وزير الثقافة - علاء عبدالعزيز - أخطأ خطأ بشعاً ليس في حق المثقفين وحدهم، بل في حق شعوب عربية شقيقة.. وكذلك في جزء عزيز من شعب مصر.. فالرجل - الذي يفترض فيه أن يكون مثقفاً وعارفاً - أكد أنه ليس مثقفاً وليس عارفاً.. بل هو من نوعية الذين استيقظوا ذات صباح فوجدوا انفسهم يجلسون علي مقاعد المثقفين العظام.. ولكن ما هي جريمة هذا الوزير الذي أكد بتصرفه أن الجهل هو سمة من سمات نظام الحكم الآن. وزير الثقافة غير المثقف وصف معارضيه ومعارضي نظامه بأنهم «برابرة»، والمؤكد أنه لا يعرف معني هذه الكلمة.. ولا أصلها.. ونحن هنا نعطيه درساً - في الثقافة وفي المعرفة، أي نلقمه حجراً، إن كان يعرف معني كلمة «نلقمه حجراً»!! «البربر» - يا وزير جاء في غفلة من الزمن - هم شعب أصيل يمثل أغلبية سكان دول عربية في شمال افريقيا.. أبرزهم شعب المغرب الشقيق وهم - هناك - يطلق عليهم وعلي فنونهم: الأمازيج، ويا سلام علي فن الغناء الأمازيجي الذي أعشقه، ومعي الملايين، بل من هؤلاء البربر «الأمازيج» تزوج عاهل المغرب الراحل الملك الحسن الثاني، الذي بني أكبر مساجد شمال إفريقيا علي شاطئ المحيط الأطلنطي، وكان لقبائل البربر التي امتزجت في النسيج المغربي مع القبائل العربية التي دخلت هناك مع الفتح الإسلامي، كان لها دورها الرئيسي في دعم الوجود الإسلامي في بلاد الأندلس عندما هددها مسيحيو شبه جزيرة ايبريا أى مسيحيو اسبانيا أيام الملكة ايزابيلا والملك فردناند ملك قشتالة المسيحي. وعبرت جيوش المسلمين مضيق جبل طارق لتحافظ علي الوجود الإسلامي في الإندلس.. لعدة مئات من السنين أي قبل ايزابيلا وفردناند.. وكان البربر هم عماد هذه الجيوش. فأن يأتي وزير - هو للأسف وزير للثقافة - ويربط بتعبيره بين البربر - هذا الشعب الأصيل - وبين من وصفهم بالواهمين فهذا وصف ما كان يجب أن يخرج من لسان وزير حتي إن لم يكن مثقفا، لا يعرف أصول البربر في شمال إفريقيا.. حتي وإن كان قد قرأ سطراً عن «الكاهنة» زعيمة قبائل البربر التي تصدت للفتح الإسلامي ثم عاد المسلمون إلي شمال افريقيا ليطاردوا جيوش الكاهنة التي تحصنت في منطقة الجم « في عمق صحراء تونس» ويحاصرها المسلمون هناك داخل هذا الموقع الروماني الحصين إلي أن يسقطوها. ثم إن البربر يمثلون الحصة الأكبر من شعب الجزائر المجاهد وبرز دورهم طوال سنوات النضال ضد المستعمر الفرنسي، وكان منهم من دخل المعتقلات وكان من رفاق المناضل أحمد بن بيلا نفسه.. ومنهم من صار رئيساً لبرلمان الجزائر بعد الاستقلال.. بل إن البربر ينتشرون أيضا داخل موريتانيا وعاشوا جنبا إلي جنب مع قبائل صنهاجة العربية في المغرب وموريتانيا وفي إقليم الصحراء المتنازع عليه.. ووافق البرلمان المغربي ثم الجزائري علي اعتبار لغة البربر «الأمازيج» لغة رسمية ثانية بجانب العربية وهي لغة مكتوبة بالفعل.. بل تمتد هذه القبائل حتي تونس شرقاً وتشاد جنوبا.. وليبيا كذلك فهل اراد هذا الوزير أن يسىء إلي كل هذه الدول الشقيقة.. وأقول لوزير «الثقافة» انك بهذا التعبير تسىء أيضاً إلي جزء عزيز من شعب مصر.. هم غالبية سكان واحة سيوة المصرية.. وهذه الأغلبية يا معالي.. الوزير هم من البربر الأمازيج الذين يحرسون حدودنا الغربية ويتكلمون لغتهم «البربرية الأمازيجية» في احاديثهم الخاصة والعامة.. بل لهم أغانيهم الشعبية باللغة الأمازيجية أيضاً.. فهل سيادتك - يا وزير.. الثقافة - تريد أن تسب أيضاً شريحة هامة من نسيج الشعب المصري.. تماماً كما كان بعض الجهلة يصفون إخوتنا أهالي جنوبأسوان من سكان النوبة وأيضاً من أسوان نفسها بأنهم برابرة!!. وأضيف معلومة «ثقافية أخري» للسيد وزير.. الثقافة بأن أصل كلمة بربري أطلقها أباطرة الرومان علي كل من عداهم من سكان الإمبراطورية الرومانية الكبيرة - قبل تقسيمها - لأن هؤلاء الحكام كانوا يرون أن من عداهم من شعوب الإمبراطورية هم من «البربر» أي الهمج.. وبالمناسبة كان بين هؤلاء شعوب أو قبائل الجرمان الذين يهاجمون أطراف الإمبراطورية الرومانية، وهذه الشعوب الآن هي الأكثر ثقافة في كل أوروبا! ويا سلام يا سيادة الوزير لو أمسكت لسانك وعففت عن الكلام الجارح.. ولكن يبدو أنك - كمن جاءوا بك - لا تعترف بالمثل الشعبي: الخلاف لا يفسد للود قضية. ولكنك تخسر كلما تكلمت.. تماماً كما يخسر رئيس الحكومة عندما يتكلم.. وكذلك يخسر السيد الرئيس.. وأرجو أن تكون قد تعلمت الدرس.. والباقي عند الفنان محمد صبحي!!