أقبل الرئيس محمد مرسي علي الانتحار السياسي في كلمته التي وجهها منتصف ليل الأربعاء الماضي مطالباً بالحفاظ علي الشرعية واستمراره حاكماً للبلاد.. بسبب تغافله لشرعية الميدان التي نزلت للمطالبة برحيله بعد أن فشل في إدارة شئون البلاد، وبدا أنه يأخذ بها إلي أتون الحرب الأهلية. . بسبب دعوات العنف والدم التي وجهها إلي أهله وعشيرته وجماعته لحفظ الشرعية.. الرئيس مدعياً أنه الشرعية وهو وما بعده الطوفان.. ناسياً أن الشعب الذي انتخبه والملايين التي أيدته خرجت عليه بعد ثبوت فشله لتقول له «ارحل».. ولكنه ربما لا يري هذه الحشود والجموع الغفيرة من المواطنين في كل ميادين التحرير في أنحاء مصر التي تطالب برحيله.. مرسي خرج يتحدث عن الشرعية وهي لا يعلم أن شرعيته سقطت وباطلة منذ سقوط أول شهيد ومنذ سال الدم المصري الطاهر في الشوارع والميادين علي أيدي أهله وعشيرته وجماعته في الاتحادية والتحرير والمقطم وأمام تمثال نهضة مصر.. شرعيته سقطت يوم اعتدي علي السلطة القضائية حين سمح بمحاصرة المحكمة الدستورية ومنع انعقادها وإهدار أحكامها وحين أصدر إعلاناً دستورياً لإقالة النائب العام الشرعي وتعيين نائب عام «ملاكي مرسي».. التي حكمت محكمة النقض ببطلان تعيينه في حكم بات ونهائي وعودة النائب العام المعزول عبدالمجيد محمود. مأساة الدكتور محمد مرسي أنه حتي هذه اللحظة لم يكن يصدق أنه أصبح رئيساً للجمهورية لأن الأمر خرج علي أحلامه وطموحاته.. فلم يكن يحلم في يوم من الأيام أن يصبح عميداً لكلية هندسة الزقازيق أو رئيساً لجامعتها، ولكنه قدره وقدر كل المصريين أن يأتي رئيساً.. فحين أطلق المجلس العسكري الحاكم عقب ثورة 25 يناير حرية إطلاق الأحزاب السياسية وتغافله عن إنشاء أحزاب علي خلفية دينية.. جاء محمد مرسي رئيساً لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان.. وعندما تم فتح باب الانتخابات الرئاسية تقدمت الجماعة بمرشحها خيرت الشاطر الذي حصل علي عفو سياسي دون أن يحصل علي براءة من المحكمة وفشل في الترشح لأنه ممنوع من مباشرة حقه السياسي بسبب الأحكام الصادرة ضده.. وكان أن استبعدته لجنة الانتخابات الرئاسية من الترشح قبل غلق باب الترشيح ب 48 ساعة.. وكان أن أصدر المرشد محمد بديع أوامره لمحمد مرسي المرشح الاحتياطي لتقديم أوراقه إلي لجنة الانتخابات علي غير رغبته شخصياً.. فلم يكن يحلم في يوم من الأيام أن يكون رئيساً أو غيره.. ولكنه بمبدأ السمع والطاعة نزل علي رغبة مرشده واستطاع أن يدخل انتخابات الإعادة مع الفريق أحمد شفيق.. ليحسم المعركة بوقوف كل التيارات المعادية للنظام السابق والفريق شفيق ليفوز بنسبة 51.8٪ من أصوات الناخبين. جاء محمد مرسي رئيساً وهو غير مصدق أنه أصبح رئيساً لمصر وبدلاً من أن يعمل علي تجميع المصريين ويعمل لصالح الوطن.. راح يعمل علي أخونة الدولة وأجهزتها وترك أمور البلاد «تخبط تقلب»، «لحس كلامه ووعوده وفشل في تحقيق أية نجاحات»، فشل في تحقيق أهداف الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فشل في تحقيق وعوده في مائة يوم في حل مشكلات الخبز والوقود والمرور والنظافة وتحقيق الأمن.. «مرسي» انتحر سياسياً وأطلق النار علي نفسه ولم يطلق رصاصة الرحمة لأنه تغافل نزول 33 مليون مصري إلي الشارع تطالب برحيله.. ولكنه أصيب بعمي القلب ولم يشاهد تلك الحشود والجحافل.. أصيب بالغرور والرغبة في الاستمرار والاستحواذ علي السلطة وكان عليه لكي يحصل علي استعطاف ورضا الشعب أن يطرح نفسه في الاستفتاء كما فعل الرئيس الفنزويلي «هوجو شافيز» والرئيس الفرنسي «شارل ديجول» والرئيس الروماني الأسبق.. ولكنه الغباء السياسي الذي أعماه عن حقيقة أن الجيش لم يعد معه وكذلك الداخلية والقضاء والمخابرات وأجهزة الحكومة ووزرائها تتساقط أمامه، وقبل كل ذلك الشعب خرج ليلفظه.. أصيب بجنون العظمة ولم يعد يري غير أنه الرئيس الشرعي وأنه جاء بصندوق انتخابات كثرت حوله الأقاويل وأنه القائد الأعلي للقوات المسلحة.. لم يعد معه غير أهله وعشيرته وجماعته علي قلتهم والمتعطشون للدم والاشتباك مع المواطنين.. إنه يأخذ الشعب إلي كارثة حرب أهلية وسيدفع ثمن هذا غالياً بمحاكمته ومرشدته ومكتب إرشاد الجماعة في يوم من الأيام. الجيش المصري العظيم انحاز لإرادة الشعب من أجل استعادة مصر التي اختطفت علي يد الرئيس الإخواني وجماعته.. انحاز الجيش لأن الشعب خرج حاملاً الكارت الأحمر للرئيس وجماعته.. انحاز جيش عرابي الوطني وصاحب نصر أكتوبر وصاحب العسكرية العريقة بين الدول إلي الشعب وقرر إنهاء مهزلة الأخونة، فمصر لكل المصريين وليس للإخوان أو غيرهم.. مرسي علي خطي مبارك فلا يزال يري أنه هو أو الفوضي.. الرئيس استهان بعقول المصريين فكان الجزاء وكان خروج شعب مصر في 30 يونية لاسترداد شرعيته المغتصبة من الجماعة.. خرج الشعب ولم يرهبه المتأسلمون الذين ينادون بالدم والعنف والإرهاب.. خرج الشعب رغم سقوط مئات المصابين وعشرات الشهداء في الإسكندرية والمنصورة وطنطا والزقازيق وأسيوط والمنيا والقاهرة.. 8 شهداء أمام مكتب الإرشاد وأكثر من 45 مصاباً علي أيدي قناصة من داخل مكتب إرشاد الجماعة في المقطم.. أسلحة نارية وخرطوش وماء نار ومواد كيماوية تم رصدها بمعرفة النيابة العامة داخل المركز.. إن من سقط في أنحاء مصر علي أيدي الغاشمين من الإخوان والجماعات التابعة لهم في رقبة محمد مرسي ومحمد بديع ومكتب الإرشاد وكل القيادات المتأسلمة والإخوانية التي تتحدث عن الاستشهاد والدم في مواجهة الحشود الغاضبة من الشعب. لابد من المحاسبة والمحاكمة لكل من أراق الدم الطاهر ويدعو إلي مزيد من إراقة الدماء بقي في السلطة أو خرج وليس له خروجاً آمناً بأي حال من الأحوال.. الشعب يريد محاسبة مرسي ومرشده ورحيلهما اللذين حاولا اختطاف الوطن وكان لهما بالمرصاد.. ليذهب الإخوان إلي الجحيم ولتبق مصر وشعب مصر، فحين يأمر الشعب يجب أن يطاع.. وقد استجابت القوات المسلحة لنداء الشعب.. هناك متهم هارب من سجن وادي النطرون يوم 28 يناير 2011 وأصبح رئيساً في غفلة من الزمن ويجب محاسبته بتهمة التخابر مع دولة أجنبية كما قالت محكمة جنح الإسماعيلية التي أدانته في جلساتها وعجزت عن محاكمته لأن القانون لا يبيح لها ذلك لأنه من اختصاص النيابة العامة ومحكمة الجنايات.. القصاص.. القصاص من قتلة المصريين.