ضياء رشوان: القضية الفلسطينية تتصدر الاهتمام العربي بإجماع غير مسبوق    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لحماية المرأة    لليوم السادس.. «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2025    فرصتك فى سوهاج    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    محافظ الغربية يجرى جولة بمدينة طنطا سيرا على الأقدام    ترامب: سنوقف قصف الحوثيين بعدما توصلنا لاتفاق    الجيش اللبناني يتسلم من حماس فلسطينيا ثالثا مشتبها بتورطه في إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل    بولندا تتهم روسيا بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية    هدف ملغي وبطاقة حمراء.. سموحة وطلائع الجيش يتعادلان سلبيا في صراع الهبوط    إبلاغ وكيل بيسيرو بالرحيل.. وطارق والرمادى فى الصورة    الآثار مزيفة! إحباط بيع تمثالين مقلدين من الجرانيت    تشييع جنازة «عيسى» فى الإسكندرية    أحدث ظهور ل ابنة نور الشريف    نجوم الفن وصناع السينما في افتتاح سمبوزيوم «المرأة والحياة» بأسوان    قصر ثقافة الفيوم ينظم محاضرة بعنوان "الأيدي العاملة"    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    أمين الفتوى: الزواج قد يكون «حرامًا» لبعض الرجال أو النساء    شروط صحة الحج كما بينها العلماء.. دليلك قبل الإحرام    حالة الطقس غدا الأربعاء 7-5-2025 في محافظة الفيوم    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الحكومة المؤقتة في بنجلاديش    البابا تواضروس الثاني يزور البرلمان الصربي: "نحن نبني جسور المحبة بين الشعوب"    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    نجم برشلونة يضع محمد صلاح على عرش الكرة الذهبية    موسكو: نحارب «النازية» الجديدة التي ظهرت في أوكرانيا بمساعدة ودعم الغرب    ضبط مصنعات لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى فى حملة بسوهاج    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    في يومه العالمي- 5 زيوت أساسية لتخفيف أعراض الربو    مشروبات صحية يُنصح بتناولها لمرضى السرطان    وزير الاستثمار يلتقى رئيسة البنك الأوروبى لتعزيز الاستثمارات الأوروبية فى مصر    الأهلي يحيي الذكرى ال 23 لرحيل صالح سليم: الأب الروحي..لن ننساك يا مايسترو    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    "الخارجية" تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    رئيس الجمعية الكورية للمسرح يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    إلغاء الرحلات الجوية بعد استهداف مطار بورتسودان بمسيرات للدعم السريع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارثة على النيل
سد النهضة يهدد بنقصان حصة مصر 10 مليارات متر مكعب من المياه ويزيد فقرها المائي

أعلنت إثيوبيا البدء في تحويل مجري النيل الأزرق تمهيداً للبدء في إنشاء سد النهضة الإثيوبي وهى الخطوة التي سبقها توقيع دولة بوروندي على الاتفاقية الاطارية لتنمية حوض النيل،
وبذلك يكون قد استكملت توقيع ست دولة والتي يطلق عليها دول المنابع على هذه الاتفاقية والتي دارت حولها العديد من المناقشات أثناء مؤتمر شرم الشيخ في ابريل سنة 2010 وما بعده.
ولما كانت مشكلة مياه نهر النيل تدخل وبأسبقية أولى في اطار أولويات الأمن القومي المصري يتطلب الأمر إلقاء الضوء على هذه القضية وصولاً الى وضع التصورات الحقيقية التي تحقق تأمين موارد المياه والحد من السلبيات التي تؤثر على أمن مياه دول المصب خاصة مصر كالتالي:
أولاً: الأبعاد الحقيقية لمشكلة مياه النيل.
إن دول حوض نهر النيل هى دول المنبع وهي كينيا - تنزانيا - أوغندا - رواندا - بوروندي - الكونغو - اثيوبيا - إريتريا ودول المصب وهى جنوب السودان - السودان - مصر، وتشكل حصيلة نهر النيل 5٪ من كمية الأمطار التي تسقط على الهضبة الاستوائية والهضبة الإثيوبية، والتي تساهم بنسبة 85٪ من إيرادات نهر النيل، ولقد تم الاتفاق على أن تكون حصة مصر 55.5 مليار متر مكعب والسودان وجنوبه 18.5 مليار متر مكعب من خلال اتفاقيات وقعت بين دول حوض النيل منذ عام 1894 و1903 و1929 وآخرها عام 1959 مع السودان بعد انشاء السد العالي.
تتمثل الأبعاد الحقيقية للمشكلة الحالية حول مياه نهر النيل في التالي:
إن الصراع بين دول المنبع ودول المصب يتركز في عدة محاور رئيسية هى حق كل دولة في السيادة على مياه نهر النيل داخل حدودها واستغلالها بحرية كاملة للاستفادة منها في إنعاش اقتصادها القومي لتوفير مصادر الطاقة من خلال إنشاء شبكة من السدود وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التي أبرمت لتنظيم حصة دول المصب في مياه نهر النيل والتي وقعت من الدول المستعمرة بالنيابة عن هذه الدول والمطالبة بعدم الالتزام بهذه الاتفاقيات.
تقود إثيوبيا هذا الصراع منذ عام 1995 لثقلها فيه، حيث يعتمد إيراد نهر النيل عند أسوان على الامطار التي تهطل على اثيوبيا والتي تمثل 87٪ من ايراد نهر النيل من خلال ثلاثة روافد أساسية أولها النيل الأزرق ويمثل 68٪ من هذا الإيراد وثانيها نهر عطبرة الذي ينبع أيضاً من إثيوبيا ويمثل 14٪ من هذا الإيراد والرافد الثالث النيل الأبيض ويمثل 18٪ من الإيراد والذي ينبع أيضاً من الهضبة الاستوائية ويصب فيه نهر السباط الذي ينبع من اثيوبيا وبذلك تسهم الأمطار التي تسقط على اثيوبيا في إيراد النهر ب 68٪ من النيل الأزرق و14٪ من عطبرة و5٪ من السوباط.
وبناء على ما سبق فلقد طالبت اثيوبيا منذ سنة 1995 بضرورة البدء في مشروع الاتفاقية الاطارية لدول حوض النيل وتكوين مجلس وزاري لها واستمر التباحث حول إطار الاتفاقية في 2005 الا أنهم قد اختلفوا حول بندين رئيسيين هما علاقة الاتفاقية الاطارية بالاتفاقيات السابقة والتي رفضت اثيوبيا الربط بين هاتين الاتفاقيتين ورفضها أيضاً للإخطار المسبق عن المشروعات التي تنوي دول المنبع القيام بها على مجرى نهر النيل لأن ذلك يعتبر حقا أصيلاً لها، بالاضافة الى المطالبة بأن تتضمن الاتفاقية الاطارية بندا عن الأمن المائي لدول المنبع، واستمرت هذه الاختلافات دون تحقيق أية نتائج إيجابية للاتفاقية الاطارية لدول حوض نهر النيل مما حدا بدول المنبع عدا اريتريا الاعلان عن توقيع الاتفاقية الاطارية لدول المنبع فقط دون دول المصب يوم 14 مايو 2010 واستكملت توقيعها بوروندي في أول مارس سنة 2011.
قصور وتضارب المعلومات المتوافرة عن المشروعات التي نفذتها دول المنبع أو تصوراتها الحقيقية المستقبلية للاستفادة من حصيلة نهر النيل ومدى تأثيرها سلباً على حصيلة دول المصب في حالة قيام دول المنبع بتنفيذ أية مشروعات على مجرى نهر النيل خاصة اثيوبيا، والتي أفادت المصادر بأن وكالة الري الامريكية قد قامت بدعوة من الحكومة الاثيوبية بإجراء تحقيق شامل عن استخدامات دول النهر وانتهت الدراسة سنة 1970 وتضمنت ضرورة قيام اثيوبيا ببناء شبكة من السدود على النيل الأزرق لتوليد الطاقة وزراعة مساحات شاسعة من المحاصيل التجارية وأن بناء هذه السدود سيوفر لاثيوبيا 73 مليار متر مكعب من المياه و5570 ميجاوات من الطاقة، وتضمنت خطة تنفيذ هذه السدود الفترة من سنة 2000 الى سنة 2028 لبناء خمسة سدود رئيسية، كما أفادت مصادر أخرى أن اثيوبيا لديها خطة طموحة لإنشاء 33 مشروعاً للسدود على حوض النيل الأزرق والتي صنفت الى أربعة أنواعها أولها 14 مشروعاً للتنمية الزراعية لتحويل 413 ألف هكتار للري الدائم من خلال انشاء محطات رفع المياه من نهر النيل الأزرق وتضمنت الخطة انشاء 8 سدود لتخزين أربعة مليارات متر مكعب و10 سدود لتوليد الطاقة لتخزين 88 مليار متر مكعب و6 سدود لتحويل 630 ألف هكتار أيضاً للري الدائم، وتبلغ السعة التخزينية لها 13.2 مليار متر مكعب وسد آخر لتوليد الكهرباء، بالإضافة أيضاً الى ندرة المعلومات عن حقيقة التدخلات الأجنبية السياسية والاقتصادية في دول المنبع ومدى قدرتها على التأثير على صناعة القرارات في هذه الدول ومدى تأثيرها السلبي على مصر.
ثانيا: المعالجة الحقيقية لمشكلة مياه نهر النيل
بالرغم مما سبق فلقد تمت معالجة القضية من جانب مصر منذ بدايتها في إطار الاتفاقيات المبرمة لضمان حصة دول المصب دون النظر للمشكلة الاقتصادية لدول المنبع والتي تعتبر المشكلة الرئيسية في هذا الصراع والتي دون المساهمة في حلها فلن تستقر العلاقة بين دول المنبع ودول المصب، مع الوضع في الاعتبار أن الاتفاقيات التي تستند عليها مصر وإن كان تنظم حقوق دول المصب فإنها لا تحكم حالياً تصرفات دول المنبع واقعياً في ظل الثوابت والحقائق التالية.
إن ايراد نهر النيل من حصيلة الأمطار التي تسقط على الهضبة الاستوائية والاثيوبية تشكل 5٪ من اجمالي كمية الأمطار التي يبلغ حجمها 1660 مليار متر مكعب سنوياً.
إن دول المنبع لا تحتاج حالياً لمياه نهر النيل للزراعة وتعتمد في الزراعة على مياه الأمطار الغزيرة والتي تزيد على احتياجاتها في ظل النظام الحالي للزراعة وأن التحول الى الري الدائم يحتاج الى استثمارات كبيرة ويكتنفه صعوبات رفع المياه لارتفاع منسوب الهضبة عن النهر.
إن توليد الطاقة الكهربائية باستغلال مياه النهر تحتاج الى استثمارات تفوق إمكانيات هذه الدول وتحتاج الى دعم خارجي كبير.
ان الانحدار الشديد للهضبة الاستوائية والاثيوبية يؤدي الى زيادة سرعة تدفق مياه الأمطار وبالتالي يصبح التعامل معها يشكل صعوبة بالغة وتحتاج الى سدود ذات مواصفات عالية الكفاءة للحد من انهيارها.
وإذا ما انتقلنا الى تقييم موقف اثيوبيا بصفة خاصة باعتبارها المتصدرة لقيادة الصراع بين دول المنبع ودول المصب وصولاً لتفريغ الاتفاقيات التي تستند اليها دول المصب من مضمونها لتمرير إنشاء مشروعاتها دون قيود عليها لتوفير منظومة مشروعات لديها بدعم امريكي وغربي وآسيوي وخاصة الصين وفي هذا الإطار فإننا نشير الى التالي:
- إن اثيوبيا لديها حزمة من المشروعات التنموية في مجال توليد الطاقة الكهربائية وتوسيع الرقعة الزراعية من خلال الري الدائم، ولقد قدرتها المصادر المختلفة ب 33 مشروعا يعتمد بالدرجة الأولى على انشاء السدود على مجرى نهر النيل الأزرق الذي يساهم في ايراد نهر النيل بنسبة 68٪ منه.
- توسعت اثيوبيا في إنتاج الوقود الحيوي بمشاركة شركات دولية قناعة منها بالتكلفة العالية لاستخدام البترول وتقلبات أسعاره غير المحسوبة في ظل ضعف الاقتصاد الاثيوبي ولأنها دولة غير بترولية مع وفرة الأراضي الزراعية والأمطار الغزيرة ويعمل بها حالياً 58 شركة أجنبية من جميع دول العالم في هذا المجال منها 3 شركات اسرائيلية لزراعة حوالي 100 ألف هكتار وخمس شركات اسرائيلية مشتركة مع قبرص وألمانيا وكينيا وإثيوبيا بمساحات تقدر ب 85 ألف هكتار بالإضافة الى المملكة العربية السعودية والتي تستحوذ على 300 ألف هكتار لانتاج الوقود الحيوي لإثيوبيا.
- وعلى ضوء كل ما سبق ومن خلال نظرة تقييمية لمعالجة ملف مياه نهر النيل منذ بداية الأزمة مع أطراف الصراع فإننا نورد التالي:
لقد عالجت وزارة الري المصرية هذا الملف من خلال المناقشات مع دول المنبع تناولت فيه الشكل دون تقييم حقيقة دوافعه لأنه يتعدى واقعيا حدود مسئولياتها وكان الأمر يتطلب معالجة هذا الملف من خلال اللجنة العليا لمياه نهر النيل لاستكمال الجوانب السياسية والاقتصادية مع دول المنبع والتي تمثل صلب الموضوع ولدعم موقفها في مفاوضاتها مع هذه الدول.
إن العديد من المناقشات استمرت في ظروف وملابسات مشبعة بالريبة والشك وانعدام الثقة، بالإضافة الى أنها كانت تتسم بالتعالي وصل أحياناً الى حد الغطرسة مما تولد عنه عناد إثيوبيا في جميع مراحل التفاوض والتمادي في مواقفها المعادية لمصر.
إن انعدام الشفافية وقاعدة المعلومات عن الملف المائي لنهر النيل قد أدت بوسائل الإعلام الانزلاق الى الحملات الاعلامية ضد دول المنبع وخاصة اثيوبيا مما أدى الى خلق ردود فعل سلبية للغاية تجاه المواطن المصري لشعوره بما يهدد حياته اليومية واحتياجاته من المياه، بالاضافة الى إضفاء بطولات على اسرائيل بقدرتها على العبث بمقدرات احتياجات دول المصب من مياه نهر النيل.
إن الإرادة السياسية للدول تنبع من قدراتها واستقرارها المجتمعي داخليا وبالتالي فإن السياسة الخارجية هو انعكاس حقيقي للأوضاع الداخلية التي تعاني قصوراً أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، ومما لا شك فيه أن هذه الأوضاع قد شجعت أثيوبيا على التمادي في موقفها دون أية اعتبارات لموقف مصر.
وإذا ما تناولنا صلب المشكلة الرئيسية للإجابة عن التساؤلات الحقيقية هل توجد خطورة على حصة مصر من مياه نهر النيل ولأي مدى فإننا نشير الى الحقائق والثوابت التالية.
إن الأمن المائي لمصر أحد الروافد الأساسية للأمن القومي المصري بمفهومه الواسع وأن أية اعتداء على حصة مصر المائية من موارد نهر النيل يهدد الأمن القومي لمصر بعناصره السياسية والاجتماعية والاقتصادية باعتباره رمانة ميزان المجتمع.
إن سد النهضة الاثيوبي بمواصفاته الهندسية الحالية لتخزين 74 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق يهدد حصة مصر المائية بالنقصان بكمية تصل الى 10 مليارات متر مكعب من المياه في ظل فيضان فوق المتوسط ويمكن زيادتها في حالة ورود فيضان أقل من المتوسط وبما يؤثر سلباً على الرقعة الزراعية والقدرة على توليد الكهرباء من السد العالي وخزان أسوان لانتقال موقع التخزين الاستراتيجي للمياه من خلف السد العالي الى خلف سد النهضة.
إن نقصان حصة مصر المائية من موارد نهر النيل سيؤدي الى زيادة معدل الفقر المائي للشعب المصري الى 550 متراً مكعباً سنوياً إذا ما قورنت بأن معدله لابد أن يزيد على 1000 متر مكعب للفرد سنوياً.
إن إثيوبيا لديها حزمة من مشروعات السدود ومشروع سد النهضة هو بدايتها ولقد أفادت المصادر أنه من المتوقع استغلالها لكمية من مياه نهر النيل الأزرق تصل الى 105 مليارات متر مكعب على حساب دول المصب مع الوضع في الاعتبار أنها تتحكم في اعلان مواصفات سد النهضة بالشكل الذي يعوق عمل اللجنة الثلاثية بالإضافة إلى أنها تحاول كسب الوقت لفرض الأمر الواقع على الأرض.
إن خطورة الموقف المائي لمصر تتمثل في فترة تخزين المياه خلف سد النهضة والتي من الممكن حرمان مصر من حصتها السنوية في فترة الفيضان.
إن تدخل اسرائيل في منظومة مياه سد النهضة يحقق لها ورقة ضغط على مصر للمطالبة بمدها بكمية من مياه نهر النيل عن طريق مصر خارج الحصة المتفق عليها وبالتالي تدخل مصر في دوامة الابتزاز الاسرائيلي غير المباشر منها.
إن الصراع السياسي الذي تقوده اثيوبيا إنما هو في حقيقته تصفية لمواقف سياسية سابقة مع نظام الحكم السابق، وجدت في ذلك الوقت مجالاً مناسباً له لإطلاق الاتفاقية الاطارية بالإضافة الى استغلال ماتشهده مصر حالياً من انهيار الدولة وغياب إرادتها السياسية داخليا وخارجيا وخاصة افريقيا للبدء في تنفيذ سد النهضة.
إن اسرائيل لديها علاقات وثيقة مع اثيوبيا تركزت في تدريب وتسليح قواتها المسلحة منذ فترة طويلة ولديها نشاط زراعي واقتصادي في اثيوبيا من خلال استغلال حوالي 100 ألف هكتار مستأجرة من اثيوبيا بواسطة 3 شركات اسرائيلية بالإضافة الى مساهمات اسرائيلية في خمس شركات مع ألمانيا وكينيا وقبرص واثيوبيا لانتاج زراعات لاستخراج الوقود الحيوي من مساحات تقدر ب 85 الف هكتار، كما أن لديها خطة للاقتصاد الاقليمي لغزو دول الشرق الأوسط وافريقيا سياسياً واقتصاديا وملء أية فراغات في القارة الافريقية خاصة بعد انحسار النفوذ المصري في افريقيا تمشياً مع ثوابتها بتحقيق الامتداد الاسرائيلي بالوجود والنفوذ خارج حدودها.
ولذلك فإنه وفي ظل تفهم شرعية المطالب الاثيوبية تجاه الاستخدام الامثل لمياه نهر النيل إلا أنه وفي نفس الوقت لابد من ضمان حقوق مصر التاريخية في مياهه طبقاً للاتفاقيات المبرمة في هذا المجال من خلال مسار تعديل المواصفات الهندسية والفنية لسد النهضة والعودة الى المواصفات التي وضعتها وكالة الري الامريكية بألا تزيد القدرة التخزينية لسد النهضة على 20 مليار متر مكعب لتلافي سلبيات التأثير على حصة مصر المائية وما يترتب عليها من زيادة حد الفقر المائي للشعب المصري بالإضافة الى نقص الرقعة الزراعية والطاقة الكهربائية من خلال المسارات التالية:
إطلاق حملة إعلانية ضد سد النهضة بمواصفاته المعلنة حالياً استناداً على حرمان مصر من حصتها المائية في فترة ملء الخزان بالاضافة الى تعرضها للنقصان لمدة لا تقل عن 8 سنوات في ظل فيضان فوق المتوسط يمكن زيادتها الى معدلات أكبر في حالة فيضان تحت المتوسط بالإضافة الى افتقار سد النهضة الحالي لمعامل الأمان والذي يهدد السكان والمنشآت المائية المصرية حتى أسوان.
البدء في حملة دبلوماسية مع اثيوبيا ودول المنبع لتوضيح مدى الأضرار التي ستواجهها مصر والمترتبة على إنشاء السد بمواصفاته الحالية مع التأكيد على أن مصر تفضل التعاون مع دول المنابع وخاصة إثيوبيا بعيداً عن الصدام معها.
إثارة ضرورة احترام المركز القانوني لمصر في مياه نهر النيل طبقاً للاتفاقيات المبرمة في هذا المجال من محافل المنظمات الدولية والبنك الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية.
الاتصال بالدول المانحة بالطرق الرسمية لإبلاغهم بمدى الاضرار التي ستلحق بمصر في حالة بناء سد النهضة الحالي والتهديد بأن الاستمرار في دعمه يؤثر سلبا على العلاقات الاقتصادية والسياسية معها.
الاستفادة من علاقات الكنيسة المصرية والأزهر مع دول المنبع للضغط على اثيوبيا لتعديل مواصفات سد النهضة بما لا يضر بالموقف المائي لمصر.
ودعما لكل ما سبق فإن نظام الحكم الحالي مطالب بضرورة اتخاذ اجراءات حقيقية للحد من الانقسام السياسي الحالي وإطلاق مبادرة لم الشمل بعيداً عن الشهوة السياسية لجماعة الاخوان المسلمين وعلى منظمات المجتمع المدني المصرية الحشد في هذا الاتجاه لإجبار نظام الحكم على تحقيقه أملاً في تحقيق مصالحه مع الموقف الامريكي قد تساعد في الضغط على اثيوبيا.
واستكمالاً لمنظومة الضغط على اثيوبيا للحد من الأضرار التي تواجه مصر من سد النهضة فإنه على جماعة الاخوان المسلمين البدء فوراً في استنفار جميع قوى الاسلام السياسي في الدول المجاورة لاثيوبيا للتلويح بالتدخل للحفاظ على حقوق الشعب المصري المكتسبة والمستقرة في مياه نهر النيل.
وعلى ضوء كل ما سبق فإنه ومما لا شك فيه فإن مصر تتعرض لكارثة وطنية وقومية تهدد الأمن القومي المصري من جراء بناء سد النهضة الاثيوبي خاصة وأنه لولا حالة الانهيار السياسي والاقتصادي التي تشهدها مصر حالياً ما كانت اثيوبيا قد تجرأت وبصلف وخداع شديد البدء في اجراءات بناء السد بالمواصفات الهندسية التي تؤثر سلبا على الأمن المائي لمصر وتأثيره المدمر على الزراعة والطاقة الكهربائية وهو ما يتطلب مواجهة الاجراءات الاثيوبية من خلال التالي:
دعوة مجلس الامن القومي للانعقاد لادارة الازمة واستمراره في حالة انعقاد دائم لحين انتهائها لأن ذلك الحدث يفوق إمكانيات مجلس الوزراء خاصة وأن رئيسه من المتورطين في سوء ادارة الملف المائي لمصر وإنشاء قاعدة معلومات حقيقية عن المشروع بتفعيل وتنشيط مصادر الحصول على المعلومات الميدانية عنه مع إطلاق التعبئة الشعبية والسياسية من خلال توافق سياسي مجتمعي.
توجيه إنذار لاثيوبيا لوقف العمل في بناء السد وإخطارها بأن البدء في اجراءات تحويل مجرى النيل الازرق يمثل حالة من حالات اعلان الحرب على مصر ولذلك فإن كل الخيارات امام مصر مفتوحة بما فيها التعرض العسكري للدفاع عن حقوقها.
إخطار الاتحاد الافريقي ودول بأخطار انشاء السد الاثيوبي على مصر وتهديده للأمن المائي لها والأمن القومي المصري.
البدء فوراً في اجراءات الردع السياسي والاقتصادي للدول المانحة للمشروع والدول العاملة فيه وخاصة اسرائيل بإعادة صياغة الخطاب السياسي لها وتحذيرها بأن العبث بمقدرات الشعب المصري وحقوقه التاريخية في مياه نهر النيل يخل ويهدد الالتزام باتفاقية كامب ديفيد.
إخطار الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي والاتحاد السوفيتي والأمم المتحدة بالتهديدات التي يتعرض لها الشعب المصري في أمنه المائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.