لأول مرة منذ 33 عاماً، يناقش مجلس الشورى الموازنة العامة للدولة، وكانت سلطة مناقشتها من اختصاص مجلس الشعب فى الدستور السابق، وانتقلت إلى مجلس النواب في الدستور الحالى، وبالتالى ستكون آخر مرة يناقش فيها مجلس الشورى الموازنة إذا استقرت الأوضاع وتم انتخاب مجلس النواب الجديد فى الفترة القادمة بعد الاستقرار على قانون الانتخابات النيابية المعروض على المحكمة الدستورية العليا، ويبدو أن إحالة الموازنة إلى مجلس الشورى قد تمت بطريقة ودية من الرئيس مرسى إلى الشورى فى إطار المواءمة أو الثقة. ومر بيان الدكتور المرسى حجازى وزير المالية عن الموازنة الجديدة أمام الشورى بدون ضجة إعلامية رغم ارتفاع نسبة العجز فى هذه الموازنة بحوالى 197 مليار جنيه عجزاً كلياً بنسبة «9.5٪» من الناتج المحلى، كما جاء في البيان ويتوقع أنه يكون العجز أكبر من ذلك بكثير، وبلغ حجم الموازنة الجديدة حوالى 820 مليار جنيه بزيادة 108 مليارات جنيه على العام المالى الحالى. هناك شبهة عدم دستورية وقعت فيها الحكومة ومجلس الشورى فى تأخير عرض الموازنة ثلاثة أسابيع عن الموعد الذى حدده الدستور وهو قبل «90» يوماً على الأقل من بدء السنة المالية، ويرجع ذلك التأخير الى ارتباك الحكومة، وإجراء «3» تعديلات وزارية فى عام واحد، خرج فيها وزيران للمالية، وقلة خبرة مجلس الشورى فى هذا المجال، وتفرغه للصراع السياسى، أكثر من التوجه نحو الشئون الاقتصادية والاجتماعية، لا يتمتع مجلس الشورى بآليات قوية فاعلة لمناقشة الموازنة لعدم وجود لجنة خطة وموازنة مؤهلة ضمن هيكله الإدارى، وسيكلف اللجنة الاقتصادية بإعداد تقرير الموازنة، وستمر على طريقة «زيتنا فى دقيقنا»! والأهم من مناقشة الموازنة والاعتمادات المالية للوزارات والهيئات، هو الحساب الختامى الذى يكشف أوجه إنفاق الاعتمادات المالية السابقة، خاصة أن جميع الحكومات بعد الثورة لم تخضع لرقابة البرلمان، بعد حل آخر برلمان تشكل فى عهد النظام السابق، وحل البرلمان الذى تشكل فى عهد الثورة، فهل استعد المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بإعداد أول تقرير عن الحساب الختامى سيتقدم به إلى مجلس الشورى، وتتم مناقشته، لبيان أجه الإنفاق والمخالفات التى وقعت فيها الحكومة وكشف حجم الفساد والتجاوزات المالية فى تطبيق أول موازنة يعتمدها المجلس العسكرى السابق، هل نرى مواجهة بين الدكتور المرسى حجازى وزير المالية والمستشار هشام جنينة رئيس جهاز المحاسبات كما كان يحدث بين الدكتور بطرس غالى والمستشاو جودت الملط أم أن الحساب الختامى سيتم إرجاء مناقشته ويترك لمجلس النواب بالرقابة على الحكومة؟. والأهم فى المناقشات التى ستدور فى مجلس الشورى حول الموازنة والحساب الختامى هو أننا نريد أن نعرف حجم موازنة مجلس الشورى بالضبط هذا العام بعد أن تردد أنها اقتربت من نصف مليار جنيه حالياً، كم اعتمد الدكتور أحمد فهمى رئيس الشورى لمجلسه هذا العام، معروف أن موازنة المجلس مستقلة، وكذلك موازنة مجلس النواب، ويضعها كل مجلس بنفسه، وسيحدد الدكتور فهمى باعتباره رئيس هيئة مكتب الشورى موازنة الشورى مع هيئة المكتب واللجنة الاقتصادية، كما سيحدد موازنة مجلس النواب الجديد باعتباره قائماً بأعماله الإدارية، كم يضع «فهمى» من مبالغ للشورى؟ وكم سيعتمد لمجلس النواب؟ وكم تبلغ مكافأة الدكتور فهمى فى الموازنة الجديدة، وكم تبلغ مكافآت وبدلات النواب؟ وماذا سيكشف الحساب الختامى من إنفاق على سيارات الركوب والحراسة وكم تبلغ تكاليف الصيانة والبنزين؟ وكم بلغت نفقات السفريات الداخلية والخارجية على حساب المجلس؟ وموازنة العلاقات العامة والضيافة، وكم أنفق على أعمال التجديد، والفرش؟ مطلوب الشفافية، وأن يكون مجلس الشورى قدوة فى التقشف فى ظل الأوضاع المالية المتردية والانهيار الاقتصادى الذى حولنا الى دولة تمد يدها للمعونات والقروض وطلب الحسنة من الذى يسوى والذى لا يسوى، كم بلغ عدد العاملين فى مجلسى الشعب والشورى فى عهد «فهمى»، أو كم نسبة المعينين الجدد من المنتمين للإخوان؟ وكم نائباً عين أبناءه وأقاربه فى المجلس؟، وماذا سيذكر مجلس الشورى فى تقرير حسابه الختامى عن الموازنة السابقة؟ وهل هناك وفر فى الموازنة أم أنه طلب اعتمادات إضافية، ومن أين تم تدبيرها وفيما أنفقت؟!