بعد مرور نحو عامين ونصف العام على ثورة 25 يناير 2011، لم يكن بإمكاننا الادعاء بأن الحياة السياسية فى مصر تشهد ديمقراطية حقيقية؛ ذلك أن الديمقراطية لا تنشأ فور اندلاع الثورات الشعبية، بل تصبح أملًا شعبيًا تسعى الجهود إلى تحقيقه، ومن ثم فإن الحديث عن أن ما حدث فى الثلاثين من يونيو يُعد ردة عن الديمقراطية هو ادعاء لا يستند إلى واقع. فقد فشلت مكونات العملية السياسية فى مصر فى وضع أسس نظام ديمقراطي، ولا شك أن النصيب الأوفر فى هذا الشأن لجماعة الإخوان المسلمين، بحكم مسئوليتهم كطرف يمثل الأكثرية البرلمانية، فضلًا عن وصول مرشحها الدكتور مرسى لكرسى الرئاسة. وفى هذا السياق ينبغى الإشارة إلى أن التوافق المجتمعى، يُعد من الأمور الحتمية فى المرحلة الانتقالية بعد نشوب الثورات الشعبية، وبدون تحققه تظل الثورة فى حالة انعقاد مستمر، وتظل أهداف وطموحات الثورة مطروحة على مائدة الصراع المجتمعى، طالما لم تتوفر على أرض الواقع، وعلى ذلك تظل الساحة مُهيأة لعمليات تصحيحية من شأنها معالجة أوجه القصور، التى من الممكن أن تبتعد بالثورة عن الطريق الذى استهدفته. وفى مثل هذه اللحظات الدقيقة من عمر الدولة، المُتطلعة نحو الديمقراطية، والمفتقدة للآليات الديمقراطية المتنوعة، الكفيلة بمواجهة الأزمات السياسية الناشئة عن انسداد الأفق السياسي، يظل الجيش ملاذًا وحيدًا للحيلولة دون سقوط الدولة، بحكم امتلاكه للقوة التى تمكنه من الهيمنة على الموقف، وتكون القيادة العسكرية أمام مسئوليتها التاريخية، محكومة فى ذلك بحسها الوطني، وبما تملكه من قناعات ديمقراطية. غير أن الأمر لا يخلو من العديد من الإشكاليات المتعلقة بتوصيف «دور» القوات المسلحة؛ فى ظل ترويج الأمر باعتباره ورقة سياسية لها مضامين مختلفة لدى كل طرف، فإذا كان طبيعيًا أن تعتبره الجماعة انقلابًا عسكريًا، فإن القوى الثورية تراه الامتداد الطبيعى لثورة 25 يناير 2011، وفيما بين الطرفين تتواجد تيارات «هادئة» تراه نتيجة حتمية لفشل النظام الإخوانى، هذا على المستوى الداخلى، أما دوليًا فلا شك أن الأمر يخضع لكثير من المتغيرات التى تفرض على الأطراف الدولية تناوله وفق ما يحققه لها من مصالح، وما يتفق واستراتيجياتها فى المنطقة، بل وما ينسجم والقيم السائدة فى مجتمعاتها. ويظل التساؤل مشروعًا... ماذا حدث؟!، وتظل الإجابة حصريًا فيما اتُخذ من إجراءات، وطبيعة الممارسة العملية خلال الفترة الانتقالية، وما ستسفر عنه الأحداث.... وإلى حديث الغد بإذن الله. «الوفد»