الأزمة التي طرحت مؤخرًا حول فن الباليه، والتي أثيرت من خلال أحد أعضاء مجلس الشورى، ربما يري الكثير من الناس أنها تعكس الواقع الفني المظلم الذي يعيشه الفن المصرى بصفة عامة، والفنون الراقية ومنها الباليه بصفة خاصة، لكن هناك جانباً آخر أراه مضيئاً في هذه الأزمة، وهو أنه آن الأوان لكي يعرف من يعملون بالسياسة في مصر، خاصة الذين ينتمون لتيار الدين السياسي أن العالم من حولنا لا يعرف عن مصر سوي حضارتها الفرعونية، وفنانيها، وهم أغلي وأهم سفراء لنا في العالم، لذلك أصبح علينا أن نلقي الضوء علي هؤلاء المبدعين الذين وضعوا اسم مصر جنباً إلي جنب مع عظماء الفنانين العالميين. ولنبدأ بفن الباليه الذي يراه بعض أحزابنا الدينية أنه فن يدعو للفجور ونشر الرذيلة في المجتمع، أهم سفير لنا في فن الباليه خلال السنوات الأخيرة هو الفنان هاني حسن صوليست فرقة باليه أوبرا القاهرة. ماذا قدم هاني حسن لمصر؟ والإجابة نوجهها لمن يهمه الأمر، سواء كان رئيس الجمهورية السيد محمد مرسي أو رئيس الوزراء السيد هشام قنديل أو وزير الثقافة السيد علاء عبدالعزيز. هاني حسن تم اختياره في عام 2004 كممثل عن كل أفريقيا للمشاركة ضمن خمسة صوليسات يمثلون قارات العالم الخمس لتقديم شخصية أوروبا في الأوليمبياد الثقافية التي أقامتها اليونان في 2004، والتي كانت تمهد بها لأوليمبياد دورة أثينا. وأتصور أن وجوهاً بين خمسة يمثلون العالم أجمع لهو أمر يجعلنا لمن يهاجمون الفن بصفة عامة.. أنتم تجهلون قيمة وطنكم، وقيمة الفن، وقيمة كل شىء جميل. هذا الفنان هاني حسن شارك كراقص زائر في العديد من المسارح العالمية منها في باليه «روميو وجولييت» بأوبرا باشكير في روسيا والكل يعلم أهمية روسيا في عالم الباليه، لذلك عندما يتم دعوة فنان مصري إلي هناك فهذا يعني أنه يحمل مواصفات فردية في هذا الفن. كما زار هذا الفنان إيطاليا وقدم بها العديد من العروض، منها باليه «كارمن». كما قدم باليه «زوربا» العام الماضي بأوبرا «سان كارلو» بنابولى، كما قدم أيضاً باليه «رودسيوس» العام الماضى. وفي 2001 شارك في «جالا كونسرت» أعظم راقص في العالم وهو فلاديمير مالاخو الروسى. ولم تتوقف إبداعات هاني عند هذا الحد، بل شارك مع مجموعة من أهم راقصى العالم في تقديم العديد من الباليهات العالمية منهم جوزبى بيكونى، وروبرتو بولو من إيطاليا وخوليو بوكا من الأرجنتين، وسيرجيس ليبرا من إسبانيا. بالطبع هذه ليست السيرة الفنية الكاملة لهذا الفنان، لكنها جزء من مشواره العالمى. وأتصور أن هناك فنانين مصريين كثيرين أعلنوا عن وصولهم للعالمية سواء في الغناء أو التمثيل، لكن جميعهم لم يشارك في مثل هذه الأعمال العالمية، وأمام هذه النخبة من المبدعين الذين تنتقل خلفهم الكاميرا حول العالم. هاني حسن نموذج لحالة نجاح الدولة لا تعرف عنها شيئاً بما فيها مؤسسة الرئاسة التي عندما قررت أن تدعو الفنانين قبل أشهر للقاء الرئيس جمعوا له الأسماء الرنانة من وجهة نظرهم، وأغلبهم ممن يعملون بالتمثيل والغناء. لم يدع فنان واحد له صفة العالمية، وربما هذا الكلام يحزن كل الذين حضروا، ولكنها الحقيقة صفة العالمية عندما نطلقها يجب أن تطلق علي فنان بحجم هاني حسن، زاد كل مسارح العالم الأولى. وهناك استقبلوه استقبال النجوم. هذه الأسماء هي الأمل إذا أردتم أن تكون هناك نهضة حقيقية لهذا الوطن. أما إذا أردتموها نهضة علي طريقة الإخوان فهذا يجعلنا نردد البقاء لله في الفن المصرى. الذين يرون أن الباليه ينشر الرذيلة كل وسائل الإعلام العالمية التي تناقلت هذا الخبر ترى أنهم ينشرون الجهل بين المجتمع، وبالمناسبة هاني حسن تلاقى مجموعة ضخمة من فنانين كبار في الباليه وغيره أعلنوا عن تضامنهم مع فناني الأوبرا فيما حدث. هاني حسن ليس الفنان الوحيد الذي يحمل تلك المواصفات العالمية، فهذه بداية السلسلة التي نقدمها كإهداء منا إلي من يهمه الأمر كما قلنا في البداية، لعل وعسى نستطيع أن نغير من الفكر المظلم الذي يريد أن يسيطر علي الوطن ويجعله وطن الخفافيش. مصر هي وطن الفن العربي وقبلة السينما والغناء والمسرح وستظل هكذا.