عندمااقترحت الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جورج بوش الابن فكرة الشرق الأوسط الكبير ومن بعده الإدارة الأمريكيةالجديدة برئاسة باراك أوباما الذي عرض نفس الفكرة وتحت مسمي آخر هو الشرق الأوسط الجديد، لم يكن يدور في خلد أي من الرئيسين السابق والحالي أن الشرق الأوسط سيكون مسرحا لمتغيرات تشبه السونامي السياسي الذي عصف بالمنطقة من المحيط الي الخليج في توقيت واحد واجتياح شعبي علي شكل أمواج من البشر هذه الكتل البشرية التي أبقت علي رقاب زعماء المنطقة التقليديين وأزاحت هذه النظم الديكتاتورية وكانت الشعارات والمطالبات لكل الشعوب متطابقة وبلهجات تونسية ومصرية وليبية ويمنية وسورية وخليجية هذا الزلزال يجعل المرء يتساءل: ماذا وحد الشعوب العربية أخيرا؟ هذا السؤال اجابته الوحيدة هي الاشتراك في الظلم والاستبداد وغياب الحرية لها جميعا. إن عصر السماوات المفتوحة جعل أريج الحرية الجميل يسري سريان الرياح لا تستطيع حدود أو حواجز أو أسوار أن تمنع سريانه. لقد حكمت النظم الاستبدادية علي أبنائها بالفقر والخوف وغموض المستقبل ورضخت هذه الشعوب لعقود طويلة ولكن عندما تنفست الشعوب نسائم الحرية وأريجها لم تعبأ بالفقر ولم تخش الموت ولم تكترث للمستقبل وعاشت لحظة متعة معانقة الحرية التي لا تعادلها متعة سوي التحليق كالطائر الحر في السماء محاولا معانقة السحاب وهذا ما فعله الشهداء عندما غادرت أرواحهم أجسادهم المخضبة بالدماء والمليء بثقوب الرصاص في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، هذه الأرواح التي انطلقت محلقة معانقة السماء مثل طيور الجنة التي سوف يشاهدونها في مثواهم الأخير. إن شعوب المنطقة التي عانت الكثير وتم نهب ثرواتها آن لها أن تمد يدها لبعضها البعض فالآلام المشتركة هي التي تصنع الأهداف المشتركة. لقد علمت الأجيال الجديدة من الشباب أن العلم الحقيقي هو الذي يفضي الي الأمانة لذا يجب علي هذه الشعوب أن تتعلم من أخطائها فعندما صمتت وتنازلت عن حقها في الحرية ظن حكامها أنهم تمكنوا منها وأنها استسلمت لهم ولكن لا صمت بعد اليوم »فالسكوت ليس معناه الرضا«. إن علي شعوب المنطقة التي وحدها عشق الحرية أن يكون لها رؤية سياسية واقتصادية واضحة واستراتيجية عسكرية واحدة هذا من شأنه دعم التكامل الاقتصادي في المنطقة ومنع الازدواجية لتخفيف الضغوط الاقتصادية في فترة ما بعد الثورة حيث إن الثمن الذي دفع للحصول علي الحرية كان غاليا ولم يأبه الحكام السابقون بالثمن الذي سوف تدفعه الشعوب في أثناء محاولات الخلاص ومخاض الحرية. إن علي شعوب المنطقة التي خاضت هذا المخاض الدموي استثمار هذه اللحظات التاريخية وتعويض الفرص الضائعة للتنسيق السياسي من خلال دساتير متشابهة تمهيدا لقيام كيان اقتصادي متكامل بعد الوصول الي شاطئ الحرية. إني أرجو من الحكومة المصرية التي أطلق عليها حكومة »تسيير الأعمال« ألا تكون حكومة »مسايرة الأحوال« وأن تكون لهارؤية سياسية مخلصة وأن تعمل علي إبهار الشعب بأفكار وبرامج خلاقة ومبتكرة لعل الشعب يري فيها خيرا وأن تكون سياستها نواة لسياسات الحكومات المقبلة. كما أرجو أن تقوم الدولة وأنا أدري دقة الظروف التي تمر بها الأمة بتقديم مبادرة مصرية للعقيد القذافي الذي طالما حلم بإزالة الحدود بين مصر وليبيا بأن حكومة الشعب في مصر سوف تعمل علي تقديم مشروع اتحاد كونفيدرالي لتوحيد مصر والسودان وليبيا وتونس وذلك في خلال السنوات الخمس القادمة وإذا كان آلاف الشهداء قد ضحوا بأنفسهم من أجل تحقيق المبادئ التي آمنوا بها فإنه من الأجدر بالعقيد أن يرحل في مقابل أن تحقق شعوب المنطقة حلمه القديم في الوحدة التي سوف تنعم بها شعوب المنطقة ولكن في... ظلال الحرية. *وزير دولة بحكومة الظل الوفدية