انتصار السيسي: عيد شم النسيم يأتي كل عام حاملا البهجة والأمل    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس وتعلن النتيجة    فى شم النسيم.. الذهب يرتفع 10 جنيهات وجرام 21 يسجل 3090    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    20 صورة ترصد استعداد حدائق "الري" لاستقبال المواطنين خلال شم النسيم    مقترح برلماني بإطلاق بوابة إلكترونية لتسهيل إجراءات التصالح في مخالفات البناء    القاهرة الإخبارية: معبر رفح يعمل بشكل طبيعي بعد قصف حماس لمنطقة كرم أبوسالم    قيادات إسرائيل تحيي ذكرى المحرقة.. ونتنياهو: حماس لديها نفس نية النازيين    "موقف الشناوي وعودة الثنائي".. تطورات جديدة في الأهلي قبل مواجهة الاتحاد السكندري    موقف الأهلي والزمالك، ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم    في ذكرى رحيل أسطورة كرة القدم المصرية.. صالح سليم حقق أرقامًا قياسية في البطولات والأهداف.. شارك في عدد من الأفلام السينمائية.. وهذا سر اعتزاله الفن    القبض على سائق دهس سيدة أثناء عبورها الطريق بالنزهة    حبس عامل بمطعم أنهي حياة أجنبي في مدينة نصر    إصابة أب ونجله في مشاجرة مع جيرانهم بالشرقية    معظمهم أطفال.. إصابة 7 أشخاص في حادث بأسيوط    خبير أثري: فكرة تمليح السمك جاءت من تحنيط الجثث عند المصريين القدماء (فيديو)    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية في حياة ماجدة الصباحي    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    الأوقاف تحدد رابط للإبلاغ عن مخالفات صناديق التبرعات في المساجد    يستفيد منه 4 فئات.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    «الري»: حدائق القناطر الخيرية تفتح أبوابها أمام زوار أعياد الربيع وشم النسيم    قبل لقاء الريال، توخيل يعبر نصف النهائي خلال 11 مرة مع ثلاث أندية    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    اقتراح برغبة لإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    تكثيف صيانة المسطحات الخضراء والمتنزهات بالمدن الجديدة مع عيد شم النسيم    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    عيد الأضحى 2024: متى سيحلّ وكم عدد أيام الاحتفال؟    أشجار نادرة وجبلاية على شكل الخياشيم.. استعدادات حديقة الأسماك لشم النسيم    الرئيس البرازيلي: التغير المناخي سبب رئيس للفيضانات العارمة جنوبي البلاد    رئيسة المفوضية الأوروبية: سنطالب بمنافسة "عادلة" مع الصين    نور قدري تكشف عن تعرض نجلها لوعكة صحية    إيران تدرب حزب الله على المسيرات بقاعدة سرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    «الرعاية الصحية» تطلق فعاليات المؤتمر العلمي الأول لفرعها في الإسماعيلية    عصير سحري تناوله بعد الفسيخ والرنجة.. تعرف عليه    "ماتنساش تبعت لحبايبك وصحابك".. عبارات تهنئة عيد الأضحى المبارك 2024 قصيرة للأحباب    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الغش التجارى».. ظاهرة تكتسح الأسواق
نشر في الوفد يوم 09 - 02 - 2023

فى الأسبوع الماضى وحده ضبطت الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة، عن 1193 مخالفة فى قضايا تموينية متنوعة، كما ألقت مباحث التموين، القبض على مدير محل بالقاهرة لحيازته 1027 هاتفًا محمولًا مقلدًا لإحدى العلامات التجارية ومدونًا به بيانات مغشوشة بالقاهرة، وتم ضبط 5 ملايين عبوة شاى ونسكافيه مقلدة فى طنطا داخل مصنع غير مرخص بالمناطق الزراعية النائية بعيدًا عن أعين الأجهزة الرقابية، إضافة إلى ضبط مصنعين لإنتاج المنظفات والرنجة المغشوشة وغير الصالحة فى كفر الزيات بالغربية.
هذا ما تم ضبطه، وما خفى كان أعظم.. والسب فى ذلك كله حالة جشع تسيطر على الأسواق، حيث يتلاعب كثير من التجار بقوت الشعب، تارة برفع الأسعار بشكل جنونى، وتارة بالتلاعب فى الموازين وتارة بالغش وتقليد المنتجات بمواد رديئة وغير صالحة للاستخدام الآدمى، وسط عجز الجهات الرقابية عن السيطرة على إيقاف قطار المخالفات، لعدة عوامل أولها أن عدد مفتشى الرقابة فى تناقص مستمر بسبب خروج العديد منهم على المعاش، وعدم تعيين مفتشين جدد لدرجة أن أصغر مفتش تموين يبلغ من العمر 56 عامًا.
فى الملف التالى رصدت «الوفد» الغش فى الأسواق وألتقت العديد من الخبراء والمسئولين لرصد تداعيات عمليات هذه الظاهرة وكيفية مواجهتها، وأكد الخبراء أن عمليات الغش التجارى لها العديد من الأضرار، أولها عزوف المستثمرين عن الاستثمار فى البلاد التى تنشط فيها عمليات التقليد، لكونهم يعلمون بأن هذا التقليد سوف يجعلهم يخسرون الكثير من إنتاجهم، نتيجة تقليد منتجاتهم، بخلاف الخسائر الصحية الناتجة عن تناول السلع المغشوشة والتى تتسبب الكثير من الأمراض.
كما أكد خبراء الاقتصاد أن التجار يتلاعبون بالقوانين، وعلى رأسها قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، الذى يتضمن القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون.
وتكون العقوبة هى الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت أو شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة.
التلاعب بالموازين.. حيلة التجار لسرقة الغلابة
التلاعب بالموازين علامة مميزة من علامات زمن الغلاء، خاصة مع ارتفاع أسعار كافة المنتجات، ولجأ الكثير من التجار إلى التلاعب فى الموازين، حيث أصبح الكيلو 900 جرام، وأحياناً يصير 700 جرام! وأصبح النصف كيلو 300 جرام فقط!
وأكد محمود العسقلانى، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، أن الكثير من التجار يريدون الحصول على ربحية أكثر من الربح العادل للسلعة.. وقال: بعض التجار يخفضون الأوزان ويرفعون الأسعار بشكل متواز، وهناك من يقوم بتخفيض الأوزان بدلا من رفع الأسعار، وفى كلتا الحالتين المواطن هو الضحية لأن زيادة الأسعار فى الفترات الأخيرة مبالغ فيها بشكل غير طبيعى.
وأضاف: المرحلة الحالية تتطلب تاجرا أمينا رحيما وللأسف مثل هذا النوع من التجار أصبح قليلًا جدًا، ولذلك يشعر بأزمة كبيرة فى شراء كل شىء، وهذه الأزمة أخلاقية فى المقام الأول، فاختفاء السلع حتى ترتفع أسعارها أكثر وأكثر، جريمة أخلاقية يتبعها جريمة سرقة من جيوب المشترين، وهذا ما حدث مثلًا مع سلعة الأرز التى اختفت من أغلب الأسواق دون مقنع لاختفاء الأرز فى بداية موسم حصاده!، اللهم إلا غياب الأخلاق وسيطرة الجشع على كثير من التجار.
وأوضح أن الكثير من التجار يتلاعبون فى الأوزان ويكتب على المنتج فى حدود 900 جرام، أو ما يقترب من كيلو وهنا ما يقترب ممكن أن تصبح 700 جرام، رغم أن الموازين الحديثة تستطيع أن توزن الملى جرام، مضيفًا أن المادة رقم 3 من قانون حماية المستهلك تنص على أن يكتب على المنتج الوزن الصافى.
وأشار «العسقلانى» إلى أن بعض التجار يخفضون الأوزان بشكل مبالغ فيه.. وقال إنهم بهذه الطريقة يسرقون المواطن دون أن يشعر، ومن يفعل ذلك هو فى الحقيقة لص وليس تاجرًا، مطالبًا المواطنين بأن يصروا على الحصول على كامل حقوقهم من التجار الجشعين أو يقاطعوهم ولا يشتروا منهم شيئًا لعلهم يدركون فداحة جرائمهم، فيتوقفون عنها.
وطالب الحكومة بضرورة غلق باب التلاعب بالأوزان بوضع تشريع يقول إن السلعة تكون نص كيلو أو كيلو، ويمنع منعًا باتًا البيع بالأوزان الأخرى، إلا فى بعض الحالات التى تحتاج أوزان الربع كيلو وهنا يتم عمل الربع كيلو ويكتب بخط كبير ربع كيلو، مضيفًا أن ما يحدث هو خداع للمواطنين، ولا بد من كل مواطن المراقبة والإبلاغ عن التجار الذين يتلاعبون بتلك الأوزان.
خبراء اقتصاد: طاردة للاستثمار وتعوق التنمية
كشف خبراء اقتصاد عن أن الغش التجارى يسبب العديد من الأضرار الاقتصادية، على رأسها عزوف المستثمرين عن الاستثمار
وأوضح الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادى، أن الغش التجارى يعنى ببساطة تقليد منتج شهير جيد الصنع بمواد غير مطابقة للمواصفات القياسية ورديئة الصنع. وقال: عندما يتم تقليد منتج شهير بشكل ردىء سيفر المشترون من المنتج المقلد والمنتج الأصلى أيضاً مما يسبب خسائر فادحة لأصحاب العلامة التجارية، وقد يتوقفون عن الإنتاج تمامًا، وخشية من هذا المصير المأساوى يرفض أصحاب العلامات التجارية الشهيرة الاستثمار فى البلاد التى يكثر فيها الغش التجارى والتقليد، ومن هنا تكون خسائر قوية للاقتصاد الوطنى.
وأضاف أن الغش التجارى له أضرار جسيمة على المواطن، نتيجة استخدام منتج غير جيد وغير أمن، فإذا كان المنتج المقلد، مواد غذائية فالأمر قد يصل لموت من يتناولها أو على الأقل الإصابة بقائمة طويلة من الأمراض سواء المعوية أو القاتلة مثل السرطان والفشل الكلوى، أما إذا كان المقلد منتجات صناعية فسيكون عمرها الافتراضى قصيرًا، وقد تتسبب فى كوارث مروعة على رأسها الحرائق.
وأكد «السيد» أن الغش التجارى ينشط فى الأوقات التى تشهد ارتفاعًا فى الأسعار وانخفاض القوى الشرائية للعملة المحلية، وعندها يبحث المواطن عن أقل المنتجات سعرًا، الذى يكون فى الغالب مغشوشًا ومقلدًا.. وقال «الحل الفورى للحد من تلك الظاهرة هو تطبيق القانون على مافيا المنتجات المغشوشة،» لافتًا إلى أن القوانين المصرية تتصدى بقوة للغش التجارى. موضحًا أن قانون حماية المستهلك يكفل الحماية للمستهلكين فى حالة حصولهم على منتج ردىء، وقانون الملكية الفكرية يحمى العلامات التجارية من التقليد.
وأضاف: فى مصر العديد من الأجهزة الرقابية مثل جهاز حماية المستهلك ووزارة التموين والغرف التجارية ويجب على كل هذه الأجهزة أن تقوم بدورها لحماية المستثمر والمواطن من المنتجات المغشوشة ومنع تداولها داخل الأسواق، وأن يكون لكل بضاعة فاتورة من مصدر معلوم للحد من المنتجات المقلدة.
وقال الدكتور ياسر حسين سالم، الخبير الاقتصادى «يجب مواجهة الغش الصناعى من المنبع أى من مرحلة التصنيع، مع العمل على زيادة المعروض من السلع الأصلية من خلال تيسير إجراءات تراخيص وتشغيل المصانع وتسهيل إجراءات ترخيص وتشغيل المتاجر الملتزمة والعمل على زيادة أنشطة البيع المشروعة وزيادة مساحة المنافسة بالسوق وهو ما سيؤدى إلى تيسير حصول المستهلك على المنتج والسلعة بأفضل سعر وبالجودة المطلوبة».
وقال: الغش الصناعى له العديد من المخاطر رصدتها عبر بحث علمى قمت به عام 2015، أول هذه المخاطر أن مصانع الغش الصناعى تعوق التنمية المستدامة وتضر بالاقتصاد وبالمجتمع وبالبيئة، كما أنها تعمل على عدم الالتزام بالمواصفات وبالتالى يقع ضرر كبير على المستهلك، بخلاف كونها لا تتبع تكنولوجيا الإنتاج النظيفة وتعتبر ملوثة للبيئة، ولا تلتزم بالقوانين فيقع بذلك ضرر على المصانع الملتزمة نتيجة إنفاقها مبالغ ليست قليلة للالتزام بالوضع الصناعى السليم، وبالتالى لا توجد عدالة بين المصنع الملتزم والمصنع غير الملتزم، بخلاف الأضرار المالية العامة للدولة بفقد الضرائب والرسوم ويضر بمالية المصنعين والتجار الشرفاء أصحاب المنتجات الأصلية.
وأكد «سالم» أن الغش الصناعى خطير جدًا فى مجال الأغذية والمشروبات ويمثل أشد ضرر بأمن المجتمع واستقراره، كما يمثل خطورة على صحة الإنسان والحيوان والطيور وعلى النبات، كما يؤثر الغش الصناعى على حركه الاستثمار فيضر ببيئة الاستثمار ويجعلها طاردة للاستثمار.
وعن كيفية مواجهة الغش الصناعى قال «سالم»: هناك عدة طرق لمواجهته أولاها ضرورة توفير ونشر المعطيات الإحصائية المستفيضة عن ظاهرة الغش الصناعى بشكل دورى على المستوى المحلى والإقليمى والعالمى وذلك يساعد كثيرًا فى مواجهة ظاهرة الغش الصناعى محليًا وإقليميًا ودوليًا. كما يجب الاهتمام فى وسائل الإعلام بالتثقيف الشرائى والاستهلاكى وبزيادة وعى المستهلك ونشر المعلومات والبيانات التى تجعل لدى المستهلك دراية وثقافة شراء واستهلاك كافية.
وأكد ضرورة تطوير منظومة الرقابة على الغش الصناعى ويكون الأولوية فى إعادة تصحيح ودمج الأنشطة الصناعية غير المطابقة وضمها بعد تعديلها وتصحيحها إلى منظومة السلع المطابقة للمواصفات من خلال الإرشاد والتوعية والمساعدة وكذلك تفعيل منظومة الثواب والعقاب للردع وتيسير عمل الإجراءات الصناعية الصحيحة لجعل النشاط مشروع وآمن.
كما أكد «سالم» ضرورة زيادة المعروض من السلع الأساسية والاستراتيجية المتنوعة بأسعار قريبة جدًا من التكلفة مما يشكل توازنًا فى الأسواق من حيث عروض السلع، وتركيز الرقابة على مرحلة التصنيع والإنتاج وذلك قبل وصول المنتج إلى الأسواق، من خلال المكافحة من المنبع ومواجهة ومكافحه المصانع العشوائية من البداية.
رغيف الخبز.. ضحية جشع أصحاب المخازن
رغيف الخبز هو البطل الرئيسى على موائد المصريين لكن يبدو أنه يتنازل عن عرضه بعد التلاعب فى وزنه وفى مواصفاته وجودته، خاصة الخبز السياحى الذى أصبح الوصول إليه لمن أستطاع سبيلًا، فى ظل غياب الرقابة التموينية على المخابز، نتيجة قلة عدد المفتشين وخروجهم للمعاش.
«أم محمد»، ربة منزل، تقول إن هناك أفران عيش، تنتج خبزًا غير صالح للاستهلاك الآدمى، مؤكدة أن هناك انخفاضًا كبيرًا فى وزن الرغيف بخلاف انخفاض جودته، وأن أسعار الخبز السياحى أصبحت مرتفعة جدًا، فالرغيف وزن 40 جرامًا أصبح بجنيه!
وقالت هبة أحمد، ربة منزل، إن الخبز أصبح منخفض الوزن بشكل واضح خاصة فى فترة بعد الظهر، مؤكدة أن الخبز أصبح مشكلة كبيرة نتيجة ارتفاع أسعاره، فى ظل ارتفاع كل الأسعار، وأن الخبز السياحى أصبح للأغنياء فقط بعدما وسل سعر الرغيف زنة 80 جرامًا إلي جنيهين.
وقال عاطف سالم، مدير إدارة التموين بإمبابة، إن الرقابة على أفران الخبز حسب المتاح، نتيجة أن مفتشى التموين الذين يحالون إلى المعاش لا يتم تعيين مفتشين جدد بدلًا منهم، لافتًا إلى أن عدد المفتشين الذى يعملون فى الرقابة قليل جدًا، وأن أصغر مفتش تموين عمره 56 عامًا، كما أن هناك العديد من المعوقات الإدارية التى تعوق عملهم فليس هناك سيارة لتنقلاتهم ، فإذا ما تجاوزوا كل تلك العقبات فتكون مهمتهم وزن العيش والكشف على الرصيد المتواجد فى ماكينة صرف العيش والدقيق المتواجد.
وأرجع انخفاض وزن الرغيف فى المساء عن الصباح، إلى أن العامل قد
لا يكون قادرًا على ضبط وزن الرغيف فى يده، موضحًا أن هناك أكثر من جهة رقابية تراقب على الأفران مثل مباحث التموين وهيئة سلامة الأغذية والإحياء التى بدأت بالفعل بالمرور على الأفران.
وعن وجود بعض الخبز غامق اللون، أكد أن الدقيق القادم من المطاحن أحيانًا يكون لونه غامقًا، وأصحاب المطاحن لابد أن يستلموه ولا يستطيعون رفض قبوله، وبعض الأفران تأخذ الدقيق الغامق وتبدأ فى التعامل معه بإضافة دقيق أبيض أو بإكثار المياه فى العجن أو إضافة خميرة بكثرة، مضيفًا أن كل صنايعى وحرفته فى العمل.
وعن مشكلات العيش السياحى، وصغر الأحجام، أكد أن هذه مشكلة عالمية بسبب ارتفاع أسعار الدقيق الزيرو، كما أن صاحب المخبز السياحى يقوم بشراء دقيق غير مدعم، وبالتالى يقوم بعرض العيش بالطريقة التى تتناسب مع ربحه، مضيفًا أن مفتشى التموين ليس لهم سلطة عليه سوى بالقيام بعرض الأسعار، ولكن ليس هناك سلطة بتحديد حجم ووزن الرغيف، وأوضح أن وزارة التموين أصدرت كارت الخبز لغير حاملى بطاقات التموين، بسعر 80 قرشًا للرغيف بنفس وزن الرغيف المدعم بوزن 90 جرامًا، للحد من غلاء الأفران السياحية.
ربات بيوت: المنتجات الغذائية أقل جودة وأعلى سعراً
أعرب عدد من ربات البيوت عن استيائهن من انتشار منتجات غذائية مغشوشة ومقلدة، ورغم ذلك تباع بأسعار عالية، وأكدن أن جودة كثير من المنتجات فى انخفاض مستمر فضلاً عن نقص أوزانها.
قالت فاتن حسين - محامية - من منطقة الهرم، إن العديد من المنتجات الغذائية أصبحت جودتها أقل، من بينها الشاى.. وقالت كان نصف معلقة شاى مثلًا تتيح لى كوب من الشاى الجيد، الآن معلقة شاى كاملة لا تمنحنى نفس المذاق، والتفسير الوحيد لذلك أنه تم غش الشاى بشكل فج، نفس الأمر تكرر فى منتجات أخرى عديدة.
نفس المعنى أكدته جيهان السيد- من سكان منطقة الدقى، قائلة: أغلب المنتجات جودتها أصبحت أقل، والطعم الجميل الشهى فى غالبية المنتجات أختفى، ورغم قلة جودتها إلا أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير.
وقالت حنان يوسف، ربة منزل، إن أسعار السلع فى تزايد مستمر، فضلًا عن أن العديد منها أصبحت بالفعل منتجات مغشوشة، حتى ملح الطعام أصبحت تضع ضعف المقدار حتى تستطيع أن تحصل على نفس الطعم، مؤكدة أنها أصبحت تعانى فى الفترات الأخيرة من عدم جودة العديد من مساحيق الغسيل، حيث أصبحت لا تعطيها نفس النظافة السابقة، متسائلة: أين رقابة حماية المستهلك على تلك المنتجات المغشوشة؟!.
كما قالت هبة حمدى، ربة منزل، إن هناك العديد من المنتجات المغشوشة، التى تملأ الأسواق مثل الزبدة والسمن البلدى الذى يباع فى الأسواق، ودليل غشها أنها ليست لها رائحة، رغم أن السمن البلدى دائمًا كان له رائحة نفاذة وقوية، والآن ليس له رائحة على الإطلاق.
من جانبه قال الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الصحة، إن الخسائر الناتجة عن تناول منتجات غذائية مغشوشة ليس لها حدود، لافتًا إلى أن الغش وصل للفول المدمس الذى يباع على عربات الفول فى الشوارع، والذى يقال إنه يضاف إليه بودرة سيراميك لكى ينضج فى ساعتين بدلًا من 12 ساعة، مشيرًا إلى أن بودرة السيراميك ضارة جدًا بالصحة، لافتًا أن هذا الأمر لم يخضع لدراسات دقيقة من قبل، ولم يخرج مركز أبحاث يقول لنا ما هى الحقيقة وهل الفول المتواجد فى الأسواق مضافًا إليه بودرة سيراميك أم لا.
وأكد أن هناك تقصيرًا واضحًا من وزارة الصحة ووزارة التموين، فى التفتيش على الأسواق وأخذ عينات من المنتجات المتداولة فى الأسواق وفحصها، ومعاقبة بائعى السلع المغشوشة.
وقال: وقائع الغش فى المنتجات الغذائية كثيرة، لافتًا إلى أن معركة طاحنة نشبت بين الدكتور أحمد جويلى وزير التموين الأسبق وبين مصانع تصنعى اللحوم المصنعة، نتيجة أن تلك المصانع تستورد لحومًا مفرومة للتصنع ولكنها كانت تبيع كميات كبيرة من تلك اللحوم لمضاعفة أرباحها، رغم أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمى، وللأسف خسر «جويلى» تلك المعركة، مضيفًا أن المشكلة تكمن فى مدى قوة الأجهزة الرقابية أمام قوة أرباح المستثمرين والتى تتم من غير وجه حق، عبر الغش التجارى الذى يكون ضارًا جدًا بالصحة.
وتساءل «خليل» عن مدى قوة إدارات التفتيش على مواجهة عمليات الغش التجارى، ومفتشى إدرات التموين وكم تبلغ مرتباتهم وحوافزهم؟ لأن مرتباتهم لها علاقة وثيقة بمحاربة الغش، لافتًا إلى أن الدولة إذا وفرت مرتبات جيدة لمفتشى التموين، فلن يفكروا أبدًا فى التربح من أصحاب المصانع المغشوشة.
وأكد أنه على الدول أن تكثف دورها الرقابى وتحاصر الغشاشين وتطبق عليهم القانون، لافتًا إلى أن هذا دور الكثير من الجهات بداية من المجتمع المدنى وجهات البحث العلمى وإدارات الرقابة.
عضو «حماية المستهلك»: أزمة ضمير
لا صوت يعلو فوق ارتفاع الأسعار فى جميع الأسواق، وسط غياب رقابة قادرة على مواجهة جشع التجار وانفلات الأسعار.
من جانبها قالت الدكتورة سعاد الديب، عضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك، إن عمليات غش المنتجات تنشط فى الأزمات الاقتصادية، موضحة أن أزمة غش المنتجات لها أثار سلبية قوية على المواطن، وأن التاجر إذا كتب على المنتج وزنه الحقيقى، حتى وأن كان 200 جرام فلا يعتبر ذلك غشًا، بينما إذا لم يكتب وزن المنتج فيعتبر ذلك مخالفة غش تجارى.
وعن دور حماية المستهلك والجهات الرقابية فى الحد من الارتفاع الجنونى للسلع، أكدت أن الجهات الرقابية يحكمها قانون، وقالت: «للأسف التجار يتلاعبون بالقانون.. فعندما يخفض التاجر وزن السلعة ويكتب وزنها على المنتج ويرفع السعر ويكتبه على المنتج، هنا لا يتعرض لأى عقوبة، لأن القانون حدد أن الأهم أن يكتب التاجر وزن السلعة وسعرها على المنتج، كما حدد أن «يكون السعر عادلًا»، ولكن هذه العبارة مطاطة ولا يمكن تحديدها بشكل دقيق، لأنه ببساطة لا يستطيع أحد أن يقرر ما هو السلع العادل!».
وأكدت «الديب» أن مفتشى الرقابة دائمًا يقومون بواجبهم ويحررون محاضر ضبطية، ولكن هناك عوامل كثيرة تحد من عمليات ضبط السوق، أولها انخفاض عدد مفتشى الرقابة الذين معهم حق الضبطية القضائية، مقارنة بعدد الأسواق، كما أن الجهات الرقابية مهما رفعت عدد المراقبين فلا يمكن السيطرة على كل الأسواق طالما أن الجشع انتشر بين أغلب التجار، لأن الأمر ببساطة وصل لدرجة أننا بحاجة إلى أن يكون هناك مفتش على كل تاجر أو بائع فى الأسواق حسب قولها.
وأوضحت أن الأزمة الاقتصادية تضرب العالم كله، ولكن هناك درجات وتفاوت فى مستوى الأزمة من دولة لأخرى، مؤكدة أن الأزمة فى مصر كبيرة بسبب انخفاض الإنتاج الوطنى، وهو ما يؤدى إلى التراجع المستمر فى قيمة الجنيه مقارنة بالدولار. وقالت: «الأزمة الحالية هى أزمة ضمير فى المقام الأول، فهناك حالة جشع متوحشة لدى أغلب التجار».
وأضافت: كثير من التجار يرفعون الأسعار 300%، وقديمًا عندما كان سعر سلعة يرتفع كنا نقول للمواطنين قاطعوا تلك السلعة لكى ينخفض سعرها، وبالفعل كان سعرها ينخفض ولكن اليوم أسعار السلع جميعها يرتفع بشكل مبالغ فيه، وأمام هذا الحال يمكن مقاطعة بعض السلع فقط وليس كلها، لافتة إلى أن الدولة أقامت منافذ للسلع فعلى الجميع أن يشتروا السلع منها إلى أن تجد الحكومة حلًا لمواجهة الجشع المتزايد لدى كثير من التجار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.