العيدية أحد أبرز مظاهر العيد.. فى الغالب تكون نقودا، ولكن البعض يقدمها فى صورة هدية أو حلوى، هى بهجة العيد وفرحة الصغار والكبار أيضاً، فمن من أين جاءت فكرتها وما أصلها وتاريخها؟.. وهل هى صحيح بدعة؟ فى قاموس اللغة العربية كلمة «عيدية» مشتقة من العيد ومعناها العطف والعطاء، وتم إطلاقها على المال وكذلك الهدايا التى يتم توزيعها خلال أيام العيد، وعلى مر العصور اختلفت الأسماء التى تُطلق عليها وتعددت. عرف المصريين العيدية فى عهد الدولة الفاطمية، وكان يطلق عليها مسميات مختلفة، مثل «الرسوم» أو «التوسعة»، إذ كان يحرص الفاطميون خلال أيام العيد على توزيع النقود والملابس الجديدة على عامة المصريين، وبخاصةٍ الفقراء، وأُطلق لفظ ال«عيدية» للمرة الأولى فى التاريخ عندما قام أحد خلفاء العصر الفاطمى بزيادة رواتب المواطنين خلال الأعياد، وكان المواطنون ينتظرون أمام قصر الحاكم الذى كان يخرج عليهم لتوزيع الدراهم والدنانير الذهبية. واستمرت تلك العادة حتى العهد المملوكى، لكن تغير اسمها فصار «الجامكية»، وتعنى النقود المخصصة لشراء الملابس الجديدة، ثم حرفت الكلمة بعد ذلك إلى اسم «العيدية». وكان السلطان فى عصر المماليك يخرج وإلى جواره كل الأمراء لأداء صلاة العيد وهو يرتدى زياً باللون الأبيض ومزيناً بوحدات من الذهب والفضة، وبعد انتهاء الصلاة كانت تقام ولائم لعامة الشعب والجنود والأمراء، وكانت الدنانير الذهبية والفضية توضع فى وعاء مملوء بالكعك والبسكويت. وقد اختلفت الطريقة التى تقدم بها العيدية فى العهد العثمانى بشكل كبير، فبعد أن كانت للأمراء فى صورة دنانير ذهبية، أصبحت فى هيئة هدايا وألعاب وأموال للأطفال. أما قيمتها فكانت تختلف مع الشخص المقدمة له ومكانته الاجتماعية، فهناك أشخاص كانوا يحصلون على دنانير ذهبية، وآخرون فضية، فى حين كان الأمراء والشخصيات الهامة وكبار رجال الدولة يحصلون عليها فى صورة طبق مملوء بالدنانير الذهبية، بالإضافة إلى المأكولات الشهية والفاخرة؛ حيث كانت هدية من الحاكم لهم. وفى عصر أسرة محمد على حتى الآن أصبح شكل «العيدية» ما نعرفه اليوم حيث يقوم رب الأسرة والأبناء الأكبر سنًا بتقديم العيدية للأطفال والزوجة، وتكون غالبا مبلغًا نقديًا مع هدايا أخرى. والعيدية هى أول شىء يطلبة الأبناء من أبيهم وأمهم بعد صلاة العيد مباشرة، وتعطى كلا بحسب حالته المادية، كما يتم منحها للأقارب مثل أولاد الأخ وأولاد الأخت وأولاد الأعمام والخالات. كما يمنح كل شاب فى فترة الخطوبة عيدية لخطيبته، وبدورها تنتظر المخطوبة العيدية، ليس طمعا فى المال، ولكن لأن هذه العيدية تختلف عن أى عيدية أخرى حصلت عليها طوال حياتها، وبالطبع تختلف قيمة العيدية حسب الظروف المادية للطرفين، وباختلاف أحياء ومحافظات مصر الراقية والشعبية. ومن أبرز أفكار تقديم العيدية للمخطوبين، القيام بشراء ظرف صغير الحجم ووضع فيه العيدية دون أن تغلقه ثم شراء بوكيه ورد بسيط لا يتعدى ال50 جنيها ووضعه بداخله، أو شراء خروف «لعبة» ووضعه داخل صندوق هدايا ووضع عدد من الشكولاتة بداخله، أو وضع العيدية داخل صندوق هدايا به بعض قطع الشكولاتة. البعض يضع العيدية داخل كارت معايدة ويكتب به عبارات التهانى، وآخرون يشترون بالونة هيليوم مكتوب عليها «عيد مبارك» ويضعون فى أسفلها ظرف به العيدية، فيما يفضل آخرون وضع العيدية داخل علبة شكولاتة مغلفة بالتول. كما يمنح الآباء بناتهم المتزوجات عيدية، ولكن فى السنوات الأخيرة تطورت وأصبحت عبارة عن سبَت ملىء بالخضراوات والفاكهة ومستلزمات الطبخ مثل الأرز والمكرونة والسمنة واللحوم بالإضافة إلى عيدية نقدية. حكم العيدية فى الإسلام وحول حكم العيدية فى الإسلام قال الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، إن إعطاء الصغار والكبار العيدية فى الأعياد والمناسبات يستحب فعله فى الإسلام، وذلك لإدخال الفرحة عليهم، كما أن العيدية سنة حسنة وليس بدعة، كما يردد بعض المتشددين. وأضاف مفتى الديار المصرية أننا ننادى بإدخال السرور على الأولاد فى هذه الأوقات، حتى نحقق المعنى الحقيقى للأعياد ما دام فى دائرة المباح، وندعو لإدخال الفرحة والسرور على أطفالنا وأولادنا بما هو مباح، ولا ريب أن إعطاء العيدية كما اعتاد المسلمون من الأمور المحببة، لما فيه من المشاركة الوجدانية مع هؤلاء الأطفال ليفرحوا معنا. وتابع الدكتور شوقى علام: «لا بدعة فى هذه المسألة وأراها سنة حسنة، فالبدعة معناها فعل ما لم يكن على فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى هذا الفعل على حكم من أحكام الشريعة من إلغاء، والعيدية تتفق مع الشريعة ولا تخالفها، حتى وإن لم تكن موجودة أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أن العيدية مثال للعطاء والتبسم فى وجه أخيك أيضاً.