وزير التنمية المحلية: رفع كفاءة العاملين في مجال المعلومات والتحول الرقمي لتحسين خدمات المواطنين    تفاصيل موافقة «صناعة النواب» على مشروع الموازنة العامة لعدد من القطاعات    مجموعة السعودية تعلن خطة موسم حج 1445ه لربط ضيوف الرحمن حول العالم بالحرمين الشريفين    تفاصيل توقيع الحكومة اتفاقية لإنتاج الكهرباء ب10 مليارات دولار    وزير الخارجية سامح شكري يشرح دوافع مصر لسرعة إنهاء أزمة غزة - ما هي؟    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية بينهم طفلان وأسرى سابقون    ملك الأردن يشدد على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة    وسام أبو علي: مواجهة الترجي هي الأكبر في حياتي    كلوب يتحدث عن علاقته بمحمد صلاح بعد خلافهم الأخير    حالة الطقس غدا.. بداية الموجة الحارة وارتفاع الحرارة على كل الأنحاء    توقيت عطلة عيد الأضحى 2024 في تونس: ما يجب أن تعرفه    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    فرقة سمالوط تقدم "كيد البسوس" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    الجمعة.. قصور الثقافة تحتفل بعيد الربيع على مسرح قصر الأنفوشي بالإسكندرية    أسامة الأزهري: الأزهر قدم نموذجا عمليا للتقارب بين الشرق والغرب    الطاهري يعلن فوز القاهرة الإخبارية بجائزة التميز الإعلامي العربي لعام 2024    صحة الدقهلية: الكشف على 1336 مريضا فى قافلة علاجية بقرية جاليا الأولى ببلقاس    وزير التعليم العالي: لن يتم ترخيص معهد هندسي إلا بعد هذا الشرط    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    المتحدة تحتفى بميلاد زعيم الفن العربي    بالفيديو| أمين الفتوى يذكر بعض كرامات السيد البدوي: لا أحد يستطيع التشكيك فيها    افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    مصرع طفل غرقًا في بحر النزلة بالفيوم    البنك الأهلي المتحد يفتتح أحدث فروعه "شبين الكوم" بالمنوفية    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant: قصة صعود ملاكم من الطبقة العاملة    6 يوليو.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج ببني سويف    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    بث مباشر.. حجز شقق جنة في القاهرة الجديدة و6 أكتوبر بالقرعة العلنية    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    لا تصدقوهم.. إنهم كاذبون!    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    الصحة تنشر طرق التواصل مع البعثة الطبية للحج.. وتوجه 4 نصائح مهمة    تحرير (148) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    وزير الرياضة يعلن عودة الجماهير للملاعب ويتوعد المخالفين    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    بالفيديو.. غناء وعزف أنتوني بلينكن في أحد النوادي الليلية ب"كييف"    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    انطلاق الامتحانات العملية بجامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر.. صور    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    «حياة كريمة» تطلق قافلة تنموية شاملة إلى قرية شماس بمركز أبو النمرس    قطار الإنجازات لا يتوقف    الداخلية: ضبط 25 كيلو مخدرات و132 قطعة سلاح بالدقهلية    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    وزير الري: 97.69 ٪ نسبة تنفيذ الشكاوى من يناير 2021 حتى أبريل 2024 -تفاصيل    الداخلية: سحب 1539 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    تداول 10 آلاف طن و675 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنان النحراوي.. ريشة تتحدى الإعاقة
نشر في الوفد يوم 11 - 12 - 2010

رغم شدة الزحام، وارتفاع الأصوات، وسرعة الحركة، وكثرة الضيوف، وسخونة تعليقات ومناقشات الحضور في مؤتمر الأمم المتحدة الذي عقد بالقاهرة مؤخرا لمناقشة بنود اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة،.. استطاعت سيدة أن تخطف أذهان الحاضرين وتجذبهم إليها رغم إعاقتها.. فهي صماء بكماء ولكن الحماس والنشوة لا يعترفان بالإعاقة.. إنها "حنان النحراوي" إحدي السيدات اللائي تواجدن في الجروب الخاص بالصم والبكم أثناء فعاليات المؤتمر.
جذبني إليها كثرة الأوراق التي تحملها، وإنصاتها الشديد للمترجم، ومحاولاتها المستمرة في طلب الحصول علي الميكرفون لإبداء رأيها دون أن تخجل من إعاقتها، مما زاد فضولي فقررت التعرف عليها واقتحام عالمها الخاص مستعينة بمترجمة ساعدتني في ترجمة الأسئلة والإجابات، تارة من خلال الحركات والإشارات، وتارة أخرى بالكتابة والقراءة التي تجيدهما الفنانة بعض الشئ.
بالإبداع نتحدى الإعاقة
هي فنانة تشكيلية تلقائية في الأربعينات من عمرها.. صماء بكماء، لم تتخرج من كلية الفنون الجميلة.. لكنها تمتلك حاسة بصرية نافذة تجعلها تخترق مجال الشكل لتصل مباشرة إلي أغوار الروح والحقيقة دون وسيط.. ترسم بأناملها وفرشاتها معاني الأمل والحب.. جعلت من الإعاقة حافزاً أوصلها للعالمية بأعمالها الفنية، فانتقلت من عالم ذوي الاحتياجات الخاصة إلي عالم ذوى القدرات الخاصة بالإيمان وحب الحياة، لتضع نفسها في مصاف رموز الفكر والمبدعين أصحاب الإرادة الحديدية الذين وقفوا في تحدى أمام عجزهم.
حصلت النحراوي علي العديد من الشهادات التقديرية من دول عربية وعالمية، منها جائزة معرض جمعية الفن الخاص في هونج كونج عام 1992، وجائزة المعرض المتجول لذوي الاحتياجات الخاصة بالسعودية، وجائزة معرض الشارقة للمعاقين والمبدعين 2005م. وشاركت بلوحاتها في معارض دولية بالشارقة وتركيا وأمريكا. وقدمت مع مجموعة من الصم مسرحية "اللعبة الخطيرة" إخراج سعيد مدبولي وتم عرضها بمختلف مسارح مصر وتركيا واستمرت لمدة خمس سنوات.
تعتبر حنان الرسم لغتها الوحيدة للتواصل مع العالم الخارجي والتعبير عما بداخلها، وتستخدم الأسلوب التجريدي والتنقيط في رسم لوحاتها، وأول لوحة قامت برسمها بهذا الأسلوب كانت للفنان فؤاد المهندس من خلال أقلام فضية وفسفورية وذهبية علي ورق أسود، وتم نشرها في جريدة الإخبار وتعتبرها حنان اللوحة الأجمل في حياتها.
من أشهر لوحاتها "هيلين كيلر" الكفيفة الصماء البكماء، والرئيس كيندي، والرؤساء جمال عبد الناصر والسادات ومحمد نجيب. ويظهر في لوحاتها دائما أنها تهتم بالبورتريهات وخاصة الرؤساء الأمريكان، وتبرر حنان ذلك بأنها يعجبها الحدث فتقوم برسم صاحبه، أو يستفزها موقف معين يدفعها للتعبير عما بداخلها من خلال الرسم، وتضرب مثلا بالرئيس أوباما حيث أثار إعجابها به أثناء فترة وجوده في مصر وتلقائية تعامله وتميزه بالإقناع وأصوله الاسلامية، فسحبت فرشاتها على الفور ورسمت لوحتها التي تجمع الرئيسين مبارك وأوباما في جامعة القاهرة.
البرواز الصامت
تشير حنان لحادثة حزينة صادفتها في حياتها بعد تلقيها دعوة رسمية من مؤسسة "فيز" للفنون بشأن مشاركتها في المهرجان الدولي للفنون الخاصة الذي أقيم بواشنطن في 2004، فأثناء استخراجها أوراق السفر من السفارة الأمريكية بالقاهرة رفض المسؤلون منحها تأشيرة الدخول، وأرجعوا الرفض لقيامها برسم لوحة تعاطفا مع الشعب الفلسطيني وتتضمن أعلام دول عربية ترفرف عاليا بينما علم إسرائيل ملقى علي الأرض.
ولكن لإصرارها علي تحقيق طموحها استطاعت حنان السفر، لكنها تصف الرحلة بأنها كانت " قطعه من العذاب" موضحة أن جمعية "الفن الخاص جدا" التي كانت تتبناها كانت ستتحمل تكاليف الإقامة والإعاشة الكاملة والانتقالات الداخلية، ويتحمل قطاع العلاقات الثقافية الخارجية في وزارة الثقافة نفقات السفر ذهابا وإيابا، ولكنها فؤجئت بعد سفرها بتسلمها مبلغ 250 دولار فقط من القطاع تتحمل منها فترة تواجدها في واشنطن لمدة خمسة أيام، والأغرب أنه بعد وصولها لأمريكا منعت لوحاتها من الدخول ولم تعرف السبب لعدم وجود مترجم، وعادت حنان غير مستوعبة لما حدث مشبهة نفسها بأنها كانت بروازا صامتا لايستطيع الصراخ.
تعتبر حنان د. محسن شعلان ،رئيس قطاع الفنون التشكيلية، أبا روحيا لها، وترجع له الفضل في إظهار موهبتها التي ظلت مدفونة عشرين عاما وبفضل رعايته خرجت من مرحلة الضياع للشهرة الحالية التى تتمتع بها، و توضح أن شعلان كان يقيم معارض خاصة للصم كل عام علي مدار خمس سنوات بمتحف سعد زغلول، وبمشاعر ممزوجة بالأسي تتمنى عودته للقطاع ليقيم المعرض من جديد بعد أن تم إلغاؤه هذا العام بعد استبعاده بسبب لوحة الخشخاش.
زوجة وأم
أثناء حواري معها "رن هاتفها المحمول"، اندهشت لحملها هذا الجهاز أصلا ، وزادت دهشتي حينما رأيت الكيفية التي تتواصل بها مع أسرتها من خلاله، فباستخدام تقنية تكنولوجية معينة تتمكن حنان من رؤية المتصل من خلال الكاميرا وتتم بينهما لغة الإشارة، وأو ضحت لي أنها تتعامل مع أسرتها بنفس الطريقة للاطمئنان عليهم أثناء سفرها.
حنان زوجه وأم لأربعة أبناء.. باسم 25 عاما يدرس في مجال الكومبيوتر، مروة 20عاما متزوجة، سارة 14 عاما الصف الثالث الاعدادي، وأخيرا يمني ثمان سنوات بالصف الثالث الابتدائي، تزوجت من شاب مثلها التقت به في معهد الأمل للصم والبكم، وتم زواجهم ورزقهم الله بأبناء لا يعانون من أي إعاقة، وهم الآن وسيلة الاتصال بالنسبة لها، فعندما ترغب في التحدث تليفونياً بأي شخص يطلبونه علي الفور ويوصلون رسالتها لأنهم تعلموا لغة الإشارة ويحيطونها بكل الحب والرعاية.
فنانة أم قضية
اعتادت حنان أن توقع لوحاتها باسم صماء بكماء وكأنها تعلن للجميع أن إعاقتها لا تجعلها تشعر بالخجل أو النقص مقارنة بغير المعاقين من البشر، وأن مجتمع الصم والبكم قادر علي إفراز مواهب وطاقات قادرة علي العطاء.. إنها في رأيها المكافأة الإلهية لكل من يرضي بقضاء الله وقدره.
لم تتمن حنان مالا أو طلبا شخصيا كأمنية لحياتها، ولكن تؤكد باستمرار تمنيها مستقبل أفضل للصم ومساعدتهم مجتمعيا لكي يخرجوا طاقاتهم الإبداعية.
تقول عن حلمها الذي لم تحققه بعد: حلمي موجه للفنان فاروق حسني وزير الثقافة، أن يصدر تعليماته وتوصياته لتفعيل دور ذوي الاحتياجات في عالم الإبداع، وتشجيعهم ليكون لهم نصيب في رعاية الدولة ومنح التفرغ والمعارض، مع عمل مهرجان سنوي لإبداعات المعاقين ينالوا عنها جائزة (تحدى الإعاقة بالإبداع).
ولأنها تعمل جاهدة لزيادة أعداد المترجمين بالإشارة لكي يتم التواصل معهم بشكل أفضل، وتحاول نشر هذه الثقافة بين المواطنين لكي لا يشعر الأصم بالغربة والوحده فى حياته، وضعت عنوانا لمدونتها "حنان النحراوي فنانة أم قضية؟؟".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.