ننشر أسماء أوائل الابتدائية الأزهرية بالمنيا    إزالة مخالفات البناء ضمن أعمال المرحلة الثانية من الموجة ال 26 لإزالة التعديات بالمنوفية    وزير الخارجية يؤكد وقوف مصر مع الشعب السوري الشقيق    ريان شرقي: السيتي الخيار الأمثل وأتطلع للتألق تحت قيادة جوارديولا بمونديال الأندية    ضمت مودريتش.. ريال مدريد يكشف عن قائمته النهائية في كأس العالم للأندية    الزمالك يستقر على تدعيم الهجوم بثلاث صفقات أجنبية في الصيف المقبل (خاص)    محافظ الغربية يتفقد لجان الثانوية العامة ويشدد على تهيئة بيئة آمنة للطلاب    "قلبي بيرقص من الفرحة".. دينا الشربيني توجه رسالة ل أمينة خليل بعد زفافها    ليلة قمرية تدخل في هذه الأبراج الفلكية وتنقلب حياتهم العاطفية    المتحف المصري الكبير نقلة حضارية وثقافية لمصر.. تقرير لإكسترا نيوز    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    التفاح قبل النوم- ماذا يفعل بالجسم؟    أحمد مرعي: معسكر الصين فرصة جيدة لإعداد المنتخب الأولمبي لكرة السلة    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم أطفال في قصف الاحتلال على غزة وخان يونس    خناقة ولإد العم... إصابة شخصين في مشاجرة بسبب لهو الأطفال بالعمرانية    بعد حرب الرسوم.. ترامب يعلن التوصل لاتفاق تجاري مع الصين يشمل المعادن النادرة    «الريادة»: معركتنا الحقيقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون على المقاعد الفردية    موعد صرف معاش تكافل وكرامة شهر يونيو 2025.. الزيادة الجديدة وطرق الاستعلام    ماجد الكدواني: «أنا وكريم عبدالعزيز بنخاف من الكوميديا.. ودا اللي اتفقنا عليه» (تفاصيل)    بأنشطة متنوعة.. قصور الثقافة بأسيوط تطلق برنامج الأنشطة الصيفية    شوبير: أزمة كثرة النجوم في الأهلي مصطنعة    إنذار أكاديمية سباحة بسبب مخالفة العقد في مركز شباب دمياط    "مياه الفيوم": تحليل 36 ألف عينة لمتابعة جودة مياه الشرب والصرف خلال مايو 2025    اتحاد ألعاب القوى يتفق على تدريب المنتخب في ملاعب جامعة قناة السويس    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 (تفاصيل)    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر لها ثقل تاريخي ودور إقليمي محوري    ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر على الطريق الصحراوى|فيديو    "كل شيء مُدمر".. تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة.. فيديو    ترامب لنتنياهو: أوقف حرب غزة فورًا.. وامتنع عن تهديد إيران    تفاصيل مجزرة إسرائيلية مروعة في دير البلح بغزة    السمسم للقلب- إليك فوائده    هل يستمر أوسيمين؟.. جالاتا سراي: الفرص تتزايد يوميًا    تأجيل استئناف المتهم الرئيسي في "تظاهرات الألف مسكن" ل14 يوليو    أحمد عبدالحميد ينضم ل أبطال مسلسل «ابن النادي»    الضويني ناعيا مدرس الأزهر المقتول: لقي مصرعه في المكان الَّذي رجع إليه ليكون آمنًا مع أهله    الأردن يدين القصف الإسرائيلي لمحيط المستشفى الميداني الأردني بغزة وإصابة ممرض    محافظ الدقهلية: تكثيف الترويج للفرص الاستثمارية وتيسير الإجراءات لخلق مشروعات جديدة    وزير الري: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود في دول منابع النيل تُهدد استقرار الإقليم    بعد الهجوم الأوكراني بالمسيرات على أسطول القاذفات الروسي.. "سي إن إن": الولايات المتحدة معرضة لنفس الهجمات    رغم تحذيرات الصحة العالمية..حكومة الانقلاب تتجاهل متحور "نيمبوس" شديد العدوى سريع الانتشار    «تدخل الأمن أنقذني».. أول تعليق من حسام البدري بعد الاعتداء عليه في ليبيا    كيا مصر تحذر المقبلين على الشراء من هذه السيارات.. التفاصيل    تقبل طلاب الثانوية علمي.. 10 معلومات عن كلية علوم التغذية 2025    محافظ المنوفية يتفقد تطوير مدخل شبين الكوم الجديد والكورنيش القديم    الحج السياحي 2025.. جهود الجميع نجحت في حل أي مشاكل طارئة بسرعة واحترافية    صباح تقتل عشيقها في الشارع بعد نشره صورها العارية: "خلّصت البشرية من شره"    الفنان محمد ثروت يدعو لشفاء آدم تامر حسني .. اللهم متّعه بالصحة والعافية    وزير الزراعة يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات بفرنسا    وزير المالية: اقتصاد مصر يتحسن.. و«اللي جاي أفضل»    مانشستر سيتي يعلن ضم الهولندي رايندرز لمدة 5 سنوات    اعتماد وحدة التدريب ب"تمريض الإسكندرية" من جمعية القلب الأمريكية- صور    الليمون بالنعناع.. مشروب منعش لترطيب الجسم ومقاومة الحر    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص أعلى كوبري قها بالقليوبية    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي محمد فخرو يكتب : الثورات العربية والمرأة . . والخروج من المأزق
نشر في الوفد يوم 13 - 06 - 2013

يشعر الإنسان بالتعاطف والشفقة والخوف تجاه أولئك الشباب العرب من الذين يواصلون العمل ويتحملون المشاق والعنت من أجل إيصال ثورات وحراكات الربيع العربي إلى نهايات معقولة تلبّي الحدود الدنيا من الشعارات المبهرة التي طرحتها تلك الثورات والحراكات . إن المهمّة كبيرة وثقلها هو أضعاف ما حملته الكثير من ثورات العالم في شتّى بقاع الدنيا بسبب إرث تخلُّف ضخم واستبداد متجذِّر .
من بين أكثر الأحمال ثقلاً موضوع مكانة وحقوق ومسؤوليات المرأة العربية في مجتمعات الغد العربي المنظور . إنه موضوع لا يمكن تأجيله لأنّه ينفجر كل يوم في وجوه الجميع، إضافة إلى أنّه موضوع مرتبط أشدّ الارتباط بنوع وشمولية وعمق وإنسانية التغيير المجتمعي العربي الذي تريد هذه الثورات والحراكات أن تحقّقه .
من هنا الأهمية الكبرى لتجنُّب الوقوع في النظرات السطحية الخاطئة لهذا الموضوع وتجنُّب السُّقوط في الفخاخ التي تنصبها هذه الجهة أو تلك من أجل اختزال موضوع المرأة العربية، إمّا في مواقف عدوانية جامدة متخلفة وإما في ممارسات مظهرية تحقيرية لإنسانية المرأة، تخدم من لايريدون للمرأة إلاّ أن تكون سلعة للبيع والشّراء والاستهلاك الغرائزي المبتذل النَّهم .
قيادات الثورات والحراكات يجب أن تنأى بنفسها عن الدّخول في سجالات هذين الطّرحين العبثيّين سواء أكان من قبل بعض الرجال أم كان من قبل بعض النساء في الداخل، أم كان من قبل بعض المهووسين بهذه الطرُوحات في الخارج . وهذا النأي بالنفس عن المماحكات الطفولية البائسة ينسجم تماماً مع أهم شعار طرحته الثورات والحراكات: شعار الكرامة الإنسانية، والإنسانية تشمل الرجل الإنسان والمرأة الإنسانة، جسداً ومشاعر وفكراً وحقوقاً وفرص حياة .
ولما كان تاريخ المجتمعات البشرية قد أظهر أن أحد أهم المداخل لترسيخ الكرامة الإنسانية في الواقع هو التطبيق الصّارم لمفهوم المواطنة، فإنّ التركيز على مقتضيات هذا المفهوم العملية في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة من مسيرة الثورات والحراكات، سيكون الأفضل والأجدى كمدخل لرفع الظلم التاريخي الذي لحق بالمرأة العربية .
النظر إلى المرأة كمواطنة سينقل السّجال من ساحات التعصُب والابتذال الحالية إلى ساحة الحقوق الكاملة غير المنقوصة التي تنصُ عليها الدساتير والقوانين الدستورية، إلى ساحة المساواة في الفرص الحياتية (التعليم والصحة والعمل والأجر والسكن والمناصب وكل النشاطات الأخرى في المجتمع وسلطة الدولة)، إلى ساحة الأخذ بعين الاعتبار والاحترام الكامل لكل خصائصها الطبيعية: البيولوجية والوظيفية، إلى ساحة العدالة والمروءة، بعيداً من المقارنات السخيفة في أمور الجسد والمشاعر والفكر والقدرات والأحلام والطموحات والوظائف التي تخطَّتها مسيرة الإنسانية، وآن الأوان أن نتخطّاها نحن في وطن العرب .
إن تلك المقاربة السياسية والحقوقية لموضوع المرأة العربية لا تعني أبداً توقُّف الباحثين والمفكرين والناشطين العرب، رجالاً ونساءً، عن محاولة التوصل إلى نظرة فكرية إبداعية موضوعية إنسانية عادلة بشأن المرأة، لتسهم في الخروج من المظالم والسوءات والحقارات التي أصابت المرأة عبر التاريخ البشري الطويل، في كل مكان، وإن بصور متفاوتة، وإلى يومنا هذا .
فكما أن النظرة المتعصِّبة الجاهلة الظالمة المستخفّة بحقوق وواجبات المرأة الإنسانية، والتي تمارس في كثير من مجتمعات العالم بما فيها مجتمعات الوطن العربي، هي نظرة غير عادلة ومرفوضة رفضاً تاماً، فكذلك الأمر نفسه ينطبق على النظرة التي تتعامل مع المرأة كمصدر أساسي لتحريك وإشباع الغرائز الحسيّة والجنسية .
إن تلك النظرة تتمثّل عملياً في الاستعمال البذيء التحقيري لجسد المرأة وتعبيراتها الحركية في الإعلان عن كل بضاعة، في تسويق كل منتج، في الإغواء نحو كل صرعة وكل موضة، وفي خلق كل حاجة استهلاكية تبذيرية غير ضرورية . إنها تتمثّل أيضاً في إمبراطوريات صناعة المكياج التي قلبت المرأة إلى لعبة للتسلية، وفي عمليات تجميل وشدٍّ وإخفاء وتكبير وتصغير لكل ملمح فى وجه المرأة وجسدها، وإلى إمعان متصاعد في تعرية المرأة كبضاعة وكجذب .
هكذا تشيَّأت المرأة وأصبحت بضاعة في الأسواق العولمية الاستهلاكية لتخدم جشع الرأسمالية المتوحِّشة المنفلتة من كل قيم ومن كل التزام .
إنها النظرة الثقافية العولمية تجاه المرأة التي ترفع لواءها بعض المجتمعات وتريد أن تجعل منها ثقافة كونية .
من هنا فإن ثورات الربيع العربي التي أبدعت في ممارسة مناهج ثورية جديدة وأبهرت العالم، مطلوب منها أن تسهم، إن لم يكن حالياً ففي المستقبل، في تشجيع مفكّريها وعلماء اجتماعها ومراكز بحوثها، للخروج من النَّمطين البليدين السَّابقين إلى رحاب نظرة ثقافية إنسانية تنقل المرأة من نظرات وممارسات التّشْييء والتبضيع التحقيري نحوها من جهة، وكذلك من التعصّب الظالم الاستعبادي تجاهها من جهة أخرى .
موضوع المرأة في قلب ثورات الربيع العربي والتعامل معه سيقرّر مدى نجاح وسموّ تلك الثورات .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.