قال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية إن اللغة العربية وقواعدها إحدى الوسائل التي تُفصح عن مراد الله عزَّ وجل". جاء ذلك خلال البرنامج التدريبي الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية لعلماء دور الفتوى في ماليزيا، والذي بدأت فعالياته في 5 سبتمبر، ويستمر حتى 17 سبتمبر 2022، ويضم نخبة من علماء ماليزيا، بحضور. وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة والدكتور لقمان عبد الله مفتي الولايات الفيدرالية بماليزيا، وداتوك شكري محمد مفتي ولاية "كلنتن"، وداتوك أنهار أوفير مفتي ولاية "سلانجور". اقرأ أيضا: شوقى علام: الإفتاء تعمل من أجل تحقيق المصلحة العليا للوطن وأضاف: "نحن اليوم أمام لقاء مهم يفصح فيه عن هذه الثروة اللغوية التي يتعامل المجتهدون من خلالها في فهم النص الشريف لإصدار فتاوى منضبطة بإطار الشرع الشريف". وأشار إلى أن الكليات الكبرى التي قصدها الشرع الشريف هي خمس ضروريات مضيفا ان وزير الأوقاف أضاف بُعدًا سادسًا، وهو مقصد الأوطان، ورأى أن مقاصد الشريعة لم تكن لتفعَّل وتطبَّق بكفاءة إلا بوجود وطن مستقر آمن. وقال وزير الأوقاف خلال محاضرة ألقاها اليوم "دار الإفتاء ووزارة الأوقاف جعلتا العلوم الحديثة جزءًا أصيلًا من بناء قدرات الأئمة والمفتين حتى لا يكونوا منعزلين عن الواقع المعاصر، وليكونوا قادرين على تجديد الخطاب الديني والإفتائي". وأضاف أن من شروط المجتهد والمفتي أن يكون متقنًا وملمًا بخصائص اللغة العربية وأسرارها، ففَهم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فرض واجب. وضرب مثلًا بقوله تعالى في سورة يوسف: (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ)، مشيرًا إلى أنَّ إدراك اللغة أمر مهم، ففي هذا المثال كان قديمًا تطلق السيارة على قافلة الإبل، وهو لفظ مولد كان يستخدم في اللغة العربية قديمًا بمعنى ثم استخدم في العصر الحديث للدلالة على معنى آخر فيما يُعرف بالتطور الدلالي للكلمة. وأوضح وزير الأوقاف أن مفهوم الجهاد من المصطلحات التي اختطفتها الجماعات الإرهابية وحرفت معناه ولم تفهمه فهمًا صحيحًا، فالجهاد أعم يشمل الجهاد بالدعوة وجهاد النفس، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر". أما القتال فهو لون من ألوان الجهاد له شروط محددة. وأشار إلى أن الجهاد يشمل الجهاد بالنفس والجهاد بالدعوة والمال أو الجهاد دفاعًا عن النفس، وهو حق لولي الأمر وفقًا للقانون والدستور، ففي عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين لم يكن يحق لأحد أن يعلن الجهاد إلا بالرجوع إلى ولي الأمر، فهي حق له. مبينًا أن مصطلح الغزوات هو مصطلح المتأخرين، والإسلام أسماها «أيام»، مثل «يوم حنين، ويوم الفرقان» كما ذكر بالقرآن، موضحا أنَّ المسمى يعني أنَّ الإسلام لم يقم بالغزو، وهو عكس ما حدث، وإنما كانت هناك أسباب لذلك، من بينها الدفاع عن النفس. وأشار إلى أن معظم الأئمة والخطباء كانوا يتحدثون عن الآية الكريمة: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) على أنها تعني الانحراف القيمي والأخلاقي أو الخروج عن الدين فقط دون غيرها من المعاني، وهو معنى صحيح، ولكن المعنى يتسع إلى غير ذلك من المعاني، من بينها الاعتداء على البيئة والاستخدام غير الرشيد للطاقة وغيرها من أوجه الفساد. وأوضح أنَّ الفساد في اللغة يعني خروج الشيء عن طبيعته، وهو يشمل كذلك الفساد في الطبيعة والبحار والأنهار التي يجني عليها الناس بأيديهم ويعتدون عليها، ومن هنا جاء النهي عن الفساد الحسِّي والمعنوي، فعلى الناس أن يراجعوا أنفسهم ويتعاملوا مع البيئة بطريقة سليمة. وفي ختام المحاضرة توجَّه وزير الأوقاف بخالص الدعاء إلى الله عز وجل أن يكون هذا البرنامج التدريبي نافعًا ومفيدًا لعلماء ماليزيا وأن تتم به الاستفادة القصوى.