الآن اقتربت الساعة التى يشعر معها المواطن المصرى بالأمن بعد أن تفرغت قواتنا المسلحة لمهمتها الأصيلة ودورها الرئيس فى حماية الثغور والتعاون مع قوات الشرطة فى حفظ أمن المواطنين بالداخل. هذه المهمة الأصيلة زاحمتها عقب سقوط النظام السابق مهام ثقيلة وواجبات فرضت نفسها فى حينها تمثلت فى الجمع بين الدور الأصيل وبين إدارة الملف السياسى خلال المرحلة الانتقالية. وما إن فرغ الشعب من مهمته الكبرى فى اختيار قيادة سياسية تقود البلاد خلال المرحلة القادمة، حتى بات منطقيا أن تعود الأمور إلى مسارها الطبيعى، وتتسلم القيادة السياسية كافة صلاحياتها فى إدارة شئون البلاد. هذا هو منطق الأشياء ببساطة شديدة ودون دخول فى حديث عن ثورات أو ثورات مضادة ودون الحديث عن استباقات أو تحليلات لأسباب القرارات أو دوافعها وتأثيرها. فأنت أمام خطوات منطقية طبيعية تنسجم مع ما ينبغى أن يكون ويتوافق مع توقعات الجميع، بل استعدادات الكافة بما فيهم قيادات المجلس العسكرى الذين تكلموا كثيرا عن إدراكهم لطبيعة دورهم الرئيس ومهمتهم الأساس. ففى غير موضع أكدت القيادات العسكرية أنها ستسلم السلطة، وأنها تتحمل المسئوليات السياسية، وتقوم بدورها فى إدارة هذا الملف بصورة مؤقتة خلال مرحلة انتقالية تنتهى مع انتخاب مؤسسات تقوم بالمهمة. إلا أن ما يلفت الانتباه أن هناك نفرا ممن فاجأهم القرار، ولفتت أنظارهم الخطوات الأخيرة راهنوا على بقاء السلطة فى يد المجلس العسكرى بعيدا عن المؤسسات المنتخبة. وعلى الرغم من تأكيد القيادات العسكرية مرارا أنها لن تستمر فى إدارة الملف السياسى، إلا أن هناك بعضا ممن سعى لإطالة أمد المرحلة الانتقالية كان حريصا على المزايدة على القيادات العسكرية وربما إقناعها بمزيد من الاستمرار. وكان أولى بهؤلاء جميع ألا يتهربوا من استحقاقات الديمقراطية ومن نتائجها مهما كانت الاختلافات السياسية والفكرية مع تيار أو فصيل ليظل الخيار الديمقراطى الذى يتجلى فى استلام قيادة مدنية دفة الأمور فى البلاد، هو الخيار الوحيد المطروح على الساحة دون بدائل، ومن غير وجود احتمالات أخرى لا تجدها إلا فى عقول أصحابها وأمانيهم غير الواقعية.