يفتي يوسف القرضاوي كما يشاء ، وبما يشاء ، فلن تذهب فتواه بعيداً ، ستدور في مكانها ، عند موطئ قدميه ، ولن يلتقطها سوى حزبه وجماعته ، الذين يفتيهم ويستفتونه ، ويشحنهم فيسمعونه ، القلة من الناس ، المتحزبون ، المحرضون ، المسيرون ، المخدوعون ، الذين يتلاعبون بهم ، من يستخدمونهم وقوداً لنار لا يريدونها أن تنطفئ ، فتاواهم زيت يصب داخل قلوب شباب مخدوع ، والثمن هذه الدماء التي تسيل . لا يريد القرضاوي أن يفهم ، مازال مصراً على انه داعية وصاحب فتوى ، ولا يلتفت حوله ، لا ينظر إلى الحرائق التي يشعلها في كل مكان يحط فيه رحاله ، سيطر عليه الوهم ، وتلبسه الخيال ، يقول انه يقود أهل الدعوة والإصلاح ، ولا يلتفت حوله ، لا ينظر إلى ما خلفته احلامه ، ولا يرتدع ، لم تكفه الفوضى التي صنعها بيده في أرض الإسلام ، كل أرض دس فيها اصبعاً أو أطلق عليها احدى فتاويه ، أباح الدماء ، وأباح القتل ، وأباح اغتصاب الحقوق ، و"نعق" فوق الأشلاء معلناً النصر!! لم تقرأ عن إسلام مثل إسلام يوسف القرضاوي ، الأئمة لم يقولوا ما يقوله ، ولم يفتوا بما أفتى ، أئمة الحق أقصد ، وليس أولئك المدعون المزيفون الذين خرجوا من الظلام متلحفين بأردية الدين ، الأئمة الذين أخذوا من رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، من سيرته ، من سننه التي سنها ، ومن الذين ساروا على هدية ، فهذا ليس الدين الذي حماه ونشره أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن غفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم وأرضاهم ، وليس الدين الذي حواه علم مالك والشافعي وابن حنبل وأبوحنيفة ، ولم يتحدث عنه التابعون وتابعيهم من أهل الفقه والعلم ، ولكنه قول طلاب السلطة ، أهل السياسة ، اللاعبون بالحق ، والمتلاعبون بالعواطف ، الذاهبون إلى الباطل بخطى حثيثة وهم فرحون . عن أمثال القرضاوي قرأنا ، ووصف تاريخ الأمة جماعات ظهرت في أزمان متفرقة ، كل جماعة كانت تحمل إسماً ، وكل اسم كان يتلحف برداء الإسلام ، فشقوا الصفوف ، وجلبوا الدمار ، وتحالفوا مع أعداء الإسلام ، وقامت لهم دول ، وكانوا هم على حق فقط ، هكذا أفهموا أتباعهم ، كانوا مثل الخناجر في خاصرة الدولة الإسلامية الكبرى ، وهم من مهدوا لسقوطها بعد أن فتحوا الثغور للجيوش الأجنبية ، وقرأنا كيف أصبحت تلك الجماعات نسياً منسياً ، وإذا ذكرت لم تستوعبها غير الصفحات السوداء من التاريخ ، وتذكروا "مسيلمة الكذاب" الذي ادعى النبوة بعد وفاة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ، ومن بعده عشرات من الأدعياء ، ومئات من طلاب الملك الذي اختاروا الحدود ليستقووا بالأعداء ، ويضعفوا الاشقاء ، وما أشبه اليوم بالبارحة ، نفس المشهد يتكرر ، وتظهر جماعة، ويكون لها "كاهن" يفتي في العلن بما يخالف شرع الله ، ولا يخجل من نفسه ، فيتبعه الآخرون ، ويقف أحدهم قبل أيام في ميدان "رابعة العدوية" ليعلن بأن جبريل عليه السلام قد نزل عليه ، والأخر يقول بانه رأى محمد مرسي يصلي بالأنبياء ، استغفر الله منهم ومن أكاذيبهم ، ومن فتاواهم وأوهامهم ، ومن رؤاهم وما يكذبون ، ونعوذ به من جهل الجاهلين وتدبير الخارجين على كتابه وسنة نبيه، ونسأله أن لا يأخذنا بجريرة هؤلاء المتقولين ، فالأمين جبريل أوصل الرسالة إلى من اصطفاه رب العزة وجعله إماماً للمرسلين ، الرسول الخاتم محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام .