لم يمنعها العمر ولا العكاز.. مسنّة ثمانينية تشارك في الانتخابات بقنا    انتخابات مجلس النواب 2025| إقبال كبير للناخبين على مدرسة المعهد الديني بإمبابة    المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب.. إقبال متوسط بلجان اقتراع الغردقة للإدلاء بالأصوات    تباين مؤشرات البورصة المصرية اليوم الثلاثاء في ختام التعاملات    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    بعد تعليق العقوبات.. تعرف على قانون قيصر المفروض على سوريا من قبل أمريكا    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    كاف يعلن موعد مباراتي الزمالك وزيسكو وكايزر تشيفز في الكونفدرالية    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة سموحة في سوبر اليد    الأرصاد الجوية : غدا ظاهرة خطيرة صباحا وسحب منخفضة وأمطار على هذه المناطق    كشف ملابسات فيديو اعتداء متسول على فتاة بالجيزة وضبط المتهم    الحزن يخيم على أهالي حلايب وشلاتين بعد وفاة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    أيتن عامر تواصل خطواتها الفنية بثبات في بطولة مسلسل «مغلق للصيانة»    الجامعة الأمريكية تحتفل بفوز الشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله بجائزة نيوستاد الدولية للأدب    عضو التنسيقية: الإقبال الكثيف على الانتخابات يعكس وعى المواطن المصرى    فريق طبي بمستشفى العلمين ينجح في إنقاذ حياة شاب بعد اختراق سيخ حديدي لفكه    دويدار يهاجم زيزو بعد واقعة السوبر: «ما فعله إهانة للجميع»    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    «الهولوجرام يعيد الكنوز المنهوبة».. مبادرة مصرية لربط التكنولوجيا بالتراث    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    بسبب الإقبال الكبير.. «التعليم» تعلن ضوابط تنظيم الرحلات المدرسية إلى المتحف المصري الكبير والمواقع الأثرية    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    تعيين أحمد راغب نائبًا لرئيس الاتحاد الرياضي للجامعات والمعاهد العليا    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    تايوان تجلى أكثر من 3 آلاف شخص مع اقتراب الإعصار فونج وونج    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل الطريفى يكتب : الخزينة المصرية وشبح الإفلاس
نشر في الوفد يوم 08 - 05 - 2013

هناك خبران مقلقان من مصر هذا الأسبوع، أحدهما إعادة تشكيل الوزارة برئاسة هشام قنديل مجدداً وفقا لحسابات حزبية، وليس بناء على الكفاءة كما كان مؤملاً.
أما الخبر الآخر، فهو تجاوز التعداد السكاني لمصر حاجز 84 مليون نسمة، حيث تضاعف الإنجاب خلال عامي «الثورة» نظراً لتراجع برامج تحديد النسل المدعومة في السابق من الحكومة والمؤسسات الدولية. أما لماذا تعدّ الزيادة السكانية أمراً مقلقاً، فلسبب بسيط وهي أنها تضيف أعباء مالية وبيئية على المجتمع المصري في المدن المزدحمة أصلاً بأحياء الصفيح. قبل عقدين كانت مصر واحدة من أهم الدول المنتجة للصادرات الزراعية، ولكنها اليوم أكبر مستورد للقمح، لأجل ذلك لم يكن مستغرباً أن يطالب الرئيس محمد مرسي نظيره الروسي فلاديمير بوتين - في ذروة الدعم العسكري الروسي لنظام الرئيس الأسد في سوريا - بإعطاء مصر أسعارأ تفضيلية في محاولة لتقليص فاتورة دعم الرغيف في مصر. حقاً، الاقتصاد قد يضطر المتعثرين إلى تقديم تنازلات سياسية للآخرين فقط لتأمين لقمة العيش. في بلد تراجعت فيها المداخيل خلال العامين الماضيين، وتبخر أكثر من 60 في المائة من احتياطاتها الأجنبية، بل وفقدت عملتها 7 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام، فإن الحديث عن برنامج إصلاح اقتصادي لا يبدو ضرورياً فقط، بل مصيري أيضاً. للأسف لا يبدو أن الحزب الحاكم اليوم - أو الجماعة إن شئت - جادة في الحيلولة من إفلاس الخزينة المصرية، فضلاً عن إصلاح الاقتصاد، أو وقف نزف العملة التدريجي وتجاوز التضخم لمستويات قياسية.
بيد أن ما هو أخطر، هو لجوء بعض المراقبين إلى تكتيك «ترحيل الأزمة» إلى موازنات مقبلة، حيث يتحدث هؤلاء عن أن العجز في الميزان التجاري أمر طبيعي في هذه الظروف، وأن حلها لن يتم إلا من خلال موازنات الأعوام القادمة، لأن الإنفاق من وجهة نظرهم ضروري لاستعادة النمو في مرحلة التباطؤ الاقتصادي الذي تمر به مصر.
من حيث المبدأ هذا الطرح فيه وجاهة، ولكن من حيث التطبيق، فإن الإنفاق في عهد الرئيس مرسي يزداد في برامج الدعم، وإضافة أعباء مالية على الموازنة، وليس الاستثمار. طبعاً هناك في مصر من يقلل من خطورة إفلاس الخزينة، حيث يرى البعض أن الاقتصاد المصري أكبر من أن يفشل «Too Big To Fail»ويدللون على ذلك بالقوة البشرية الهائلة والثروات، ومصادر التمويل المتوقعة، فيما لو توفر الاستقرار السياسي مثل الاستثمار الأجنبي والسياحة.
وبالنسبة لأصحاب هذا الرأي، فإن الطلب الداخلي في الاقتصاد المصري سيحول بينه وبين الإفلاس، ولكن مهلاً، هذا مبني أكثر على الأنفة والكبرياء، ولا يعتمد على لغة الأرقام. لقد كادت كل من البرازيل والمكسيك أن تعلنا إفلاسهما خلال الثمانينات لولا تدخل صندوق النقد والبنك الدوليين، ويعرف الجميع اليوم كيف تعرضت دول مثل تشيلي في 1975، ونيكاراغوا في 1990، ويوغسلافيا في 1989 إلى الإفلاس، أو بلغة الاقتصاديين إلى تضخم حاد وانهيار للعملة المحلية.
في الثمانينات استدانت دولة مثل الأرجنتين بشكل أثقل ميزان مدفوعاتها، ومع فقدان الاستقرار السياسي - كما هو حاصل اليوم في مصر - رفض المقرضون الدوليون المساعدة فلجأت الدولة إلى تخفيض قيمة عملتها، لكي تخفض من قيمة ديونها، أي شكل من أشكال إعلان الإفلاس.
هل الخزينة المصرية معرضة للإفلاس؟ ليس بعد، ولكن إذا استمرت على هذا المسار فحتماً ستواجه ذلك المصير. لا شك أن البعض يعول على مساعدة الدولة الغربية أو الخليجية، لأن لا أحد يريد أن يرى الخزينة المصرية مفلسة، فلذلك تبعات سياسية وأمنية على الجميع، ولكن في الوقت ذاته الحكومة المصرية لا تساعد نفسها أو تسمح للآخرين بمعونتها على تصحيح الوضع. ماذا يعني أن يعين قنديل أستاذاً من الأزهر متخصصا في الدراسات الفقهية والمرابحة الشرعية وزيراً للمالية؟! وما علاقة الدراسات الإسلامية المتخصص فيها بقرض صندوق النقد الدولي (الربوي) الذي يتجاوز 4 مليارات؟! الجواب أنه تم تعيين الوزير فقط لأنه محسوب على الجماعة، ولن يملك إلا تمرير التوجيهات، وليس وضع خطة تصحيح كما يجب.
قد يعدّ هذا الحكم متسرعاً ضد الوزير الجديد، ولكن ألم يكن من الأفضل اختيار كفاءة مصرية ذات خبرة دولية، وتحظى بثقة القطاع الخاص المحلي، وهناك كثر؟! إذا كنت غير مقتنع بإمكانية إفلاس الخزانة المصرية فأنت بحاجة إلى مواجهة بعض الحقائق: الناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد أقل من ألفي دولار في العام. حجم إنفاق الأسرة المصرية على الطعام يتجاوز 50 في المائة من دخلها السنوي على الرغم من الدعم الحكومي للرغيف وزيت الطعام والمحروقات.
وفي دراسة للباحث داليبور رواخ من مؤسسة كاتوا بلندن بعنوان «نحو إصلاح الدعم الحكومي للسلع في مصر» (25 أبريل/نيسان 2013)، فإن ثلث الإنفاق الحكومي يذهب إلى مشاريع الدعم للسلع والأغذية، حيث يعتمد قرابة ثمانين في المائة من المواطنين على دعم الحكومة لهم. هذه الحالة التي خلقتها «ثورة 1952» جعلت الاقتصاد المصري ريعياً، ووفرت سوقاً سوداء لعقود مختصة في سرقة هذا الدعم. تثبت دراسة رواخ أن الطبقة الفقيرة في مصر لا تحصل إلا على ربع الدعم، بينما تستفيد منه الطبقة المتوسطة والغنية. حقيقة، تحدث بعض قادة حزب الحرية والعدالة الحاكم مراراً عن نيتهم لإصلاح نظام الدعم الحكومي، واقترحت آليات كثيرة لم ينفذ منها إلا القليل، بل إن شروط صندوق النقد تقوم بشكل أساسي على تخفيض تدريجي لدعم الوقود، وهو تعهد ما تزال حكومة قنديل عاجزة عن التعهد به مخافة من ردة فعل الشارع الذي ما يزال في فورة «ثورته».
رواخ يقترح أن تجرب مصر الاستعاضة عن نظام الدعم الحكومي للسلع - وهو برنامج ثبت فساده وعدم فاعليته لعقود - إلى الدعم المباشر للفقير، أي تقديم المال - أو الكوبونات - مباشرة له حتى تتمكن الحكومة من إحياء التنافس في السوق. هناك نماذج كثيرة لنجاح هذه التجربة، ولكن ليس بالضروري أن تنجح في مصر، وهناك أسباب عديدة، أبرزها عدم وجود كفاءة إدارية للنظام، وعدم وجود شرعية حاكمة تمكن الحزب - أو الجماعة - من اتخاذ قرارات مؤلمة من دون انتفاضة الشارع عليهم.
في إيران – مثلاً - حاول الرئيس أحمدي نجاد القيام بذلك على مرحلتين، حيث قدم مساعدات مالية مباشرة للفقراء، ولكن النتيجة كانت إنفاقا مضاعفا، حيث تقدم أكثر من 95 في المائة من السكان للحصول على الدعم المادي المباشر، وحيث رفضت الأحزاب والقوى السياسية الزيادات التي فرضها على المحروقات. أي أن النتيجة جاءت عكسية ومكلفة، فالناس عرفوا كيف يستغلون مال الحكومة.
لذا فإن حزب الحرية والعدالة - أو الجماعة إن شئت - أمام تحد كبير، وفشله قد يعيد مصر إلى الوراء لعقود اقتصادياً وسياسياً.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.