أسعار الخضروات اليوم الاربعاء 29-5-2024 في الدقهلية    رئيس غارب يشهد افتتاح وتشغيل محطة طاقة الرياح بجبل الزيت    عاجل| قمة مصرية صينية ببكين اليوم    المستشار الألماني يطالب الحكومة الإسرائيلية بضمان وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين بغزة    شوبير يكشف حقيقة تفاوض الأهلي مع بغداد بونجاح لتدعيم هجومه في الصيف    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص على الطريق الإقليمى    تجديد حبس 3 متهمين بترويج المواد المخدرة فى التجمع 15 يوما    مصر تشارك في اجتماعات مجموعة بنك التنمية الإفريقي لعام 2024 بكينيا    مصر للطيران تسير اليوم أولى رحلات الجسر الجوى لنقل حجاج بيت الله الحرام    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    أستاذ اقتصاد: هناك طفرة اقتصادية في العلاقات بين مصر والصين في عهد السيسي    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على مخيمات النازحين فى رفح الفلسطينية    القوات الروسية تدمر أحد أكبر مخازن استلام الأسلحة الغربية فى أوكرانيا    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    نجم الأهلي يصدم الزمالك في الميركاتو الصيفي بسبب مارسيل كولر (خاص)    مواعيد مباريات الأربعاء 29 مايو - كأس مصر.. ونهائي دوري المؤتمر الأوروبي    دوري المحترفين، القناة يجدد الثقة في أحمد العجوز للموسم الجديد    كأس مصر، موعد مباراة الجيش وبورفؤاد والقناة الناقلة    الحكومة توضح موعد وقف خطة تخفيف الأحمال نهائيًا    بنمو 83.1%.. بنك التعمير والإسكان يحقق 2.4 مليار جنيه صافي ربح بالربع الأول من 2024    «تعليم بني سويف» يحذر الطلاب من اصطحاب التليفونات في امتحانات الدبلومات الفنية    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي سبل التعاون بين البلدين بالقطاع الصحي    الصحة تناقش مع وزير الصحة السعودى الموقف التنفيذى لمشروعات التعاون المشترك    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 29 مايو 2024: تحذير ل«الأسد» ومكاسب ل«الجدي»    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    بعد مجزرة المخيم.. بايدن: عملية إسرائيل في رفح الفلسطينية لم تتخط الخطوط الحمراء    عاجل| إعلام فلسطيني: مروحيات إسرائيلية تنقل جنودا مصابين جراء معارك غزة لمستشفى ببئر السبع    الري تتابع الموقف التنفيذي لمشروع تحديث أنظمة وأجهزة التشغيل والتحكم في قناطر إسنا الجديدة    توريد 223 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    وزارة الصحة تكشف نصائح لمساعدة مريض الصرع على أداء مناسك الحج بأمان    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024.. موعد إعلانها وطريقة الاستعلام    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجماعات الإرهابية.. صناعة استخبارية غربية
المفكر اللبنانى أحمد قيس فى حوار ل«الوفد»:
نشر في الوفد يوم 08 - 09 - 2022


تطوير أداء الأئمة والخطباء.. مسئولية الأزهر الشريف
الدكتور أحمد محمد قيس مؤسس المركز العلمى للدراسات والأبحاث القرآنية فى لبنان، أحد أبرز المتخصصين فى مجال علوم القرآن وعلم الأديان المقارن.
ولد «قيس» فى يناير عام 1966م وهو أستاذ جامعى فى الفلسفة وعلم الكلام والمنطق، التاريخ العام والإسلامى، وعلوم القرآن، وعلم الأخلاق والتصوف.
نال العديد من العضويات فى الهيئات العلمية والبحثية، وأصدر العديد من الأبحاث الجامعية وشارك فى لجان المناقشة بالدراسات العليا، وهو مؤسس مركز الخدمات الاجتماعية لأبناء منطقته والعوائل اللبنانية، إضافة إلى أنه رحالة كثير السفر وزار معظم المناطق العربية والأوروبية والأمريكية للتعرف على ثقافاتها وعاداتها.
صدر له مؤخرًا كتابان من أهم الكتب وهما «حوار جديد مع الفكر الإلحادى» حول مسائل نشأة الكون والإنسان والروح وفق المنظار العلمى والدينى، وقدم لهذا العمل كل من رئيس جامعة الأزهر ومفتى الديار المصرية والقاضى الدكتور يوسف محمد عمرو، ومؤخرًا كتاب «العدل والعدالة من منظارى القانون البشرى والدين السماوى» دراسة مقارنة، وقدم لهذا العمل وزير الثقافة اللبنانى القاضى محمد وسام المرتضى، ويطرح خلاله ماهية العدل والعدالة ومن أين جاءت هذه المفاهيم وكيف تشكلت وتبلورت فى أذهان الناس.
الإعلام المأجور.. سبب رئيسى فى انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا»
«الوفد» التقت المفكر اللبنانى أحمد محمد قيس رئيس مركز الدراسات القرآنية ببيروت خلال زيارته مؤخرًا للقاهرة وهذا نص الحوار.
بداية.. نريد إعطاءنا نبذة عن «مركز الدراسات القرآنية ببيروت» الذى يقع تحت رئاستكم وما أهم آلياته لتحقيق أهدافه؟
أنا من الجيل الذى نشأ وترعرع فى بيئة إسلامية نظيفة وسليمة إلى حد ما، بمعنى أن هذه الانقسامات أو الاختلافات بين المسلمين لم تكن ظاهرة بينهم، وبالتالى ترسخت فى ذهنى معانى الألفة والوئام والتسامح مع معرفتى بأن هناك اجتهادات مختلفة وتباينات فكرية محصورة داخل الكتب العلمية وعند أهل الاختصاص حصراً.
ولكن مع خروج هذه التباينات إلى العلن، وانتشارها فى وسط أبناء الأمتين العربية والإسلامية لا سيما فى العقود الثلاثة الأخيرة وبشكل مفتعل، حفّزنى هذا الأمر إلى العمل للتصدى إلى مشاريع الفتنة المصطنعة من قبل أعداء الأمتين العربية والإسلامية وخاصة أن الجميع يقرّ ويؤمن بكتاب واحد ألا وهو القرآن الكريم.
وبما أن الاجتهادات الإسلامية هى عبارة عن مدارس فكرية متعددة، أنتجتها عقول بشرية ذات مشارب وأذواق ومصالح خاصة وهى غير معصومة، والخوض فيها قد لا يؤتى ثماره المرجوة، لذلك عمدت بعد التوكل على الله سبحانه إلى الاستعانة بالمعصوم (أى القرآن الكريم) على غير المعصوم من مذاهب وأفكار إسلامية متعددة.
وبعبارة ثانية: الاستعانة بالتفسير القرآنى المشترك للتوليف بين أبناء الأمتين العربية والإسلامية لا سيما فى وقتنا الراهن، وخاصة أن مجموعة الدعوات الإصلاحية أو التقريبية بين المذاهب الإسلامية لم تشتغل على الجانب التفسيرى للقرآن الكريم فى هذا الإطار. ومن هذه النقطة تحديدًا انطلقت فكرة تأسيس المركز العلمى للدراسات والأبحاث الإسلامية، والذى يهدف إلى وضع الدراسات والأبحاث القرآنية المؤسسة على المشتركات بين المفسرين فى سبيل تعريف المسلمين بعضهم على بعض بشكل هادئ وسلس، وبعيدًا عن التشنج أو التمذهب والتعصب.
الدول العربية تتعرض لعمليات نهب منظمة منذ الحرب العالمية الثانية
ومن شأن هذا الأمر بثّ الوعى بين أبناء الأمة الواحدة، والتى تشرذمت وتمزقت نتيجة لغياب هذا الوعى عن قصد أو عن غير قصد.
لماذا ترهلت الأمة الإسلامية وتخلفت عن دورها الحضارى بالرغم من أن القرآن والسنّة بين يديها؟
إن الإسلام كمنظومة فكرية بما تحمل فى طيّاتها من أفكار ومفاهيم وإمكانات، تستطيع عند أعمالها على أرض الواقع بشكل صحيح وسليم أن تنقل البشرية إلى درجات عليا على كافة الصعد، وعندما أقول بشكل صحيح وسليم أعنى بذلك عدم الجمود والتحجّر، أو الانعتاق والتفلت، بل تأصيل المستجدات والمتغيرات على ضوء القرآن والسنّة الشريفة، وهذا ما يمكن فهمه من الحديث الشريف الذى رواه الترمذى فى سننه (المجلد 5/صفحة 329) «عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قال رسول الله: إنى تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى. أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتى أهل بيتى، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفونى فيهما». وهنالك أيضاً نفس مضمون هذا الحديث لكنه ورد فيه (سنتى بدل عترتى)، وهذا لا إشكال فيه أيضاً لأن: أهل الدار أعلم بالذى فيه كما يقال، ولأن العترة النبوية هى طريق لمعرفة السنّة النبوية كما هو الحال عند أصحاب النبى الكرام.
السياسة الأمريكية تعتمد على إثارة الفتن العرقية والمذهبية
وعليه، فعند عدم العمل وفق هذا المعلم الذى رسمه رسول الله (ص) الذى لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى، تكون النتائج كما هو الحال فى واقعنا المعاصر.
وما زاد فى الطين بلّة أن أعداء الأمتين العربية والإسلامية عرفوا أماكن الخلل والضعف عند المسلمين، فعمدوا إلى إنتاج بعض الكيانات والجماعات التى لبست لبوس الإسلام والإيمان والتقوى، وهى فى الواقع بخلاف ذلك، وتعمل على شرذمة المسلمين وإيجاد الفتن فى ما بينهم هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى فقد تركز عمل هؤلاء الأعداء على نشر الإلحاد والتحلل الأخلاقى من خلال تقديم ذلك على أنه من المفاهيم الحضارية المعاصرة وأن العلم والمعارف التكنولوجية لا تنسجم مع هذه المفاهيم القديمة.
أضف إلى ما تقدم ضعف دور المؤسسات الدينية الرسمية فى التصدى لهذه المؤامرات التى تهدف إلى تمزيق وحدة المسلمين وشرذمتهم.
والحل ممكن ومتاح بشرط توافر الإخلاص بالنية والعزم على العمل الجاد مع الصبر الجميل.
انحسار الدين بسبب التكنولوجيا.. مفهوم خاطئ
الخطاب الفلسفى يلعب دورًا رائدًا فى مواجهة الفكر المتشدد والمغلوط حول المفاهيم الإسلامية الرصينة نود إلقاء الضوء على هذا الدور؟
إن الخطاب الفلسفى هو نتيجة منطقية لأعمال العقل وفق قواعد وقوانين صحيحة، حيث أن أعمال العقل بما هو وراء الأشياء المحسوسة وغير المحسوسة، يلقى الضوء على المساحة الواسعة والمشتركة لأبناء الإنسانية، ولكن لا يجب إطلاق العنان للعقل بدون مرتكزات شرعية كالوحى على سبيل المثال، وإلا أضحى هذا العقل كالعقل الغربى المادى الذى لا يقبل الماورائيات والدين بشكل عام، كما لا يجب تقييد حركة هذا العقل عن السياحة والتدبر فى فضاء الوجود وإلا انقمع وسُجن فى غيابات العادات والأعراف وتعطَّل دوره فى العمل والإنتاج.
لذا فالمرونة والوسطية هنا هى المقبولة، وما ينتج منها وفق القواعد الشرعية العقلية والعلمية تكون كفيلة بكبح ولجم كل الأفكار المغلوطة أو المتشددة أو ما شابه ذلك.
هل نحن فى حاجة إلى تجديد الخطاب الدينى بالمعنى الاصطلاحى أم أننا بحاجة إلى خطابات جديدة تنطلق من الأفكار وعلاقتها بالواقع لا من الماضي؟
المشكلة ليست بالخطاب الدينى بما هو خطاب دينى صحيح، وإنما المشكلة بالخطباء ومستوياتهم الثقافية والعلمية ومدى فهمهم للواقع الذى يعيشون فيه، كما أن الاعتبارات المذهبية والعصبية المقيتة والأهواء الشخصية والمصالح الفردية عند بعض الخطباء، كل ذلك أدّى ويؤدى إلى تراجع مكانة الفكر الدينى عند عموم الناس بشكل عام.
والمُعوّل عليه للتغيير بعد الله سبحانه وتعالى، هى تلك المؤسسات الدينية الرسمية وعلى رأسها الأزهر الشريف لما لها من مكانة علمية تاريخية واحترام كبير لدى أبناء الأمتين العربية والإسلامية، وأدعو بهذه المناسبة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أن يكثف جهده لإسكات العديد من أبواق الفتنة هنا وهناك، وألا يسمح لأحد أن يعتلى منبر الخطابة ما لم يكن على مستوى عالٍ من العلم والفهم والإحساس بالواقع المحيط به وبالأمة بشكل عام. وأن ينتخب من الخطباء من لديه حس المسئولية تجاه وحدة الأمة الإسلامية بكافة مذاهبها الفقهية.
هناك ظاهرتان راسختان فى أوروبا.. تطرف إسلامى وتطرف ضد الإسلام.. الأصولية والإسلاموفوبيا.. كيف ترى هذا الثنائى الخطير؟
وهناك أيضاً تطرف مسيحى وتطرف يهودى وتطرف عرقى وغير ذلك، المسألة وكما أقول دائمًا ليست بالإسلام كدين حنيف وإنما بالمسلمين الذين يحملون هذا الفكر ويفتخرون بالانتساب إليه، إذ أنهم مسئولون أمام الله أولًا بالمجادلة بالتى هى أحسن وبالدعوة إليه سبحانه بالعمل الصالح والأخلاق الحسنة، والنظافة الشخصية وبالتزام الملابس العرفية بحسب كل بلد ومنطقته، فليس من المقبول مثلًا أن يعيش بعض المسلمين فى البلدان الغربية ولا يلتزموا أو يتفهموا أعرافهم وتقاليدهم، أو الأنكى من ذلك محاولة فرض الأعراف والمفاهيم الإسلامية على الغربيين أو حتى الدعاء عليهم فى المساجد الإسلامية التى شيدوها على الأراضى الغربية فكيف يستقيم هذا الأمر؟ وأين هذا التصرف وأين هذه الأخلاق من الأخلاق النبوية الشريفة؟ فالكل مدان فالإسلام الحنيف لا يدعو للخوف بل للتسامح والمحبة والرحمة، والغربيون أيضاً لا يجب عليهم تعميم بعض الحالات الشاذة على عموم المسلمين، ومن يعاند من المسلمين هذا الأمر عليه أن يخرج من هذه البلاد ويعود إلى وطنه.
أما عند (الإسلام فوبيين) فيجب علينا أن نفهم أنهم صنفان: صنف يقع تحت سيطرة الإعلام المُسَيَّس الذى يُظهر العالمين العربى الإسلامى بشكل متخلف ومتوحش، هذا بالإضافة إلى تسليط الضوء الإعلامى المأجور على جرائم بعض من يدّعون الانتساب للإسلام، فبكل الحالات هو يخشى على نفسه من وجود هذه العناصر فى مجتمعه وبالقرب منه لذا فهو يرفض هذا الفكر، وصنف هو شريك أو مساهم أو متآمر فى الحملة ضد المسلمين، وهذا الصنف تكون خلفيته عادة أصولية يهودية أو مسيحية أو اثنية أو حتى اقتصادية وما شابه ذلك.
البعض من مفكرى وعلماء الاجتماع يتوقعون انحسار الدين فى ظل التطور التكنولوجى الآنى.. فما رؤيتك لذلك؟
مما لا شك فيه أن التطور التكنولوجى الحاصل بوقتنا الراهن قد فتن العديد من أبناء البشرية على اختلاف دياناتهم، ولكن الإنسان بفطرته متعلق بالغيب بغض النظر عن طبيعة هذا الغيب، وهذا التاريخ الموجود بين أيدينا لا يمكن أن تجد فيه مجتمعًا لم يكن لديه طقوس عبادية، وبناء على ذلك يمكن القول أن التقلص بأعداد المؤمنين بالفكر الدينى يزداد، ولكن أن نقول بانحسار الفكر الدينى فهذا خلاف الفطرة وخلاف الطبيعة البشرية بشكل عام، كما أنه محض خيال وليس بعلم.
هل من الممكن وضع تعريف للتطرف الدينى وما أهم أسبابه ودوافعه من وجهة نظركم؟
ورد عن الإمام على (كرم الله وجهه ورضى عنه) أنه قال: «أينما ذهب الفقر أخذ أخويه معه الجهل والكفر» من هذه المقولة يمكن الإطلالة على تعريف التطرف، إذ لا يمكن ضم لفظة الدين إلى التطرف، ولا نعت المتطرف بالتديُّن، وذلك لأن التطرف هو جهل بمقاصد الشريعة السمحاء، وجهل بالقرآن الكريم الذى يقول فيه تعالى: لا إكراه فى الدين...، ويقول سبحانه أيضاً: ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن، وغيرها الكثير من الآيات التى تنحو هذا المنحى الهادف والمتسامح.
إلا أن أبناء هذه الأمة التى تتعرض إلى ضغوطات هائلة ومتعددة، ساهمت بازدياد حالة الأمية والفقر أو يمكن القول الفقر والأمية فنتج من ذلك وجود فئتين، الأولى كفرت بالدين وتحللت من قيمه لتعيش وفق مفهوم الغلبة للأقوى، والفئة الأخرى الطيبة التى أرادت تغيير الواقع التى تعيش فيه، فتم اصطياد هؤلاء الشباب من قبل أعداء الإنسانية، وأعداء الأمتين العربية والإسلامية، والذين يخدمون مشاريع الفتنة البغيضة بشكل مزوّر وكاذب يدعون فيه بالإسلام والتدين، فانساق هؤلاء الشباب والطاقات المستقبلية خلف تلك الشراذم الكاذبة وتم استغلالهم فكريًا وجسدياً.
لذا يجب على المؤسسات الدينية الرسمية وعلى رأسها الأزهر الشريف تعرية هؤلاء الذين يدَّعون الإسلام، كما يجب على الحكومات والمؤسسات الوزارية السعى الاستباقى لاستنقاذ أبنائنا من براثن الشر وذلك من خلال إلزامية التعليم فى القرى والأرياف والمدن، وأيضاً المسح الميدانى الاجتماعى لمساعدة الأسر والعوائل الفقيرة قدر المستطاع، والمساهمة فى تزويج العزّاب منهم، وبهذا الأمر يمكن الحدّ من هذه الظواهر البغيضة.
ناهيك عن مراقبة الإعلام وما يبث فيه من سموم وكذلك مواقع التواصل الاجتماعى وغير ذلك من مسائل لا يمكن استعراضها الآن فى هذه العجالة.
هل تؤمن بنظرية المؤامرة من العالم الغربى ضد العالم الإسلامى وما حجتك فى ذلك؟ وكيف ترصد مواقف أميركا من العالم الإسلامي؟
إن مفهوم المؤامرة يحمل فى طيّاته العديد من المعانى المختلفة لجهة الأهداف النهائية، فتارة يكون معنى المؤامرة إجماع القوم على قتل فلان، أو سرقته ونهبه، أو اغتصاب أرضه أو عرضه، وهكذا.. وتارة أخرى يكون معنى المؤامرة الهيمنة الشاملة وهى تهدف إلى إلحاق الآخر بركب المهيمن على كافة الصعد الثقافية والاقتصادية والدينية والسياسية وما شابه ذلك.
والذى نشهده فى العالمين العربى والإسلامى منذ مطلع القرن العشرين هو من النوع الثانى، أى الهيمنة الشاملة على مقدرات شعوبنا وأوطاننا، وحتى ثقافتنا وديننا، وعاداتنا وتقاليدنا وغير ذلك. والسبب من وراء كل ذلك
هى تلك النعم التى أنعم الله بها علينا من ثروات طبيعية واقتصادية، كذلك الأمر لأن منطقتنا هى مهد الحضارات البشرية ومركز حركة الرسالات السماوية. وهذا الأمر انطلق فى حقيقته منذ مطلع القرن الحادى عشر مع بداية الحروب الصليبية، وتبلور بشكل أوضح مع بداية حركة الاستشراق أى فى منتصف القرن السادس عشر، والتى تبلورت إلى الفعل المباشر مع حركة الغزو والاستعمار الإنجليزى والفرنسى والإيطالى والألمانى وصولًا إلى مرحلة إسقاط الإمبراطورية العثمانية الغير المأسوف عليها، وتقسيم المناطق والبلاد العربية والإسلامية إلى ما يشبه الغنيمة بين المنتصرين، وهذا ما أفرز نشوء كيانات وبلاد وفق خرائط رسمها هؤلاء الغربيون بما يخدم مصالحهم الاستعمارية، وبعد الحرب العالمية الثانية ورثت الولايات المتحدة الأميركية هذه الغنائم بالتنسيق مع بعض حلفائها الأوروبيين.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى مرحلة تفكيك الاتحاد السوفيتى وما تلاها من أحداث ليومنا الراهن ما تزال سياسة النهب المنظم لثرواتنا ومقدراتنا وقراراتنا السياسية والاقتصادية والثقافية قائمة، ولا تزال تجرى على قدم وساق، وأصدق مثال على ذلك أرض فلسطين الحبيبة.
ومن جهة أخرى ما زال العمل مستمرًا من أجل إيجاد الفتن العرقية والفتن المذهبية فى أوطاننا، وكل ذلك من أجل منع التفكير عند شعوبنا بالوحدة العربية أو الوحدة الإسلامية. وغيرها الكثير والكثير من الدلائل على وجود هذه المؤامرة، فهى حقيقة نعيشُها وليست أوهامًا أو عُقدًا نفسية.
أما السياسات الأميركية القائمة على مبدأ البرغماتية النفعية، فهى لا تنظر إلى بلاد العرب والمسلمين إلا من منظار هذا المبدأ الذى تعتمده حتى مع غير العرب والمسلمين، والحرب الروسية الأوكرانية، أو العمل الاستفزازى للصين لإيقاع الحرب بينها وبين تايوان لخَير دليل على هذا المعنى المتقدم.
وهذا المبدأ النفعى المتوحش والمتخلف، لا يهمه ما يحصل للشعوب وللبلاد والعباد طالما يحقق تلك المصلحة الدنيوية الدنيئة، والتى لن تلبث أن تزول مع الوقت لأن ذلك سنّة كونية واجتماعية وبشرية وبالأصل إلهية.
كيف ترى مستقبل الثقافة العربية والإسلامية فى ظل الهيمنة الغربية على دول الشرق الأوسط؟
أن العالمين العربى والإسلامى يمرّان حاليًا فى مرحلة انتكاسية على كافة الصعد لا سيما الثقافية والدينية، وهذا برأيى مردّه إلى عدة عوامل أهمها: استمرار مشروع الغزو الثقافى والدينى والاقتصادى على أمتينا العربية والإسلامية من جهة..
ومن جهة أخرى، تقصير المؤسسات الفكرية والدينية عن اللحاق بركب التطور المعاصر، وذلك بسبب اعتمادهم على منهجيات تلقينية ومعرفية لم تعد تصلح لأبناء هذا الجيل، وعندما أقول المنهجيات أعنى آليات نقل العلوم والمعارف وأدواتها، ولا أعنى بذلك المضمون أو الإرث الحضارى الضخم والرائع.
وعلى كل حال طالما أن القرآن الكريم موجود بين أيدينا، وسيبقى بإذن الله، فإن الثقافة العربية والإسلامية ستبقى لأن من أهم مصادرها القرآن الكريم، وهو باق لأن الله سبحانه قد تعهد بحفظه وهو أصدق القائلين.
هل ترى أن العالم الإسلامى مطالب بتحسين صورته فى المجتمع الغربى أم أنه بحاجة إلى إيصال صورته الحقيقية التى أطرها القرآن والسنّة النبوية؟
إن العالم الإسلامى مطالب بمعالجة مشكلاته وقضاياه أولاً، وتحصين نفسه من فتن وشرور أعدائه ثانياً، وهذا لا يمكن حصوله إلا من خلال تفعيل مشاريع الوحدة العربية والإسلامية، فإن فى هذا الأمر عزّه ورخاءه وحفظ كرامة أبنائه، وصيانة ثرواته ومقدراته، وفى هذا الأمر أن حصل وأنا متفائل بحصوله على الرغم من هذا الظلام الحالك، وذلك لأن المولى عزّ وجلّ وعد بهذا من خلال قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أن الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِى الصَّالِحُونَ) {الأنبياء: 105}، سنعود لنرى حركة الهجرة المعاكسة من الغرب إلى بلادنا كما كان يحصل قبل تاريخ النكسة فى العام 1948، حيث كانوا يلجأون إلى بلادنا طمعًا بالأمن والأمان والرخاء المعيشى والاقتصادى.
وكل ذلك بسبب عودة الأمتين إلى القرآن والسنّة النبوية الشريفة، وهذه ليست أمنيات بل حقيقة آتية حتماً، لأن المولى يقول سبحانه فى محكم كتابه: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) {غافر: 51}.
الإسلام وحده من بين الديانات توجه له سهام الغرب متهمة إياه بالإرهاب فلماذا فى رأيك؟
لأنَّه الوحيد الذى يمتلك منظومة فكرية كاملة تحاكى الفرد والمجتمع الإنسانى، ولديه مقومات جذب لجميع أبناء البشرية، وهذا ما يغيظ أعداء الإسلام من ناحية، أما من الناحية الأخرى فإن هذه الجماعات التى تعتنق الفكر الإرهابى وتمارسه بشكل سينمائى، فإنهم بالحقيقة منتجات غربية وصناعات استخبارية، لتشويه الدين والإفساد فى البلاد والعباد.
ماذا عن تصوركم لشكل الخطاب الإسلامى المعاصر الذى يجمع بين مقاصد الشريعة ويحقق مصالح العباد؟
يجب أن يكون شكل الخطاب الدينى ومضمونه يتوافق مع مقتضيات الزمان والمكان، ولا ضير بالاستعانة بأهل الاختصاص عند معالجة أى مسألة خارج حدود المعارف الدينية والفقهية، كما يجب أن يحمل هذا الخطاب معالم المشكلة التى يتعرض إليها، وأن يقدم الحل الأنسب لها، ولا يكتفى بالتوصيف أو (النَقْ) لأن ذلك باعث على اليأس والنفور.
هل تعتقد أن الحرص على التراث وتقديس السلف هو السبب وراء ما نراه من تناقضات بين المسلمين حتى أنه فى الوقت الذى يتهافتون فيه على منتجات العقل الغربى المادية نراهم يعرضون عن تقبل المنتج الفكرى لهذا العقل؟
يقول تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) {البقرة: 134}.
مرّ معنا سابقًا أن التحجر والجمود هو تعطيل للعقل، والتنكر للتراث والجهد البشرى السابق هو خفة عقل وسذاجة، فيجب على المسلم المعاصر أن يعيش زمانه وفق مقتضيات وأعراف هذا الزمان، وأن يستلهم من التجارب السابقة بعض الحلول لبعض المشكلات التى قد تعترض سبيله.
أما مسألة تقديس التراث والسلف مطلقًا فهذا ما لا دليل عليه، كما أنه نوع من أنواع الوثنية المغلفة بالعناوين الإسلامية. نعم يجب يجب احترام وتقدير من ثبت احترامه وتقديره وإخلاصه لله وللرسول وللإسلام بشكل عام، أما التعميم فلا يصح مطلقًا ومن مصاديقه وجود هذه التناقضات بين القول والفعل والممارسة بشكل عام.
كيف ترى أطروحة عالم السياسة الأميركى صمويل هنتنجتون حول صدام الحضارات؟
هى محاولة شعوبية استعلائية تهدف إلى إظهار العالم الغربى بشكل أرقى وأرفع من العالم الآخر كالآسيوى والأفريقى والصينى والهندى وغير ذلك، وهى شبيهة بمشروع هتلر النازى حول تفوق العرق الآرى أو الطرح الصهيونى حول مسألة العرق السامى، كما أنها محاولة استدراج وابتزاز لعالمينا العربى والإسلامى حتى نتحول إلى موقع كسب الود الغربى على حساب قيمنا وأعرافنا وتقاليدنا.
وبرأيى المتواضع أن هذا الفخ صُنِعَ لنا ووقعنا فيه، وما زلنا نُرَوّج له، وهو لا يستحق المناقشة أو التعليق وخاصة أن بين أيدينا كتاب الله الذى يقول فيه تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أنا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا أن أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ أن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) {الحجرات: 13}.
وكما مرّ معنا سابقاً، أن المفاضلة هنا هى بالتقوى والإرث المعنوى، وليس ببعض الأدوات المادية من حديد وبلاستيك وما شابه ذلك والآيلة إلى الفناء.
كيف تقيّم وضع تيارات الإسلام السياسى فى الوطن العربي؟ وهل تتوقع أن تعيد الصورة الكارثية للإسلام السياسى رسم تصور مغاير للدين بوجه عام مستقبلاً؟
لا يوجد فى الإسلام مصطلح (الإسلام السياسى)، وإنما هذا المصطلح هو اختراع من قِبل بعض الجماعات والتيارات والأحزاب لتبرير وجودها فى الساحة السياسية، فالإسلام منظومة دينية وفكرية متكاملة لا تحتاج إلى اختراعات بشرية جديدة، ويكفى للدلالة على عدم صحة هذه المقولة هو فشل التجارب التى حمل فيها أصحابها هذا العنوان، وهذه الأحداث فى عالمنا العربى والإسلامى تشهد على فشل من ذهب لتبنى هذه المقولة، والسبب لهذا الفشل وبرأيى المتواضع، هو الذى صرّح به القرآن الكريم من خلال قوله تعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) {الواقعة: 82}، فلو كان عملهم وسعيهم خالصًا لوجه الله، لأعانهم الله سبحانه وسدّدهم ولكنهم كذّبوا فافتضحوا وفشلوا.
أخيراً.. ماذا عن مشروعكم الفكرى الذى تود تحقيقه مستقبلاً؟
الحمد لله فقد أتممت الجزء القرآنى الثانى والثالث من التفسير الوحدوى والجامع الذى أسميته (المؤتلف والمختلف فى التفسير) وأنا عاكف حاليًا على إنجاز الجزء القرآنى الرابع بإذن الله.
كما أننى أعمل على عنوان يختص بالسياحة الدينية لا سيّما فى فلسطين العزيزة، هذا بالإضافة إلى أننى قد تقدمت إلى بعض الجهات الرسمية المصرية بطلب لوضع دليل عن السياحة الدينية فى مصر الحبيبة بشكل واسع وشامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.