الذين يصدقون أن جماعة الإخوان لها عهد ووعد، إنما هم يخدعون أنفسهم، وطبعاً الرئيس محمد مرسى واحد من هؤلاء، وآخر أنواع الخداع التى قامت بها «الجماعة» ومندوبها فى رئاسة الجمهورية ما حدث مع قضاة مصر الأجلاء.. ففى الوقت الذى يقوم فيه الرئيس بالإعلان صراحة عن تلبية مطالب القضاة ووعده بعدم مناقشة قانون السلطة القضائية داخل مجلس الشورى، وقيامه بالإعلان عن مؤتمر للعدالة يشارك فيه القضاة بمقترحاتهم الكاملة حول مشروع القانون.. بل إن الرئيس أعلن عن بدء المؤتمر واعتزامه زيارة القضاة والحديث إليهم، وفى خلال أيام قلائل يفاجئنا مجلس الشورى الإخوانى باعتزامه المضى قدماً نحو مناقشة قانون السلطة القضائية المعروض عليه، والذى أقل ما يوصف به أنه مشروع مشبوه يحقق مصالح الإخوان بالدرجة الأولى على حساب المصلحة الوطنية ويحدد الشورى يوم 25 مايو الحالى للمناقشة! ليس معنى ذلك أن الشورى يتحدى الرئيس، إنما هم سواء فى المخططات التى ترتكبها الجماعة ضد مصر، والذى يحدث هو بمثابة أدوار مقسمة داخل «الجماعة» ففى الوقت الذى يعلن فيه الرئيس استجابته لمطالب القضاة، ليستمر مجلس الشورى فى السير قدماً نحو المخطط الجهنمى لأخونة القضاه واستبدال الوطنيين بآخرين من المنتمين للجماعة، والذين يتصورون أن الرئيس لكل المصريين هم واهمون لأن «مرسى» لا يتحرك أبداً بدون تعليمات من مكتب الإرشاد، فمندوب الرئاسة لا يمكن أن يتصرف بمحض إراداته دون الرجوع إلى المقطم لتلقى التعليمات.. ولا أعتقد أبداً أن قضاة مصر قد صدقوا الرئيس عندما وعدهم بعدم مناقشة مشروع القانون داخل الشورى، ولا أعتقد أيضاً أن القضاة كانوا على ثقة بأن الرئيس سيوفى بوعده فى قيام القضاة بوضع مشروع قانون للسلطة القضائية، ولا أعتقد أيضاً أن الرئيس نفسه كان يضمن حديثه للقضاة، لأنه لا يمكن أن يتخذ قراراً بمفرده والواقع يثبت كل يوم أن «الجماعة» الحاكمة لا هم لها سوى المضى فى طريق أخونة مؤسسات الدولة، نجحوا فى خطتهم مع عدد من المؤسسات الصغرى وتمكنوا من إصابة جهاز الشرطة بانهيار شديد، وجاءوا بوزير للداخلية لا يفعل سوى ما تمليه عليه «الجماعة».. بل إن الوزير نفسه ارتكب جريمة تدليس كبرى عندما دافع عن الرئيس وزعم أنه لم يكن معتقلاً ولا هارباً من سجن وادى النطرون فى حين أن الرئيس نفسه اعترف بهروبه من السجن مع آخرين وتحدث هاتفياً لقناة الصهيونية التى تنفذ مخططات إسرائيل وأمريكا فى المنطقة. هناك ثلاث مؤسسات كبرى وطنية فى الدولة، لا يمكن للجماعة ومندوبها فى الرئاسة أن تفت فى عضدها أو تصيبها بأى انهيار مهما فعلت ومهما تطاولت ومهما سلطت أذنابها من المتأسلمين الذين ينتمون للدين الإسلامى، وهو برىء من كل تصرفاتهم.. هناك المؤسسة العسكرية التى لا تعترف بسلطة أعلى منها إلا سلطة الشعب، وهناك المؤسسة الإعلامية التى تسعى الجماعة بكل ما أوتيت من خطط جهنمية أن تنال من الإعلام والصحفيين الوطنيين الشرفاء.. صحيح أن هناك وسائل إعلام باعت نفسها للجماعة بالمال، لكن الغالبية العظمى من الإعلاميين الشرفاء وعلى رأسهم الجماعة الصحفية تقف بالمرصاد لكل محاولات الأخونة. وهناك مؤسسة القضاء التى لن تفلح «الجماعة» من غزوها أو النيل منها مهما فعلت «الجماعة» وأذنابها، وسيظل قضاة مصر هم الحصن الذى يلجأ إليه الشعب في كل ما يمر به من أزمات بل سيظل قضاة مصر على موقفهم الوطنى متصدين بكل حزم لأية محاولات تسعى إلى تخريب هذه المؤسسة الوطنية.. ومؤخراً هبت كل المؤسسات القضائية بالبلاد معلنة موقفاً صريحاً وواضحاً لا لبس فيه، هو التمرد على مخططات الإخوان ورفض المشاركة فى مؤتمر العدالة الذى دعا إليه «مرسى» ليكون بمثابة مصيدة للقضاة.. إن هذا التجبر الذى تمارسه الجماعة لن يطول، والرئيس الذى لفظه الشعب لن يستمر، وبما أن المصريين قد أعلنوا صراحة ذلك، فالأمر قاب قوسين أو أدنى.