حول شهر رمضان من شهر الصيام عن الطعام والشعور بالجوع إلي شهر الأكل بأصنافه المتنوعة والمشروبات. الصيام عن الأكل يعني العافية بالبدن وكذلك الشعور بمن لا يستطيع أن يوفر قوت يومه، الصيام يجعلك تحمد النعمة التي لا تشعر بقيمتها إلا إذا صمت وشعرت بالجوع حتي الكثير منهم يحفظ متي يؤذن بالثانية لأن الثواني تفرق مع جوعه الشديد. لا شك أن الحكمة من الصوم هو الشعور بقيمته والتلذذ بأداء الفريضة وفهم معانيها والأبشع من هذا كله أنه غالباً ما تكون سلة المهملات هي المأوي الأخير لأصناف الطعام المتنوعة في حين أن هناك من يتضور جوعاً كما يعتقد الكثيرون أن سعادة رمضان في تنوع الأكل وتعدد أصنافه فهم يقبلون علي شراء لوازم رمضان وكأن هناك مجاعة ستلحق بهم، ويجب علي الصائم علي حق التخفيف من شراء أصناف الطعام المتعددة والتصدق بقيمتها لمن يستحقها من الفقراء أو شراء بعض أصناف الطعام وتوزيعها علي من يستحق وقتها تشعر بالسعادة الحقيقية، لأنك عندما تعطي فقيراً سوف تسمع الدعاء الصادق وسوف تري فرحته علي وجهه، والصيام في شهر رمضان لا يقتصر علي الطعام والشراب فقط بل يشمل صيام الجوارح عن المحرمات. ها هو ذا الشهر الكريم يهل علينا، وهو فرصة للعبادة والعودة إلي الله بتوبة صادقة واستغفار دائم وعمل صالح، ولأن نفحات الشهر الكريم تهل علينا بنسمات روحانية وروائح ربانية فإنه من الطبيعي أن يأخذنا ذلك إلي أبواب البحث عن رضا الله وإلي طرق التوبة والإنابة وسبل الرشد والهداية، لعلنا نلقي القبول الإلهي ونحظي بالرحمة من الرحمن، وهذا هو المنهج القويم لاستقبال الشهر الكريم. وهذا للأسف ما فقدناه شيئاً فشيئاً، حيث انهالت علينا سيل المسلسلات بأشكالها المختلفة في كل عام وابتدعت القنوات الفضائية وسائل جديدة للابتذال فكثرت عوامل الهدم والإغراءات الشيطانية عن طريق إعلانات مستفزة في جميع الصحف والفضائيات، وكم هائل من البرامج والمسلسلات والفوازير التي تعمل علي إخراج المسلم من روحانيات الصيام إلي اللهو الشيطاني في هذه البرامج الفاسدة، فبدلاً من أن تأخذ المواد الدينية والوطنية حقها من اهتمام المسئولين عن جهاز التليفزيون نجد أن الجميع يتسابق إلي تقديم هذه المادة الهابطة التي لا تتناسب مع شهر رمضان. والمثير للجدل إذاعة برامج دينية قليلة جداً وفي أوقات ضائعة لا يراها فيه أحد فهي كثيراً ما تعرض في أوقات السحر بعد أن ينام طالبوها والمتهمون برؤيتها أما غيرهم فلا حاجة لهم بها، وبالتالي فلا تسمع ولا تري. هذا الوباء الذي لحق بنا هو نتيجة البعد عن منهج الله تعالي من خلال الاستعداد الكبير لشهر كبير «شهر الصيام»، فنجد أن الاستعداد أصبح بالمسلسلات والفوازير والأفلام وحولناه إلي شهر المسلسلات بدلاً من شهر الرحمة فامتلأت الصحف والمجلات والشاشة الصغيرة بالإعلانات عن مسلسلات يقدم فيها ما يغضب الله ومن هنا نجد تحول شهر رمضان من قراءة القرآن والعبادة إلي شهر المسلسل والفزورة. وأصبح الهدف الأول من لهفة وانتظار قدوم شهر رمضان لمجرد عرض المسلسلات والأفلام بالرغم من علمنا بعظمة هذا الشهر وما به من جوائز عظيمة ينالها الصائم والعابد والزاهد وبه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر، وأيضاً في هذا الشهر تكون أبواب الجنة مفتوحة وأبواب جهنم مؤصدة، ويعتق الله رقاب الكثير من التائبين والعاملين في هذا الشهر من النارفيجب اغتنام هذا الشهر لأنه فرصة عظيمة من عند الله ورحمة من عند الخالق. قال الله عز وجل: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون (البقرة: 185). وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».