«راغب علامة» صوت يحمل سمات وطنه، فلا ينفصل عنه كأنه معجون ومجنون به، يغني للحب كأن محبوبته آتية من جبال لبنان، فهو من نصير المرأة التي يراها في أغنيته شو مهضومة، ومبهزرش، ودائماً يغني لها، وإذا تواجد في مكان أشاع بين الجميع المرح والحب، يضع علي عاتقه رفع معنويات من حوله، ورأيناه في برنامج «أراب أيدول» يقدم درساً للمحكمين من حيث بساطته وتقبله للآخر بدءاً من المشتركين وصولاً إلي أعضاء طاولة التحكيم، فقد استطاع بروحه المرحة احتواء الجميع، له جمهور كبير يحضر خصيصاً لرؤيته والاستمتاع بصوته في أحلك الأوقات، مخترقين أصوات المدافع ورائحة الدم. وكانت بداية حديثي معه بسؤال: لبنان رايحة فين؟ - وكان رده يحمل حزناً عميقاً داخله إن شاء الله لبنان رايحة للاستقرار بفضل شعبها، فتماسكه بالأرض والأمل يجعله يعمل المستحيل من أجل الاستقرار حتي لا يدوم الانقسام طويلاً. لكن الآن الشعوب العربية علي صفيح ساخن؟ - الأوطان موجوعة وأجهد جسدها، وتحتاج أن ترتاح وتتنفس الحرية، فعلي السياسيين أن ينظروا إلي بلادهم بعين الرحمة، وكفانا انشقاقاً، ولابد من توحد العرب ومساندتهم لقضاياهم، فالقوة سلاح يهزم أي معتد، فالوطن له قدسيته وترابه هو الكرامة. احتلت التيارات الإسلامية صدارة المشهد الإعلامى، ما يجعل الفنانين يتخوفون من تحريم الفن؟ - الفن والإبداع وحرية الكلمة لا تموت، وصعب أن تفرض سياسة دينية عليها، فالثقافة التي تعرف العالم طبيعة وتاريخ الشعوب وبدونها لا تحيا الأمم، وأنا شخصياً لا أتخوف من التيارات الإسلامية لأننا لن نسمح أن نعيش بدون فن. ما تحليلك لما حدث في مصر من تضارب في الأفكار والاتجاهات السياسية؟ - مصر هوليوود الشرق، ومهما حدث فيها هي أم العرب، وأعتبرها بلدي الثانى، وجمهورى المصرى له مكانة كبيرة لدى، فهو وش السعد علي كثير من مبدعي الوطن العربى. هل مشاهد القتل التي تذاع علي الفضائيات تؤلمك؟ - كثيراً ما تؤلمني هذه المشاهد وتجعلني أحزن علي الإنسان الذي يقتل ابن بلده لأنه اختلف معه أو خالف رأيه، فالمشاهد اكتأب من شدة بشاعة المشاهد علي الشاشات، ولهذا فهو دائماً يبحث عن بديل يخرجه من هذه الحالة فيلجأ إلي سماع الأغاني أو مشاهدة برامج المسابقات للاستمتاع بالطرب الأصيل. «أرب أيدول» وحدة عربية متكاملة العناصر؟ - كل شخص بالبرنامج يحمل قصة وطن، وعندما يغني يضع وطنه أمامه، فهو سفير بلاده ويعلم أن عليه تشريف دولته التي يحمل اسمها، ولو أخذنا كل شخص علي حدة لوجدنا حدوتة تحكي عن وطنه، فمثلاً مهند الذي أسعدني التعامل معه فهو جاء من العراق متمنياً استقراره وعودة الهدوء إلي أراضيه وحلم أن يقول للعالم إن العراق بها مواهب تبحث عن الأمل، ورغم خروجه، إلا أنه أصبح نجماً سيلمع في العراق، وعبدالكريم أطربنا بالموال السورى وتجويده لجميع ألوان الغناء، وأحمد جمال صوت مصرى أصيل، يذكرنا بالحضارة والتاريخ المصرى. ومحمد عساف من فلسطين يحكي قصة وطن اغتصب ويحاول استرداده وفرواس حسين من كردستان العراق، وفرح وجميع الأسماء يحتاجون إلي صفحات للحكى عنهم. ماذا تقول للجمهور الذي يعتبر الحكم الأساسى في التصويت للمتسابقين؟ - أقول لهم عليكم التصويت للأفضل بغض النظر عن دينه أو بلده أو شكله حتي يحصل علي اللقب من يستحقه. غنيت باللهجة الخليجية والعراقية، هل تحاول أن تعيد التراث العربى مرة أخرى؟ - المطرب يغني جميع ألوان الغناء وبأي لهجة عربية لأن تراثنا الغنائي مليء بأجمل الكلمات ولا أمانع في تقديمي لأغنية بأي لهجة عربية طالما أن العمل جيد. الفن رسالة سلام.. متي يكون الفنان سفيراً لنشر السلام في الدول المتنازعة؟ - توجد مجموعة كبيرة تعمل علي نشر المحبة والسلام بين الشعوب ووقف نزيف الدم بين أبناء الشعب الواحد، فالفن أسرع وسيلة لتوصيل ما نريد ويتفاعل الجمهور معه بشكل كبير، فالمطرب صاحب الشهرة له تأثير قوي علي تغيير الأفكار. فأنا سفير في الأممالمتحدة لشئون البيئة، وأسخر عدداً كبيراً من مشاريعي الفنية لصالح هذا الشعار، وأعمل علي نشر السلام لأن الحروب تدمر الأرض والإنسان، وتترك وراءها مخلفات يكون لها أثر علي البيئة. درست أصول العزف علي العود وبعض الآلات مما أهلك لاختيار اللحن الذي يتناسب مع صوتك؟ - دراستي في معهد الموسيقي أعطت لي كماً معرفياً كبيراً وأبحرت في عالم العزف والآلات، الموسيقى هل لغة العالم، ولابد من أن يكون لأى شخص ثقافة موسيقية، وأنا شخصياً دراستي أطلعتني علي موسيقانا الشرقية وأيضاً الغربية، وأصول التلحين. البعض يري أن مزج الموسيقي الشرقيةبالغربية تقضى علي تراثنا الموسيقى؟ - التراث الموسيقي لا أحد يقدر علي ضياعه فهو قائم بدليل عندما نشدو لأم كلثوم أو للموسيقار عبدالوهاب وصباح وآخرين، فهذا إحياء للتراث العربي، وفي برنامج «أراب أيدولى» لا يخلو صوت من غنائه لكبار المطربين، فمن أحب الغناء تربي علي سماع الموسيقي والأغاني القديمة في العالم العربى. أما المحاولات التي تضاف علي بعض الأغاني مثل الاستعانة بفرق إسبانية أو غيرها فهي محاولة لذوبان الموسيقي الغربية مع الشرقية، فالعالم أصبح قرية صغيرة تجلس عبر النت تسمع وتشاهد جميع الحفلات في العالم، وهذا لا يقلل من تراثنا، بالعكس نحاول كمطربين نشره وتعريفه علي مستوي العالم لأنه تراث صادق وأصيل في بث الوعي القومي الذي يربط الإنسان بماضيه وتراثه وهويته العربية. كيف تري برامج المسابقات الغنائية، وما ينقصها؟ - حالة لتخريج أصوات جيدة للساحة الغنائية، فنحن في احتياج لاكتشاف المواهب في الوطن العربى، وهذه البرامج فرصة للشباب، وأعتبرها أكاديمية لتعليم الغناء الصحيح، أحزن عندما يخرج متسابق، ولكن أصول اللعبة هي اختيار صوت واحد في نهاية المسابقة. وما يفرحني أن الأصوات تخرج من المسابقة نجوما يكملون مسيرتهم في بلادهم وعرفهم الجمهور، وأنصحهم أن يظلوا علي مستواهم بل يسعون للتجويد. ما حقيقة خلافك مع المطربة أحلام؟ - لا يوجد خلاف إطلاقاً وما يحدث بيني وبينها هو مناوشات لا أكثر، فأحلام صوت جميل يمتعنا بأغانيه فهي لون خاصة في عالم الأغنية الخليجية. وعلاقتي طيبة بجميع لجنة التحكيم، ورغم الوعكة الصحية التي مررت بها إلا أننى أحضر للتحكيم لحبي للتجربة ولأصوات المتسابقين. أشعلت حفلة منير مسرح «أراب أيدول» وأظهرت حبك لفنه؟ - منير صديق وفنان متمكن يختار أغانية بدقة، وصوته أمتعني وأدخل السعادة إلى قلبى، وأغنيته «مالك خايفة» تعطي أملاً للوطن، فما أجمل أن تسمع صوتاً مثل صوت هذا الفنان الجميل.