لابد أن يتسم وهيبة هذه المكانة ولكن للأسف لم يكن هناك بنيان فكرى لخطب السياسة التى يقدمها الرئيس ويتناولها فقد تناول أكثر من 59 خطاباً بمعدل خطاب كل 5 أيام والاتجاه العام الغالب كان قائماً على الارتجال دون وجود بنيان فكرى ونص مكتوب وهو أمر لا يصلح فى خطابات الرؤساء، فكل كلمة من فم الرئيس تزن طناً، وأحياناً الأفكار لا تصل للجمهور بشكل يتصف بالاكتمال وعندما يكون الخطاب ارتجالياً فعلينا أن نتخيل التقايرر التى يمكن أن يكتبها سفراء الدول بعد استماعهم إلى هذه الخطابات التى تتسم بالارتجال والافتقاد إلى الدقة.
- استخدام الرئيس السابق لكثير من العبارات الغامضة والضمنية التى تحتمل التأويل وتساهم فى زيادة الشائعات مثل «الحاوى والقرداتى والحية التى تقرص والأصابع التى تلعب والحارة المزنوقة» وهى عبارات لا تناسب أبداً مع طبيعة الخطاب الرئاسى الرسمية وتساعد على التأويل وتساهم فى زيادة الشائعات عند التفسير وتجعل الرأى العام يتساءل ويفكر ما المقصود بهذه الكلمة أو تلك.
كيف حللت الخطاب الأخير للرئيس بعد ثورة 30 يونيو؟
- فى الواقع أنه فى الوقت الذى وجد فيه الرأى العام البيان العسكرى الأول الذى يتحدث على أن هذا الشعب المصرى لم يجد من يحتضنه أو يحنو عليه فى استحالة إقناعية عاطفية مؤثرة كدعم العلاقة بين الجهة التى تصدر البيان والرأى العام فى مصر، نجد بعد يومين خطاب الرئيس وهو يعظم من شرعيته كرئيس ويربط بينها وبين الدم وأنه لديه استعداد للتضحية بالدم فى سبيلها دون أى التفات للجماهير والملايين التى خرجت وهو الأمر الذى يمثل إنكاراً لاتجاهات الرأى العام والملايين التى خرجت فى الميادين والمحافظات هنا وهناك وهو الأمر الذى يبرز مدى التناقض، لأن مخاطبة الجماهير التى تفتقد إلى التعاطف والتسلسل المنطقى وبناء العلاقات الوجدانية التى تشعر كل مواطن بأن الرئيس يخاطبه بصدق وهو ما افتقده الخطاب للعلاقة بين الرؤساء والمرءوسين.
فى الوقت الراهن ما هى الرسالة الإعلامية التى يجب أن توجهها للغرب؟
- أعتقد أن صورة مصر لدى الغرب إعلامياً ستتضح وتكتمل بعد أسابيع قليلة لأن تحرك الجيش جاء استجابة لرغبة الملايين التى تظاهرت، فضلاً عن أنه أصدر العديد من البيانات التى كان يمكن أن تبنى عليها المرحلة المقبلة ولكن استمرار إرادة الجماهير فى التظاهر مع عناد مؤسسة الرئاسة وافتقارها إلى طرح السيناريوهات والحلول التى يمكن أن تمثل مخرجاً سياسياً للأزمة هو الذى تسبب فى تدخل الجيش وإنهاء حكم الرئيس.
- إن الجيش لم يمارس الحكم يوماً بل أعطى السلطة بنص الدستور إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا وها هو كرئيس مؤقت وبدأ فى إصدار الإعلان الدستورى وتحديد خارطة الطريق للمرحلة السياسية المقبلة، وتكليف رئيس الوزراء القادم بعيداً عن مؤسسة الجيش وأن هناك حالة استجابة لرغبة الملايين بعد عناد مؤسسة الرئاسة ولو تركها الجيش تستمر فى سياسة التجاهل والإنكار للملايين كان يمكن أن يؤدى بالبلد إلى حالة أقرب إلى التطاحن والانقسام الشديد بين المواطنين، وكانت الخطوة التى اتخذها الجيش هى الأصلح والأسلم لحل هذه الأزمة.
وما الرسالة الإعلامية التى يجب أن توجهها للداخل؟
- نحن فى حاجة إلى خطاب إعلامى للجمهور المصرى يقوم على ما يلى:
- أولاً أهمية وتحديد طبيعة العلاقة بين الإعلام والنظام السياسى وفى إطار ذلك لابد من التأكيد على أننا جميعاً متساوون كمواطنين رغم أننا مختلفون ومن هنا تبرز احترام ثقافة الاختلاف وحق الآخر فى حرية الرأى والتعبير.
- ثانياً تعميق الانتماء للوطن والمواطن فالانتماء للوطن يجب أن يكون هو رسالة الإعلام دون تعظيم للشفونية المصرية بل الانتماء الذى يبنى مراحل التقدم ويستفيد من دروس الماضى القريب.
- عدم إقصاء أى فصيل أو اتجاه سياسى أو حزبى لأن مصر بجميع أبنائها وجميع الاتجاهات السياسية والحزبية والمدنية والإسلامية ومن كان فى الحكم اليوم قد يكون فى المعارضة غداً.
فى النهاية.. ألا يمكن الوصول لميثاق شرف إعلامى يحدد خطى الإعلام فى الفترة المقبلة؟
- هناك أدوار مهمة وجهود جادة تمت فى الشهور الأربعة الماضية واستخلصنا من خلالها فى كلية الإعلام بمشاركة عشرات الممارسين لوضع ميثاق شرف للممارسة الإعلامية سواءكانت صحفية أو إذاعية أو تليفزيونية ولكن الأمر كان يستلزم إجراء نقاش فى جميع المؤسسات الإعلامية ونقابة الصحفيين والعاملين فى الفضائيات ومدينة الإنتاج الإعلامى حول هذا الميثاق لأنه حتى يتم تطبيق هذا الميثاق لابد أن يكون هناك توافق واحترام وفهم من الأسرة الإعلامية بكل أطيافها واتجاهاتها نحو تطبيق هذا الميثاق وإلا صار هذا الميثاق بمثابة ورقة توزع ولا تحترم، والأهم من وضع الميثاق ضرورة الإسراع بتأسيس المجلس الإعلامى السمعى المرئى والمكتوب حتى يمكن أن تتوافر لهذا المجلس درجة من الاستقلال عن النظام السياسى على أن يتشكل من كبار الممارسين والخبراء فى كل مجالات الإعلام وعدد من الخبرات الأكاديمية والإعلامية وبعض القانونيين ويجب أن يكون هذا المجلس مستقلاً عن الحكومة والنظام السياسى واختيار هؤلاء الأشخاص وفقاً لخبراتهم المهنية فى مجالات الإعلام المختلفة على أن تتبعه عدة لجان منها لجنة للرصد والمتابعة ولجنة لتقييم الأداء ولجنة للقيم المهنية والأخلاقيات ولجنة للتثقيف والتدريب.
البطاقة الشخصية
صفوت محمد مصطفى العالم
من مواليد الزقازيق فى يونيو 1955
أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بجامعة القاهرة كلية الإعلام
رئيس لجنة تقييم الأداء الإعلامى
رشح وزيراً للإعلام أكثر من مرة
له أكثر من 35 مؤلفاً فى مجالات الإعلام المختلفة
أب لسارة المعيدة بكلية الإعلام وفرح ومصطفى ومازالا فى التعليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.