مثل كل شىء جميل سرقوه باسم الثورة، اختطف «الإخوان» ما تبقى من أحلام المصريين، ويروجون الآن لمشروع تنمية إقليم قناة السويس، ويقدمونه على أنه نتاج فكرهم ومن صنع أصابعهم!!!. ونسى هؤلاء أن هذا المشروع ولد كفكرة وهدف تنموى استراتيجى فى عهد السادات، قبل أن يأمر مبارك بتنفيذه بعد تحرير آخر حبة رمل من سيناء الغالية عام 1982. لقد تجاهلت ماكينة الدعاية الإخوانية ما قدمه حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق من دراسات للمشروع، وما نفذه كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق عام 1997 من بنية أساسية ومرافق فى بعض المدن ومحافظات القناة المستهدفة، وما قامت به قواتنا المسلحة وهيئة القناة من دراسات وخطط وبرامج لخدمة المشروع قبل أكثر من عشر سنوات. والمشروع كهدف تنموى لا يختلف إثنان على أهميته، فحجم استثماراته يزيد على «100» مليار جنيه، ويوفر «50» ألف فرصة عمل فى أكثر من «20» محطة حاويات ومراكز شحن، يتم تنفيذها على ثلاث مراحل تنتهى عام 2030. وأعتقد أن كل مصرى غيور على أرضه ومقدرات بلاده، ويرغب فى إنقاذ اقتصادها، لن يرضى بالقانون المقترح لهذا المشروع، وسيرفض بالتأكيد بيع أرض محافظات القناة لعرب وأجانب تحت ستار «حق الانتفاع»، وكما يقولون يغور المال ويبقى الشرف والأرض. فالقانون العام الذى يصر الرئيس مرسى ورئيس حكومته هشام قنديل على تمريره، دون انتظار مجلس النواب، أو إزالة كل أسباب الانتقادات التى وجهت إليه من الخبراء والمختصين، يمثل «خازوقاً» كبيراً فى خاصرة الاقتصاد المصرى، وامتهاناً وإذلالاً لشعب قام بثورة من أجل أن يستفيد بكل جنيه يستثمر فوق أرض بلاده، وأن يحمى مقدرات ومواد مصر من العبث.. الخطير فى القانون المكون من ثلاثين مادة أنه سيخرج غير شرعى، ومطعوناً عليه دستورياً، عند إقراره من مجلس الشورى وليس من مجلس النواب، كما أنه يجعل من محافظات القناة الست «بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، سيناء الشمالية، سيناء الجنوبية، الشرقية»، إقليماً منفصلاً عن الدولة المصرية، ولا يخضع لدستورها وقوانينها مما يضرب الأمن القومى المصرى فى مقتل، ويذل المصريين، ويمتهن كرامتهم، فالعاملون بشركات المشروع لن يخضعوا لقوانين التأمينات والعمل المصرية وإنما للوائح وقوانين هذه الشركات. والأخطر من هذا وذاك أن الرئيس وحده دون أى وزارة أو جهة رسمية الذى يملك تعيين وإعفاء هيئة المشروع ومجلس إدارته المكون من رئيس و«14» عضواً، ليس من بينهم ممثل لوزارة الدفاع وهيئة قناة السويس اللتين تمتلكان أراضى المشروع، ولا تخضع هذه الهيئة لأى جهة رقابية، ومن حقها تعيين واختيار محافظى الإقليم. هذه السقطات الكارثية فى مشروع القانون، أجبرت الدكتور عصام شرف رئيس أول حكومة بعد ثورة «15 يناير» على الانسحاب وفريقه مؤخراً من الهيئة الاستشارية للمشروع، اعتراضاً على تجاهل مؤسسة الرئاسة لملاحظاته وآرائه، واحتجاجاً على استبعاده من اجتماعات الأمانة العامة للمشروع التى تخضع لسيطرة وهيمنة الإخوان. جميل أن تفكر الحكومة فى استكمال مشروع قومى تعثر سنوات لأسباب مختلفة، ولكن الأجمل والمفترض فعله أن تنسب المشروع لأصحابه، خاصة انه معروف وقتل بحثاً وتخطيطاً، وليس وهمياً كمشروع النهضة. وعلى الحكومة إعادة النظر فى مواد القانون التى تعيد المصريين إلى الامتيازات الأجنبية. وتجبرهم على رهن أرضهم وسيادتهم لدول هدفها الأول كسر مصر واستثمار معاناة المصريين وتردى أحوالهم المعيشية والاقتصادية.. وهو هدف لن يتحقق أبداً طالما يوجد مصريون شرفاء، يرفضون قوانين العار، وينتفضون لكرامتهم وعزتهم، يؤمنون بأن قناة السويس ومحافظاتها ومدنها ستبقي ملكاً للمصريين وليس لحماس ولا لأى فصيل من الإسلام السياسى يلعب داخل مصر أو يتربص بها وبأهلها خلف عباءة الإخوان.