ظلت جماعة الإخوان على مدى أكثر من عامين تدفع بكتائب التضليل والكذب إلى الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة للدفاع عن شرعية جماعة الإخوان المحظورة فى مسعى منها لإبهام الرأى العام المصرى بشرعيتها لدرجة دفعت المواطنين إلى التساؤل عن جدوى هذا الدفاع المستميت من قبل الجماعة إذا كانت تتمتع بالشرعية؟ وقد استهدف هذا المسعى من جانب الجماعة طمس حقائق قضائية وقانونية تقطع بعدم شرعيتها والقفز عليها والمراهنة على ذاكرة الشعب المصرى فى نسيان هذه الحقائق. وتتمثل هذه الحقائق فيما يلي: أولاً: بتاريخ 14/1/1954 صدر قرار مجلس قيادة الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين غير أن الجماعة عادت وباشرت نشاطها بعد الحل مما أدى بمجلس قيادة الثورة إلى إصدار قرار آخر فى 4 ديسمبر 1954 بحل الجماعة ومصادرة أموالها وممتلكاتها. ثانياً: بتاريخ 27/10/1977 –وبعد مرور أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً على صدور قرار الحل– أقام المرحوم عمر التلمسانى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين –وهو من خيرة قيادات الجماعة وأكثرهم علماً وانفتاحاً– الدعوى رقم 133/32 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً اعتبار قرار حل جماعة الإخوان المسلمين باطلاً ولا أثر له ثم جرى تعديل هذه الطلبات لتتحدد بصورة ختامية بالحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار منع الجماعة من ممارسة نشاطها وتمكينها من ممارسة هذا النشاط، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار. وبعد وفاة المرحوم عمر التلمسانى تابع الدعوى أحد قيادات الجماعة وأكبرهم سناً وهو السيد محمد حامد أبو النصر، وتدخل فى الدعوى الدكتور توفيق محمد الشاوي. ثالثاً: بجلسة 6/2/1992 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى الثانى (محمد حامد أبو النصر) والمتدخل (الدكتور توفيق الشاوي) بالمصروفات. وقد استندت المحكمة فى حكمها بعدم قبول الدعوى إلى نص المادة 191 من دستور 1956 الذى أضفى حصانة على قرارات مجلس قيادة الثورة تمنع الطعن فيها بأى وجه من الوجوه وأمام أية جهة كانت، وأن الدساتير اللاحقة حتى دستور 1971 لم تتصد إلى نص المادة (191) بالإلغاء أو التعديل. وبياناً لذلك فقد أوردت المحكمة فى حيثيات حكمها ما يلي: «ومن حيث إن مفاد نص المادة (191) من الدستور سالفة الذكر أنها أضفت حصانة دستورية على جميع قرارات مجلس قيادة الثورة منذ بدء الثورة حتى تاريخ صدور هذا الدستور. وهذه الحصانة التى أضفاها الدستور جاءت من العموم والشمول بحيث تحول دون المساس أو التعرض لتلك القرارات سواء أكان ذلك بالطعن القضائى أو الإدارى أو التظلم أو غير ذلك من صور المساس بهذه القرارات. ومن حيث إن الحصانة الدستورية التى كفلها دستور سنة 1956 لقرارات مجلس قيادة الثورة بقيت دون مساس فى ظل الدساتير اللاحقة الصادرة فى أعوام 1958 و1964 و1971 إذ إن أياً من هذه الدساتير لم يتصد لحكم المادة (191) من دستور 1956 بالإلغاء أو التعديل». رابعاً: أن مؤدى هذا الحكم الذى قضى بعدم قبول دعوى جماعة الإخوان المسلمين أن الجماعة ليس لها أى وجود قانونى بعد صدور قرار حلها وتأييد هذا الحل قضائياً بموجب الحكم المذكور وبالتالى استمرار حلها واعتبارها غير موجودة قانوناً وأنها والعدم سواء، ويترتب على ذلك بحكم اللزوم ما يلي: • أن الجماعة ليس لها الحق فى مباشرة أى نشاط أياً كان نوعه، وليس لها بصفتها هذه الحق فى تملك أى مقار لمباشرة نشاط محظور فى الأصل، وإذا قامت به يكون منعدماً ولا أثر له ولا يجوز الترخيص لها به وإذا صدر ترخيص بذلك فإنه يكون باطلاً. • أنه لا صحة للقول بأن حزب الحرية والعدالة هو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، لأنه ذراع مبتور من جسم منعدم لا وجود له قانوناً. خامساً: أن قيام الجماعة بمباشرة السلطة وإدارة شئون البلاد فعلاً على نحو ثابت بيقين أمام الجميع هو غصب للسلطة وسطو عليها على خلاف إرادة الشعب الذى اختار الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة مما يجعلنا أمام حالة تزوير لإرادة الشعب وتزييف لها وهى سابقة لا وجود لها فى تاريخ الدول لأن الشعب لم يختر الجماعة المنعدمة قانوناً. سادساً: أنه يتعين الفصل بين الجماعة، وهى منعدمة قانوناً ولا وجود لها، وحزب الحرية والعدالة، وهو حزب سياسي، وبين اختيار الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية. وهذا الخلط بين هذه الكيانات الثلاثة هو أمر متعمد ليس له من هدف سوى التضليل وخلط الأمور، والعبث بمقدرات الدولة والشعب فى غيبة الشفافية والمصداقية وتغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الدولة وهو أمر بالغ الخطورة. لقد سئم الشعب المصرى هذا التضليل والخلط وضاق ذرعاً به ولم يعد من الممكن أن يستمر الى ما لا نهاية لأن التاريخ لن يرحم من ساهم فى هذا السطو على السلطة، وأن وقت الحساب والمساءلة ليس ببعيد. سابعاً: أنه لا حجة لجماعة الإخوان فى القول بأنها قامت بتأسيس جمعية بقرار غير شرعى صادر عن وزيرة التأمينات لاختلاف الأمرين (الجماعة والجمعية) واقعاً وقانوناً مما لا يتسع المجال هنا لبيانه. وفى الوقت ذاته فلا مجال للتلاعب بالألفاظ والقول بمطالبة الجماعة بتوفيق أوضاعها لأن الجمعية ليس لها الحق فى العمل بالسياسة ويجب التحقيق فى مصادر أموال الجماعة. ثامناً: وفيما يتعلق بشرعية الرئيس ففضلاً عن أن هذه الشرعية لم تستقر بعد لقيام دعاوى قضائية بطعون جوهرية على نتيجة الانتخابات الرئاسية التى لم تحسم حتى الآن، وما كشفت عنه التطورات من ملابسات وأسباب تنال من هذه الشرعية. هذا بالإضافة الى قيام الجماعة غير الشرعية بالسطو على السلطة على نحو ما سبق بيانه. هذه الأسباب جميعاً تتساند فى زعزعة الشرعية والأسس التى قام عليها اختيار الشعب وعلى المتمسكين بالشرعية إدراك هذه الحقائق أولاً ومناقشتها قبل الحديث عن الشرعية. وفى النهاية، فإن التمسك بحكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه –والذى مضى عليه أكثر من عشرين عاماً– مازال يمثل عنوان الحقيقة القانونية والقضائية التى يجب التمسك بها فى التأكيد على عدم شرعية جماعة الإخوان المسلمين وما يترتب على ذلك من آثار على نحو ما تقدم أخصها عدم أحقية الجماعة فى مباشرة أى نشاط أو تملك أى مقر وعلى الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة فى هذا الخصوص كغيرها من أى جماعة غير شرعية.