نقيب الصحفيين: مشروع قانون الفتاوى الشرعية به التباس في المادة 7    وزير الإسكان يتابع استعدادات منظومة مياه الشرب والصرف الصحي بمطروح لفصل الصيف    وزير الخارجية: القضية الفلسطينية تمر بالاختبار الأخطر أمام محاولات تصفيتها    الوحدة يفوز على الفتح بقيادة جوميز في الدوري السعودي    الخواجة: الزمالك طوال تاريخه رمز للأمان والاحترام.. ويجب إعادة ترتيب الفريق للموسم المقبل    خطوة جديدة من الهلال السعودي لحسم صفقة قائد مانشستر يونايتد    النيابة تعاين مسرح جريمة مقتل شخص ودفنه بشقة منذ 8 أعوام في الإسكندرية    قصور الثقافة تستضيف نادي القصة استجابة لنداء الكاتب الكبير محمد سلماوي    الرئيس العراقي يُعرب عن أمله في نجاح مفاوضات الولايات المتحدة وإيران    قانون الإيجار القديم.. ما الأماكن المستهدفة التي تنطبق عليها أحكامه؟ (تفاصيل)    تجديد حبس 3 متهمين بسرقة أعمدة الإنارة في منشأة ناصر    حريق يلتهم محصول قمح قبل حصاده في بني سويف.. والنيابة تبدأ التحقيق    وزير الشئون النيابية يشارك بالاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    اعتذار منى زكي ومنة شلبي.. طارق العريان يكشف مفاجآت عن «السلم والثعبان 2» (فيديو)    وزير الصحة خلال حفل يوم الطبيب: الدولة المصرية تضع الملف الصحي على رأس أولوياتها    بالزغاريد والرقص مع رامي صبري.. أصالة تشيع البهجة في زفاف نجل شقيقتها | صور    المؤبد وغرامة 500 ألف جنيه لتاجر عقارات بتهمة الإتجار في المخدرات بالعبور    «القابضة للأدوية» تحقق 1.5 مليار جنيه صافي ربح خلال 9 أشهر    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي التيرم الثاني 2025 في الدقهلية    "زراعة الفيوم" تواصل ضبط منظومة الإنتاج الحيواني بالمحافظة    جوارديولا: لم نتوقع ما فعله ساوثامبتون.. ولذلك شارك هالاند في اللقاء كاملا    متحدث "فتح" : توزيع المساعدات يجب أن يكون من خلال الأونروا وليس الإدارة الأمريكية    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : رسالة مفتوحة لمعالي وزير الأوقاف؟!    عوض باقوير: جولة مفاوضات إيران والولايات المتحدة غدًا حاسمة    تأجيل محاكمة طبيب تسبب في وفاة طبيبة أسنان بسبب خطأ طبي في التجمع    التيسيرات الضريبية... قبلة الحياة للاقتصاد الحر والشركات الناشئة في مصر    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    بنك قناة السويس يعزز ريادته فى سوق أدوات الدين ويقود إصدارين ناجحين لصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بقيمة 5.8 مليار جنيه    الكلاسيكو| أنشيلوتي يكشف موقف رودريجو ويؤكد: واثقون من الفوز    عطلوا أحكام الدستور.. تأجيل محاكمة 19 متهمًا ب«خلية المرج الثالثة»    نائب رئيس الوزراء: مصر تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    نصائح لوقاية العيون من تأثير ارتفاع درجات الحرارة    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى أجا في زيارة مفاجئة ويبدي رضائه عن الأداء    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    هل منع الزمالك عواد من التدريبات؟.. مصدر مقرب من اللاعب يؤكد والأبيض ينفي    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    خلافات بسبب العمل.. ضبط حلاق بتهمة قتل زميله بالعاشر من رمضان    دعوة شركات عالمية لمشروع تأهيل حدائق تلال الفسطاط    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    فيلم سيكو سيكو يقترب من حصد 166 مليون جنيه إيرادات    موقف بالدي.. فليك يحدد تشكيل برشلونة لمواجهة ريال مدريد في الكلاسيكو    الإحصاء :معدل التضخم الشهري 1.3% لشهر إبريل 2025    بينهم سيدة.. الجيش الإسرائيلي يعتقل 8 فلسطينيين بالضفة الغربية    أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبد العزيز.. فيفي عبده: الواحد لازم يصرف فلوسه كلها وميسيبش مليم لمخلوق    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    7 شهداء بينهم عائلة كاملة بقصف إسرائيلي على مدينة غزة الفلسطينية    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    مواعيد مباريات اليوم السبت 10- 5- 2025 والقنوات الناقلة    الجيش الباكستانى: الهند استهدفت ثلاث قواعد جوية باكستانية بضربات صاروخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نموذج التجربة التركية ينهار في أول اختبار
نشر في الوفد يوم 03 - 06 - 2013

قد يكون ربيعاً ثورياً جديداً يولد فى صيف اكثر سخونة واشد ضراوة فى يوم 30 من الشهر الجارى، فقد ارتفعت نداءات الشباب الغاضب المتظاهر فى تركيا، وأعلنوا انضمامهم وتضامنهم مع جموع الثوار فى مصر وتونس للخروج فى مظاهرات كاسحة لاسترداد ثورات الربيع التى اختطفها الإسلاميون فى مصر وتونس، مُتمثلان فى حزب الحُرية والعدالة الذى ولد من رحم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وكذلك حركة النهضة فى تونس التى تأسست أواخر الستينات تحت اسم الجماعة الإسلامية.
وقد بدت المُظاهرات الاحتجاجية التركية التى تفجرت يوم الجمعة الماضية فى ميدان التقسيم كالشراراة الأولى التى ستشعل الثورة فى تركيا، لتلحق هى الأخرى بدول الربيع العربى، وتطيح بنظام سياسى إسلامى متشدد حاول التوشح بالتسامح مع العلمانية ومع معارضيه، وجاءت هذه الغضبة من سُكان مدينة اسطنبول ضد خطة حكومة تركيا التى تتبناها بلدية تلك المدينة لبناء سوق تجارى يقضى على مساحات خضراء ويقتلع حوالى 600 شجرة، ويحرم المواطنين من مُتنفس حيوى يُحافظ على بيئة نظيفة، وهو الأمر الذى مازال حتى الآن قيد البحث والدراسة فى أروقة المحاكم ولم يصدُر قرار بشأنه بعد، لكن حدود الغضبة تجاوزت حديقة الاشجار، لتطالب باسقاط الحكومة التركية بل لتطالب بإسقاط النظام ككل.
«الوفد» تسبُر أغوار ما وراء مُظاهرات ميدان التقسيم وتعود بذاكرة التاريخ لعملية تفجيرى الريحانية جنوب تركيا بالقرب من الحدود السورية فى 12 من شهر مايو الماضى التى راح ضحيتها 143 بين قتيل وجريح، فقد كانت هذه الاحداث التى تصادف وقوعها ايضا فى شهر مايو، محركا لغضبة شعبية نجحت الحكومة فى احتوائها، فقد خرجت مظاهرات تركية على اثر التفجيرات تندد بسياسة الحكومة، وعدم قدرتها الامنية على حماية مواطنيها، وانشغالها بسياستها وتكريس مقاعد حكمها، وحاولت الحكومة التملص من المسئولية بصورة نسبية، وزعمت ان مُرتكبي الاعتداء ينتمون الى «مُنظمة تدعم النظام السوري وأجهزة استخباراته»، لكن هذا التبرير لم ينه حالة الاحتقان التى تزايد تراكمها بين صفوف الشعب بسبب الاستياء ورفض سياسة «حزب العدالة والتنمية» برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذى يحتل منصب رئيس الوزراء منذ 14 مارس 2003 ويملك حزبه غالبية مقاعد البرلمان.
وما بين مايو الماضى ونهاية مايو المنصرم الذى تفجرت فيه احتجاجات شعبية عارمة بتركيا لم تنته ويبدو انها لن تنتهى، كانت التجربة التركية تبدو فى ظاهرها كنقطة مضيئة او نموذج ناجح تحاول الانظمة الإسلامية التى اختطفت ثورتى مصر وتونس التمسح به، او السير وراء خطواته، وذلك بصورة سطحية دون النظر فى اعماق هذه التجربة، او ما يدور خلف الابواب التركية المغلقة من اعمال قعهر ومصادرة للحريات، واعتقالات وسجن لاصحاب الرأى والفكر من المعارضين، فقد بدت تركيا فى الواجهة وكأنها نجحت فى حل الاشكالية الايديولوجية بين الفكر الإسلامى والفكر العلمانى، واوجدت نقاط توافق مقبولة بين الاثنين، الا ان الواقع غير ذلك، الواقع يعيشه الشعب التركى الذى يرفض بكل قوة النموذج الإسلامى السياسى، ويسعى الى دولة مدنية علمانية، ويتطلع بكل امل وطموح الى اوروبا، حتى تفتح له ابواب الانضمام لعضوية الاتحاد.
ومع صعود انظمة إسلامية فى مصر وتونس بعد ثورات الربيع، ثارت حول مدى ملاءمة تجربة النموذج التركى لدول الربيع العربى وخاصة تونس ومصر، فحزب العدالة والتنمية الإسلامى فى تركيا بقيادة أردوغان يواجه مُعارضة شديدة، مثلما يواجه حزب الحرية والعدالة فى مصر حالة من الرفض طالت الرئيس مرسى الذى ينتمى للإخوان المسلمين، والدكتور مرسى الذى حرص على حضور المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية الذي عقد في تركيا فى وقت سابق، لدعم إرادة تركيا فى ان تكون شريكاً لمصر وحليفاً استراتيجياً لها، كما تتماثل تونس مع مصر بشكل يصل لحد التطابق في أحوال كثيرة فى معارضتها لسيطرة الإسلام السياسى على مفاصل الدولة، وهو الأمر الذى أكد انه فى كل من مصر وتونس فقد تيار الإسلام السياسي براءته وعدالته الدينية ولم يعد بقادر علي الزعم أنه لم يجرب تولى الحكم. فقد أخذ فرصته للحكم وأفسدها بشهواته الجامحة فى التمكين، ويؤكد تنامي حركات الاحتجاج الشعبي ضده أنه فشل في ادارة شئون البلاد.
حبس الصحفيين
وليس تقييمنا لفشل التجربة التركية كنموذج تتشدق به الانظمة الإسلامية الصاعدة مبنياً على فراغ، بل على حقائق ووقائع، اذ يؤكد تقرير لجنة حماية الصحفيين ان تركيا تحتل المرتبة الأولى بين دول العالم، حيث يوجد فى سجون تركيا 49 صحفياً أغلبهم من الأكراد المحبوسين بسبب نشر أعمال لهم على شبكة الانترنت والاصدارات الصحفية المطبوعة، ويضيف التقرير أن التهم الموجهة إليهم هى ممارسة الإرهاب أو الخيانة أو الإخلال بالأمن القومي أو نشر أخبار كاذبة، أو تهم انتقامية مثل حيازة المخدرات أو إثارة الشغب، كما كانت مؤسسة «فريدم هاوس» الأمريكية قد خفضت تصنيف تركيا في مؤشر قياسها السنوي حول حرية الصحافة من المرتبة 100 في عام 2002 إلى المكانة 103 في عام 2008.
كما ان حزب العدالة والتنمية تخلى عن وعوده لأبناء وطنه، فقد جاء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002 وسادت سمة من التفاؤل فى صفوف بعض من التيارات الليبرالية التى كانت ترى ان المعركة السياسية الحقيقية يجب ان تكون من أجل مُستقبل تركيا، الا انهم سرعان ما وصلوا الى مُفترق طرق بعدما تخلى حزب العدالة والتنمية عن وعوده فى تطبيق الليبرالية وزيادة مساحات الحُريات وإفساح المجالات للديمقراطية، وتمسك بجذوره الإسلامية السياسية غير الليبرالية، وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان وجدت قوى الليبرالية انهم انتظروا كثيرا دون جدوى وصدقوا حُلما لم يتحقق.
البطالة والأمية فى تركيا
وإضافة الى كل ما سبق، فإن اوضاع الشعب والمجتمع التركى يسير من سيئ الى أسوأ، رغم ما يتردد عن ان دخل المواطن التركى زاد 3 اضعاف منذ وصول اردوغان الى الحكم عام 2002، الا ان هناك ارتفاعا فى الاسعار والخدمات تبتلع تلك الزيادة، كما ان العدالة الاجتماعية مفقوده، ولايزال العسكر يمثلون الدولة العميقة فى تركيا ومن خلفهم الإسلامين، والبطالة متصاعدة، وهناك اكثر من 3 ملايين شاب من خريجى الجامعات يعملون فى مهن متدنية، لا تتناسب مع شهاداتهم الجامعية، وبلغ عدد العاطلين عن العمل في تركيا إلى مليونين و790 ألف شخص وهى نسبة تعتبر 17.8 % حيث ارتفعت فى عهد حزب العدالة والتنمية بعد ان كانت من قبل تبلغ 16.2 في المئة عام 2001، ويؤكد تقرير نشرته مؤخراً الغرفة التجارية في أنقرة أن عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة وصل إلى 12 مليون شاب منهم 4 ملايين أمي وعاطل عن العمل، مشيراً الى ان نسبة البطالة بين الشباب بالمُدن تصل إلى 72 في المئة وأن 68 في المئة منهم من الذكور و32 في المئة منهم من الإناث، وهذا يوضح ان المظاهرات الاحتجاجية التى اندلعت فى ميدان تقسيم لم تكن بسبب هدم حديقة وانما تفجرت نتيجة تراكمات واحتقان شعبى فى صدور الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.