كان من المفترض أن يجلب الربيع العربي نسائم الحرية إلى مصر لكن القلق يتزايد داخل البلاد وخارجها من أن عاصفة من التشدد قد تعصف بعملية الانتقال من الحكم الاستبدادي وتخرجها عن مسارها. وتشمل عاصفة التشدد أوامر بضبط وإحضار نشطاء وإعلاميين بتهمة إهانة الرئيس محمد مرسي وازدراء الأديان الأمر الذي عزز مخاوف المعارضة من حملة ضدها تشنها السلطات التي تقودها جماعة الإخوان. كما تشمل مشروعات قوانين يعتبرها الليبراليون تهديدا للمجتمع المدني وللحق في التظاهر وهما عنصران حيويان لأي ديمقراطية حديثة. وكانت الولاياتالمتحدة -التي تمنح مصر مساعدات سنوية بنحو 1.5 مليار دولار- قد وجهت أشد انتقاداتها حتى الآن للحكومة هذا الأسبوع مشيرة إلى "اتجاه مقلق يشهد تزايدا في القيود على حرية التعبير". وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن حكومة بلاده لديها "مخاوف حقيقية بشأن الاتجاه الذي يبدو أن مصر تسير فيه" وذكر عمليات اعتقال وأعمال عنف بالشوارع "وعدم الشمولية فيما يتعلق بالمعارضة". واعرب الاتحاد الأوروبي -أحد أكبر المانحين لمصر ايضا - عن القلق بشأن مقترحات يدعمها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان لتنظيم عمل الجمعيات الاهلية من شأنها أن تمنح الدولة سيطرة واسعة على المنظمات غير الحكومية. ويقول منتقدون للقواعد المقترحة إنها تفرض قيودا أكبر مما كانت عليه اللوائح في ظل حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وتتصاعد تلك المخاوف في الوقت الذي يجري فيه وفد من صندوق النقد الدولي محادثات في القاهرة بشأن قرض قيمته 4.8 مليار دولار تحتاجه الدولة بشدة لتخفيف أزمتها الاقتصادية الحادة.وتقول الحكومات الغربية إن تنفيذ إصلاحات مؤلمة يطلبها صندوق النقد يحتاج إلى توافق سياسي أوسع. وقال محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي المعارض "أشعر بالقلق حقا. أخشى أن يغلقوا هذا الهامش من الديمقراطية والحرية الذي اكتسبه المصريون بعد الثورة." وتظهر توجهات مناهضة لليبرالية في أوساط الدولة تزيد مخاوف المعارضة من سعي جماعة الاخوان لاقصائها عن الحياة العامة. وقال ياسر الشيمي محلل الشؤون المصرية لدى المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "يشعر الاخوان بأنهم محاصرون بكثير من القوى السياسية حولهم وانضمت إليها الولاياتالمتحدة في الآونة الأخيرة." واضاف "لا أقول إننا أمام حالة تشبث بالسلطة ... لكن الاخوان يتبنون رؤية ضيقة حقا بشأن الديمقراطية تتمثل في أن الحصول على 50 في المئة زائد واحد من الأصوات تسمح لهم بفعل كل ما يحلو لهم.. وهذا ما يفعلونه." وقال جمال عيد المحامي المتخصص في الدفاع عن حقوق الانسان إنه تم رفع أكثر من 20 دعوى قضائية تتضمن اتهامات بإهانة الرئيس خلال المئتي يوم الأولى من حكم مرسي تعادل أربعة أمثال ما رفع من دعاوى مماثلة خلال حكم مبارك الذي استمر 30 عاما. ويشبه حافظ ابو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان الوضع بعهد مبارك عندما كانت القوانين القمعية تستخدم لانتهاك الحقوق الاساسية. وكان موالون للحكومة أيضا هم من يبادرون بتقديم مثل تلك البلاغات. وقال أبو سعدة "منظومة حقوق الانسان في مصر تواجه تهديدا كبيرا."