سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رجال الأعمال: لولا الاقتصاد غير الرسمى لانهارت الخدمات وتوقفت حركة التجارة مفاجأة.. 400 مليار دولار ثروات غير مستغلة فى مصر
اتحاد الصناعات يتوقع تحصيل مائتى مليار جنيه سنوياً فى حال ترسيم الصناعات الموازية
فى ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، ومع تراجع موارد الدولة، وزيادة عجز الميزان التجارى على مائتى مليار جنيه سنويا، وارتفاع الفجوة التمويلية لنحو 19.5 مليار جنيه تشتد الحاجة للبحث عن موارد جديدة، وتوظيف حقيقى للانتاج. والمثير للدهشة أن هناك ثروات غير مستغلة وغير موظفة تبلغ قيمتها نحو 400 مليار دولار طبقا لدراسات أجراها معهد الحرية والديمقراطية فى مصر. القصة ببساطة تشير إلى أن الاقتصاد غير الرسمى فى مصر هو الذى يحافظ على الأوضاع المالية لكثير من الانهيار. والواضح أن هذا القطاع غير مستغل، ولا يتم توظيفه لمزيد من التشغيل لأنه يفتقد لأهم أصول الاقتصاد وهو التملك الذى يسمح بحصول أصحاب المشروعات الصغيرة على قروض بضمان صكوك الملكية وهو ما يؤدى إلى حركة تشغيل واسعة تحقق معدلات نمو غير طبيعية. ويلاحظ هيرناندو دو سوتو الاقتصادى العالمى صاحب كتاب «سر رأس المال» أن قيمة الأصول غير المسجلة فى مصر تساوى 55 ضعفاً لكافة الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ عام 1945، ونحو 30 ضعفاً لكافة رؤوس الأموال الخاصة بالشركات المدرجة فى البورصة. ويقول فى كتابه الشهير إن الحقوق الاقتصادية للمالكين فى دولة مثل مصر منتقصة لأن الفقراء لا يتملكون رسميا ما يتملكونه فعليا. ويضيف: إن لدى السكان ملكيات لا يتم وصفها بالشكل الذى يحقق تشغيلا حقيقيا لرأس المال، فهم يمتلكون بيوتا لكن ليس لديهم سندات ملكية لها، ولديهم محاصيل دون حقوق ملكية للأراضى المنتجة لتلك المحاصيل. ويستعيد المؤلف تجربته فى القاهرة عندما يخرج من فندق النيل هيلتون الذى يلتقى فيه بالأثرياء وممثلى الشركات الكبرى ليجد مدينة من الموتى يعيش فيها الفقراء الذين يعانون من موت رأس المال بسبب عدم الاستفادة بما يمتلكون لافتقادهم صكاكاً ملكية. «إنها عملية صعبة جدا أن تحصل على صك ملكية لما تمتلك فى مصر». هكذا يخلص هيرناندو دوسوتو بعد سنوات من الدراسة والخبرة. ويشير إلى أن عملية تسجيل العقارات والأصول فى مصر تستغرق 77 عملية روتينية فى 31 جهة حكومية وخاصة وهو ما يستغرق مدى زمنياً يتراوح بين 5 و14 سنة، وهذا يفسر لماذا يوجد فى مصر 4.7 مليون عقار غير قانونى. ويضيف مؤكدا أن هناك مجتمعاً اقتصادياً كبيراً لا يمكن تجاهله. كما ان استغلال ذلك الاقتصاد و«ترسيمه» يؤدى إلى نهضة اقتصادية حقيقية وسريعة، وقد طبقت التجربة فى بعض دول العالم مثل سنغافورة، وبيرو وغيرهما من الدول. والثابت أن القطاع غير الرسمى فى مصر يمكنه أن يلعب دورا حقيقيا فى امتصاص آثار الأزمة الاقتصادية الحادة التى تواجهها فى الوقت الحالى .فطبقا لدراسات أجريت على ما يسمى بالاقتصاد غير الرسمى اتضح انه أكبر مستخدم للعمالة، حيث يوظف القطاع الخاص القانونى 6.8 مليون شخص، ويوظف القطاع العام حوالى 5.9 مليون، بينما يوظف القطاع غير الرسمى نحو 9.6 مليون شخص. وفى رأى المهندس صفوان ثابت رئيس جمعية مستثمرى 6 اكتوبر السابق أن القطاع غير الرسمى ساهم فى تخفيف آثار الأزمة الاقتصادية فى مصر .ويقول إن معظم الخدمات لم تنهر، وحركة التجارة لم تتوقف لأن القطاع غير الرسمى أو غير المنظور مازال يعمل بشكل متواصل. وفى رأى محمد مؤمن عضو لجنة الصناعة بمجلس الشورى انه لولا الاقتصاد غير الرسمى لعانى المصريون من نقص شديد فى كثير من السلع الأساسية. ويضيف إن اتساع حجم الاقتصاد غير الرسمى المعتمد على مصانع وورش غير رسمية وباعة جائلين حافظ على ثبات الاقتصاد الوطنى، إن 90 % من التجارة فى مصر غير رسمية. ويؤكد محمد البهى رئيس لجنة الضرائب ل «بوابة الوفد» ان القطاع غير الرسمى أو الموازى كما يسميه البعض يمكن أن يوفر للدولة نحو مائتى مليار جنيه سنويا. ويقول إن الحكومة لا ترى حلا للأزمة الاقتصادية سوى زيادة الضرائب أو الاقتراض الخارجى، رغم الآثار السلبية لذلك التوجه على المدى البعيد. ويشير «البهى» إلى أن هناك حلولا غير تقليدية أبرزها الاستفادة من الاقتصاد غير الرسمى وإخضاعه للدولة عن طريق إلغاء حد الاعفاء من ضريبة المبيعات. ويقول إنه بافتراض أن حجم الاقتصاد الموازى فى حدود تريليون جنيه فإن الحصول على ضريبة مبيعات وضريبة عامة من ذلك سيوفر نحو مائتى مليار جنيه. لكن «ترسيم» الاقتصادى الموازى لن يتم بقرارات فوقية. لابد من تشجيع ذلك القطاع للتحول إلى كيانات رسمية كما يقول محمد المهندس نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية. إن تحديد علاقة المنشآت غير الرسمية بالدولة بمجرد الضرائب يجعلها تقاوم «الترسيم» بشكل واضح، والحل هو تقديم خدمات حقيقية لذلك القطاع تمكنه من الحصول على قروض لإعادة التشغيل وزيادة الانتاج، وتقديم الدعم الفنى والمالى له. بالإضافة الى تيسير اجراءات تسجيل الأصول بما يملّك المنتفعين بالأصول العقارية والصناعية والزراعية رسميا لهم دون اجراءات روتينية معقدة.