في صفعة مدوية للحكومة قضت محكمة القضاء الإداري بعدم جواز ووقف إجراءات ومنع تسليم أحمد قذاف الدم منسق العلاقات المصرية الليبية السابق إلي السلطات الليبية.. قالت المحكمة إن الدستور يوفر الحماية لمن يعيش علي أرض مصر ما لم يرتكب ما يعكر الصفو والسلم والأمن، موضحة أن قذاف الدم دخل مصر وأقام فيها بصفة شرعية وتمتعه بالحماية القانونية المقررة للمقيمين علي الأراضي المصرية، والتي قررها الدستور المصري والاتفاقيات الدولية.. وأكدت المحكمة أن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر بأنه لا يتم طرد لاجئ إلا تنفيذاً لقرار متخذ وفقاً للأصول القانونية.. ويتم السماح للاجئ بالبقاء ما لم يتعارض مع أسباب ملحة تتعلق بالأمن الوطني.. ويحظر علي الدولة طرد أو رد أي لاجئ بأية صورة إلي الحدود أو الأقاليم.. ومن حق اللاجئ الإقامة بمأمن عن الملاحقة وحظرت ترحيله أو تسليمه إلي أي دولة علي غير رغبة منه وإرادة.. خاصة إذا كانت حياته ستتعرض للخطر في الدولة التي تطلب تسليمه إليها.. وبالتالي فإن قرار تسليم قذاف الدم للسلطات الليبية يعرض حياته للخطر وينتقص من حقوقه وحرياته وبالتالي فهو مخالف للدستور المصري والاتفاقيات الدولية.. استندت المحكمة إلي النصوص الدستورية وأحكام الشريعة الإسلامية التي أمرت بأن يجير المسلم أحد المشركين إن استجاره حتي يبلغ مأمنه.. فهل وعت الحكومة الدرس وهل أفاقت من صدمة الحكم الذي أعاد إلي شعب مصر تحضره وإجارته للمظلوم وإغاثته للملهوف؟ أسرار وخبايا صفقة العار التي أبرمها النظام المصري مع رئيس وزراء ليبيا كشف عنها سفير ليبيا بالقاهرة التي تتمثل في قيام بلاده بوضع وديعة 2 مليار دولار في البنك المركزي بفوائد بسيطة.. بالإضافة إلي إمداد ليبيا مصر بالوقود لحل الأزمة المستفحلة في البلاد منذ صعود الرئيس مرسي والإخوان علي سدة الحكم في البلاد.. فهل يليق بحكام مصر أن تضحي بأخلاقها ومبادئها وقيمها من أجل حفنة دولارات قلت أم كثرت؟.. منذ متي ومصر تسلم من استجار بها وأقام بها كلاجئ سياسي؟.. أليس من العار أن يحدث ذلك في زمن الإخوان؟.. لم يحدث هذا في العصر الملكي ولم يحدث في عصر جمال عبدالناصر، لدرجة أن الملك السنوسي ملك ليبيا لجأ إلي مصر عقب قيام ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 بقيادة العقيد معمر القذافي، رغم أن مصر دعمت ثورة ليبيا، والقذافي كان شخصاً مهماً لدي الرئيس جمال عبدالناصر، ورغم ذلك قامت الثورة الليبية وأيدتها مصر وعاش الملك السنوسي في مصر حتي رحيله.. هذه قيم وأخلاق مصرية ضاربة في جذور الوطن، فما الذي تغير حتي يبيع الإخوان والحكومة شرف مصر بدراهم معدودة؟.. مصر لم تسلم لاجئاً في زمن الرئيس محمد أنور السادات وحتي في زمن الرئيس السابق مبارك لم تبع شرفها مهما كانت المغريات.. فهل حاجة الحكومة للمال للتعامل مع الأزمة الاقتصادية مبرر لأن تبيع مصر من استجار بها؟ النائب العام المستشار طلعت عبدالله قرر تسليم مسئولين ليبيين سابقين من بينهم أحمد قذاف الدم إلي السلطات الليبية، ولكن محكمة القضاء الإداري ردت للشعب المصري كرامته وعراقته وأكدت أن المصريين شعب متحضر ضارب بجذور حضارته في أعماق التاريخ علي مر العصور.. إجارته للمظلوم واجب وإغاثته للملهوف حق متي لجأ إليها طالباً الحماية والأمان بصرف النظر عن جنسيته وديانته.. ليس دفاعاً عن أحمد قذاف الدم التي تضاربت الأنباء حول حصوله علي الجنسية المصرية بل ومشاركته في حرب أكتوبر عام 1973.. ولكن تمسكاً بمبادئ الإسلام السمحة التي أعطت للمسلم حق استجارة المشرك.. هل هناك أعظم من هذه التعاليم والقيم التي غابت الحكام الذين يتمسحون بشعار الإسلام هو الحل.. إنهم يوظفون الإسلام لحسابهم ولمصالحهم الخاصة.. غايتهم تبرر الوسيلة التي يستخدمونها للوصول إليها.. أحمد قذاف الدم يعيش في مصر منذ قيام الثورة الليبية في 17 فبراير 2011، أكثر من عام فما الذي جد في الأمر، وهل حاجة حكومة الرئيس مرسي تبرر قيام مصر بتسليم من استجار بها، خاصة أنه معلوم للجميع الدوافع الانتقامية للنظام الحاكم في ليبيا الآن ضد من كان ينتمي إلي النظام السابق مثل قذاف الدم ابن عم الرئيس القذافي. ندافع عن قيمنا الأخلاقية والدينية وتراثنا الحضاري.. مصر لا تعرف الغدر ولا الخسة والندالة.. مصر لا تبيع يا بديع مهما كان حجم الدولارات التي سيودعونها في خزينة الدولة الخاوية، فهل وعي الدكتور مرسي وأهله وعشيرته وجماعته درس المحكمة الأخلاقي والديني الموجه لمن يعي ويحترم قدر مصر.. كفاكم إهانات توجهونها إلي شعب مصر المضياف الكريم.. هل وعيتم كلمات رئيس الوزراء القطري وتصريحاته بعدم ضخ قطر لمصر أموالاً أخري بعد الوديعة التي أودعتها في البنك المركزي المصري.. ماذا فعلت الحكومة لدفع ورد هذه الإهانة؟.. وهل نقبل علي كرامتنا استمرار سياسة التسول من الدول العربية وأمريكا وأوروبا؟.. حكام قطر يريدون شراء مصر وإهدار كرامتها وليس دعمها، مرة يتحدثون عن استئجار الآثار المصرية وأخري عن تنمية مشروع قناة السويس.. يحشرون أنفهم في أمورنا الداخلية ويضعون أصابعهم في مصر، ورغم ذلك لم يقم الرئيس مرسي بقطع هذه الأصابع القطرية التي تمتد للعبث بأمن مصر القومي.. لماذا كل هذا الارتماء والوقوع في الأحضان القطرية؟.. وهل تتحول مصر علي يد الرئيس مرسي وحكومته وجماعته من مصر هبة النيل إلي مصر هبة قطر؟ العار كل العار أن تسلم مصر لاجئاً سياسياً فما بالك، وهذا اللاجئ أن تثبت المحكمة أن أحمد قذاف الدم مصري الجنسية، فوالدته مصر وأخوته مصريون، فهل سمعنا أن دولة ما قامت بتسليم أبنائها لأية دولة أخري، خاصة أن الاتفاقيات والمواثيق الدولية تمنع تسليم أي لاجئ ما لم يصدر حكم قضائي بات ونهائي.. بالإضافة إلي إصدار الإنتربول الدولي نشرة حمراء لكل الدول.. ولكن ما حدث هو بلطجة حكومية لا يقرها الدستور والقانون.. مصر في حاجة إلي الأموال في ظل الاقتصاد المتدهور ولكنها أبية شريفة كريمة تحنو علي كل من يلجأ إليها.. ليذهب نفط ليبيا إلي الجحيم ولتذهب أموالهم إلي جهنم، ولا تجلبوا العار لبلادنا، فالتاريخ لن يغفر لكم ولن يسامحكم علي إهدار الكرامة المصرية.. أفيقوا يرحمكم الله.