لاشك فى أن الأستاذ هيكل يعلم يقيناً أن كثيراً مما كان يشاع عن الملك فاروق كان محض افتراء واجتراء على الحق والعدل.. ومن تلكم الشائعات عنه أيضاً أنه ما كان ليفيق أبداً من الخمر بينما هو لم يمسسها إطلاقاً طوال حياته.. أما إشاعة الأسلحة الفاسدة فكان إطلاقها بهتاناً عظيماً وقد نفى هذا القول صراحة الدكتور ثروت عكاشة فى كتابه مذكراتى فى الثقافة والسياسة.. هذه عينات وهينمات من كثير مما طرحته فى كتابى حوار مقالات.. وبالقطع المقال ليس موجهاً للأستاذ هيكل لأنه يعلم الحقيقة جيداً ولكن لكل من شاهده فى حواره مع لميس الحديدى ولعل الرد المناسب هو فيما اعترف به د. مصطفى الفقى أخيراً فى أحد البرامج التليفزيونية كثيفة المشاهدة من أن كثيراً مما كان يُقال عن فاروق غير حقيقى ومنه أنه كان عميلاً للإنجليز، نفى ذلك نفياً قاطعاً وقال إنه من هذه الزاوية كان وطنياً حتى النخاع ولم يكن قط ولا فى أى وقت عميلاً للإنجليز!.. وهو أيضاً ما قاله د. سيد أبو النجا على صفحات الوفد من أنه عاش ومات وهو على كراهية لأمه وللإنجليز!!.. وبهذه المناسبة هاكم ما قاله المرحوم ضياء الدين داود الرئيس الأسبق للحزب الناصرى فى حديث مسجل له وعليه بالتليفزيون المصرى من أنهم لو كانوا أخذوا بالديمقراطية ما وافق الشعب على ما قاموا به ولكنهم نفذوا ما أرادوا.. بمعنى ما رأوه وما ارتأوه.. مرة أخرى.. يعنى رغماً عن الشعب!!.. بل أذكر ما قاله عبدالناصر نفسه فى البداية من أنه يعلم أن كثيراً من المصريين لم يوافقوا على ما قاموا به ولكن الخوف منعهم!! أخطاء فاروق فعلاً كانت كثيرة ولكن فى مجملها ما كانت لترقى إلى جزء بسيط من جنايات عصر الأشاوس!.. تجاوزاً لهذه النقاط سأضرب مثلاً بدولتين أوروبيتين، إحداهما المملكة المتحدة أعرق ديمقراطيات العالم والأخرى ذات الحضارة الغارقة فى التاريخ اليونانى!.. فى الأولى قاد كرمويل انقلاباً عسكرياً وأعدم الملك وأعلن الجمهورية، وعندما ثار الشعب البريطانى حاكمه ميتاً وأدانه وأخرجه من مقبرته وقطع رقبته ونقله من مقبرته!.. وعادت المملكة المتحدة مرة أخرى إلى سيرتها الأولى!.. أما فى الثانية فعند وفاة ملك اليونان تولى ابنه الشاب قسطنطين عرش اليونان وعندما رفض بعناد وإصرار تدخلات جنرالات الجيش خلعوه عن عرشه وأعلنوا الجمهورية!.. ثار الشعب مرة أخرى، لا من أجل الملك، وإنما من أجل الشرعية فكانت البداية محاكمة العسكريين ونزع الرتب عنهم وأودعوا السجون لما قاموا به!! تلى ذلك استفتاء حقيقى بعيد بعداً مطلقاً عن كل استفتاءات مثلث الرعب والزيف والتسعات الخمس اختار الشعب فيه نظام الحكم الجمهورى بنسبة 65%. هكذا يكون العدل والمنطق سواء فى الأولى أو الثانية.. وأخيراً وليس آخراً فإن من قتل الإمام حسن البنا فى قول آخر هو من نفس الجماعة رداً على مقولته ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين عقب اغتيالهم للنقراشى باشا.. يا أستاذ هيكل.. فاروق لم يكن أبداً طبعاً أو تطبعاً دموياً وكان بإمكانه، لو كان كذلك، وأد حركة 23 يوليو فى مهدها ولكنه آثر عدم إراقة دماء جندى واحد على مذبح العرش!.. لا أزيد ولا أطيل حتى لا أكرر حقائق الوثائق التى ذكرتها فى كتابى حوار مقالات.